الثلاثاء، 24 سبتمبر 2024

الله / الإله جل جلاله / د.خالد السبت

 الحمد لله رب العالمين،الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين..
اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن..
 ولك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن..
 ولك الحمد أنت الحق، ووعدك الحق، وقولك حق، ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق، والساعة حق. والنبيون حق ومحمد صلى الله عليه وسلم حق..
 اللهم لك أسلمنا وعليك توكلنا، وبك آمنا، وإليك أنبنا، وبك خاصمنا، وإليك حاكمنا، فاغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا.. اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد. أما بعد.. فحديثنا في هذه الليلة أيها الأحبة عن اسم الله الشهير وهو الله.. وهكذا أيضا سنتحدث عن اسمه الآخر وهو الإله، وسيكون الحديث بإذن الله عز وجل عن هذه الأسماء، في كل مرة نتحدث عن الاسم وما يقاربه في المعنى إن يجد، وسينتظم هذا في هذا الحديث أيها الأحبة ثمانية أمور:
الأول: في المعنى اللغوي وما يتعلق بالاشتقاق ومادته.
الثاني: في بيان معنى هذا الاسم الكريم في حق الله تبارك وتعالى. الثالث: في معنى قولنا اللهم
الرابع: في ذكر الفرق بين أمرين:
 الأول: الفرق بين الله و الإله
الثاني: الفرق بين الله و الرب 
الخامس: نتحدث فيه عما يدل عليه هذا الاسم الكريم.
 السادس: في خصائص هذا الاسم.
 ثم نذكر فائدة في بيان وجه ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من أن أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن.
 سابعا: الكلام بإيجاز عن وجود الله عز وجل، هل هذا أمر يحتاج إلى إثبات؟ وإيراد الأدلة والبراهين؟ 
ثامنا وأخيرا: الكلام على آثار الإيمان بهذا الاسم الكريم على الإنسان، على المسلم، على المؤمن بهذا الاسم.

 أولا فيما يتعلق بالمعنى اللغوي: وأول الكلام في ذلك هو هل هذا الاسم مشتق أو جامد، وقد عرفنا من قبل أن جميع الأسماء الحسنى مشتقة، وأن المشتق أبلغ من الجامد.
 وهنا أنبه بأنا لا نعني بالاشتقاق إلا أنها ملاقية لمصادرها في اللفظ والمعنى، لا أنها متولدة منها تولد الفرع من أصله. وتسمية النحاة -كما يقول الحافظ ابن القيم رحمه الله- للمصدر والمشتق منه أصلا وفرعا، يجعلون المصدر أصلا ويجعلون المشتق منه فرعا، يقول: ليس معناه أن أحدهما تولد من الآخر، وإنما هو باعتبار أن أحدهما يتضمن الآخر وزيادة. وهكذا قول كبير النحاة وهو سيبويه -رحمه الله- بأن الفعل أمثلة أخذت من لفظ أحداث الأسماء، الضرب إذا قيل ضَرب، فهذا فعل حدث اقترن بزمان، الأفعال حدث أُخذ من الاسم لكنه اقترن بزمان، فهو يقول إنها أمثلة أخذت من لفظ أحداث الأسماء، القراءة اسم، تقول قرأ، فهذا حدث، يعني تعلق بزمان بالزمن الماضي وهكذا، والمقصود بذلك أنها مأخوذة منها لا أن العرب تكلموا بالأسماء أولا ثم اشتفقوا منها الأفعال، فإن التخاطب بالأفعال ضروري، وكانوا يتخاطبون ابتداء بالأفعال كما هو معلوم، كما يتخاطبون بالأسماء، لا فرق بينهما في ذلك، فالاشتقاق هنا ليس هو اشتقاق مادي، وإنما هو اتفاق تلازم، سُمي المُتضمِن مشتقا، والمُتضمَن مشتقا منه. ولا محظور في اشتقاق أسماء الله تعالى بهذا المعنى، وهذا الكلام لماذا نورده؟ نورده لأن الذين قالوا إنها غير مشتقة، الذين قالوا غير مشتقة قالوا إن أسماء الله قديمة والاشتقاق حدوث، إلى غير ذلك مما ركبوه من الشبهات، ولا أحب أن أعرضها، ولكن لهذا السبب نبهت على هذا المعنى، العرب منذ تكلموا منذ تكلم الناس أصلا في لغاتهم يذكرون الأسماء، ويذكرون الأفعال، لكن هذه القضية إنما يُقصد بها الارتباط بين الاسم والفعل، وأن الفعل يرجع إلى الاسم، بمعنى أن كتب ترجع إلى مادة الكتابة، ونظر ترجع إلى مادة النظر، لا أن الاسم وُجد أولا ثم وجد الفعل ثانيا.
 ومما يتعلق بالمعنى اللغوي إذا عرفنا أن اسم الله عز وجل مشتق، فهنا يرد السؤال من أين اشتُق؟ ما هي مادته التي اشتُق منها؟ 
والعلماء في ذلك رحمهم الله لم يتفقوا على شيء، فبعضهم يقول: 
إن هذا الاسم الكريم (الله) مأخوذ من ألَهَ، يألهُ إلهةً وألوهةً وألوهية، يعني عبدا يعبد عبادة، ألهَ، يألهُ أي عبد يعبد، وفي قراءة ابن عباس وهي قراءة غير متواترة (ويذارك وإِلهتك)، القراءة المتواترة (ويذرك وآلهتك) فهنا في هذه القراءة (وإِلهتك) أي عبادتك، يعني أنه لا يعبد فرعون، فرعون يقول أنا ربكم الأعلى فهؤلاء الملأ يحرضون فرعون على موسى صلى الله عليه وسلم، يقولون (أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وإِلهتك) يعني وعبادتك، يعبدوا غيرا وفرعون يقول ما علمت لكم من إله غيري، ويقول (لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين) وهذا المعنى أنه مشتق من أله يألهُ إلهةً إذا عبد قال به كثير من أهل العلم. والعبادة -كما سيأتي- هي غاية الخضوع مع غاية الحب.
 المعنى الثاني: من أهل العلم من قال إنه من ألِه يألَهُ ألهاً أي تحير، وذلك أن عظمة الله عز وجل تحار فيها العقول (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار) فلا يمكن للعقول الضعيفة أن تصل إلى كنه ذاته وصفاته، فهو العظيم الأعظم، (ولا يحيطون به علما).
 وبعضهم يقول وهو الثالث: إنه من ألِهَ إليه أي لجأ إليه، بمعنى إذا قلت لا إله إلا الله يعني لا ملجأ لك أيها الإنسان إلا الله، على هذا المعنى فالله هو الملجأ، يلجأ إليه الناس، يلجأ إليه الخلق رغبة ورهبة، لا إله للرغبة إلا الله، ولا إله للرهبة إلا الله، فهو الذي يكشف الضر، ويعافي من البلاء، ويدفع المكروه، وبه يستعان على تحصيل المطالب، فبيده أزمة الأمور. وبعضهم يقول وهو الرابع: إن أصله من لاه ليهاً أي احتجب، فهو في الدنيا تبارك وتعالى لا يراه الخلق، لا يراه الناس.
 وبعضهم يقول وهو الخامس: بأن الله أصله الإله، وهذا الذي قال به كثير من المحققين، وهو الأقرب والله تعالى أعلم، وهو قول سيبويه، وهو قول كثير من المحققين من أصحابه واختاره الحافظ ابن القيم رحمه الله وقبله قال به كبير المفسرين ابن جرير الطبري رحم الله الجميع.

 ثانيا: إذا عرفنا هذا الكلام في هذا الاسم الكريم أنه مشتق وأن العلماء قد اختلفوا في مادة هذا الاشتقاق، بعد ذلك نقول:
 ما هو معنى هذا الاسم الكريم في حق الله عز وجل؟
نقول الله جل جلاله هو المألوه المعبود ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين لما اتصف به من صفات الألوهية التي هي صفات الكمال كما جاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: "الله ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين وهو الذي يألهه كل شيء ويعبده كل خلق" هذا معنى الله. وقد تكلم على هذا المعنى شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية رحمه الله وذكر أن الإله هو المألوه، أي المستحق لأنه يُؤلَه أي يُعبد، ولأنه يستحق أن يُؤله ويُعبد وحده دون سواه، وكل معبود سواه من لدن العرش إلى قرار الأرض فهو باطل، وقد ذكر - إذا أردنا أن نوسع المعنى قليلا- نقول المألوه هو المعبود، فإذا أردنا أن نوضحه أكثر فيمكن أن نذكر ما ذكره جماعة كالحافظ بن القيم وابن رجب وشيخ الإسلام ابن تيمية في موضع آخر من أن الإله هو: الذي تألهه العباد حبا وخوفا وذلا، ورجاء، وتعظيما وطاعة له، فهو بمعنى مألوه، أي تألهه القلوب، أي تحبه وتذِل له، فأصل التألّه التعبد، وهذا المعنى الذي ذكرته هو توسيع وتوضيح للمعنى الأول فحسب لا يعارضه ولا يخالفه، إذا قيل المألوه بمعنى المعبود فما معنى المعبود؟ العبادة ما اجتمع فيه كمال الذل والخضوع، و المحبة والخوف والرجاء. تألهه القلوب محبة وخوفا، وتعظيما وذلا، ورجاء.

وبعض من تكلم على الأسماء الحسنى حاول أن يجمع المعاني التي ذُكرت عند الكلام على مادة الاشتقاق فأراد أن يجمعها جميعا ليقول بأن هذا الاسم الكريم الله يدل عليها جميعا، فهي مجتمعة تحته، وإذا قيل الله فهو دال على هذه المعاني جميعا. فالله بمعنى الإله، قالوا بأن الإله هو المعبود والملتجأ، لاحظوا المعاني التي ذكرت في الاشتقاق والمفزوع إليه والمحبوب حبا عظيما، والذي تحتار العقول فيه، أي في إدراك عظمته ومعرفة قدره إلى آخر ما ذكروا. قالوا كل هذه المعاني ثابتة في حق الله عز وجل، فهو المعبود بحق، وهو الذي يلجأ إليه في النوائب والشدائد، وليس لنا عند الكروب سواه، وهو المحبوب المعظم، والعقول تتحير في حكمته وبديع صنعه، ومعنى التحير -كما ذكرنا سابقا- يعني أنها تتحير في عظمته، فلا تصل ولا تدرك كنهه سبحانه وتعالى، فهو أعظم من أن تحيط به العقول (ولا يحيطون به علما) قالوا: وهو المحتجب عن الأبصار في الدنيا الذي تحيرت في حقائق صفاته العقول، وعجزت عنه التصورات (ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير) وهو الذي لا يسكن العبد إلا إليه، فلا تسكنوا القلوب إلا بذكره، ولا تفرح العقول إلا بمعرفته، لأنه سبحانه وتعالى الكامل على الإطلاق دون غيره، وهو الذي لا يفزع العبد، ولا يلجأ إلا إليه، لأنه لا مجير حقيقة إلا هو، ولا ناصر حقيقة إلا هو، وهو الذي يلجأ إليه العبد التجاء شوق ومحبة، فهو سبحانه الكامل في ذاته وصفاته، فلا يأنس إلا به، ولا يفتر عن خدمته، ولا يسأم من ذكره أبدا، وهو الذي يخضع له العبد، ويذل وينقاد تمام الخضوع والذل والانقياد. 

وهكذا أيضا هو المألوه وحده أي المستحق أن يفرد بالعبادة وحده، وهذا أهم هذه المعاني التي ينبغي أن يوجه العبد إليها قلبه وأن يستحضرها تمام الاستحضار. الله عز وجل ما خلق الجن والإنس إلا ليعبدوه تبارك وتعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) والعبادة كما هو معروف إذا عُرّفت من حيث المعنى المصدري يقال: هي طاعة الله بامتثال ما أمر الله به على ألسنة الرسل كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في بعض المواضع ما هي العبادة؟ العبادة هي طاعة الله عز وجل بامتثال ما أمر. هذه هي العبادة.

 وتطلق العبادة ويراد بها: الأمور المُتعبد بها فتقول العبادة هي الصلاة، هي الصيام، هي الزكاة، هي الحج، فبدلا من أن تعدد هذه جميعا وتتعب في تعدادها وإحصائها، يمكن أن تقول بأن العبادة باعتبار المتعلّق- المتعبد به يعني- هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة، فهذان معنيان للعبادة الأول له محمل، والثاني له محمل آخر، وكلاهما صحيح. والشيء قد يفسر باعتبار المعنى المصدري، وقد يفسر باعتبار المتعلّق، والعبادة كما هو معلوم تجمع بين أصلين: غاية الحب مع غاية الذل والخضوع والتعظيم، فمن أحببته ولم تكن خاضعا له ولا معظما لم تكن عابد ا له، ومن خضعت له بلا محبة لم تكن عابد ا له حتى تكون محبا خاضعا، كما قال الحافظ بن القيم رحمه تبارك وتعالى. هذا الكلام الذي ذكره هؤلاء من محاولة الجمع بين هذه المعاني التي ذكرناها عند الكلام على الاشتقاق قد يبدو لأول وهله أنه نظر حسن، ولكنه لا يخلو من إشكال وذلك أنه يفرق بين أمرين:

 الأول: بين ما إذا كان اللفظ في كلام العرب يدل على معاني متعددة ويمكن أن تُجمع، فهذا لا إشكال فيه، كما سنذكر إن شاء الله عند الكلام على اسم الله عز وجل الرب، وعند الكلام على اسمه الجبار، وربما نذكر شيئا من ذلك عند الكلام على اسمه العزيز، وما إلى ذلك من الأسماء التي تجمع معاني متعددة مثل المجيد، لكن ما نحن فيه يختلف عن ذلك، ما نحن فيه إنما هو اختلاف بين العلماء في مادة اشتقاقه، فمن قال إنه مشتق من كذا، صار المعنى كذا وكذا، ومن قال إنه مشتق من كذا، صار المعنى غير المعنى الأول، ومن قال إنه مشتق من كذا صار المعنى غير المعنى الثاني وهكذا، فهذا إذا لا بد فيه من الترجيح، ولهذا الذي أظنه أقرب -والله تعالى أعلم- أن يقال بأن هذا الاسم الكريم الله مأخوذ أو مشتفق من الإله، ولهذا كان الكلام في هذه الليلة عن الاسمين معا الله، والإله، وإعادة الألفاظ إلى المصادر هي طريقة المحققين من النحات، هي طريقة البصريين تقول كتب من الكتابة، قرأ من القراءة، تقول يقرأ من القراءة، مأخوذ من القراءة، مشتق من القراءة ما تقول يقرأ مأخوذ أو مشتق من قرأ بإعادته إلى الفعل، الطريقة الثانية وهي إعادته إلى الفعل الماضي هذه طريقة الكوفيين، لكن الطريقة الأدق والأحسن هي الإعادة إلى المصدر فتقول الله لا نقول من ألَه، ولا من ألِه وإنما نقول من الإله، نعيده إلى المصدر، والإله فِعال بمعنى مفعول مفعول مثل كتاب بمعنى مكتوب، فالإله هو المألوه، أي الذي تألهه القلوب محبة وتعظيما، فتعبده وتقبل عليه، وما إلى ذلك من المعاني.


 ثالثا: حينما نقول في دعائنا اللهم ارحمنا، اللهم اغفر لنا، اللهم أعطنا ولا تحرمنا ما معنى اللهم؟ المعنى يا الله. فهذه الكلمة اللهم لا تستعمل إلا في الطلب، فلا تقول اللهم غفور رحيم، ما تقول اللهم رحمان رحيم، وإنما تقول اللهم اغفر لي، اللهم ارحمني، ويقول كبير النحات وهو سيبوي. رحمه الله بأن الميم التي في آخرها (اللهم) هذه الميم زيدت عوضا من حرف النداء، يعني يا الله، فلما حذفت الياء بكرت المين في الآخر عوضا عنه، فصارت اللهم يعني يا الله، وهذا لا يكون مع غير هذا الاسم الكريم، ما يأتي مع الرب، ولا مع العزيز، ولا مع الرحمن، وإنما يختص باسم الجلالة الله، فالعبد حينما يسأل ربه تبارك وتعالى، يقول اللهم، نسأله بهذا في كل الحاجات وفي كل حال. وهذا مؤذن بجمع أسماء الله تبارك وتعالى وصفاته، 

فإذا قلت اللهم إني أسألك كذا وكذا، كأنك قلت أدعو الله الذي له الأسماء الحسنى والصفات العلا بأسمائه وصفاته، فجيء بالميم في آخر اللهم المؤذنة أيضا بالجمع في آخر هذا الإسم إيذانا إشعارا بسؤاله تبارك وتعالى بأسمائه كلها، إذا قلت اللهم فأنت تسأل ربك بكل اسم من أسمائه، كما جاء في الحديث (ما أصاب عبدا قط هم ولا حزن فقال اللهم إني عبدك ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض فيّ حكمك، عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقه، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي وغني.. إلى آخر الحديث، فهنا دعا الله عز وجل بكل اسم هو له سواء عرفنا إياه أو خفي علينا، والداعي يحسن به أن يسأل الله تبارك وتعالى بأسمائه وصفاته، كما هو معلوم، ومن أبلغ ذلك أن يسأله بكل أسمائه سبحانه وتعالى، وهذا المعنى الذي ذكرناه في اللهم جاء عن جماعة من السلف، السلف كما قال الحسن رحمه الله (اللهم) مجمع الدعاء، وجاء عن أبي رجاء العُطاردي رحمه الله بأن الميم في قوله اللهم فيها تسعة وتسعون اسما من أسماء الله تعالى، طبعا نحن عرفنا قبل أن أسماء الله لا تُحصر بهذا العدد، ولكن هكذا قال. المقصود أنه قصد أنك تدعو الله عز وجل بأسمائه الحسنى، فإن كان يعتقد أن أسماء الله محصورة بهذا العدد فمراده أنك دعوت الله بكل أسمائه، وجاء عن النضر ابن شوميل: "من قال اللهم فقد دعا الله بجميع أسمائه.


 رابعا: في ذكر بعض الفروقات. ما الفرق بين الله و الإله؟ 

(الله) اسم مختص بالله عز وجل لا يطلق على أحد سواه، وكان المشركون في الجاهلية يعرفون ذلك تمام المعرفة (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله) ، (قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله)، أما الاسم الثاني وهو الإله فإن كل من عبد معبودا فإنه يسميه بالإله، ولهذا كانت كلمة التوحيد لا إله إلا الله، فهي نفي لجميع الآلهة المزعومة المدعاة، (لا إله) أي لا مألوه، لا معبود بحق إلا الله، وأما الآلهة المعبودة بالباطل، الآلهة المزيفة، فهي كثير بمئات الملايين  بل لو قيل بآلاف الملايين لم يكن ذلك من قبيل المبالغة، في عصرنا الحديث كم يوجد من الآلهة في بلد واحد مثل الهند فقط. كل هذه يسمونها آلهة، من البشر والحجر والشجر، والحيوانات والحشرات، إلى غير ذلك. لذلك جاء صدر هذه الكلمة الشريفة التي هي أصدق كلمة قيلت وهي لا إله إلا الله جاء صدرها بالنفي، نفي كل ما يُدّعى له الإلهية، ويعبد من دون الله تبارك وتعالى.

إذا الله هذا الاسم الكريم مختص بالله عز وجل لفظا ومعنى - كما سيأتي إيضاحه إن شاء الله - يختص به لفظا لا يسمى به أحد، سواه، ويختص به من جهة المعنى باعتبار أنه لا يستحق شيئا من الإلهيات سوى الله عز وجل، هل فيه أحد من الخلق يستحق شيئا من الإلهية؟ 
لا، فالإلهية كلها لله عز وجل، فهو الإله المعبود أنا هو تعالى، فالمخلوق ليس له من الإلهية حظا ولا نصيب لا من جهة اللفظ لا يصح أن يسمى أحد الله، ولا من جهة المعنى لا يجوز أن يضاف إلى هذا المعنى الإلهية أن يضاف شيء من ذلك إلى المخلوق، فهم عبيد والإلهية إنما هي لله تبارك وتعالى.
 ثم بعد ذلك، ما هو الفرق بين الإله أو الله و الرب؟
 هناك فرق كبير، الرب هو: المنفرد سبحانه وتعالى في الخلق والرزق والتدبير والتصرف .. إلى غير ذلك من المعاني، وأما الإله فهو المستحق للعبادة المألوه الذي تُعظمه القلوب، وتخضع له وتعبده عريبا ومحبة، كما تقدم. والمشركون، ثم بين القرآن كانوا يقرون بتوحيد الربوبية، ويعتقدون أن الله خالقهم، ورازقهم، ومدبر أمرهم، كما قال الله تعالى (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون) كيف يُصرفون عن عبادته وتوحيده. قل جلاله، ويعبدون غيره.
 إذا الرب بمعنى المتصرف، المعطي، المانع، الرازق، النافع الضار، وأما الإله فهو المألوه المعبود، ولهذا يقال بأن توحيد الربوبية يكون من المخلوق للخالق بأن تُوحد الله بأفعاله هو فتقول: لا خالق إلا الله، لا رازق إلا الله، لا معطي إلا الله، لا مانع إلا الله، لا محيي، لا مميت إلا الله.. وهكذا. وتوحيد الإلهية أن تُوحد الله بأفعالك أنت التي تقصد بها التقرب فلا تصلي إلا لله، ولا تذبح إلا لله، ولا تصوم إلا لله، ولا تحلف إلا بالله، ولا تنذر إلا لله، ولا تدعو إلا الله، أن تُوحده بأفعالك. ويقال إن توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الإلهية بمعنى من يُقر أنه لا خالق إلا الله ولا معطي إلا الله، ولا مدبر، ولا محيي ولا مميت ...الخ إلا الله، هذا يقتضي أن يُوحده بالعبادة - كما سيأتي إيضاحه - وتوحيد الإلهية متضمن لتوحيد الربوبية، إذا قلت بأن الله هو الإله المعبود وحده وهذا يقتضي أنه الغني الغنى الكامل، أنه الرازق، الخالق المحي، المميت، المدبر ، فهذا معنى كونه يتضمن توحيد الروبية.

 خامسا: ما يدل عليه هذا الاسم الكريم نحن في الكلام على المقدمات، ذكرنا أن الأسماء لها دلالات تدل على معاني، فهذا الاسم يدل بالمطابقة على ذات الله عز وجل وعلى صفة الإلهية، ويدل بالتضمن على أحدهما، بمعنى بالتضمن كما عرفنا بلالة التضمن يدل على صفة الإلهية فقط، إذا أردت قلت الله وقصدت به صفة الإلهية فهذه دلالة تضمن، وإذا أطلقت هذا اللفظ أو قلت الله أردت به الذات المسماة بهذا الاسم، فهذه دلالة تضمن، فإذا أطلقته على الأمرين معا فهذه دلالة مطابقة ويدل باللزوم دلالة الالتزام على الصفات اللازمة لقيام معاني الإلهية حتى يكون إله لا بد أن يكون حيا، أن يكون رازقا، محييا، مميتا، عليما، أن تثبت له المشيئة، القدرة القيومية، العلم، الغنى، القوة، الهيمنة، الإحاطة، العزة، إلى غير ذلك مما لا بد منه حتى يكون إلها، هل يكون الإله ضعيفا؟ هل يكون الإله عاجزا؟ هل يكون الإله فقيرا؟ إذا قلت الله عز وجل هو الإله المعبود المألوه معنى ذلك أنك تثبت له كل هذه الأمور.

 سادسا: خصائص هذا الاسم الكريم:
 أول ذلك أن هذا الاسم هو أشهر أسماء الله عز وجل على الإطلاق وهذا لا ينازع فيه أحد، ولذلك تجده يتكرر في القرآن كثيرا، لا تقلب ورقة من المصحف إلا وتجد فيها هذا الاسم الكريم حتى إنه بلغ في بعض العدد عند بعض من عدّه وأحصاه في المصحف ما يقرب من 2700 مرة، منها ما يقرب أو يزيد على الثمانين بلفظ الإله أو إله.
 الثاني من هذه الخصائص: أنه الأصل في أسماء الله عز وجل، وسائر الأسماء تضاف إليه الله، يقول (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) (ولله الأسماء الحسنى) فأضاف سائر الأسماء إليه، والموصوف قبل الصفة، تقول الله الرحمن الرحيم، تقول الله هو الخالق، البارئ، المصور، ولا تقول الخالق البارئ المصور، الله العزيز الحكيم، وإنما تجري عليه إجراء الصفة.
الثالث من هذه الخصائص: أن هذا الاسم يدل على الذات الجامعة لصفات الإلهية كلها، فهو أعظم الأسماء التي التي نعرفها، التي أعلمنا الله عز وجل بها، لأنه دال على الذات الجامعة للصفات الإلهية كلها، حتى لا يخرج منها شيء، أما سائر الأسماء فلا تدل آحادها إلا على أحد المعاني، يعني حتى الأسماء التي قيل إنها أسماء جامعة مثل الصمد أو المجيد تدل على مجموعة من الأسماء أو الصفات ولكن هذا الاسم الكريم الله يدل على جميع الأسماء الحسنى والصفات العلى بطريقة من طرق الدلالة، إما بطريق التضمن، وإما بطريق الالتزام، فهو كما عرفنا علم على الذات المتصفة بسائر صفات الكمال المختصة بها، فهو شامل لجميع الأسماء الحسنى إجمالا وهي بمنزلة التفصيل له، فمن قال الله فقد دخل في ذلك كل اسم سمّى الله عز وجل به نفسه، أو سماه به رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا هو السِر في أن سائر الأسماء الحسنى تجري عليه كالأوصاف لأنه متضمن لها، مشتمل عليها، فهو يدل على أن الله عز وجل هو المألوه المعبود الذي تألهه الخلائق محبة وتعظيما وخضوعا، وفزعا إليه في الحوائج والنوائب، وهذا مستلزم لكمال ربوبيته ورحمته المتضمنين لكمال الملك والحمد، وإلهيته وربوبيته، ورحمانيته وملكه، كما يقول الحافظ ابن القيم رحمه الله "مستلزم لجميع صفات كماله إذ يستحيل ثبوت ذلك لمن ليس بحي، ولا سميع، ولا بصير، ولا قادر، ولا متكلم، ولا فعّال لما يريد، ولا حكيم في أفعاله وأقواله، وما إلى ذلك". والمقصود أيها الأحبة أن هذا الاسم هو الجامع لجميع صفات الكمال، ونعوت الجلال فدخل فيه بهذا الاعتبار جميع الأسماء الحسنى والصفات العلا.
 الرابع من هذه الخصائص: أنه - كما أشرنا في مناسبة سابقة - يختص بالله عز وجل لفظا ومعنى، فلا يصح أن يطلق هذا الاسم على غير الله عز وجل، لا حقيقة ولا مجازا، الأسماء الأخرى - أسماء الله عز وجل - قد يتسمى بها بعض المخلوقين :العزيز، الرحيم وما أشبه ذلك، أما هذا الاسم فلا يتصور الاشتراك فيه لا في قليل ولا في كثير، فالألوهية هي حق خاص بالله عز وجل، وأما إذا مدحت المخلوق ووصفته بوصف الكمال الذي يليق به  فتقول هو عبد مطيع ذليل خاضع لله جل جلاله، هذا هو حق المخلوق وهو يرتفع بهذه الصفة فكلما حقق العبودية أكثر كلما ارتقى وعلت درجته ولهذا قالوا بأن هذا الاسم الكريم أنه للتعلق لا للتخلق بمعنى أن يتعلق به المخلوق أي يلجأ ويفزع إلى الله عز وجل، ويتوجه إليه بكليته فيعبد ربه ويقبل عليه، ويكون منيبا إلى ربه جل جلاله، ويحبه بكل قلبه، فهو للتعلق لا للتخلق، حينما نقول مثلا بأن الله جميل يحب الجمال، كريم يحب الكرماء وما أشبه ذلك فهذا نقول للمخلوق إن من مقتضى التعبد بهذه الأسماء أن يتحلى الإنسان بالكرم وبالصفات التي يحب الله عز وجل من عباده أن يتحلوا بها وذلك فيما يليق بالمخلوق كما قلنا ويصلح له غير المتكبر مثلا.
 الخامس من هذه الخصائص التي اختص بها هذا الاسم: أنه قد خُصت فيه كلمة الإخلاص، كلمة التوحيد ووقعت به الشهادة وارتبطت به تمام الارتباط، نحن حينما نقول (لا إله) نقول إلا العزيز، إلا الرحيم؟ نقول: لا إله إلا الله، فصار هذا الاسم مرتبطا بأجلّ كلمة وأعظم كلمة وهي التي عليها مدار الفلاح والنجاة.
 السادس من هذه الخصائص: وهو ما سبق في الكلام على المقدمات من أن من أقوى الأقوال في الاسم الأعظم أنه لفظ الجلالة الله، وقد سبق الكلام على ذلك.
 السابع من هذه الخصائص: أن الألف واللام من هذا الاسم الكريم (الله) لا تسقط حتى في حال النداء بينما سائر الأسماء في حال النداء تسقط منها الألف واللام المعرفة فإذا قلت مثلا يا رحمن ما تقول يا الرحمن، يا عليم يا عزيز، ما تقول يا العزيز، يا الرحيم، يا العليم، وإنما تقول يا عزيز، لكن تقول يا الله فلا تسقط، وهذا فيه لطيفة - كما يقول الحافظ بن القيم رحمه الله- "بأن (أل) المُعرفة هذه  صارت جزءا لا يتجزأ من هذا الاسم الكريم لا تسقط منه حتى في حال النداء، فهي للتعريف، فعدم سقوطها عن هذا الاسم يدل على أن هذه المعرفة لا تزول عنه البتة، ولهذا قيل إن هذا الاسم الكريم (الله) هو أعرف المعارف، وتعرفون ما ما ذكر من رؤيا سيبويه رحمه الله أنه رؤي بعد موته في المنام فقيل: ما فعل الله بك؟ فقال غفر لي، أو كلمة نحوها، لماذا؟ لأنه قال إن اسم (الله) هذا لفظ الجلالة أعرف المعارف، طبعا هو أعرف المعارف قبل أن يقوله سيبويه، ولكن سيبويه أبان عن ذلك وأشاعه وأذاعه في الناس.
 الثامن من هذه الخصائص هو: أن هذا الاسم الكريم يرتبط به الخلق والأمر، وقد ذكرنا في بعض المناسبات السابقة شيئا يتعلق بهذا المعنى وهو أن الخلق والأمر مرتبط بسم الله هذا وكذلك باسمه الرب، وذكرنا عن ابن القيم رحمه الله من أن "اسم الرب له الجمع فلا يخرج أحد عن ربوبيته، وأن اسم الله له الفرق) بمعنى أن تأليهه وإفراده بالعبادة انقسم فيه الناس إلى قسمين فصاروا إلى حزبين، إلى مؤمنين وإلى كفار، اجتمعوا في الربوبية، وافترقوا في الإلهية.

 بعد ذلك أذكر فائدة في توجيه ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من أن أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن.
 ذكر ابن القيم -رحمه الله- "أن الاسم لما كان مقتضيا لمسماه ومؤثر ا فيه كان أحب الأسماء إلى الله ما اقتضى أحب الأوصاف إليه، كعبد الله، وعبد الرحمن، وكان إضافة العبودية إلى اسم الله، واسم الرحمن أحب إليه من إضافتها إلى غيرهما، كالقاهر والقادر مثلا، فعبد الرحمن أحب إليه من عبد القادر، وعبد الله أحب إليه من عبد ربه، وهذا لأن التعلق الذي بين العبد وبين الله إنما هو العبودية المحضة، والتعلق الذي بين الله وبين العبد إنما هو بالرحمة المحضة، فبرحمته كان وجوده وكمال وجوده والغاية التي أوجده لأجلها أن يتأله له وحده محبة وخوفا ورجاء وإجلالا وتعظيما فيكون عبدا لله، فإذا عبده لهذا الاسم الكريم الله فإن ذلك يكون مطابقا وموافقا لهذا المعنى، ولما غلبت رحمته غضبه وكانت الرحمة أحب إليه من الغضب كان عبد الرحمن أحب إليه من عبد القاهر، إذا الغاية التي أوجد الله من أجلها الخلق هي العبادة (عبد الله) أحب إليه من (عبد ربه) والأمر الواصل من الله عز وجل إلى المخلوقين هو الرحمة، ورحمته سبقت غضبه، فعبد الرحمن أحب إليه من عبد القاهر"

 سابعا: هل وجود الله عز وجل يحتاج إلى دليل؟ 
كثير من الطوائف من المتكلمين ومن شاكلهم أجهدوا أنفسهم واستفرغوا وسعهم لإثبات توحيد الربوبية، أو في الكلام على وجود الله عز وجل، وذكرنا لكم عن بعضهم حينما مر مع كوكبة من تلامذته بامرأة عجوز فقالت من هذا؟ قالوا هذا الذي يعرف على وجود الله عز وجل ألف دليل، فقالت: لو لم يكن في قلبه ألف شك لما عرف ألف دليل، وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل، أفي الله شك فاطر السماوات والأرض" فوجود الله عز وجل قضية بدهية تُقر بها الفِطر وتدركها العقول تمام الإدراك، وقد ذكر عن أبي حنيفة رحمه الله أنه خاصم جماعة ممن يؤمنون بالدهر ويرون أنه يُصرف الأمور ولا يؤمنون بالله عز وجل، فقال لهم ما تقولون في رجل يقول لكم إني رأيت سفينة مشحونة بالأحمال، مملوءة من الأثقال قد احتوشتها في لجة البحر أمواج متلاطمة، ورياح مختلفة، وهي من بينها تجري مستوية ليس لها ملاح يُجريها ولا متعهد يدفعها هل يجوز في العقل؟ فقالوا: لا، هذا الشيء لا يقبله العقل، فقال يا سبحان الله إذا لم يجُز في العقل سفينة تجري في البحر مستوية من غير متعهد ولا مجر، فكيف يجوز قيام هذه الدنيا على اختلاف أحوالها وتغير أعمالها، وسعة أطرافها، وتباين أكنافها من غير صانع وحام؟ فبكوا جميعا وقالوا صدقت وتابوا، وهذا شيء لا بد من أن يقر به العاقل. وسئل الشافعي رحمه الله ما الدليل على وجود الصانع؟ فقال ورقة الفرصاد يعني ورقة التوت الأحمر طعمها، ولونها وريحها، وطبعها واحد، عندكم ورقة، ورقة التوت قالوا نعم، قال: فتأكلها دودة القز فيخرج منها الإبريسم يعني الحرير، والنحل ويخرج منها العسل والشات ويخرج منها البعر، وتأكلها الظباء فيُعقد في نوافحها المسك، من الذي جعل هذه الأشياء في ذلك مع أن الطبع واحد؟ فاستحسنوا ذلك وأسلموا وهم سبعة عشر. والإمام أحمد رحمه الله مثّل ذلك أو استدل وذكر قلعة ملساء لا فرجة فيها، ظاهرها كالفضة المذابة، وباطنها كالذهب الإبريز ثم انشقت الجدران وخرج من القلعة حيوان سميع بصير فلا بد من الفاعل. والمقصود بالقلعة هنا البيضة وبالحيوان الفرخ. وسأل هارون الرشيد، سأل الإمام مالك رحمه الله عن ذلك؟ فاستدل باختلاف الأصوات وتردد النغمات وتفاوت اللغات، وقد حلل بعضهم - رجل من علماء الغرب - يقال له (**) جمع أكابر الفلاسفة أو علماء الطبيعة كما يقال العلوم الطبيعية والفلسفية بقصد أن يعرف عقائدهم. فدرس 290 عالما من جهة الاعتقاد، فوجدت أن 242 أعلنوا إيمانهم الكامل بالله عز وجل، وأن 28 لم يصلوا إلى عقيدة، وأن 20 لم يهتموا بالتفكير الديني أصلا. وذكر أحد العلماء في الكيميا يقال له وتس، وهو رجل من الفرنسيين يقول "إذا أحسست في حين من الدهر في حين من الزمان أن عقيدتي بالله قد تزعزعت وجهت وجهي إلى أكاديمية العلوم لتثبيته" قضية يُقر بها الكفار والفطرة البشرية، والكون كله من حولنا شاهدان على وجود الله عز وجل
تأمل في نبات الأرض وانظر ** إلى آثار ما صنع المليك
عيون من لجين شاخصات ** وأزهار كما الذهب السبيك
على قطب الزبرجد شاهدات ** بأن الله ليست له شريك
 وقد قيل: قل الطبيب تخطفته يد الردى ** يا شافي الأمراض من أرداك
 وشافي الأمراض هنا باعتبار نظر كثير من الناس، وإلا فالشافي هو الله عز وجل.
 قل للمريض نجا وعوفي بعدما ** عجزت فنون الطب من عفاك
 قل للصحيح يموت لا من علة ** من بالمنايا يا صحيح دهاك
 قل للبصير وكان يحذر حفرة ** فهوى بها من الذي أهواك 
بل سائل الأعمى خطى بين الزحام ** بلا اصطدام من يقود خطاك
قل للجنين يعيش معزولا بلا راع ** ومرعى من الذي يرعاك
وإذا ترى الثعبان ينفخ سمه ** فاسأله من ذا بالسموم حشاك
واسأله كيف تعيش يا ثعبان أو تحيا ** وهذا السم يملأ فاك
واسأل بطون النحل كيف تقاطرت ** شهدا وقل للشهد من حلاك
بل سائل اللبن المصفا كان ** بين دم وفرث من الذي صفاك
 سئل أعرابي عن الدليل على الله تعالى فقال: البعرة تدل على البعير، يعني ذلك العالم الكيميائي إذا حصل عنده تزعزع ذهب إلى المعمل، وهذا الأعرابي حينما سئل أجاب بالبيئة البعرة تدل على البعير، والروثة تدل على الحمير، وآثار الأقدام تدل على المسير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج. وبحار ذات أمواج، أما تدل على الصانع العليم القدير؟!
 ومن طرائف ما يذكر من المفحمات في الأجوبة والمناظرات مناظرة بسيطة ذُكرت معلم وتلميذه هذا المعلم يزعم أن الله عز وجل لا حقيقة له ويقول للطلاب السادس الابتدائي أتروني؟ قالوا نعم، قال إذا أنا موجود، قال أترون اللوح - يعني السبورة- ؟ قالوا: نعم، قال: فاللوح موجود، قال: أترون الطاولة؟ قالوا: نعم، قال: فالطاولة إذا موجودة، ثم قال: أترون الله؟ قالوا: لا، قال فالله غير موجود. وقام تلميذ وقال تسمح لي يا أستاذ؟ قال نعم، فقال: أترون عقل الأستاذ؟ قالوا لا، قال: فعقل الأستاذ إذا غير موجود.
 فوعجبا كيف يُعصى الإله ** أم كيف يجحده الجاحد
ولله في كل تحريكة ** وفي كل تسكينة شاهد
وفي كل شيء له آية ** تدل على أنه واحد
 كيفية المرء ليس المرء يدركها ** فكيف بكيفية الجبار ذي القِدم
وهو الذي أنشأ الأشياء مبتدعا ** فكيف يدركه مستحدث النسم
 وانظروا في كتاب [الإنسان ذلك المجهول] مثلا، انظروا في كتاب [المحنة تسبح الله]، وكتاب [غريزة أم تقدير إلهي]، وكذلك أيضا [الطب محراب الإيمان] أمثال هذه الكتب، ما ذكره ابن القيم رحمه الله في [شفاء العليل] وما ذكره أيضا في كتاب [مفتاح دار السعادة] وفي أقسام القرآن ذكر أشياء عجيبة جدا، في شفاء العليل ذكر هداية المخلوقات من الذي هداها، تكلم على النحل والنمل، وتكلم على أشياء لعلنا نتكلم عليها إن شاء الله تعالى أو على بعضها في الكلام على اسم الله عز وجل الخالق البارئ.

 ثامنا: ما هي الآثار التي يؤثرها الإيمان بهذاالاسم الكريم؟
 الله عز وجل يقول (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) وعرفنا في الكلام على المقدمات أن دعاء الله عز وجل بهذه الأسماء يشمل دعاء المسألة ودعاء العبادة، فإذا دعا الواحد منا يقول: يا الله، يدعوه بأسمائه فإذا عرفت أن من أسمائه ومن أعظم أسمائه وأنه هو الذي يجمع سائر الأسماء الحسنى والصفات العلا هذا الاسم الكريم، فإذا أردت أن تدعو تقول يا الله، وأما دعاء العبادة فذلك أن العبد يظهر بمظهر التوحيد، والخضوع لله عز وجل، ولا يقع في شيء من الإشراك بجميع أنواعه لا الشرك الأصغر ولا الشرك الأكبر، فلا يرتفع ويخرج عن طوره فيدعي ما ليس له مما لا يصلح إلا لله عز وجل، ولا يضيف شيئا من خصائص الله عز وجل لأحد من المخلوقين، ولا يتوجه أيضا بشيء من العبادة والعمل لا بقلبه ولا بجوارحه إلى أحد من المخلوقين، فالله هو المألوه المعبود الذي لا تصلح العبادة إلا له تبارك وتعالى (فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات) وبهذا العبد إذا عرف هذا الاسم الكريم يستغني تماما عن المحلوق، فيتوجه الله عز وجل بكليته ويعلق قلبه بالله، لأن الله عز وجل هو المستحق للعبادة، هو الذي بيده أزمة الأمور فيرجو منه النفع، وهو الذي يدفع عنه الضر، وهو الذي يُخاف وحده لا شريك له، وهو الذي يُعظم ويُذل له، من كان كذلك أيها الأحبة فقد تم له الغنى بالله عز وجل وهذا كما يقول الحافظ ابن قيم رحمه الله: "يا له من غنى ما أعظم خبره وأجل قدره فمن مقتضاه وموجباته أن يذكر الله ويثني به عليه، وأعلم الخلق بالله عز وجل هو النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك) وكيف تُحصى خصائص اسم لمسماه كل كمال على الإطلاق، وكل مدح وحمد، وكل ثناء وكل مجد، وكل إجلال، وكل كمال، وكل عز، وكل جمال، وكل خير وإحسان، وجود وفضل. فله ومنه سبحانه وتعالى. فما ذُكر هذا الاسم في قليل إلا كثّره، ولا عند خوف إلا أزاله، ولا عند كرب إلا كشفه، ولا عند هم وغم إلا فرجه، ولا عند ضيق إلا وسعه، ولا تعلق به ضعيف إلا أفاده قوة، ولا ذليل إلا أناله العزة، ولا فقير إلا صيره غنيا، ولا مستوحش إلا آنسه، ولا مغلوب إلا أيده ونصره، ولا مضطر إلا كشف ضره، ولا شريد إلا آواه، فهو الاسم الذي تُكشف به الكربات، وتُستنزل به البركات، وتُجاب به الدعوات، وتُقال به العثرات، وتُستدفع به السيئات، وتُستجلب به الحسنات، وهو الاسم الذي قامت به السماوات والأرض، وبه أنزلت الكتب، وبه أرسلت الرسل، وبه شُرعت الشرائع، وبه قامت الحدود‘ وبهم قسمت الخليقة إلى السعداء والأشقياء، وبه حقت الحاقة، ووقعت الواقعة، وبه وُضعت الموازين القسط، ونُصب الصراط، وقام سوق الجنة والنار، وبه عُبد رب العالمين كما يقول الحافظ ابن قيم رحمه الله تعالى، فهذا الغنى بالله عز وجل الاستغناء عن كل المخلوقين مع كمال الافتقار إلى الله جل جلاله، فهو ربنا ومليكنا، وخالقنا وإلهنا، فلا مفزع لنا في الشدائد سواه، ولا ملجأ لنا إلا إليه، ولا معبود لنا غيره، فلا ينبغي أن يُدعى ولا يُخاف، ولا يُرجى، ولا يُحب سواه، ولا يُذل لغيره، ولا يُخضع إلا له، ولا يُتوكل إلا عليه، فهو معبودنا وإلهنا الذي لا نستغني عنه طرفة عين، بل حاجتنا إليه أعظم من حاجتنا إلى حياتنا وروحنا، فهو كافينا، وحسبنا وناصرنا، ومتولي أمورنا.
 وهذه المعاني لا يعرفها أولئك الذين يدعون غير الله عز وجل، ويستغيثون بغير الله تبارك وتعالى، يطوف بعضهم بالكعبة ويذكر الله عز وجل تسمع بعض من يدعو المخلوقين ويستغيث بالمخلوقين. الإنسان -أيها الأحبة- بل جميع المخلوقات عبيد لله عز وجل فقراء إليه مماليك له، فهو ربهم ومليكهم وإلههم الذي لا إله إلا هو، والمخلوق ليس له من نفسه شيء أصلا، بل نفسه وصفاته وأفعاله وما ينتفع به أو يستحقه، وغير ذلك إنما هو خلق لله عز وجل، والله هو رب ذلك كله ومليكه وبارئه وخالقه ومصوره، فكل مخلوق فقير محتاج إلى الله عز وجل، وليس فقيرا إلى سواه، فالناس كلهم فقراء، يفتقر إلى من؟ ويتوجه إلى من؟ ويحتاج إلى من؟ ويستغيث بمن؟ الاستغاثة -أيها الأحبة- والافتقار إلى المخلوق هي كالاستغاثة بالعدم، استغاثة العدم بالعدم.
 والعبد -أيها الأحبة- يفتقر إلى ربه تبارك وتعالى من جهة أنه معبوده الذي يحبه حب إجلال وتعظيم، فهو غاية مطلوبة ومراده ومنتهى همته، ولا صلاح له إلا بهذا، لا يمكن أن يصلح المخلوق إلا بالتوجه إلى الله وعبادته وحده لا شريك له، وكلما صح الافتقار إلى الله عز وجل صح الاستغناء به، أمران متلازمان، فيستغني بالله عز وجل عن كل أحد سواه، لأن كل ما سواه فهو فقير، والله هو الغني الحميد، (وتوكل على الحي الذي لا يموت) لا تركن إلى مخلوق فسيموت (ومن يتوكل على الله فهو حسبه)، والكرب إذا اشتد -أيها الأحبة- ويأس العبد من المخلوقين وتعلق قلبه بالله عز وجل وحده لا شريك له وصح افتقاره إليه كفاه وكشف كربه، وأنجاه، فأين أصحاب القلوب المشوشة، القلوب المتفرقة التي توزعت بين المخلوقين؟ أين القلوب التي تتلهف بالتعلق بفلان أو فلان، ويشغلها ذلك عن محبة الله عز وجل وطاعته والإقبال عليه؟ فحضنا -أيها الأحبة- من هذا الاسم ينبغي أن يكون هو التأله والتعبد فيُستغرق القلب والجوارح والهمة، كل ذلك في عبادة الله عز وجل وطاعته ولا يُلتفت إلى ما سواه.
 إذا قمت تصلي لا تلتفت لأحد، إذا قرأت القرآن لا تفكر في أحد من الناس، ما عندهم شيء فيعطوك أو يمنعوك، إذا اجتمعت عليك المخاوف فلا تتوجه إلا إلى الله عز وجل، انظروا إلى ضعف الخلق -أيها الأحبة- تأمل حالهم في هذه الأمور التي تحصل للجميع، إذا تغير الهواء و برد الجو، أو عمّ الغبار، أو وقعت الصواعق أو وُجد الرعد، أو البرق، أو الخسف، أو الزلازل، أو غير ذلك هل يستطيع أحد أن يدفع هذا مهما أوتي من قوة؟ لا أحد يستطيع أن يُغير منه قليلا ولا كثيرا إلا الله عز وجل الذي أزمة الأمور بيده، حينما أنظر إلى الغبار يعم الناس جميعا، يدخل في كل بيت، العزيز والفقير، والذليل والضعيف، لا أحد يستطيع أن يدفع عن نفسه ولا عن غيره. هذه الظواهر الكونية الكل يُقر بأن الله عز وجل هو الذي يملكها وهكذا ما نحتاج إليه مما يُلم بنا -أيها الأحبة- من فقر وحاجة ودفع مرض، وتحقيق مطلوب من غنى، أو نكاح، أو حاجة من حوائج الدنيا والآخرة فإن الله عز وجل هو الذي يملكها، وهو الذي يعطيها لمن يشاء (من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد) فينبغي أيها الأحبة أن يتحقق هذا المعنى في قلوبنا، كل ما سوى الله فهو هالك، وهو باطل، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم (أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل) 
فمن خصائص الإلهية : الكمال المطلق من جميع الوجوه، الذي لا نقص فيه بوجه من الوجوه، وهذا يعني أن هذا الكامل من كل وجه ينبغي أن يكون التعبد له بكل لون من ألوان العبادة، لا يُصرف لأحد شيء من العبادة، لا قليل ولا كثير أبدا، فالتعظيم له وحد، والإجلال والخشية، والدعاء، والرجاء، والإنابة، والتوكل، والاستعانة، كل ذلك يكون لله تبارك وتعالى، ومن وجّه شيئا من ذلك إلى أحد من المخلوقين فقد ظلم لأنه وجّه العبادة في غير من يستحق ذلك ولهذا قال الله عز وجل (إن الشرك لظلم عظيم) 
وكلمة التوحيد -أيها الأحبة- قامت في الإسلام على معنى الألوهية، فحينما تقول لا إله إلا الله، فيه إثبات انفراده بالإلهية، والألوهية تتضمن كمال علمه وقدرته، ورحمته وحكمته، إلى غير ذلك، ففيها إثبات إحسانه إلى العباد فإن الإله هو المألوه، والمألوه هو الذي يستحق أن يُعبد، وكونه يستحق أن يُعبد هو بما اتصف به من الصفات التي تستلزم أن يكون هو المحبوب غاية الحب، المخضوع له غاية الخضوع ، والعبادة -كما يقول شيخ لإسلام- "تتضمن غاية الحب بغاية الذل" إذا عرف المؤمن هذا الاسم العظيم فإنه يعتز بالله ولا يعتز بأحد من سواءه، لا يعتز بالقبيلة، ولا يعتز بالعشيرة، ولا يعتز بالنسب، ولا يعتز بماله، ولا يعتز بفلته، ولا بمركبه، ولا يعتز بأبيه ولا بأخيه ولا بجيرانه ولا بغير ذلك فالأمر كله لله. فلماذا يعتز المؤمن بسواه؟ فالله هو خالق الخلق ومدبرهم، وهو العزيز، وكم من بشر اعتزوا بأموالهم فذهبت، وكم من بشراعتزوا بسلطانهم وكانت النهاية (ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه) التوكل لا يكون إلا على الله عز وجل، النبي صلى الله عليه وسلم يقول (اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك آنبت، وبك خاصمت، اللهم أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني، أنت الحي الذي لا يموت، والإنس والجن يموتون) فالمحبوب الحقيقي أيها الأحبة المستحق للحب حقيقة هو الله عز وجل، الذي أفاض علينا هذه الفيوض من النِعم، من أين لنا هذا اللباس؟ من أين لنا هذه المراكب؟ من أين لنا هذه الأموال؟ من أين لنا هذه المطعومات؟ من أين لنا الأموال؟ كله من عز وجل والنفوس قد جُبلت على محبة من أحسن إليها (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم).
وهكذا -أيها الأحبة- هذا الاسم إذا عمل العبد بمقتضاه، وتعبد لربه، وخالقه جل جلاله فإنه يدرك ضعفه وعجزه، فالله عز وجل لا تحيط به العقول، فالعقول أدنى وأقصر وأصغر وأحقر من ذلك، وهو الذي تتعلق به القلوب (أمن يجيب المضطر إذا دعاه).
المقصود أيها الأحبة: أن التوحيد حالة تستدعي الانشراح والسرور والراحة قلبية وذلك أن الإنسان يستجمع جهده وطاقته فيتوجه به إلى معبود واحد، فلواحد كن واحدا في واحد أعني سبيل الحق والإيمان، توجه إلى واحد أما ذاك الذي تفرق قلبه بين آلهة متشاكسة لا يدري يرضي من، ويعتقد في بعض المخلوقين أنه يملك النفع والضر بالنسبة إليه، ويستطيع أن يوصل إليه الضرر فإنه يتوجه برغبته ورهبته إلى هذا المخلوق.
أيها الأحبة: إذا وُجد هذا الشعور في النفس أن أحدا يملك النفع والضر من دون الله عز وجل فإن ذلك يسحق النفوس ويحطمها، ويفرق القلوب وينكسر الإنسان بهذا التصور وبهذا الشعور وبهذا الاعتقاد أمام المخلوقين، ويخضع لهم ويعرض عن الله تبارك وتعالى. أما الإنسان الذي يعلم أن الله عز وجل هو مالك الملك، وأنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو) فإنه عندئذ يستريح ويطمئن. النبي صلى الله عليه وسلم قال لحصين يا حصين كم تعبد اليوم إلها؟ فقال ستة في الأرض وواحد في السماء، قال فأيهم تعد لرغبتك ورهبتك؟ قال الذي في السماء، قال يا حصين أما إنك لو أسلمت ..) إلى آخر ما ذكر، الشاهد: انظر إلى تفرق قلب هذا العابد بين سبعة، فإذا توجه الإنسان إلى واحد فإنه، يزيد من معاوية أصدر إلى والي البصرة مكتوبا يأمره بشيء لا يرضاه الله عز وجل، يأمره بشيء هو من قبيل المعصية، وكان بحضرة ذلك الوالي الحسن البصري، فتحير الوالي وعرض ذلك على الحسن، استشاره فماذا قال له الحسن؟ قال له: "اعلم أن الله يمنعك من يزيد، ولكن يزيدا لا يمنعك من الله" فإذا رأيت إنسانا يعصي الله عز وجل يرضي فلان، بير الشريف، مدير المؤسسة، مدير المدرسة، ويقوم ماذا؟ أصنع؟ إحراج.. يمكن أُفصل من العمل، ويقترف الآثام من أجل هؤلاء المخلوقين، فهذا لم يحقق التوحيد التحقيق الكامل، هذا لم يعرف هذه المعاني التي ذكرناها. هذا وأسأل الله تبارك وتعالى أن ينفعنا وإياكم بما سمعنا، وأن يجعل ذلك حجة لنا، لا حجة علينا، وأن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح والإخلاص، ويغفر لنا ولوالدينا ولإخواننا المسلمين، اللهم ارحم موتانا واشفِ مرضانا، وعافِ مبتلانا، واجعل آخرتنا خيرا من دنيانا، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق