د. عصام العويد
اليوم يا أحباب سنتمثل بما تمثلت به مريم –عليها السلام - وسنتعلم الطريقة التي أنزلها الله عليها لتواجه الألم .. ولتواجه الصدمة ولتملك قلبا ضد الصدمات أقرأ بتؤده هذه القصة:
اليوم يا أحباب سنتمثل بما تمثلت به مريم –عليها السلام - وسنتعلم الطريقة التي أنزلها الله عليها لتواجه الألم .. ولتواجه الصدمة ولتملك قلبا ضد الصدمات أقرأ بتؤده هذه القصة:
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21) فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22) فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23) فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (26))
حسنا
ثمة مقطع أريدك أن تعيد قراءته ، الخطة التي أحدثك عنها موجودة في هذا المقطع
أقرأ بقلبك:
{فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22) فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23) فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (26)}.
لنحلل هذا التسلسل ..ولنتتبع تلك الخطوات:
(١)
اعتزل من حولك (فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا)
قال ابن سعدي "فتباعدت عن الناس" ، وقال ابن كثير "لئلا تراهم ولا يروها".
هذه الخطوة الأولى عند الصدمة
أنت بحاجة إلى أن تخلو مؤقتا بنفسك لتسترد توازنك
أنت بحاجة لمزيد هدوء من حولك, لـ (إيقاف الضجيج في داخلك)
يقول براترند راسل "في الجو الهادئ وحده يمكن للسرور الحقيقي أن يحيا" أقول (عزلة مؤقتة)
لأن إطالتها قد تفتح للشيطان بابا.
(٢)
تذكر شدة الألم تعمي البصيرة (فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا)
وإن كانت هذه الخطوة لا تنطبق على مريم - عليها السلام –
إلا أنها تنطبق علينا
ذلك، بعض العلماء أوضح أن دعوة مريم جائزة بالنسبة لها لعدة وجوه
ليس هذا مقامها
أما نحن فقد قال صلى الله عليه وسلم (إنما الصبر عند الصدمة الأولى.)
لأن حالة الذهول الحاصلة من الصدمة هي أشد حالات الضعف التي تعصف بالمرء
وهي من أقوى مداخل الشيطان عليه
لهذا قال ابن سعدي "وليس في هذه الأمنية خير لها ولا مصلحة".
(٣)
لا تحزن (فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي)
قال ابن سعدي "لا تجزعي ولا تهتمي"
ويحدثنا د.عائض القرني عن الحزن فيقول : "وسر ذلك : أن الحزن مُوَقِّفٌ غير مُسَيّر ، ولا مصلحة فيه للقلب، وأحبُّ شيءٍ إلى الشيطان : أن يُحْزِن العبد ليقطعهُ عن سيرِه ، ويوقفه عن سلوكِه".
(٤)
تحسس النعم (قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا)
في قصة مريم
ذهلت مريم – عليها السلام – من شدة الألم الجسدي والنفسي
فغفلت عن النهر الذي يسري من تحتها
قال ابن عباس: "كان ذلك نهرا قد انقطع ماؤه فأجراه الله تعالى" .
لا تنزل محنة بمؤمن إلا ترافقها منحة
فإذا ما أدلهم عليك خطب فتحسس نعمة الله عليك
واجتهد في رؤية الجانب المشرق من المصيبة
قال إسحاقُ العابدُ "ربما امتحنَ اللهُ العبْدَ بمحنةٍ يخلِّصُه بها من الهلكةِ ، فتكون تلك المحنةُ أجلَّ نعمةٍ" وإن لم تر جانبا مشرقا فأصبر, وأعلم أن جزاء صبرك
أن يأتي يوم تقف بنفسك على هذا الجانب الذي غفلت عنه حين الصدمة .
وأسأل من جرب فعرف .
(٥)
لا تدع ضعفك ينال منك (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا )
الرجل الشديد القوي لا يستطيع أن يهز جذع النخلةفكيف يأمر الله سبحانه امرأة متعبة ، متألمة في حالة مخاض بهز الجذع؟!
يقول الشيخ محمد متولي الشعراوي في قصص الأنبياء والمرسلين "لأن الله يريد أن يبقى اتخاذ الأسباب مهما كان الإنسان ضعيفا" .
(٦)
استدرك الآثار (فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا )
للصدمات أثار ينبغي استدراكها سريعا بعد وقوع الصدمة
أحدها: أثر جسدي بـ (فقدان الشهية)
والآخر: أثر معنوي بـ (فقدان السكينة)
لهذا كان العلاج للأولى ( فَكُلِي وَاشْرَبِي)
وكان العلاج للثانية (وَقَرِّي عَيْنًا ).
(٧)
استعن بالصمت
(فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا)
الحديث عن الصدمة وتفاصيلها سينسف كل ما بذلته التجلد
ومجادلة السفهاء وأنت حديث عهد بجرح
هو نسف آخر لتلك الجهود
قال السعدي "لا تخاطبيهم بكلام، لتستريحي من قولهم وكلامهم" .
رَبُّكِت َحْتَكِ .بوركتم اصلحوا الخطا."رَبُّكِ تَحْتَكِ"
ردحذفجزاكم الله خيرا
حذف