الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024

الدرس الحادي والعشرون / من قوله: الوكيل المتولي لتدبير خلقه...

021 من قوله: الوكيل المتولي لتدبير خلقه


الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين والمسلمات، أما بعد: 
📖 فيقول الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله "الوكيل المتولي لتدبير خلقه بعلمه، وكمال قدرته، وشمول حكمته، الذي تولى أولياءه فيسرهم لليسرى وجنبهم العسرى، وكفاهم الأمور، فمن اتخذه وكيلا كفاه (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور)". 
🎤 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما، وأصلح لنا إلهنا شأننا كله ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين أما بعد: فالوكيل اسم من أسماء الله الحسنى ورد في كتاب الله جل وعلا في مواطن منها: قوله عز وجل (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل)، والوكيل هو الكفيل الكافي المتوكَل عليه المُعتَمد عليه في الأمور الذي تفوض إليه الأمور، ويلجأ إليه فيها سبحانه وتعالى. وقد جاء فيما يتعلق بمعنى هذا الاسم في القرآن الكريم، الوكيل له معنى عام، وله معنى خاص، العام: يدل عليه قول الله سبحانه وتعالى (وهو على كل شيء وكيل) هذا عام، ومثل قوله (والله على كل شيء وكيل) هذا عام يتناول جميع المخلوقات لا يختص بالمؤمن، بتكفله سبحانه وتعالى بأرزاق جميع المخلوقات وأقواتها، القائم بتدبير شؤونها و أمورها، المتصرف فيها سبحانه وتعالى كيف شاء، على كل شيء وكيل. هذا المعنى العام. 
وهناك معنى خاص يدل عليه مثل قول الله عز وجل (وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا) ومثل ما تقدم (قالوا حسبنا الله ونعم الوكيل) أي نِعم الكافي لمن التجأ إليه واعتصم به، واعتمد عليه، وفوض أمره إليه سبحانه وتعالى. هذا النوع الخاص هو خاص بالمؤمنين. فهو الوكيل الذي يتوكلون عليه، ويفوضون أمورهم إليه فيعينهم ويوفقهم وينصرهم ويؤيدهم ويحفظهم (أليس الله بكاف عبده) قال العلامة الشيخ الشنقيطي رحمه الله في كتابه أضواء البيان بعد أن نقل جملة من أقوال أهل العلم في معنى هذا الاسم قال: "والمعاني متقاربة" يعني التي ذكرها أئمة التفسير في معناه، قال "والمعاني متقاربة ومرجعها إلى شيء واحد، وهو أن الوكيل من يُتوكل عليه فتفوض الأمور إليه لا يأتي بالخير إلا هو ولا يدفع الشر إلا هو، وهذا لا يصلح إلا لله وحده سبحانه وتعالى ولهذا حذر جل وعلا من اتخاذ وكيل دونه لأنه لا نافع ولا ضار ولا كافي إلا هو وحده جل في علاه، عليه توكلنا وهو حسبنا ونعم الوكيل" نعم. 

📖 قال رحمه الله "ذو الجلال والإكرام أي ذو العظمة والكبرياء وذو الرحمة، والجود، والإحسان العام والخاص، المُكرم لأوليائه وأصفيائه الذين يُجلونه ويعظمونه ويحبونه". 
🎤 ذو الجلال والإكرام، هذا من أسماء الله الحسنى، وهو من الأسماء المضافة، الأسماء المضافة هذا نوع من الأسماء الحسنى، ذو الجلال والإكرام هذا جاء في قوله (تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام)، وثبت في السنة عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال (ألظوا بـ ياذا الجلال والإكرام) أي أكثروا من الإلحاح على الله عز وجل بالتوسل إليه بهذا الاسم، وليس معنى ألظوا بـ ياذا الجلال والإكرام أن يردد المرء يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الجلال، يرددها، ليس هذا هو المراد، وإنما يجعلها في أدعيته، في توسلاته إلى الله عز وجل في سؤالاته، لأنك إذا قلت يا ذا الجلال ناديت تريد حاجة، فاسأل حاجتك، فاسأله مطلوبك، يا ذا الجلال والإكرام أسألك كذا وكذا، هذا معنى (ألظوا ب ياذا الجلال والإكرام) أي الزموه واثبتوا عليه، وأكثروا من قوله والتلفظ به منكم في أدعيتكم. جاء في المسند من حديث أنس رضي الله عنه قال كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد ورجل يصلي فقال - أي ذلك الرجل المصلي في دعائه قال- اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب، وإذا سُئل به أعطى).
 قال الشيخ في معنى الاسم: "ذو الجلال والإكرام أي ذو العظمة والكبرياء، وذو الرحمة والجود والإحسان" ، ذو العظمة والكبرياء هذا يتعلق بماذا؟ هذا يتعلق بالجلال والعظمة والكبرياء، وذو الرحمة والجود والإحسان هذا يتعلق بالإكرام ، لأنهما وصفان لله جل وعلا، الجلال والإكرام: الجلال العظمة، يُجله يعظمه، فذو الجلال ذو العظمة، ذو الكبرياء الذي لا أعظم منه. والإكرام ذو الرحمة والجود والإحسان العام والخاص، المكرم لأوليائه وأصفيائه الذين يُجلونه ويعظمونه، ويحبونه سبحانه وتعالى.

📖 قال رحمه الله: "الودود الذي يحب أنبياءه ورسله وأتباعهم ويحبونه، فهو أحب إليهم من كل شيء، قد امتلأت قلوبهم من محبته، ولهجت ألسنتهم بالثناء عليه، وانجذبت أفئدتهم إليه ودا، وإخلاصا، وإنابة من جميع الوجوه".
🎤 قال الودود، الودود هذا من أسماء الله الحسنى، وجاء هذا الاسم في موطنين في آية من القرآن الكريم في قول الله عز وجل (واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود)، وأيضا في قوله (وهو الغفور الودود ذو العرش المجيد) ورد في هذين الموطنين. والودود قال "الذي يحب أنبياءه ويحب رسله وأتباعه ويحبونه، فهو أحب إليهم من كل شيء يحبهم ويحبونه، قد امتلأت قلوبهم من محبته، ولهجت ألسنتهم بالثناء عليه، وانجذبت أفئدتهم إليه ودا، وإخلاصا، وإنابة من جميع الوجوه". فالود المحبة مثله قول الله عز وجل (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) أي محبة في قلوب الخلق. الودود الذي يحب أنبياءه ويحبونه، يحب أولياءه ويحبونه كما قال الله سبحانه وتعالى (يحبهم ويحبونه) نعم.

📖 قال رحمه الله: "الفتاح الذي يحكم بين عباده بأحكامه الشرعية، وأحكامه القدرية، وأحكام الجزاء. الذي فتح بلطفه بصائر الصادقين، وفتح قلوبهم لمعرفته ومحبته والإنابة إليه، وفتح لعباده أبواب الرحمة والأرزاق المتنوعة، وسبب لهم الأسباب التي ينالون بها خير الدنيا والآخرة (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده)".
🎤 هذا أيضا من أسماء الله سبحانه وتعالى الحسنى الفتّاح (قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتّاح العليم)، وقال (وسع ربنا كل شيء علما على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين) فالفتاح هذا من أسماء الله عز وجل الحسنى.
 ومعنى الاسم: الذي يحكم بما يريد، يقضي بما يشاء، لا رادّ لحكمه، ولا معقب لقضائه مثل ما قال الله عز وجل (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده) فالفتّاح هو الذي يقضي بما يشاء، يحكم بما يريد، الذي له المشيئة النافذة، والقدرة الشاملة، الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، والفتاح له معنيان: 
الأول: يرجع إلى معنى الحُكم، أي الذي يفتح بين عباده ويحكم بينهم (قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم)، (ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق) هذا الحكم، الفتح بالحكم بين العباد.
والمعنى الثاني: فتحه لعباده جميع أبواب الخير، أنت الآن لما تدخل المسجد تقول "بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله اللهم افتح لي أبواب رحمتك" اللهم افتح لي لأن الله هو الفتاح، الرحمة لا تفتح أبوابها إلا بفتح الفتاح لأبوابها سبحانه وتعالى. فتح أبوابها لعبده، فهذا من معاني الفتاح. من معانيه ما يختص بالمؤمن وهو ما يفتح الله عز وجل لعبده المؤمن من أبواب الخير، أبواب البر، أبواب الصلاح، صلاح أمور الدنيا والآخرة، لما تدخل مسجد تقول: افتح لي باب الرحمة، تخرج، تقول افتح لي باب الفضل. فالفتح، فتح أبواب الخير في أمور دينك ودنياك هو بيد الفتاح سبحانه وتعالى.

📖 قال رحمه الله: "الرزاق لجميع عباده، فما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها، ورزقه لعباده نوعان، رزق عام شمل البر، والفاجر، والأولين والآخرين وهو رزق الأبدان، ورزق خاص وهو رزق القلوب، وتغذيتها بالعلم والإيمان. والرزق الحلال الذي يعين على صلاح الدين بالعلم والإيمان، والرزق الحلال الذي يعين على صلاح الدين، وهذا خاص بالمؤمنين على مراتبهم منه، بحسب ما تقتضيه حكمته ورحمته".
🎤 الرزاق أيضا هذا من أسماء الله تبارك وتعالى الحسنى جاء في مواطن من القرآن منها أواخر سورة الذاريات (إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين)، ومنها قوله (وارزقنا وأنت خير الرازقين)، (وإن الله له خير الرازقين)، (والله خير الرازقين) جاء في مواطن.
 ومعنى هذا الاسم: أي المتكفل بأرزاق العباد القائم على كل نفس بما كسبت بما يقيمها من قوتها وحاجتها ومصالحها، قال جل وعلا (وما من دابة إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين)، قال الشيخ رحمه الله "ورزقه لعباده نوعان رزق عام" يعني يشمل المؤمن والكافر، والبر والفاجر، هذا رزق الأبدان. ورزق خاص هو رزق القلوب الذي هو رزق الإيمان، أن يرزق القلب الإيمان، ويرزق القلب الثبات على الإيمان، ويرزق القلب أبواب البر والخير والإحسان، هذا خاص بعباد الله وأوليائه المتقين.

📖 قال رحمه الله: "الحكم العدل الذي يحكم بين عباده في الدنيا والآخرة بعدله وقسطه، فلا يظلم مثقال ذرة، ولا يُحمّل أحدا وزر أحد، ولا يجازي العبد بأكثر من ذنبه، ويؤدي الحقوق إلى أهلها فلا يدع صاحب حق إلا أوصل إليه حقه، وهو العدل في تدبيره وتقديره (إن ربي على صراط مستقيم)".
🎤 قال الحكم العدل، قال: "الذي يحكم بين عباده في الدنيا والآخرة بعدله وقسطه، القسط هو العدل فلا يظلم مثقال ذرة، ولا يحمل أحدا وزر أحد، ولا يجازي العبد بأكثر من ذنبه، ويؤدي الحقوق إلى أهلها، فلا يدع صاحب حق إلا أوصل إليه حقه كما قال عليه الصلاة والسلام (لتؤدن الحقوق يوم القيامة) هذا من عدل الله عز وجل، وهو العدل في تدبيره وتقديره. 
اسم الله جل وعلا الحَكم هذا ثبت في السنة في الحديث عند أبي داود والنسائي وغيرهما عن هانئ بن يزيد الحارثي رضي الله عنه أنه لما وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه سمعهم يكنونه أبا الحكم فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (إن الله هو الحَكم هو الحَكم، وإليه الحُكم)، فهذا الحديث فيه الاسم وفيه تفسيره قال(هو الحكم وإليه الحكم) إليه الحكم مثل ما قال الله جل وعلا (إن الحكم إلا لله)، والحكم لله أي الكوني والشرعي والجزائي، أنواع الحكم الثلاثة الكوني والشرعي والجزائي.
الحكم الكوني: يقضي في كونه بما يريد، يحكم بما يشاء كونا وقدرا. 
والحكم الشرعي: يعني ما شرع، الحكم لله مثل ما في سورة يوسف (إن الحكم إلا لله أمر أن لا تعبدوا إلا إياه). فله الحكم الكوني، وله الحكم الشرعي.
وله الحكم الجزائي الذي هو الثواب والعقاب، هذا الحكم لله عز وجل. وكلها راجعة إلى مدلول هذا الاسم. والعدل معناها الذي لا يظلم، مثل ما قال الله جل وعلا (إن ربي على صراط مستقيم)، (وما ربك بظلام للعبيد)، (إن الله لا يظلم الناس شيئا) ، عدل أي لا يظلم. وبعض العلماء عدّه في الأسماء منهم البيهقي لمجيئه في الأسامي التي جاء ذكرها مع الحديث (إن لله تسعة وتسعين اسما مئة إلا واحد) ثم جاء سرد لهذه الأسامي، لكن باتفاق أهل العلم أن هذا السرد للأسامي مدرج في الحديث ليس من كلام النبي عليه الصلاة والسلام، وإنما هو مدرج بعض الرواة، ما يوجد في هذا السرد للأسماء هل يُعدّ دليلا على ثبوت ذلك الاسم لله أو أنه اجتهاد عالم يحتاج إلى دليل لإثباته؟ مدرج أي أدرجه أحد الرواة اجتهادا، جمع الأسماء وأدرجها اجتهادا وتسهيلا لمن يقرأ الحديث. فظُن فيما بعد أنها جزء من الحديث، اتفاق أهل العلم وأهل المعرفة بالحديث أنها ليست من كلام النبي عليه الصلاة والسلام، وأن كلام النبي عليه الصلاة والسلام انتهى عند قوله (مئة إلا واحد)، ثم السرد الذي جاء في الترمذي وفي غيره للأسماء هذا أدرجه بعض الرواة . فإذا ما جاء في هذا السرد من الأسماء لا يعد دليلا على ثبوت الاسم، ما يقال ثبت هذا الاسم لأنه ورد كذا، ما يقال، لكن يطلب له دليل، يبحث له عن دليل، إن ثبت الدليل يُثبت، والعدل يصح أن يخبر عن الله به لأن من صفاته العدل سبحانه وتعالى، ومعناه الذي لا يظلم، فيُخبر عن الله به، يخبر عن الله بأنه العدل سبحانه وتعالى، لكن عَدّه في الأسماء الحسنى هذا يتوقف على دليل خاص يدل على ثبوته اسماً لله جل وعلا.

📖 قال رحمه الله: "جامع الناس ليوم لا ريب فيه، وجامع أعمالهم وأرزاقهم، فلا يترك منها صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، وجامع ما تفرق واستحال من الأموات الأولين والأخرين، بكمال قدرته وسعة علمه".
🎤 جامع الناس هذا من الأسماء المضافة، مثل ذو العرش، ذو الجلال والإكرام، رفيع الدرجات، جامع الناس. سيأتي معنا الفعّال لما يريد. هذه يقال لها الأسماء المضافة، وهي معدودة عند جماعة من أهل العلم في أسماء الله الحسنى. يقول شيخ الإسلام "وكذلك أسماؤه المضافة مثل أرحم الراحمين، وخير الغافرين، ورب العالمين، ومالك يوم الدين، وأحسن الخالقين، وجامع الناس ليوم لا ريب فيه، ومقلب القلوب. وغير ذلك مما ثبت في الكتاب والسنة، وثبت الدعاء بها.
 وجامع الناس ليوم لا ريب فيه أي جامع أعمالهم محصيها عليهم (أحصاه الله و ونسوه) 
وجامع الناس أي في أرض المحشر للجزاء والحساب، (ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى) فيجمع ما تفرق واستحال من الأموات الأولين والآخرين بكمال قدرته يجمعهم على صعيد واحد، جامع الناس، نعم.

📖 قال رحمه الله: "الحي القيوم كامل الحياة والقائم بنفسه، القيوم لأهل السماوات والأرض، القائم بتدبيرهم وأرزاقهم، وجميع أحوالهم، فالحي الجامع لصفات الذات، والقيوم الجامع لصفات الأفعال".
🎤 الحي القيوم، هذان الاسمان وردا مقترنين في ثلاثة مواطن من كتاب الله جل وعلا:
 في آية الكرسي (الله لا إله إلا هو الحي القيوم).
 آل عمران ( الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم)
وفي سورة طه (وعنت الوجوه للحي القيوم)
فوردا مقترنين في هذه الثلاثة المواطن.
واسم الله القيوم لم يرد إلا في هذه المواطن الثلاثة مقترنا باسم الله الحي، أما أسم الله الحي فورد في مواطن أخرى وحدة منفردا، يعني لم يقرن به القيوم مثل قوله تعالى (وتوكل على الحي الذي لا يموت). واسم الله الحي فيه إثبات الحياة الكاملة صفة لله عز وجل، الحياة كاملة ليست مسبوقة بعدم ولا يلحقها زوال، الأول الذي ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء، ولا يعتريها نقص، والحي الذي له كمال الحياة هو الذي يستحق أن يعبد، ويلجأ إليه، ويتوكل عليه، مثل ما قال الله (وتوكل على الحي الذي لا يموت) (الله لا إله إلا هو الحي) هو الذي يعبد، الحي الذي لا يموت هو الذي يُعبد، ومن سوى الله إما حي سيموت، أو حي قد مات، أو جماد لا حياة له. وهذه الأصناف الثلاثة لا يستحق أحد منها أن يقصد وأن يصرف له شيء  من العبادة، أو يلتجأ إليه، ويتوكل عليه (وتوكل على الحي الذي لا يموت)، (الله لا إله إلا هو الحي) الحي هذا برهان من براهين التوحيد ومن الدلائل على وجوب إخلاص الدين والعبادة لله سبحانه وتعالى. 
واسمه تبارك وتعالى القيوم فيه إثبات القيومية صفةً لله، وكان نبينا عليه الصلاة والسلام يقول في تهجده -في استفتاح صلاة الليل - يقول (اللهم أنت قيم السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد) القيوم فيه إثبات صفة القيومية وهو كونه سبحانه قائما بنفسه مقيما لخلقه، معنيان: قائم بنفسه، مقيم لخلقه، فهو دال على أمرين:
الأمر الأول: كمال الغنى، قائم بنفسه، يدل على كمال الغنى الله يقول (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد)
والأمر الثاني الذي يدل عليه هذا الاسم: كمال القدرة والتدبير لهذه المخلوقات، فهو المقيم لها بقدرته سبحانه وتعالى، وهي كلها فقيرة إليه لا غنى لها عنه طرفة عين قال تعالى (أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت وجعلوا لله شركاء قل سموهم) 
وبما تقدم يُعلم أن هذين الاسمين جامعان لمعان الأسماء الحسنى، لأن الأسماء الحسنى في مدلولها على قسمين: أسماء تدل على صفات ذاتية ومردها إلى اسم الله الحي. وأسماء دالة على صفات فعلية ومردها إلى القيوم، جامعان لمعاني أسماء الله الحسنى، وعليها مدار الأسماء الحسنى، وإليهما ترجع معاني جميع الأسماء الحسنى، قال ابن القيم رحمه الله: "فإن صفة الحياة متضمنة لجميع صفات الكمال المستلزمة لها، وصفة القيومية متضمنة لجميع صفات الأفعال، ولهذا كان اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى" وهذا قول من أقوال أهل العلم أن اسم الله الأعظم هو الحي القيوم. نعم.

📖 قال رحمه الله: "النور نور السماوات والأرض، الذي نور قلوب العارفين بمعرفته والإيمان به، ونور أفئدتهم بهدايته، وهو الذي أنار السماوات والأرض بالأنوار التي وضعها، وحجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه".
🎤 النور أيضا من أسماء الله جل وعلا الحسنى، وورد فيه مثل قوله (الله نور السماوات والأرض)، وقد أفاد هذا النص (الله نور السماوات والأرض) وغيره من النصوص الواردة في هذا الباب تسمية الرب نورا وبأن له نور ا مضافا إليه، وبأنه نور السماوات الأرض، وبأن حجابه النور، فهذه أربعة أنواع:
الأول: إطلاقها على الله سبحانه اسما
والثاني: إضافة إليه سبحانه وتعالى وصفا كما في الحديث (أعوذ بنور وجهك) وتارة يضاف إلى ذاته كقوله (أشرقت الأرض بنور ربها)
الثالث: إضافة نوره إلى السماوات والأرض كقوله (الله نور السماوات والأرض)
الرابع: ذكر أن أن حجابه النور، كما في الحديث الصحيح (حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه)
والشيخ ذكر هنا خلاصة في معنى الاسم وله كلام موسع ونفيس جدا في كتابه فتح الملك العلام، وكتابه فتح الملك العلام أيضا أفرد فيه فصل في شرح الأسماء الحسنى وهو أوسع من الذي هنا، الذي في فتح الملك العلام أوسع مما ذكر هنا، هنا ذكر خلاصاته، هناك توسع وخاصة في بعض الأسماء الحسنى. نعم.

📖 قال رحمه الله: "بديع السماوات والأرض أي خالقهما، ومبدعهما في غاية ما يكون من الحسن، والخلق البديع، والنظام العجيب المحكم".
🎤 هذا راجع لما سبق، عدّها بعض أهل العلم في الأسماء التي تسمى المضافة، بديع السماوات، رفيع الدرجات، ذو العرش، جامع الناس، فعال لما يريد. إلى غير ذلك.
 بديع السماوات والأرض: أي مبدع السماوات والأرض وموجدهما وخالقهما سبحانه وتعالى، كما قال الشيخ "أي خالقهما ومبدعهما في غاية ما يكون من الحسن والخلق البديع والنظام العجيب المحكم" 
وهذا اللفظ ورد في القرآن في قوله (بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء. عليم) نعم.

📖 قال رحمه الله: "القابض الباسط يقبض الأرزاق والأرواح، ويبسط الأرزاق والقلوب، وذلك تبع لحكمته ورحمته".
نفعنا الله أجمعين بما علمنا وزادنا علما وتوفيقا، وأصلح لنا شأننا كله، وهدانا إليه صراطا مستقيما … 
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، اللهم صلِ وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. جزاكم الله خيرا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق