الخميس، 19 يناير 2012

السفر في كتاب الله الكريم



الحمدلله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يُحب ربنا ويرضى ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له شعارُ ودثارُ ولواءُ أهل التقوى وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله بلغ عن الله رسالاته ونصح له في برياته فجزاه الله بأفضل ماجزى به نبيًا عن أمته ، صلى الله وملائكته والصالحون من خلقه عليه كما وحد الله وعرّف به ودعا إليه ، اللهم وعلى آله وأصحابه وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع هديه بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد :
فنستأنف في هذا اللقاء المبارك ما بدأناه من لقائنا مع القرآن ، وقد بينا أن كل لقاءٍ يحمل عنوانا ، ولقاء هذا اليوم يحمل عنوان ( السفر في كتاب الله الكريم ) والسفر هو : السير في الأرض وقد عبروا عنه بالضرب ، تقول ضربتُ في الأرض أي : سافرتُ فيها ومن الآيات التي جاء فيها ذكر السفر :
/ قول الله جل وعلا :{ يَا أَيُهَا الذِينَ آمَنُوا كُتِبَ علَيكُمُ الصيَامُ كَمَا كُتِبَ على الذِينَ منْ قَبْلِكُم لَعلكُم تتقُون * أيَامًا مَعدُودَات فَمنْ كانَ منكُم مريضًا أو على سفرٍ فعِدّةٌ من أَيَامٍ أُخَر } ، ثم قال جل وعلا بعد ذلك :{ شَهرُ رَمضَانَ الذِي أُنزِلَ فيهِ القُرآنُ هُدىً للنّاسِ وبيّناتٍ من الهُدى والفُرقان فمَن شهدَ منكُمُ الشهرَ فليَصُمه وَمن كانَ مريضًا أو عَلى سفرٍ فعدةٌ من أيامٍ أُخر } .
فنلحظُ أن قوله جل وعلا :{ فَمنْ كانَ منكُم مريضًا أَو على سفر } مرّ نظيره من قبل
فلماذا التكرار ؟وبيان هذا على وجه الإجمال ، لأن القضية قضيةُ السفر لا قضيةُ التفصيل في أحكام الصيام .
في الأول : كان الصيام على التخيير.
في الثانية : نُسخ هذا التخيير بقول الله جلّ وعلا :{ فَمَن شَهِد منكُمُ الشّهرَ فَليَصُمه } .
فقول الله :{ فمَن شهدَ منكُمُ الشهرَ فليَصُمه } نسخ الآية الأولى على الصحيح كاملة فأعاده لأن الأمر الأول قد نُسخ فكرره لامن باب التكرار لكن لأن الأول قد نُسخ ، لأن الصيام كان أيامًا معدودات ، أي : أن الإنسان مخير بدليل قول الله جلّ وعلا :{ وأن تصُمُوا خيرٌ لكُم } . هذا مايتعلق بأحكام الصيام في قول الله جلّ وعلا :{ شهرُ رَمضَانَ الّذي أُنْزِلَ فيهِ القُرآن } .
/ الحالة الثانية أو الآية الثانية ذكر فيها السفر قول الله جلّ وعلا : { وَإذَا ضَرَبْتُم في الأَرْض فلَيسَ عَليكُم جُناحٌ أن تَقْصُروا من الصلاة إِنْ خِفتُم أَنْ يَفْتِنكُمُ الّذينَ كَفرُوا } بيّنا معنى قول الله جلّ وعلا :{ وَإِذَا ضَرَبْتُم في الأَرْض } أي : سافرتم . { وإِذا ضَرَبتُم في الأَرضِ فَليسَ عليكُم } أي : معشر المؤمنين { جُناحٌ أن تَقصُروا من الصلاةِ إن خِفتُم أن يفتِنكُمُ الذين كفروا } .
( إِنْ خِفتُم أَنْ يَفْتِنكُمُ الّذينَ كَفرُوا ) الأصل أنه قيد ، قال يعلى بن أمية - رحمه الله - لعمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه : " مابالُنا نقصر الصلاة وقد أمِن الناس ، والله جلّ وعلا يقول :{ فلَيسَ عَليكُم جُناحٌ أن تَقْصُروا من الصلاة إِنْ خِفتُم أَنْ يَفْتِنكُمُ الّذينَ كَفرُوا } ، فقال عمر : تعجبتُ مما تعجبتَ منه - أي ماوقع في نفسك وقع في نفسي - فسألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي : صدقةٌ تصدق الله بها عليكم " .
قبل أن نبيّن نأخذ مسألة أصولية ، وهي مسألة أن هذا من الأدلة على ما يُعرف عند الأصوليين بمفهوم ( المُخالفة ) ، لأن المعنى لو لم يقُل يعلى بن أمية أنه سأل عمر وعمر سأل النبي صلى الله عليه سلم والمعنى يُصبح أن القصر لا يجوز إذا أمن الناس , إلا إذا حالة هناك خوف ، يعني تعجب عمر وتعجب يعلى في مقامه ، والأصل أن العمل يُعمل بمفهوم المخالفة لكن لا بد من تحديد ضوابط وأن يُعرف أن المسكوت عنه إنما يُريد نفي مااحترز عنه المنطوق ، بمعنى أنه
ثمة أحيانًا يكون هناك تقييد لكن لا يُراد به مفهوم المخالفة هناك أحوال يكون هناك فيها تقييد لا يُراد به مفهوم المخالفة ، نحن جنحنا أصوليًا لابد الجمع مابين العلم والوعظ .
فنقول مثلاً : إذا كان هذا القيد جرى مجرى الغالب ، فالله جلّ وعلا يقول :{ وَرَبائِبُكمُ اللاتِي في حجُوركُم } فالربيبة تُصبح حرامًا سواءً كانت في حجرك أو لم تكن في حِجرك ، أما قول الله جلّ وعلا :{ وَرَبائِبكم اللاتِي فِي حُجورِكم } هذا جرى مجرى الغالب ، مثل قول الله جلّ وعلا :{ وَلاتَقتُلوا أولادَكُم خَشيةَ إِملاق } ، فقوله جلّ وعلا ( خشية إملاق ) هذا جرى مجرى الغالب ، الآية لا تعني أنه يجوز أن أقتل ولدي بسبب آخر غير الفقر - غير الإملاق - لايجوز قتل الولد على كل حال خشية إملاق أو غير خشية إملاق ، لكنهم لما كان غالبهم يقتلون أولادهم خشية الفقر خشية الإملاق جرت الآية مجرى الغالب .
أحيانًا تأتي الآية مجرى المبالغة ، قال الله عزّ وجل :{ إِن تَسْتغفِر لَهُم سَبعِينَ مرة } ليس المقصود سبعين مرة لو استغفرت إحدى وسبعين أو إثنان وسبعين غفرنا لهم ، لكن السبعين جرت مجرى المُبالغة.
أو أن يكون القيد يُراد به الإخبار بواقع حال ، قال الله جلّ وعلا :{ وَلاتَأكُلوا الرّبَا أضعَافًا مُضاعَفة } فأكل الربا أضعافًا مضاعفة ، حتى لو أكلت الربا لو ضعفًا بسيطًا غير أضعافًا مضاعفة لما جاز ذلك ، لكن هذا الذي كان غالب أحوال الناس .
نعود للآية ، قال ربُنا :{ وَإذَا ضَربتُم فِي الأَرْضِ فَليسَ علَيكُم جُناحٌ أَنْ تَقصُروا مِنَ الصّلاة } هذا مما أجملهُ القرآن وبيّنته السنة بينت السنة كيف القصر ، فحددت ثلاث فروض وأبقت على اثنين ، فلا قصر في المغرب ولا في الفجر وإنما القصر في الصلاة الرباعية في الظهر والعصر والعشاء ، تُقصر إلى ركعتين .
هل يجوز الإتمام في السفر أو لابد من القصر ؟ اختلف العُلماء :
/ فمذهب الإمام مالك رحمه الله : أنه لابد من القصر والحجة عندهم حديث ابن عمر قال : " صليتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فلم يزيدوا في السفر في الصلاة على ركعتين " لم يُحفظ ، لم يُنقل البتة أن النبي صلى الله عليه وسلم أتم صلاةً في سفر - أتم صلاةً رباعية - فملازمته صلى الله عليه وسلم أقوى دليل المالكية على أن صلاة السفر تكون ركعتين .
وبعض أهل العلم يرى أنه لو صلاها أربعًا جاز ، لكن الأكمل أن يُصليها ركعتين .
بقيت : فيما لو اقتدى المأموم وهو مُسافر بإمامٍ متم ؟ وهذه تنازع الناس فيها :
/ فبعض أهل العلم وعليه الفتوى في كثير من البلدان إلى أنه : يُتم المأموم مع إمامه لحديث ابن عباس قال : " بهذا مضت السنة " .
وبعض أهل العلم يرى أن هذا الأثر عن ابن عباس فيه نظر ، فيه نظر في متنه ، لأن ابن عباس رضي الله عنه قال لما قيل له : مابال المسافر إذا صلى وراء مُقيم يُتم ، قال : " بذا مضت السنة " ، ونحن قلنا قبل قليل أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يُحفظ عنه أبدًا أنه صلى أربع ركعاتٍ في السفر ، فلا يُمكن أن يُحتج بسنته صلى الله عليه وسلم وقد ثبت يقينًا أن أحدًا لم ينقُل أن النبي عليه الصلاة والسلام بدليل أنه عليه الصلاة والسلام لم يُصلي وراء أحدٍ في السفر، إلا ماثبت أنه صلى وراء عبد الرحمن بن عوف لكنها كانت صلاة فجر وعبد الرحمن بن عوف كان مسافرًا معه ، حتى لو فرضنا أنها ظهرًا أو عصرًا كان عبد الرحمن يقصر ، وأيًا كان الأمر هذه حُجة من قال بالإتمام .
/ وبعض أهل العلم يرى أنه: يُصلي ركعتين وينتظر إمامه ويقول إن هذا المُسافر لم يُكلّفه الله بأكثر من ركعتين ، فلا مجال لأن يُكلّفه.
وأحب إليّ والعلم عند الله :
أن الإنسان إذا دخل مع تكبيرة الإحرام أن يُتم الصلاة ، لكنه إذا جاء والإمام في الركعتين الأُخريين من الظهر أو العصر أو العشاء وهو مسافر فيُسلم مع إمامه ، لأنه لانستطيع أن نُكلفه بأكثر من ركعتين ، وقد قال ابن عمر : إن الرسول صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان لم يكونوا يزيدوا في السفر في الصلاة على ركعتين ، والعلم عند الله .
ويجب أن توطن نفسك ، وهذا مهم ، أن الفقه أكثره خلاف ، وهذا يجعلك تعلم أن الأئمة الأربعة - رحمة الله تعالى عليهم - بذلوا ما في وسعهم ، منهم من أصاب في أشياء وأخطأ في أشياء ، فليس الصواب كله عند أحدهم ، وليس الخطأ كله عند أحدهم . وحتى أُقرب لك المعنى حتى ما يحصل أحيانًا مابين الناس من محبةٍ للخير لقول زيدٍ وقول عمرو ، ممكن أن نقول : لو فرضنا أن هناك جبل وعلى الجبل عين ماء والناس هاهُنا ويريدون أن يستسقوا من الماء - هذا أفضل مثل للأئمة الأربعة - فجاء أحد الناس وتطوع وتسلق الجبل ، وصل إلى العين ثم أخذ يحفر مجرى للماء ، فنزل الماء من الجبل مع شعابٍ صنعها حتى وصل إلى الناس فأخذوا يشربون .
جاء رجل آخر يملك من القوة من القدرة مثل مايملك هذا ، فارتقى الجبل ، قال : بدل أن يزدحموا الناس على واحد صنع لهم ، قطعًا هذا سيمر على أحوال في الجبل قد يختلط فيها مع الماء شيء بحسب مامر علي لأن الجبل طويل مرتفع ، كذلك الآخر قد يمر على أرض حسنة ، أرض سيئة كذلك الماء سيكون مثل صاحبه فيه أشياء حسنة وفيه أشياء سيئة ، ثم جاء ثالث فصنع ثم جاء رابع فصنع .
فالعين هي : القرآن والسنة ، والذين في الأسفل هم : المسلمون ، والذين حفروا هم : الأئمة الأربعة ( أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد ) وكلٌ أصاب في أشياء وأخطأ في أشياء ، لكن لايُمكن أن يكتب الله لهؤلاء الأربعة قبولاً عند الخلق وإجماعًا على جلالة قدرهم ويُقال لهم الأئمة المتبوعون وهم يريدون أن يردُوا أو يصدُوا أو يُعارضوا أو ينفُوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مُحال ، لايُمكن أن يقبل بهذا المسلمون ولايكتبه الله لهم ، بهذا : هذا أصاب هذا أخطأ هذا تشدّد هذا قاعدته أشد في مسألة وألين في مسألة .
بهذا يفقه المؤمن ، أنت كمسلم تنظر في نفسك ، إن كُنت مقلدًا فتبرأ ذمتك إن قلدت من غلب على ظنك أنه أهلٌ للفتوى ، لكن لاينبغي للمُقلد أن يُنكر على مُجتهد هذا قلبٌ للموازين ولم يكُن أبدًا من سنن المسلمين , لأن فاقد الشيء لايعطيه ، أنت لك الحق أن تقول أنا مقتنع بزيدٍ من العلماء وآخذ به وهو بيني وبين الله برئت ذمتك { فَاسْئلُوا أَهل الذكْر } ، لكن إذا أنت اعترفت أنك مُقلد وأنك لاتملك آلة فصل ولا آلة علم فبأي سبيل ، بأي حق تأتي لغيرك من العلماء ثم ترد عليه أو تقول أو تفعل ، هذا يحتاج إلى ورع ، وقلتُ مرارً في دروسي كان بعض مشايخنا ممن أدركناهم في حرم رسول الله كان يقول :" إن الناس لايحتاجونَ إلى العلم ، فالعلم انتشر ، لكنهم يحتاجونَ إلى الإيمان والورع أكثر مما يحتاجون إلى الفقه " ، وأضرب بهذا مثلاً : الآن يأتي الصيف ، الّذين يذهبون - وأنا أقول هذه العبارة بالنص دائمًا - إلى حاناتِ الغرب وباراتِ الشرق ، بالله أفيهم أحدٌ يجهل أن هذا حرام ؟! مُحال ، أصلاً هو يذهب ويُخفي ولا يقولُ أين سيذهب لعلمهِ أنه حرام ، إذًا هل كان ينقصه العلم ؟! مُحال ، ينقصه الإيمان أو قُل ينقصه العلم بالله ، ولهذا قيل : إنّما العلمُ الخشية ، وإلا علمُنا هذا حرام هذا حلال هذا من الكبائر هذا من الصغائر ، الحمدلله الله كتب للعلماء قبول في المكتوبات في القنوات في الشاشات يُبيّنون للناس ، لكن الجهل بالله هو الّذي ساق من ساق عياذًا بالله إلى المعاصي وقد قيل : إن من خشيَ الله فهو عالمٌ على قدر خشيته ، ومن عصى الله فهو جاهلٌ على قدر معصيته ، والله يقول :{ إِنّمَا يَخشَى اللهَ مِن عبادِهِ العُلمَاء } . هذا مايتعلق بقول الله جلّ وعلا :{ وَإِذَا ضَربتُم في الأَرض } .
من الآيات التي ذكر فيها السفر قول ربنا جلّ وعلا
:{ لَوْ كَانَ عَرضًا قريبًا وسفرًا قَاصِدًا لاتّبعُوك ولكِن بعُدَتْ عليهُم الشُقه } والحديثُ عن المنافقين الذين تخلّفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، وتبوك أصلاً عينُ ماء سميت باسمها وهيَ بعيدةٌ جدًا عن المدينة والله جلّ وعلا سمى ذلكم الجيش جيش العُسرة ، فتخلف عنه بعضُ الناس على ماسيأتِي إن شاء الله في لقاءاتٍ أُخر .
لكن المقصود هنا قول الله جلّ وعلا :{ لَو كَانَ عرَضًا قَريبًا } أي : مغنمًا سهل التناول وسفرًا ميسورًا لايُكلّفهم مشقةً في أبدانهم ولا في أموالهم لاتبعوك لا لرضوان الله لكن لينالوا المغنم مع يُسر الحصول عليه ، فالله يُخبر نبيه عليه السلام عن حال المُنافقين ، { لَو كَان عَرضًا قَريبًا وسَفرًا قَاصِدًا لاتّبعُوك ولكن بعُدتْ عليهُم الشُقه } والشقة معناها : المشقة في السفر والبعدُ في الديار ، معانٍ هذه ألفاظُ أهل العلم فيها تتقاربُ إلى هذا الحد ، وغزوة تبوك آخر غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت في سنة تسعٍ من الهجرة وقد حفِلت بأمورٍ عظام لايكادُ يجهلُهنّ مسلم ، من أعظمها أن الصحابي الجليل عبدالله المُزني المعروف بذي البجادَيْن ، والبِجادُ كساء غليظ كان يلبسه ، خرج من أرض قومه منعوه أولاً من الهجرة ثم خرج ولا يملك إلا كساءً قسمه قسمين جعل أحدهما إزارًا واشتمل بالآخر ، دخل على النبي صلى الله عليه وسلم أسلم وغزا معه في تبوك .
قال عبدالله بن مسعود رضي الله تعالى عنه وأرضاه :( قُمتُ في جوف الليل في غزوة تبوك فإذا نارٌ في ناحية العسكر فتبعتُها فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكرٍ وعمر وإذا عبدالله ذو البِجادين المُزني قد مات وقد حفروا له ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الحفرة ، وهو يقول لأبي بكرٍ وعمر: أُدليَا إليّ أخاكما ، فأدلياه فوضعه صلى الله عليه وسلم ، قال عبدالله : فلما هيّئهُ لشِقه ، قال عليه السلام : اللهم إنني أمسيتُ راضيًا عنه فارضَ عنه ، قال عبد الله بن مسعود : ياليتني كنتُ صاحب الحفرة وإنّني والله أسلمتُ قبله بعشر سنين ) .
نحنُ عندما نقول مع القرآن نُريد أن نفقه كلام ربنا ، لايهُمك أن تزيد ثقافتك ، المهم أن يزيد أجرك وإيمانك ويقينك .الذي يهُمنا نسأل أنفسنا : لما نال عبدالله هذه المنزلة ؟!
ليسَ يسيرًا من العطايا أن الذي يُدلياه أبو بكر وعمر وأن الذي يُهيّئُه لشٍقّه لموته رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكنه نال مانال بالنية بصدق السريرة وحسن الطوية مع الله ، وهذه لاسبيل لأحدٍ عاقل يزكي نية فلانٍ أو يذمه ، لاسبيل إلى هذا البتّه مهما رأيت تقول : نحسبُه ولا تُثني عليه أمامه ، السرائر أمرها إلى الله لكن العاقل حسيب نفسه وهو أدرى بسريرته ، فهذا الصحابي الجليل هاجر إلى المدينة ولم يكتب الله له أن يُقبر فيها ، فقُبر بعيدًا عنها لكنه قُبر ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينزِل حفرته رضي الله عنه وأرضاه ويقول والناس يسمعون : اللهم إني أمسيتُ راضيًا عنه فارضَ عنه .
يقول ابن رجب :
"إن لم يكن لديك قدرة على أن تُنافس الأخيار في أعمالهم الصالحة ، فنافس المذنبين في استغفارهم ".اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك ، وصلى الله على محمدٍ وآله والحمدلله رب العالمين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق