الأربعاء، 21 ديسمبر 2011

يأجوج ومأجوج




الحمد لله الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين وإله الآخرين ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين وبعد:
كنا قد بينا في اللقاء الذي مضى أن دروس هذا العام تأخذ عنوانا وموضوعا واحدا في كل لقاء ولقاء هذا اليوم يحمل عنوان يأجوج ومأجوج . ونستفتح بالذي هو خير ونقول :
إن الله - جل وعلا - خلق أبانا آدم ثم خلق من ضلعه حواء ، ثم أسكنهما جنته ثم كان ما كان من أمر آدم في قضية أكله من الشجرة فأُهبط إلى الأرض - عليه سلام الله - ثم كانت منه ذريته ، ثم انتهت الذرية إلى نوح -عليه السلام - قال الله - جل وعلا - (وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ) وأهل التاريخ والأنساب يقولون إن نوحا عليه السلام ترك أربعة من الولد ، ترك ساما وحاما ويافثا وكنعان ، أما كنعان فالمشهور أنه هو الذي أُغرق في قضية الطوفان (قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ) بقي الثلاثة سام وحام ويافث فإن الأصل عند كثير من أهل العلم - والعلم عند الله - أن جميع الخلق يُنسبون إلى هؤلاء الثلاثة .

ذكر الله الأمم والقبائل في القرآن وقال ( وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) ، وذكر الله أمما وعربا بائدة قال (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا) وقال (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ) وعادا وثمود كلاهما أمتان من العرب تُعرف تاريخيا بالغرب البائدة । ثمة أمة ذكرها الله في القرآن ، ذكرها في الزمن القديم وذكر أنهم يبقون إلى آخر الزمان هذه الأمة هي: يأجوج ومأجوج ، وأمة يأجوج ومأجوج أمتان مضرتان مفسدتان كافرتان ، هذا معتقد أهل السنة والجماعة - سلك الله بنا وبكم سبيلهم - .
نبدأ أولا في عقيدة النصارى في يأجوج وماجوج :
النصارى اختلفوا في يأجوج ومأجوج على أقوال عدة :
/ منهم من يقول أنهم هم قوى الشر الأربعة التي تحارب المسيح إذا خرج.
/ ومنهم من قال إنهم هم دولة روسيا الحالية.
/ ومنهم من قال إن يأجوج دولة روسيا ومأجوج هم إيران والصين والتُرك , ومنهم من قال غيرذلك ، وهذه أقوال النصارى . 

بعض النصارى يتفق مع المسلمين في أربعة أمور حول يأجوج ومأجوج ، يتفقون أنهم من نسل يافث وأنهم يكونون في آخر الزمان وان الدجال لا يصل إليهم وأنهم يسعون في الأرض فسادا ، وجد بعض هذا في معتقدات النصارى .
نبقى مع القرآن الذي هو أصل لقاءتنا هذه ، قال أصدق القائلين عن ذي القرنين - عليه السلام - قال الله - جل وعلا - ( وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلا) أي بين السدين (قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ) أي هؤلاء القوم الذين لا يكادون يفقهون قولا (قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا) وافق ( قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي) فظاهر القرآن الذي هو واضح جلي أن هؤلاء القوم اشتكوا إلى ذي القرنين أن يأجوج ومأجوج مفسدون ، مفسدون بأي طريقة ؟ قال بعض العلماء : كانوا يأتون جريمة نكراء وهي إتيان ما حرم الله من غير النساء ، ومنهم من قال : إنهم كانوا يقتلون الناس ، ومنهم من قال : إنهم كانوا يأكلون الناس ، والرابع - وهو الأظهر - : أنهم كانوا إذا جاء الربيع قدِموا على تلك الديار التي اشتكى أهلها فلا يدعون شيئا أخضر إلا أكلوه ولا شيئا يابسا إلا احتملوه أي أخذوه معهم ، هذا الذي يظهر في قول الله - جل وعلا - ( إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ)

واختلف العلماء في هيئتهم ، وقد قلنا أننا نرجح أنهم من نسل يافث ، اختلفوا في هيئتهم ، نُقل عن كعب الأحبار ، وكعب الأحبار اسمه : كعب بن ماتع الحميري من يهود اليمن ، أسلم في زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وكان عالما فذا ولذلك عُرف بكعب الأحبار وهو ثقة فيما ينقل وقد ينقل شيئا غير صحيح ، لكنه من خلال تتبعي مروياته أنه لا يكذب .
كعب كان يقول إن يأجوج ومأجوج على ثلاثة أصناف :
/ صنف كشجر الأرز - كبار ضخم -
/ وصنف أربعة أذرع في أربعة أذرع
/ وصنف ثلاثة أشبار ، منهم من يفترشون أذنا ويلتحفون الأخرى .هذا القول يُنسب إلى كعب الأحبار .
ويُنسب إلى ابن عباس - ولا أظنه يصح رفعه - أنهم على أقسام ثلاثة :
/ منهم من كان شبرا شبرا
/ ومنهم من كان شبرين شبرين
/ واطولهم ثلاثة أشبار
هذه أقوال موجودة في الكتب ردها الحافظ بن كثير ، ونحن مع ابن كثير في رده إذ قال - رحمه الله - " إن مثل هذا لا يصح والأصل أنهم بشر وهم أقرب إلى أهل تلك المناطق في هيئتهم " وهذا ظاهر القرآن وظاهر السنة لكننا بينا تلك النقول حتى تكون على بينة من الأمر .
قال الله - جل وعلا - (قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا) قال ذو القرنين (مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا) فبنى عليهم ردما هم فيه وقال ذو القرنين (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا) هم في الردم الآن ، قال بعض أهل العصر : إنه لا يمكن أن يكون العصر الحديث على ما الناس فيه من علم وتقنية مما لا يخفى أن يكون يأجوج ومأجوج موجودون في الردم أو السد ويغيبون عن أبصار الناس اليوم ، هذا وفق قول هؤلاء محال ،
والصواب أنه غير مُحال لأمرين : أمر نقلي وأمر عقلي:
/ أما الأمر النقلي فإن الله - جل وعلا - أخبر أن خروجهم لا يكون إلا في آخر الزمان قال ربنا في سورة الأنبياء (حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ (96) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ ) فهذا لا يكون إلا في آخر الزمان .
/ والدليل العقلي أننا نقيس الشيء على شبيهه ، نقيس الشيء على نظيره ، فالله - جل وعلا - لما اشتكى إليه موسى وأخوه هارون ما كان من أمر بني إسرائيل أنهم لم يقبلوا الجهاد معه قال له ربه (فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) والأرض التي تاه عليها بنوا إسرائيل فراسخ معدودة ليست ديارا كثيرة ، في أرض سيناء ، كانوا يمشون ليل نهار يريدون أن يخرجوا ولم يُفلحوا في الخروج أربعين سنة . أعجب من هذا أن يُعلم أنهم أربعون سنة وهم في تلك الفراسخ يمشون ليل نهار ولا يكتب الله أن يمُر عليهم عابر يدلهم على الطريق ، فانظر كيف حجب الله عنهم عابر السبيل ، حجب عنهم الأبصار وإلا أربعون عاما يقيل أقوام في فراسخ معدودة مُحال أن يتصور أن هذه الديار ، هذه الصحراء تمكث أربعين سنة لا يمر عليها أحد في زمن كان الناس يمشون في المفاوز وفي الصحارى وفي الطرقات ويتنقلون في الديار لكن الله - جل وعلا - حتى يُبقيهم كما هم منع أحدا أن يأتيهم ، ولاريب أن الله على جل شيء قدير ،
وهذا مما ينبغي أن يُستصحب في كل أمر ، فالله - جل وعلا - قد قضى وحكم أن أحدا لن يعلمهم حتى يخرجوا لأن الناس لو علموهم لخرجوا وانتفى المقصود الإلهي وهذا مُحال .وهنا تستصحب امرا يزيدك يقينا بربك ، كل أحد ملّكه الله مُلكا في قديم الزمان أو في آخره ، كان هذا الملك مؤمنا أو كافرا ، قويا أو ضعيفا إلا ويقع في ملكه ما لايريد شاء أم أبى ، أيا كانت قوته ونفوذه وحشمه وخدمه وحرسه ، مُحال أن يملك أحد - حتى الرجل في بيته - محال أن يعيش الرجل أربعين سنة مع أهله وزوجته وأبنائه ويقول إنه لم يقع يوما في داري شيئا لا أريده । من الذي لا يقع في مُلكه إلا ما يريد ؟ الله - جل وجلاله - وحده فلا يقع في ملكه إلا ما يريده ،أنا أتكلم عن القضاء الكوني ،فلا يمكن لأحد أن يخرج عن مشيئته.
يأجوج ومأجوج من خلق الله والذين يملؤون الأرض من غيرهم خلق من خلق الله ، فهؤلاء وهؤلاء كلهم مقهورون مخلوقون محكومون لله , ما كان الله - جل وعلا - ليمضي أمره أن يجعل هؤلاء لهم سلطان على هؤلاء ، مُحال . وهذا يزيدك يقينا أنه لا يقع إلا ما أراد الله . قال الله - جلا وعلا - (حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ) مكثوا ، هم ماكثون لكن هذا الردم أخبر - صلى الله عليه وسلم - قال ( ويل للعرب من شر قد اقترب فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج ) وذكر - صلى الله عليه وسلم - أن هذا الردم فُتح لكنه ليس بالقدر الذي يستطيعون أن يخرجوا منه حتى يقول القيّم عليهم عودوا غدا إن شاء الله ، يقولها في اليوم الذي يسبق اليوم الذي كتب الله أن يخرجوا فيه ، فيعودون فيجدون الردم كما تركوه بالأمس فيحفرون فيخرجون ، قال أصدق القائلين (حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ) جاء في بعض الروايات أن أحدا منهم لا يموت إلا وقد رأى ألفا من ذريته فهم من أكثر خلق الله عددا وليس لأحد بهم قدرة فيخرجون ، حتى في معتقدات النصارى يقولون ليس لأحد بهم قُدرة ، لكن نحن نتكلم عن معتقدات النصارى من باب الإخبار العلمي وإلا ربنا يقول (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ) كفى بالقرآن وصحيح قول نبينا - صلى الله عليه وسلم - .
عندما يخرجون يمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربها فيأتي آخرهم فلا يجد في البحيرة شيء فيوحي الله - جل وعلا - إلى عيسى بن مريم وكان قد نزل من السماء وقتل الدجال ، أنني أخرجت عبادا لي ليس لأحد بهم قدرة ولا يدان فيُحرز عبادي إلى الطور فيفر عيسى - عليه السلام - ومن معه إلى جبل الطور ، وهؤلاء - عياذا بالله - يعيثون في الأرض فسادا .
الله كتب أن الأشياء تعلو ثم تبيد ، تخفض ، ثمة أشياء كتب الله أن تعلو بحق ، وثمة أشياء كتب الله أن تعلو بباطل لكن يجمع بينهما أن الله كتب أنه لا أحد يبقى إلا وجهه وإلا كم منكم من يفرح قلبه وتدمع عيناه إذا رأى الكعبة - زادها الله شرفا - ومع ذلك سيأتي يوم في الكعبة ، وهي الكعبة تُهدم وتُقلع حجرا حجرا ويُنتزع ما فيها من كنوز ولا يأتي أحد يحميها أو يجد في نفسه قدرة أو بلاغة أو قوة على أن يمنعها ، وما من أحد يريد أن يُشبه أحدا بجمال إلا قال : أنت مثل القمر ، والقمر يُخسف ثم يتوارى بالكلية وكذلكم الشمس وكذلكم كل مخلوقات الله ، بل إن رسولنا - عليه الصلاة والسلام - وهو هو في منزلته وكمال خلقه وخُلقه - عليه الصلاة والسلام - يقول له ربه (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ) ووُسد الثرى - صلوات الله وسلامه عليه - فهو طيب حيا وميتا . والمقصود من هذا كله أن هؤلاء يعيثون في الأرض فسادا ويصلون إلى درجة في العلو لم تؤتَ لأحد قبلهم ، ثم بماذا يُهلكون ؟ بالدعاء ، حتى يعلم المؤمن عظيم الدعاء عند الله ، فإن عيسى لا يُحاربهم بسيف ولا نصال ولا رماح إنما يدعو عليهم نبي الله - عيسى - فلما يدعو عليهم يبعث الله كالنغف في رقابهم فيموتون موتة رجل واحد .
يفقه المؤمن من هذا شأن الدعاء عند الله - تبارك وتعالى - ونبينا - عليه الصلاة والسلام - يقول عن نفسه ( أنا دعوت أبي إبراهيم ) فإبراهيم جاء البيت ثم عَمَرَه ثم قال (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ) بعد ثلاثة آلآف عام بُعث رسولنا - صلى الله عليه وسلم - أجاب الله دعوة الخليل إبراهيم ، من أحرى الناس أن ندعو لهم ؟ من سبقنا إلى الله من المؤمنين ، من الآباء والأمهات والإخوان والأخوات ، والأبناء والبنات ، والجيران والجارات ، هؤلاء أحرى وأولى أن ندعو لهم فينفعهم الله - جل وعلا - برحمته بدعائنا لهم لأن الله لما ذكر الأخيار - سلك الله بي وبكم سبيلهم - قال (وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) ومن أراد أن يعرف أين قدماه من هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه فلينظر أين قلبه من الغِل على المؤمنين.
كلما كان الإنسان سليم الصدر لا يحمل غِلا على المؤمنين كان ذلك من قرائن وبراهين أنه متبع لهدي سيد المرسلين ، والفيصل في هذا القرآن لأن الله قد ذكر المهاجرين ثم ذكر الأنصار قال (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ) بعد أن ذكر المهاجرين والأنصار قال (وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا) ومن أولى الناس ألا نجعل في قلوبنا غلا عليهم - قطعا - أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمحبتهم وموالاتهم والذود عنهم - رضوان الله عليهم أجمعين - دين ومِلة وقربة لأن الله - جل وعلا - أكرمهم بأن أعينهم اكتحلت برؤية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع الإيمان به ونصرته . 
والمقصود : أن الدعاء شأنه عظيم وقد قلت أن أحق الناس من سبقنا إلى الله ، ثم يأتي من سبقنا إلى الله هم أنفسهم منازل ، فحق الوالدين ثم حق الأبناء والبنات ، ثم حق الإخوة والأخوات ، ثم حق الجيران وهكذا ثم حق من له حق خاص عليك ، يُدعى له بالرحمة ، يُدعى له بالمغفرة ، يُدعى له بأن يُفرج الله عنه بما يليق بحاله ومقامه .
هؤلاء يرمون النُشاب إلى السماء فيرُد الله رأس السهم أحمر غلبنا أهل الأرض وقهرنا أهل السماء فيدعو عليهم عيسى - كما بيّنت - فيصبح بعد ذلك هؤلاء قتلى كالرجل الواحد ثم يبعث الله - جل وعلا - طيرا تحملهم تلقيهم في البحار فانظر على أي حال أمسوا وعلى أي حال أصبحوا ، والقدرة الجليلة العظيمة لا تكون إلا لله ، ثم يُنشئ الله مطرا يغسل الأرض من زهمهم ونتنهم حتى تكون موطأة أن ينزل فيها نبي الله عيسى بن مريم ، فينزل عيسى بن مريم والمؤمنون الذين معه ويكون ذلك إيذانا بأشراط الساعة الكبرى لأن ليس بعد ذلك إلا موت عيسى وطلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة حتى يأمر الله ملكا يُقال له إسرافيل أن ينفخ فينفخ ، قال أصدق القائلين (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاءَ) .
جعلنا الله وإياكم ممن يستمع القول فيتبع أحسنه ، هذا ما تيسر إيراده والعلم عند الله وصلى الله على محمد وآله والحمد لله رب العالمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق