الأربعاء، 14 مارس 2012

سر ذكر القرآن بعد ذكر بني إسرائيل



د. الشهري: لفت نظري أمر وهو أنه بعد ذكر المنافقين في قوله (أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) وصفهم إخوان لليهود .
د. مسلم: أخوة في الكفر والمكر.
د. الشهري: فعندما قال (كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ) ثم جاء بعدها الحديث عن القرآن (لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ)
د. مسلم: هذا ملاحظ هنا في الحديث عن اليهود بني النضير وفي سورة الإسراء أيضاً عندما جاء الحديث عن بني إسرائيل (وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً (106) قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ (107)) الخطاب لبني إسرائيل (إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا (107)) كأنهم في كل مرة عندما ينبههم إرجعوا لكتبكم لتعرفوا حقيقة هذا القرآن وحقيقة هذا النبي وارجعوا إلى هذا القرآن تدبروه لتعلموا أنه من عند الله فالتجئوا إلى منزّل القرآن. وفي كلتا السورتين بعد وصف القرآن تأتي أسماء الله وصفاته (قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى (110)) في الإسراء وهنا (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)) الطريق لكم هو أن تلتزموا بالقرآن والجؤوا إلى منزِّل القرآن الكريم لينقذكم من متاهاتكم وهذه تعيدنا إلى الآية التي قبلها (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) قد يقول قائل هل ينسى الإنسان نفسه؟ نعم، هؤلاء عندما نسوا الله تركوا هدايات كتبهم وأوصاف رسول الله الواضحة وأوصاف هذه الأمة في كتبهم ، نسوا الله ، تركوا أمر الله - سبحانه وتعالى - فأنساهم مصالحهم ، نسوا أنفسهم صاروا يتبعون عبد الله بن أبيّ ليغري بهم في مثل هذه المواقف والأصل أن يكونوا هم هذا دورهم الذي كانوا يرون أنفسهم عليه قبل الإسلام ، قبل الهجرة كانوا الطبقة المثقفة هم اليهود في الجزيرة العربية الطبقة التي لها علم بالديانات والنبوات هم اليهود .

ولذلك حتى بعض الأنصار عاداتهم وقبائلهم تمنعهم أن يتهودوا ولكن كانوا يرسلون أولادهم إلى اليهود حتى يعلموهم وبعض أبناء الأنصار تهوّد ولذلك بعض المفسرين يقول في قوله (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) - البقرة - سبب نزولها أن بعض الأنصار أهل المدينة عندما رأوا أن أولادهم تهودوا أرادوا أن يكرهوهم ، يعيدوهم فقيل (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) كانت سبب نزول هذه الآية. هم لإعجابهم بثقافة اليهود أنهم أهل الدين، كيف أنتم بهذا الشكل وبعد ذلك تتخلون عن كل ما عندكم من الهدايات من كتبكم وتلغون عقولكم ولا تفكرون بالقرآن الكريم وتنكرون أوصاف رسول الله وتتبعون إنساناً مثل عبد الله بن أبيّ .
د. الشهري: وقد ذكرت سابقاً في هذا البرنامج في سورة الكهف ذكرت أن قريشاً أرسلت إلى اليهود في المدينة باعتبار أنهم يرون اليهود طبقة مثقفة وعندهم علم بالكتاب فكانوا يرجعون إليهم .
د. مسلم: عندما أرسلت قريش جاؤوا وقالوا أنتم أهل كتاب أعلم منا بالأديان وبالأنبياء وأوصافهم أعطونا أسئلة نتحقق بها من صدق محمد الذي يدّعي أنه نبي، كانوا يرون هذا الشيء عندهم فكيف ينسى هؤلاء هذه الأمور كلها (فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) الذين فسقوا عن دين الله عز وجل.

-----------------------
مصدر التفريغ / موقع إسلاميات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق