أيها المباركون
فهذا لقاء متجدد من هذه اللقاءات في التفسير نسأل الله فيها العون والتوفيق. وفي هذا اللقاء سنتدارس قول الله جل وعلا في سورة الصافات :
(وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ
فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ*وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ
مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ*وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ
هُمْ الْبَاقِينَ*وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي
الآخِرِينَ*سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي
الْعَالَمِينَ*إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي
الْمُحْسِنِينَ*إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا
الْمُؤْمِنِينَ)
وقبل أن أشرع في تفسير هذه الآيات أبين أن خبر نبي الله نوح ذائع شهير قد لا يحتاج إلى تفصيل فمسألة سرد الخبر عن نوح وسيرته أمر مستفيض وربما مرّ معنا في لقاءات سابقة في العام الماضي لكن عظمة القرآن في أنه يمكن أن يتدارس المؤمنون القصة من عدة وجوه خاصة تلك التي يحاول فيها المفسر أن يُحل إشكالا ينجم لدى قارئ القرآن أو تاليه وهو يقرأ بعض أخبار أنبياء الله ورسله مما قصّه الله - جل وعلا - في كتابه.
/ قال أصدق القائلين هنا في الصافات (وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ) ولم يذكر هنا ما هو النداء لكن ذكره في سورة القمر (فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي
مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ) وهذا ما يُسمى عند علماء التفسير بإيضاح القرآن بالقرآن وهو أعلى مقامات التفسير فلو سألك إمرؤ ما ما الحطمة؟ فالجواب يأتي : نار الله الموقدة لأن الله قال (وَمَا أَدْرَاكَ مَا
الْحُطَمَةُ*نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ) فهذا أعلى مقامات التفسير وهو إيضاح القرآن بالقرآن .
قال ربنا هنا
(وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ) وهو أول رسل الله إلى الأرض
(فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ) هذا من ثناء الله - جل وعلا - على ذاته العلية. و"نِعم" فعل ماض جامد عند النحويين يراد به المدح ويقابله فيما يراد به الذم بئس ، قال الله جل وعلا : (بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا) هذا أسلوب ذم . هنا قول ربنا
(فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ) هذا أسلوب مدح (وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ*وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) الذي نريد أن نقف عنده هنا : أن نوحا عليه السلام أخبر الله عنه في سورة نوح أنه قال (رَّبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا) فدعا على أهل الأرض بالهلاك , ظاهر هذا ؟ أين الإشكال ؟
الإشكال : أن بعضا من أهل العلم - عفا الله عنا وعنهم - إذا أتى يُقارن ما بين النبي -صلى الله عليه وسلم - نبينا وبين نوح يقول إن هناك بونا شاسعا ما بين قوله عليه الصلاة والسلام : (اللهم اهد قومي..) و (أرجو الله أن يخرج من أصلابهم..) وأضرابها من الأحاديث ، ومابين قول نوح (رَّبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا) حتى قال قائلهم : وأهلك قومه في الأرض نوح*** بدعوة لا تذر أحدا فأفنى
ودعوة أحمد رب اهدِ قومي *** فهم لا يعلمون كما علمنا
الآن واضح السياق أنه يقول فرق ما بين الدعوتين ، ما بين دعوة نوح وما بين دعوة محمد عليهما الصلاة والسلام . والحق أن هذا مسلك جائر. لم مسلك جائر؟
أما كون النبي - صلى الله عليه وسلم - نبينا أفضل من نوح وأفضل من سائر الأنبياء فهذا ليس محل نزاع هذا محل إجماع لكن الكلم هنا غير صحيح. لم غير صحيح؟
لأن نوحا - عليه السلام - ما قال رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا إلا بعد أن أخبره الله أن أحدا منهم لن يؤمن فلا يستطيع أن يقول مثل نبينا - عليه السلام - اللهم اهدهم ..اللهم أخرج من أصلابهم .. هذا لن يقع , لم؟ بصريح القرآن - والقضية الكبرى في قلة من يعلم أحيانا العجلة ، والقرآن يحتاج إلى استحضار آياته قبل الحديث فيها حتى يتضح الأمر بجلاء أمام المفسر ثم بعد ذلك يتحدث في الآيات - .
الله جل وعلا يقول (وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن
يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ) فهذا إخبار من الله له لأن قول الله جل وعلا - (وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ) معناه أوحينا بعظمتنا وما لنا من علم وقدرة - تبارك اسمه وجل ثناؤه - إلى هذا عبدنا ، إلى نبينا نوح أخبرناه أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن وأن من آمن لن يزيدوا ولو فردا ولهذا عزّاه الله بقوله (فَلاَ تَبْتَئِسْ) حتى لا يصيبه حسرة ، وعزّاه الله - جل وعلا - بعدها بقوله
(فَلاَ تَبْتَئِسْ) فنوح عندما قال (رَّبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا) كان على عِلم من الله أن أحدا لن يؤمن فيصبح المقارنة في هذا السياق مقارنة غير صحيحة .
/ قال الله جل وعلا هنا (وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ*وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ)
التنجية : هي تخليص الغير من المضرة. وقوله جل وعلا هنا "وَأَهْلَهُ" يُراد بها أتباعه والمؤمنون الذين معه ، فإن قال قائل إن ابنه من أهله قلنا إن القرآن رد هذا (فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ
أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ*قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ
لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ) وقلنا مرارا في قراءة "إنه عمِل غير صالح" والمعنى واحد والمقصود هذا المراد من قوله جل وعلا
(وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) .
/ ثم قال الله
(وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ) أي ذرية نوح
(هُمْ الْبَاقِينَ) وهذا فهمه العلماء على أكثر أي على جمهورهم فهم المعنى أن نوحا لما نجا من السفينة ، خرج من السفينة ومعه من آمن من أهل بيته ومعه من آمن من المؤمنين وهم قلة لم يكتب الله للقلة الذين معه أن يتناسلوا وأن تكون منهم ذرية وحصر الله - جل وعلا - الذرية فيه قالوا وهذا معنى قول الله
(وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ) لأن الإتيان بضمير الفصل "هم " في هذا الموضع يشعر نوعا ما بالحصر وإن كنت لا أجزم به. قال الله جل وعلا
(وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ) من هنا أخذ العلماء على أن نوحا الأب الثاني للبشرية
(وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ) .
/ ثم قال الله (وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ*سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ)
(وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ) يعني : أبقينا له ذكرا فيمن يأتي بعده من القرون والأمم بدلالة الحال فنحن الآن بعد قرون من بعثته ووفاته نتحدث عنه ونثني عليه خيرا لكن الإشكال في قول الله جل وعلا
(سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ) هل هي جملة ابتدائية مستأنفة لا علاقة لها بالأول أم لها علاقة بالأول؟
قال بعض أهل العلم إن قول الله جل وعلا
(سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ) هذا ابتداء كلام وإن كان النكرة لا يُبتدأ بها لكن ما بعدها شيء من الوصف يسوغ الابتداء بالنكرة هذا هو مذهب الجمهور فقالوا إن
(سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ) هذا ثناء من الله مبتدأ مستأنف بعد قول الله - جل وعلا -
(وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ) .
وذهب الكسائي والفراء والمبرد وتبعهم الزمخشري في الكشاف على أن قول الله جل وعلا
(سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ) إنما هو بيان لقول الله
(وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ) يعني يصبح المعنى
(وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ) ما الذي تركنا على نوح في الآخرين ؟ هو قول الله
(سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ) ، أعيد: يصبح المعنى أن
(سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ) يراد بها قصد حكاية لا كما قال الأولون جملة مستأنفة بعد قول الله - جل وعلا -
(وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ) أي تركنا عليه قول من يسمع عنه فيقول
(سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ*إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ*إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) . قال الله (ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ) أي غير نوح ، و"الآخر" هنا بمعنى من لم يكن معه هذا ما دلت عليه الآيات .
/ مرّ معنا أعلام ، وأنا قلت نستطرد كثيرا وهو الكسائي والفراء والمبرد وقلنا الزمخشري ، أما الكسائي و الفراء والمبرد هؤلاء أئمة نحو فأما الكسائي إمام في القرآءات وإمام في النحو طلب علم النحو على كبر وأدرك الخليل بن أحمد وأعجب بعلم الخليل وسأله من أين لك هذا العلم فأخبره أنني أتيت البوادي بوادي الحجاز وتهامة فأتى البوادي و أخذ عنهم ثم عاد إلى الخليل فوجده قد مات وهو من الطبقة الثانية من نحاة الكوفة.
والفراء كوفي مثله وسمي بالفراء لأنه كان يفري الكلام فريا وهو فارسي الأصل وهو إمام في اللغة قد مر فيما يظهر لي في بعض الأحوال ترجمته وهو من الطبقة السابعة من نحاة الكوفة أي أنه كوفي مثل الكسائي . ما الذي يقابل مدرسة الكوفة ؟ مدرسة البصرة التي إمامها سيبويه .
أما المبرِّد فإنه أصلا من البصريين لكنه لديه نوع استقلال إذا قرأت النحو كثيرا لديه نوع استقلال فلا يأخذ دائما بقول البصريين ولا يأخذ دائما بقول الكوفيين وله آراء شذّ بها والمبرِّد معناها المثبت للحق لأن المازني لما صنع كتابه الألف واللام عرضه عليه فأخذ يبينه له فقال له أنت المبرِّد أي المثبت للحق فحوره الكوفييون عداء له وأصبحوا يسمونه المبرَّد . يقابل المبرد عالم نحوي آخر اسمه ثعلب لكن ثعلب عُمّر حتى جاوز التسعين وهو إمام كبير من أئمة الكوفة في أيام العرب وهو سليم العقيدة موثوق به من أئمة أهل زمانه .
لكن يكتب الله جل وعلا أن غالب الأقران يحصل بينهم نفور هذا من سنة الله في خلقه فأنت لا تقبل قول قرين في قرين آخر وكان بين ثعلب والمبرد رحمة الله تعالى عليهما شيء من النفور حتى يقولون إن المبرد بلغه أن ثعلب قال فيه قولا شديدا فقال يرد عليه :
رُبّ من يعنيه حالي***وهو لم يخطر ببالي
قلبه ملآن غيظا *** وفؤادي منه خالي
يعني يريد أن يقول أنني لا أعبأ به .
هذا يسوقنا - ونحن نستطرد - إلى أن العاقل كلما اكتسى بحلية الحلم كان أقدر على أن يمشي في حياته لا يتصور أيها المبارك أحد يبرز في علم أو في تجارة أو في أي مجال من مجالات الدنيا أو من مجالات الدين إلا ويحاول خصومه وأقرانه حتى المدرس المعلم المثالي في مدرسته سيجد رهطا من المعلمين يحاولون أن ينقضوا بنيانه لكن كما يُروى عن عمر "لن تغلب من عصى الله فيك بأعظم من أن تطيع الله فيه" والحلم عمن عاداك يجعله يموت بغيضه ، والعرب تضرب في هذا أمثالا لبعض رجالاتها منهم معن ابن زائدة وربما مرّ معنا هذا كثيرا .
معن اشتهر بحلمه وكرمه فجاءه أعرابي يختبر حلمه وهو جالس على سرير أمارته كان الملوك يأتون بسرير ليس كالكراسي هذه يأتون بسرير عريف فإذا أرادوا أن يعظموا أحدا أجلسوه معهم على السرير ويسمى هذا السرير عرش مادام عليه ملك أو أمير فإن وضعت عليه جنازة ينتقل من كونه عرش إلى كونه نعش ، فيجلس عليه الأمير فجلس ذات يوم معن على سريره دخل عليه أعرابي قال له :
أتذكر إذ لحافك جلد شاة *** وإذ نعلاك من جلد البعير
هو يريد أن يستفزه
قال معن : أذكر ولا أنساه, قال الأعرابي:
فسبحان الذي أعطاك ملكا *** وعلمك الجلوس على السرير
قال سبحانه على كل حال ، قال :
فلست مُسلما ما عشت دهرا ***** على معن بتسليم الأمير
يعني لست ممن يقبل أن تكون أنت أمير, فتجاهل الثانية وقبل الأولى قال : يا أخى العرب إن السلام سنة تأتي به كيفما شئت.
يعني المهم أن تقول السلام عليكم عاد قلت السلام أيها الأمير أو لم تقولها لاتعنيه إن السلام سنة تأتي به كيفما شئت قال :
سأرحل عن ديار أنت فيها *** ولو جار الزمان على الفقير
قال : إن أقمت فينا فمرحبا بك *** وإن رحلت عنا فمصحوبا بالسلامة
قال
فجد لي يابن ناقصة - وهو ابن زائدة -
فجد لي يابن ناقصة بشيء *** فإني قد عزمت على المسير
قال ياغلام أعطه ألف دينار ، قال :
قليل ما أتيت به وإني ***** لأرجو منك بالخير الوفير
قال : يا غلام أعطه ألفا أخرى ، قال :
سألت الله أن يبقيك ذخرا *** فما لك في البرية من نظير
قال : ياغلام أعطه ألفا أخرى ، فقال الأعرابي :
" والله لقد أتيتك لما بلغني من حلمك فوالله إن الله أعطاك حلما لو قسم على أهل الأرض لكفاهم" ، فقال معن لغلامه: كم أعطيته على نظمه على شعره؟ قال ثلاثة آلاف قال أعطه على نثرها مثلها فخرج الرجل .
معن يعلم أن هذا شاعر وكان للشعر سيرورة في العرب يمشي ولا يطفئ ويذهب أثر قدح القائل مثل قوله هو لكن مع ذلك أحسن من هذا كله قول الله (وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا) على أنه ينبغي أن يعلم حتى تستوي الكفة ، الله يقول (أَلاَّ تَطْغَوْا فِي
الْمِيزَانِ) لا يحسن أن يكون المرء ضعيفا إنما الحِلم إذا كان مقرونا بالقوة ، أحيانا من أمامك يحتاج إلى أن تنبهه إلى قوته و سآتيكم بمثل من تاريخ المسلمين :
معلوم أن معاوية رضي الله تعالى عنه له ابن اسمه يزيد ولم يكن لمعاوية ابن غيره أصلا ، يزيد بعثه أبوه في جيش القسطنطينية الذي يريد أن يفتح القسطنطينية كان من ضمن الجيش الصحابي الجليل أبو أيوب الأنصاري فلما وصلوا إلى أسوار القسطنطينية يرون الروم والروم يرونهم لكن لا حرب الأسوار مانعة لكن الروم إذا اطلعوا يرون المسلمين لكن لم يقع يعني فتح ، مرض أبو أيوب فلما مرض قال ليزيد بوصفه أمير الجيش إذا أنا مت فأوصيك أن تدفنني في أرض الروم يعني أقرب محل إلى أسوارهم قال أبشر يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم . بعد أيام مات أبو أيوب فجاء يزيد أمر بالنعش حمل السرير كثر المشيعون قدموا على أرض الروم وقيصر يرقب ورأى الإزدحام ، دُفن أبو أيوب - رضي الله عنه - ، فقال قيصر ليزيد ما الذي تصنعون؟ قال هذا صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإكراما له أوصانا أن ندفنه في أرضكم فنحن ندفنه في أرضكم . حلم معاوية ودهاؤه مشهور دهاء معاوية كان مشهور جدا بين الأمم فقال قيصر : وينعتون أبوك بالدهاء ؟! يعني أنت لم تطلع ،لم تكن مثل أبيك أي عقل هذا تدفنه عندنا لا تلبث أن تعود أنت وجيشك فنخرجه من قبره فنرميه للكلاب . من الذي يقول هذا ؟ قيصر، قال يزيد يُجيبه : أما وإني أعلم هذا ، لا يخفى علي لكن قسما بالذي أعظّمُه ولا تعرفه - يقصد الله - والذي دفنت هذا هنا من أجله - يقصد الله - لو بلغني أنكم حفرتم قبره أو نبشتموه لما تركت نصرانيا في جزيرة العرب إلا قتلته . فقال قيصر : - بأيمانه التي يحلفها - وحق المسيح - هذا يمينه هو - وحق المسيح لأكون أول من يحفظه ، خوفا على النصارى .
موطن مثل هذا ما يمكن تستجدي قيصر أو ينفع معه حلم ، هذا موطن يحتاج إلى قوة لكن أين العاقل؟ العاقل الذي يعرف متى يكون حِلم ومتى يكون ضده
ولا خير في حلم إذا لم يكن له *** بوادر جهل تحمي صفوه أن يُكدر
ولا خير في جهل إذا لم يكن له ***حليم إذا ما أورد الأمر أصدر
لكن هذا كله نور من الله يقذفه في قلب من يشاء.
متعنا الله وإياكم متاع الصالحين وجعلنا الله وإياكم من أوليائه المؤمنين ، هذا والعلم عند الله وصلى الله على محمد وآله والحمد لله رب العالمين .
_________________________________
الشكر موصول للأخت (أم الوليد) على تفريغها للحلقة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق