الأحد، 23 فبراير 2014

(وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا)

قوله: {هَدَانَا لِهَذَا} من قوله -تبارك وتعالى-: {وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ} [(43) سورة الأعراف] :
/ يحتمل أن يكون المعنى هدانا للجنة، ويشهد له حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صحيح البخاري : (فوالذي نفسي بيده إن أحدهم بمنزله في الجنة أدلُّ منه بمسكنه في الدنيا)، وهو أيضاً بعض ما يفسر به قول الله -تبارك وتعالى-: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ* سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ} [(4-5) سورة محمد] أي: يهديهم إلى الصراط، ويهديهم على الصراط ويهديهم إلى الجنة، ويهديهم إلى منازلهم في الجنة، كل ذلك حاصل لهم.
/ ويحتمل أن يكون المراد {هَدَانَا لِهَذَا} يعني هدانا في الدنيا إلى الإيمان والعمل الصالح الذي تسبب في دخول الجنة وهذا النعيم المقيم الذي أدركوه فيها، وهما معنيان متلازمان، فلا حاجة للترجيح بينهما -والله تعالى أعلم- .
وعلى هذا يقال: {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا} أي: هدانا لسببه وهو الإيمان والعمل الصالح، وهدانا أيضاً إلى هذا النعيم في الجنة، وهداهم إلى منازلهم فيها، وهذا الوجه من الجمع ذهب إليه الحافظ ابن القيم -رحمه الله- وهذا أحسن من الاقتصار على أحد هذين المعنيين -والله تعالى أعلم- لوجود الملازمة بينهما، ومعلوم أن الآية إذا احتملت معنيين فأكثر وكان بينهما ملازمة فإنها تحمل عليهما إلا إذا وجد مانع يمنع من ذلك.
-----------------------------------------------------------
  المصباح المنير في تهذيب تفسير ابن كثير/ الشيخ: خالد السبت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق