السبت، 21 سبتمبر 2013

السماع في القرآن


الحمدلله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيّما لينذر بأسا شديدا من لدُنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا , والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وحُجّة على المعاندين وبعد:
 أيها المباركون نستأنف معكم دروسنا بهذا المسجد المبارك جامع المُحيسن بالرياض وكنا قد بينا مرارا في دروسنا هذه أننا نجعل في كل لقاء عنوانا ، لقاء اليوم يحمل عنوان : السماع , السماع في القرآن الكريم ، والسماع في القرآن جاء على أضرب عده نحاول قدر ما أمكننا أن نُقرّب بعيدها ، ونُيسر صعبها والمعين الله .
 جاء هناك استماع مذموم، واستماع منفي , واستماع عالي الرُتبة , واستماع مختلف فيه ,
 وبيان ذلك على الوجه التالي:
فأما السماع الذي لا يليق بالمؤمنين أن ينحوه هو مايسمعونه من أقاويل تقدح في أعراض بعضهم , وهذا جاء مُبينا ، مُفصلا في خبر الإفك , قال الله -جل وعلا- ( لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ) ، وبقوله -جل وعلا- (وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ) فبين -جل وعلا- في الأول : أنه لا يليق بالمؤمن أن يقبله , وفي التالي أي في الآية الثانية : أنه لا يليق بالمؤمن أن ينقله , ففي قوله -جل وعلا- ( لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا) فجعل كل أحد من المسلمين كأنه نفسك ، فكما أنك لا تظن بنفسك إلا الخير فلا ينبغي أن تظن بإخوانك المسلمين إلا الخير , هذا معنى قول الله -جل وعلا- ( لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ) ، ثم بين -جل وعلا- أنه حتى في حال أنك تُغلب وتكون في مجلس عام فيُنقل لك قدح في عرض أخيك لا ينبغي أن تنقله فقال -جل وعلا- (وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ) وقد مرّ على شريف علمكم كثيرا أنه ينبغي للمؤمن أن يتقي الله -جل وعلا- في أعراض المؤمنين وأن لا يتحدث فيها والناس في أعصُرنا هذه ابتلوا بطرائق عديده تُيسر على من ضعُف إيمانه وقلّ حرصُه على عِرضه من حيث لا يشعر أن يتحدث في الناس وينقله سواء كان قولا أو مشهدا ، لكن ينبغي على المؤمن أن يتقي الله في أعراض المؤمنين جميعا , وقد يأتيك الشيطان فيُسوّل لك الأمر ويذكِرُك ببعض أخطاء أخيك هاهنا أو هناك فيغلِب على ظنك أنه أهل لأن يُقدح فيه وهذا كله من نزغات الشيطان وكونه يجري من ابن آدم مجرى الدم , وقد ذكر الأئمة الأخيار في هذا فصولا عده في تنهى المؤمن أن يصنع هذا , كما في أخبار الشافعي -رحمه الله- وأشعاره .
 الحاله الثانية : حالة وصفها القرآن لليهود وأنهم طُبعو على سماع الكذب وأكل السحت , قال ربنا (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ) وما ذكره الله ذما على القوم فإن هدي القرآن أنه يريد منا اجتناب ذلكم الطريق الذي سلكه من غضب الله عليهم من اليهود , فقال ربنا (وَمِنَ الَّذِينَ هَادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ) ومعلوم أن الكذب هو: مخالفة الواقع ، فكم من أمور يتناقلها الناس لا حقيقة لها فيفرح بها زيد أو عمر فينشرها , وفي الحديث :{ كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع} ونحن نتكلم على صوره الإجمال .
 ثمة سمع يسميه العلماء : سمعٌ لا ينفع , بمعنى أن الإنسان إذا لم ينتفِع بما سمِع فيُعد كأنه لم يسمع , والدليل على هذا عندهم وهو حق , قول الله -جل وعلا- (كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ*قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ*وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ) ومعلوم أن أهل الكفر كانو يسمعون وإلا لم تقم عليهم الحجة لكنهم لم يكونوا يسمعون سمع انتفاع , وقد مر معنا في دروس مضت أن القرآن يجعل الموجود إذا لم تنتفع به كأنه معدوم فنفو عن أنفسهم السمع رغم أنهم كانو يسمعون لأنهم لم ينتفعوا بما سمعو , قال الله -جل وعلا-  (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء) فشبّه حال الكفار وهم يسمعون الآيات والعظات ولا يقبلونها كمثل بهيمة الأنعام التي يناديها الراعي لكنها لا تفقه ما يقول رغم أنها تسمع صوته وتدرك حسه , فهذا سمع عدم نتفاع , يتحرر على هذا مسألة علمية بالغة الدقة -ولا يدري الإنسان نشرها أو إخفاؤها أحسن- وهي قضية سماع الموتى , فإن قضية سماع الموتى فيها خلاف كبير بين أهل العلم للنصوص الوارده فيها , فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمهل أهل بدر ثلاثة -يعني قتلى بدر- وقد أُلقوا في بئر ثم وقف عليهم -والخبر صحيح- فقال يا أبا الحكم بن هشام , ياعتبة بن ربيعة , يا أبا جهل بن هشام , ياشيبة بن ربيعة , سمّى رجالا , هل وجدتم ما وعد ربكم حقا فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا؟ , فقال له عمر: يا رسول الله كيف تُخاطب أقواما قد جيفوا , فقال -عليه الصلاة والسلام- (والله ما انت بأسمع لما أقول منهم , ولكنهم لا يملكون جوابا) , وصح عنه -صلى الله عليه وسلم- كما في الصحيح من حديث أنس : أنه أخبر عن الميت قال : (فإذا تولى عنه أصحابه فإنه ليسمع قرع نعالهم) ، قال بعض أهل العلم : فالحديثان صحيحان صريحان في أن الميت او الموتى يسمعون , قال طائفة من أهل العلم -رحمهم الله- : الموتى لا يسمعون واحتجوا بأن الله -جل وعلا- قال (فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) ، (وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ) فقال المجيبون لهم -الذين يقولون بسماع الموتى- قالوا : إن قول الله (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى) ليس المقصود الميت الذي في قبره , إنما هو الميت بمعنى الكافر  لأن الله سمى الكفار أموات بدليل قول الله (أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ) فالله سمى الكفار في كثير من آياته على أنهم موتى , فقال القائلون : بأن هذه الآية في سورة الروم ليس فيها حجة , قالو فإن الله يقول (فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى) ليس دليلا صحيحا على أن الموتى لا يسمعون , لأن الموتى هنا بمعنى الكفار , والحق أن الموتى لا يسمعون وأن الآية حجة على من قال أنهم يسمعون , لأن العرب لا تشبه إلا بشيء ثابت , وسأبين لك المسألة ما استطعت :
عندما تقول تريد أن تمدح رجلا مثلا اسمه خالد وتريد أن تمدح شجاعته دون أن تتكلم عن الأسد , سألك الناس خالد شجاع ؟ قلت : خالد كالأسد , أين المشبّه ؟ المشبه هو خالد , أين المشبّه به ؟ المشبه به هو الأسد , وجه الشبه هي الشجاعة , فلو لم يكن الأسد شجاعا -مستقر عندك وعند السامع- أن الأسد شجاع ما أصبح هناك معنى لوصف خالد بالأسد , لا بد أن يكون الأسد أشجع من خالد وإلا لا معنى لأن تصف خالد بأنه أسد.
 الآن نأتي للآية : الله يقول (فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى) أنتم تقولون : إن الموتى هم الكفار ، نقول نعم على العين والرأس الموتى في الآية هم الكفار ليس الذين في قبورهم , لكن لم شبههم الله بالموتى ؟ لأن الموتى لا يسمعون وإلا لو كانو الموتى يسمعون إذا هؤلاء الكفار يسمعون , فلا معنى لتشبيههم بالموتى إلا لأن الموتى لا يسمعون , ردو وقالو : إن الآية المنفي عنها سمع انتفاع ، يعني أن الموتى يسمعون لكنهم لا ينتفعون , نرُدّ من نفس الآية : قال الله -جل وعلا- (فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء) سلّمنا إن الموتى يسمعون لكنهم لا ينتفعون , من يقول أن الصُمّ يسمعون ؟ لو سمعو ما أصبحو صم , إذا المنفي هنا السماع بالكلية سواء سماع انتفاع أو سماع غير انتفاع , فيُصبح ما ذكر الله -جل وعلا- على أنهم موتى إلا لأن الموتى لا يسمعون وإلا أصبح لا معنى للشبه تماما , لكن لما استقر في الأذهان أن الموتى لا يسمعون شبههم الله تعالى بهذا .
 بقينا الآن في الحديثين حديث بدر وحديث قرع النعال , فأما حديث بدر : فالذي يظهر أن هذا مما خصّ الله به نبيه -صلى الله عليه وسلم- عُرضه بهؤلاء الكفار الذين آذوه .
 وقرع النعل : يُحمل على أن هذا أول ما يوضع الميت في قبره وتُرد إليه روحه لا أنه سماع على الإطلاق ، وقد قلت أن المسألة فيها خلاف كبير بين أهل العلم ،كُلن له دليله لكن نحن نقول ما ترجح عندنا -والعلم عند الله- وليس أحد من الناس مُلزما بما نقول , لكن هذا ما يدل عليه ظاهر القرآن , وللعلامة الألباني رحمه الله له كتاب اسمه ( الدلائل الواضحات على عدم سماع الاموات ) , الذي يعنينا هنا ما اخبرنا به قضية سمع الانتفاع ونفي السماع عن الموتى والله أعلم بالصواب .
 بقيت مما دلّ عليه في القرآن منزلة عالية في السماع ، كل ماتكلمنا عنه منازل مباحة ، منازل مذمومة ، منازل مختلف فيها ، بقيت منزلة عالية في السماع وتنقسم إلا قسمين : منزلة أولى : قال الله جل وعلا فيها في خاتمة سورة آل عمرآن (رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ) هنا (رَّبَّنَا) : هذه دعاء , (إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا) : المراد به رسولنا -صلى الله عليه وسلم- ، وكل من حمل راية العلم بعده , (يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ) : لما سمعنا هذا النداء ماذا صنعنا ؟ (فآمنا) وهذا الذي ثبتنا الله وإياكم والمسلمون عليه , فالمسلمون سمعوا النداء بالقرآن ، بالسنة فلبو أمر ربهم مع اختلافهم في هذا درجات عدة , (رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ) فهذا منزلة في السماع أولية يُطالب بها كل مؤمن أن يؤمن بالله ورسوله وهي ظاهرة جدا .
المنزله العالية في السماع : أن يسمع الإنسان القرآن سواء من غيره أو من نفسه , من غيره أن يُصلي وراء إمام موفق مثل شيخنا الشيخ عادل -ولا نزكي على الله أحدا- أو يصلي خلف أي إمام يغلب على الظن أنه تؤثر قراءته فيه ، أو يسمعه في أي طريقة أخرى أو يقرأه هو فيُسمع نفسه , وهؤلاء قال الله عنهم (وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ* وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ) فهذه المنزلة منزلة يسعى المؤمن إليها ما استطاع ويحاول أن يأتيها ويأخذ بالأسباب التي تُوصله إليها . من تلكم الأسباب -فيما يغلب على الظن- وليس المقام مقام حصر :
 1- اليقين أن هذا كلام رب العالمين، كلما عظُم يقين المرء أن هذا الذي يُتلى ويُقرأ هو كلام الله كان أعظم خشية لما يسمع
2- صدق النية في الرغبة فيما عند الله ، والنوايا صعب أن يتحدث الإنسان فيها نكتفي بهذا
 3- أن يكون للإنسان عمل صالح يغلب على الظن أنه من أسباب التوفيق لأن إتيان الطاعات توفيق من الله وبعض الطاعات في نفسها طاعة لله وتوفيق من الله إلا أنها مجلبة لغيرها  , وأعظم هذا بر الوالدة ، فإن بر الوالدين وبر الوالدة خصوصا  من أعظم توفيق الله لعبده , وقد مرّ معنا أن البر ينقسم إلى قسمين :
الأول : أن تبرهما فيما أمراك به , بمعنى أن يكون للوالد ، يكون للوالدة رغبة في شيء ثم يخبراك به فتقوم أنت بإنجازه برا لهما وهذا ظاهر .
 الحالة الثانية : أن تفقه من غير أن يتكلما رغبة لهما في أمر فتُسارع إلى القيام به قبل أن يطلباه لعلك تحفظ لهما ماء وجههما أن لا يسألاك , على أنك تسعى أن تريد بصنيعك هذا إجلال من وصّاك بهما , فبر الوالدين من أعظم أسباب التوفيق لنيل خشية الله .
 4- أن تتوخى -ما استطعت- ضعفاء المسلمين فتُحسن إليهم فإنك لا تدري قد يفتح الله -جل وعلا- لك من أبواب الرحمة والفضل والإحسان كثيرا من الأبواب المنغلقة بدعاء ذلكم الضعيف أو ذلكم المسكين الذي أحسنت إليه وأنت لا تريد بإحسانك إلا وجه الله , وأنا أعرف رجلا من أهل مصر حجّ قبل اثنين وثلاثين عاما يوم كان شابا ثم لمّا ركب السيارة التي تحمل تسعة أفراد كان في المقاعد الأمامية رجل وامرأة وكان في المقاعد الخلفية امرأة طاعنة في السن محرجة من شدة الزحام وسنها وبدنها لا يساعداها على ذلك فذهب هذا صاحبنا -الذي نتكلم عنه- إلى الرجل الذي في الأول وأخذ يقنعه أن يعود حتى تتقدم هذه المرأة المسنة فأبى فمازال معه فأبى فما زال معه فقبِل ، فرجع الزوج الذي كان مع زوجته وتقدمت المرأة المُسنة , لما شعرت بالراحة واستطاعت أن تُطلق قدميها قالت له بلهجتها لكن هذا مجلس علم لا يُتكلم فيه بغير فصحى , قالت له ما معناه باللغة : لا حرمك الله من الحج كل عام , حجّ الى الآن -وانا أعرفه- اثنتين وثلاثين حجة منذ أن دعت له تلك المرأة , ويأتي عليه العام ويدنو الحجّ ولا مال معه أحيانا ولا نية له فإذا به من غير أن يشعر يُساق به إلى الحجّ سوقا ببركة دعاء امرأة ، يقول علي -رضي الله عنه- "إن الله أخفى اثنتين في اثنتين , أخفى رضاه في العمل الصالح فلا تدري أي عمل صالح صنعته هو لله أرضى , وأخفى أولياءه في عباده فلا تدري أي عباد الله هو ولي لله" .
فأنت أيها المبارك اصنع المعروف وأرِد به وجه الله فلعلك تصنعه في رجل لا يعرفه الناس -وهذا أولى- وله عند الله دعوة مُستجابة فيدعو لك فيُكتب لك التوفيق وأنت لا تدري من أين جاءك ذلكم التوفيق لكن الله رحمك فيسر لك سببا تصل به الى مقصودك .
بلغنا الله واياكم آمالنا فيما نحب , وصلى الله على محمد وآله والحمدلله رب العالمين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق