الثلاثاء، 19 فبراير 2013

اليمين والشمال -1-



الحمد لله حمدا طيبا مباركا فيه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خالق الكون بما فيه وجامع الناس ليوم لا ريب فيه ، وأشهد أن سيدنا و نبينا محمدا عبده ورسوله ، بلّغ عن الله رسالاته ، ونصح له في برياته فجزاه الله بأفضل ما جزى به نبيا عن أمته ، صلى الله وملائكته والصالحون من خلقه عليه كما وحّد الله وعرّف به ودعا إليه ، اللهم وعلى آله وأصحابه وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع هديه بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد : أيها المباركون في لقاءين متتابعين -إن شاء الله تعالى- نُعرّج معكم على مفردتين وردتا في كلام رب العالمين وهما اليمين والشمال ، و قد وردتا هاتان المفردتان كثيرا في كلام رب العالمين -تبارك اسمه وجل ثناؤه- والأصل أن اليمين تٌطلق على معانٍ عدة ، تُطلق على القوة ومنه قوله -تبارك وتعالى- (إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ) وقد قالت العرب :
 رأيت عُرابة الأوسي يسمو ** إلى الخيرات منقطع القرين
إذا ما راية رُفعت بمجد ** تلقّاها عرابة باليمين .
 أي بالقوة ، و الأبيات للشماخ .
 وكذلك الشمال وردت بمعنى الشيء الذي يشتمل على الإنسان ، أي الرداء واللباس ، ولهذا يُقال للأخلاق شمائل لأنها أشبه بأنها يُكسى بها الإنسان " لِتُحمد يوما عند ليلى شمائله" كما في البيت المشهور ، هذا تأصيل لغوي للمسألة .
/ ثم نفيء الآن إلى بعض الآيات الكريمة في لقاءين متتابعين اللتين وردت فيها لفظ اليمين ولفظ الشمال :
 قال أصدق القائلين -جل جلاله- (أَوَ لَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالْشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ) . "الهمزة" في قوله جل ذكره (أَوَ لَمْ يَرَوْا) همزة إستفهام وكلمة "لم يروا" هي للنفي ، والقاعدة تقول أن نفي النفي إثبات (أَوَ لَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ) والخطاب لكفار قريش أن يتدبروا فيما يرون حتى يدلهم على قدرة الله ،على عظمته ،على جلال ملكه ،على أنه وحده من يخلق فحقٌ أن يكون وحده من يُعبد ، فقال الله -جل وعلا- (مَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ) من الأشخاص الماثلة، من الجبال ، والأشجار ، والصخور ، والأحجار ، وغير ذلك مما له ظل أو فَيّ (يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ) يتقلص ينتقل من حالة إلى حالة (يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالْشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ) وأهل العلم يقولون إن القرآن و السنة كلاهما دلّ -والقرآن بصورة أوضح- على أن الإنسان يسجد ظله لله ، المؤمن هو يسجد لله طوعا ، وظله طوعا ، والكافر لا يسجد لله ، ويسجد ظله كرها ، أي هو كاره لهذا لكن ظله يسجد ، قال الله -عز وجل- (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ) .
قال هنا  (إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالْشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ) واختُلف في "وَهُمْ دَاخِرُونَ" عائدة على تلك الأشياء على ظلالها أم على أصولها؟ ، وعودتها على ظلالها أقوى .
/ بقينا في المفردات اللغوية في معنى الفيء ومعنى الظل ، أهل اللغة يقولون ما تنسخه الشمس يقال له فَيّ ويقال له ظل ، لكن ما لا تنسخه الشمس لا يقال له إلا ظل ، و احتجّوا بقول الله -جل وعلا- هذا من القرآن (أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلا*ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا) كذلك كما استنبطوها هنا من القرآن فإن لكل صنعة أهلها وأربابها ومن العقل والحكمة أن يفيء طالب العلم إليهم ، ومِمن عُرف في اللغة إماما شاعر من أعراب البصرة يقال له رؤبة بن العجّاج ، ورؤبة في اللغة الخشبة التي تُسَدُّ بها الثلمة الفجوة تسمى رؤبة ، ورؤبة هذا كان إماما في اللغة حتى أنه دخل مرة على أبي مسلم الخراساني -مع أن أبا مسلم كان فارسيا- فأنشده أبياتا فَقِه أبو مسلم الخرساني تلك الأبيات فتعجّب رؤبة لأن أبا مسلم من خراسان ، من فارس ومع ذلك قال رؤبة : "والله إنه فَقِه ألفاظا مفردات ما ظننت أحدا يعرفها غيري وغير أبي" لماذا قال أبوه ؟ لأن أباه كان إماما في اللغة وهو أخذ اللغة من أبيه ومن غير أبيه ، قال ثعلب -وثعلب هذا أمام من أئمة النحو ، وإمام من أئمة اللغة- قال : "أُخبِرت عن أبي عبيدة عن رؤبة أن رؤبة كان يقول : "الفيء والظل ما تنسخه الشمس ، أما ما لا تنسخه الشمس لا يقال له إلا ظل ولا يُقال له إلا فيء" . فعندما يسند الإنسان اللفظ ، المعنى ، العِلم إلى أهله مِمَن أجمع الناس على أنهم أصحاب صنعة يُقبل منه أكثر مِما يُقبل من غيره ، بعيد جدا أن يأتي أحد يريد أن يكون فارسا في ميدان التفسير مثلا ويجهل أئمة النحو ويجهل أئمة اللغة ولا يعرفهم ، هذا بعيد أن ينال حظا من علم لأنه لابد من الاعتراف أن لكل علم فرسانه ، أهله القائمون عليه ، ولا يلزم من ذلك أنهم يُصِيبون في كل شيء . رؤبة هذا كان يجلس بعد صلاة الجمعة في رحبة بني تميم في البصرة ، ويحدّث الناس في اللغة ، فيجتمع الناس ويتكلم في النحو ، فذات مرة وقف يحدث فازدحم الطريق حتى ضاق ، فجاءت امرأة عائدة من السوق تحمل متاعا لها والطريق ضيّقة ، وهو الآن على مكان مرتفع يحدث الناس ، فقال وهو على مكان علوّه يخاطب المتأخرين في المجلس قال :"تنحَّ للعجوز عن طريقها قد أقبلت راجعة من سوقها ودعها فما النحوي من صديقها" هذا يُسمى رَجَز ، وكان رؤبة فارسا كبيرا فيه ، ولهذا يُقال له الراجز المشهور ، فهو الآن وهو على مكان علوّه فلنقل على منبره يقول هذه الابيات ، يخاطب فيها من يحضر لقاءه ، من يحضر درسه ، من يحضر ما يمليه على الناس : "تنحَّ للعجوز عن طريقها قد أقبلت راجعة من سوقها و دعها" لا تكلفها ما لا تطيق أن تحضر "فما النحوي من صديقها" . هذه الأبيات لماذا حُفظت ، لماذا بقيت رغم أنها لا تحمل كبير معنى ، ليس فيها معانٍ كبيرة ، وقد يأتي إنسان الآن هذا أشبه بالشعر الشعبي أنا أستطيع أن أقوله؟ القضية ليست كذلك ، القضية في أن هذا الرجل إمام في اللغة ، فلما قال "فدعها فما النحوي من صديقها " عرف الناس أن كلمة صديق تُطلق مفردة ويُراد بها الجمع ، والله -جل وعلا- يقول (أَوْ صَدِيقِكُمْ) ويقول (فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ*وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ) مع أنه جمع شافعين ، فيحتجون بقول رؤبة هذا حتى يفقهوا القرآن ، وقلنا إن الذي نقل لنا هذا عن رؤبة أبو عبيدة ، وأبو عبيدة نقله إلى أبي العباس المشهور بـ"ثعلب" وهو إمام من أئمة الكوفة عُمّر حتى التسعين ، وهذا كذلك -ثعلب- كان إماما في النحو كان يقول : كنت آتي إلى الرياشي ، والرياشي عالم يأخذ ثعلب منه العلم ، لكن ثعلب عندما يأتي إليه لا يريد علم النحو ، يريد علوم أُخر لأن ثعلب إمام في النحو. وأحيانا المعلم يعني الإنسان بشر ضعيف مهما بلغ يصيبه جَهل بمعرفة طلابه ، فيقول ثعلب كنت أختلف إلى الرياشي- أدخل عليه- وكان نقي العلم ،يقول: فلما دخلت عليه قال لي : يا أبا العباس كيف تقرأ هذه الأبيات:
 ما تنقم الحرب العوان مني ، بازل عامين حديث سني ، لمثل هذا ولدتني أمي
 وهذه الأبيات تُروى أن أبا جهل قالها قبل بدر فأهلكه الله
 ما تنقم الحرب العوان مني ، بازل عامين حديث سني ، لمثل هذا ولدتني أمي
 "بازل" الآن -بس تفهمونها طيب لاحد يزعل علي- يوجد رتب عسكرية صح ، نقول ملازم ،ملازم أول، نقيب، مقدم، عقيد ،عميد، لواء، فريق، واضح ، هذا ترتيبات .
 يوجد في الإبل -وهي محل فخر عند العرب- سنين ، كل عمر يعطونه اسما ، إذا بلغ الجمل تسع سنين يسمونه بازل ، فإذا بلغ عشر يسمونه بازل عامين ، وهي عندهم أقوى ما يكون عليه البعير من الشكيمة ، يقول حسان :
لله در عصابة نادمتهم يوما ** بجلّق في الزمان الأول
أولاد جفنة حول قبر أبيهم ** وقبر ابن مارية الكريم المفضل
 إلى أن قال : "مشي الجِمال إلى الجمال البُزّل" ، فاختار كلمة "البُزّل" جمع بازل .
 هنا هذا يقول ما للحرب العوان مني بازل عامين - يعني في أقسى أحوال الإبل- طبعا بعدها يقولون مِخلاف ،لكن بعد المخلاف لا يوجد إسم ، كما نقول عندما نصل إلى فريق أول لا يوجد بعدها رتبة ، فكذلك هنا عندما سموا الإبل لا يجدون بعد كلمة مخلاف التي هي بعد بازل رتبة ، يقفون عند هذا الحد . هذا كله ثقافة عربية لابد أن يعرفها من يريد أن يفقه كلام العرب حتى يفسر كلام الله -عز و جل- ، المراد هنا الرياشي قال لثعلب نقول بازلُ أو بازلَ ؟ فغضب ، قال : أنا ما جئت لمثل هذا ، يعني هذا أنا أعلمك فيه مو أنت تعلمني فيه ، الآن ماذا قال الرياشي ؟ قال : نقول : بازلُ أو بازلَ؟ يا بالرفع يا بالنصب ؟ قال ثعلب : بل يقال بازلُ بالرفع على الاستئناف ، ويقال بازلَ بالنصب على الحال ، ويُقال بازلِ بالخفض على الإتباع -يعني بدل-  فزاده واحدة ليست عنده . فأحيانا الإنسان عندما يريد أن يخاطب أحدا ينسى حاله، والله حكيم ، كلما بلغ الإنسان مبلغ وأعجبته نفسه إن كان كريما على الله يؤدبه الله حتى يعرف قدره .
 وأنا أقول حادثة حصلت لي وأظني قلتها قبل ، أتيت قديما الرياض وسكنت في فندق شعبي وكنت حاجزا فيه ، وكان أظنه يوم اثنين أو يوم خميس ، وكان معي ورقة فاكس لابد أن أبعثها في وقت محدد لشخص ، فكنت أطلب من سائق التاكسي أن يسرع فاختار طريقا شعبيا من خلف الفندق ، وأنا قادم وعندي درس -هذا كلام قديم أظن له اثنا عشرة سنة- كان عندي طلاب أدرسهم قبل أن يعرفني الناس في الرياض ، وآتيهم في التفسير ، المهم أنني أريد الفندق ، وهذا أتى الحي الشعبي من الخلف ، والحي الشعبي عندما يكون شعبيا الطريق لا يقبل إلا سيارة ، وأنا راكب وفي نفسي أنني أنا الشيخ فلان وأتيت لأدرّس وإذا بالسيارة التي أمامنا توقف صاحبها، رأى بقالة وتوقف في وسط الطريق ودخل البقالة ، لما دخل البقالة أنا -عفا الله عني فيّ حدة- يا أخ -أناديه لا يرد- دخل البقالة كان هذا على الغروب ، فتحت باب السيارة ،خرجت ، فلما عاد بدأته بالكلام معاتبآ -وأنا معي الحق- فقال : والله صائم ودخلت أطلب ماء حتى أفطر . فوالله -الله يتقبل يعني- إن كان لي شيء من صلاة تلك الليلة كلها قضيتها أدعو له ، علمني الله أن لا يغتر الإنسان بنفسه ، هذا سائق تاكسي من يراه يظن به الظنون ، و يكدّ على نفسه في حر الهجير ، ولم يُنسه حاله أن يراقب الله ، ورحمة من الله أن يعلمك حالك ، وضعك ، مقامك وأنت حيّ تتدارك نفسك ، لكن أين المصيبة ؟ من يخذله الله فلا يعلمّه ، ويتركه على غيّه ، فإذا لقى الله تذكّر وندم ولات ساعة مندم. أسأل الله أن يعفوا عنا وعن المسلمين.
 / نعود لما نحن فيه قضية ثعلب فقلنا وأنا استشهدت بالأبيات و كنت أفسر قول الله .. نسي الطلاب كما نسي الشيخ ، (أَوَ لَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالْشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ) هذه الآية الأولى .
/ الآية الثانية قال الله عز وجل في سورة "ق" (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ*إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ*مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) يبين الله تبارك وتعالى عظيم قدرته ، جليل علمه (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ) هما الملكان عن اليمين وعن الشمال ، الذي على اليمين الذي يكتب الحسنات ، والذي على الشمال الذي يكتب السيئات ، قال ربنا (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ) أي قاعد حاضر .
 يُروى عن الحسن البصري وغيره من أئمة التفسير -والعلم عند الله- ما دمت أسندت قد برئت ، يقولان أن مقعد الملك الذي يكتب أسفل الشعر عند الحنك ، أسفل شعر الإنسان من الحنك ، هذا مقعد الملك الذي يكتب عن اليمين ، وهنا مقعد الملك الذي يكتب عن الشمال ، ولا أعلم لهما دليلا مرفوعا للنبي -صلى الله عليه وسلم- لكنهما إمامان جليلان وكذلك قالا والعلم عند الله ، والمقصود (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ*مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ) أي بني آدم (إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) بمعنى أنه حاضر يكتب ما تلفّظ به العبد .
واختلف العلماء ما الذي يكتبه الملكان فمنقول عن مجاهد أنه يكتب كل شيء يكتبان كل شيء يُقال حتى أنينه في مرضه ، و قال عكرمة إنه لا يُكتب إلا ما يُؤجر عليه بنو آدم أو يؤزرون ، إلا ما عليه أجر أو وزر ، ما يتعلق به أجر أو وزر يكتبه الملكان ، وما لا يتعلق به أجر أو وزر قال عكرمة -رحمه الله- إنه لا يكتبه الملكان . هذه آية .
ومن هنا قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- يُخبر كيف أن الملائكة تكتب قال: "وتجد من بني آدم من يجري فيما لا يعنيه" يتحدث فيما لا يعنيه ليل نهار ويقع في أعراض الناس دون أن يشعر، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول لمعاذ (أمسك عليك هذا) وقال (وهل يُكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم) . والمراد من هذا كله أن الإنسان كلما كان أمكن للسانه وأقدَر على أن يحفظ قوله كان أسلم له من الإثم ، ومع ذلك قد يقول الناس فيك ما يقولون ، لكن تعوّد أن لا تبالِ بقول الناس فيك ، يقول حسان في أصدق بيت قالته العرب :
 وإن امراء يمسي ويصبح سالما ** من الناس إلا ما جنى لَسَعيد
إذا كان الناس لا يقولون عنك إلا ما أنت متلبس به فإنك لسعيد وإلا الناس يقولون ويزيدون ، ولما جعل النبي -صلى الله عليه و سلم- أسامة على الجيش الذي أراد أن يبعثه إلى الشام و أنفذه بعد ذلك أبو بكر -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- تحدّث الناس فقال -عليه الصلاة والسلام-  (لئن تكلمتم فيه فقد تكلمتم في أبيه من قبل) فلا يسَلِم أحد من الخلق ، ويروون في كتب الأخبار -والعلم عند الله- أن موسى سأل ربه قال الله -جل وعلا- "تمنّ عليّ يا موسى إلا أن تسألني أن تسلم من الناس فهذا لم أكتبه لنفسي حتى أكتبه لك" . نسأل الله لنا ولكم العفو والعافية. وفي اللقاء القادم إن شاء الله نُكمل الحديث عن اليمين والشمال .
 نسأل الله أن يتقبل ويعين وصلى الله على إمام المرسلين والحمد لله رب العالمين .
--------------------------------------------------
الشكر موصول لمن قامت يتفريغ الحلقة جزاها الله خيرا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق