تفسير سورة البقرة: الآية (٣٠) وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة…)
الحمد الله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين والمسلمات أما بعد:
فيقول الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي -رحمه الله-:
ن \ "قوله (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون* وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين* قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم* قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون* وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين) هذا شروع في ابتداء خلق آدم عليه السلام أبي البشر وفضله، وأن الله تعالى حين أراد خلقه أخبر الملائكة بذلك، وأن الله تعالى مُستخلفه في الأرض، فقالت الملائكة عليهم السلام (أتجعل فيها من يفسد فيها) بالمعاصي (ويسفك الدماء)، وهذا تخصيص بعد تعميم لبيان شدة مفسدة القتل، وهذا بحسب ظنهم أن الخليفة المجعول في الأرض سيحدث منه ذلك، فنزهوا الباري عن ذلك وعظموه، وأخبروا أنهم قائمون بعبادة الله تعالى على وجه خال من المفسدة فقالوا (ونحن نسبح بحمدك) أي ننزهك التنزيه اللائق بحمدك وجلالك، (ونقدس لك) يحتمل أن معناها (ونقدسك) فتكون اللام مفيدة للتخصيص والإخلاص، ويحتمل أن يكون (ونقدس لك أنفسنا) أي نطهرها بالأخلاق الجميلة كمحبة الله وخشيته وتعظيمه، ونطهرها من الأخلاق الرذيلة، قال الله تعالى للملائكة : (إني أعلم) من هذا الخليفة (ما لا تعلمون) لأن كلامكم بحسب ما ظننتم، وأنا عالم بالظواهر والسرائر، وأعلم أن الخير الحاصل بخلق هذا الخليفة أضعاف أضعاف ما في ضمن ذلك من الشر، فلو لم يكن في ذلك إلا أن الله تعالى أراد أن يجتبي منهم الأنبياء والصديقين، والشهداء والصالحين، ولتظهر آياته للخلق، ويحصل من العبوديات التي لم تكن تحصل بدون خلق هذا الخليفة كالجهاد وغيره، وليظهر ما كمن في غرائز المكلفين من الخير والشر بالامتحان، وليتبين عدوه من وليه، وحزبه من حربه، وليظهر ما كمن في نفس إبليس من الشر الذي انطوى عليه واتصف به، فهذه حِكم عظيمة يكفي بعضها في ذلك"
ت \ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما، وأصلح لنا إلهنا شأننا كله ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، اللهم فقهنا في الدين، وعلمنا التأويل يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، أما بعد: قول الله سبحانه وتعالى (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة) المراد الناس ذرية آدم عليه السلام، أو آدم وذريته، وهذا مقام امتنان يمتن الله عز وجل على آدم وذريته بهذه المنة العظيمة أنه ذكرهم ونوّه بذكرهم وشأنهم في الملأ الأعلى في الملائكة قبل خلقهم وقبل إيجادهم. وقوله (وإذ قال ربك) هذه اللفظة تتكرر في أوائل عدد من الآيات (وإذ) وهي مفعول فعل محذوف تقديره «واذكر إذ» أذكر أيها النبي وقصّ على أمتك وأخبرهم بذلك، (وإذ قال ربك) أي: واذكر أيها النبي إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة. و(الملائكة) خلق من خلق الله، وجند من جنوده خلقهم سبحانه وتعالى من نور كما ثبت بذلك الحديث عن نبينا عليه الصلاة والسلام، ولعِظم هذا الخلق ولمهامه العظيمة التي خلقهم لأجلها فإن الله عز وجل جعل الإيمان بهم والتصديق بوجودهم، والإيمان بأوصافهم وأعمالهم أصلا من أصول الإيمان، وركنا من أركان الدين قال جل وعلا: (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين) وقال (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله، قال جل وعلا: (ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا) فعد الإيمان بهم أصل من أصول الإيمان، وسمو ملائكة من الألوكة التي هي الرسالة، فهم رسل الله جل وعلا (جاعل الملائكة رسلا) فهم رسل الله جل وعلا يقومون بتنفيذ أوامره (لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون)، وخلقهم الله عز وجل هكذا مطيعين لله، ولهذا لا يوجد في الملائكة معصية وعصيان لله سبحانه وتعالى، خلقهم وجبلهم عن الطاعة الدائمة المستمرة والعبادة الدائمة المستمرة (يسبحون الليل والنهار لا يفترون).
(وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة) أي موجد فيها خليفة، خليفة أي: قوما يخلف بعضهم بعضا، يأتي قرن ثم يأتي بعده قرن، ثم يأتي بعده قرن وهكذا. ولأهل العلم في المراد بالخليفة قولان:
الأول: أن المراد بالخليفة آدم عليه السلام، (جاعل في الأرض خليفة) إن المراد به آدم عليه السلام، قالوا لأنه يخلف من قبله.
وهذا يذكر في بعض المفسرين أنه يخلف خلقا كان قبله في الأرض وأن صفة ذلك الخلق الإفساد في الأرض، ولهذا أيضا قالوا أن الملائكة في قولهم (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) قالوا قاسوا ذلك على ذلك الخلق. وقيل: لأنه إذا مات يخلفه من يأتي بعده، وقيل: لأنه خليفة الله في أرضه، وهذا قول ذكره بعض المفسرين. ورد ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى قال: «ليس المراد أنه خليفة الله كما ظنه بعض الناس»
والقول الثاني: أن خليفة مفرد أريد به الجمع فهو يعم آدم وذريته، فالمراد بـ (خليفة) أي خلائف، قوما يخلف بعضهم بعضا.
وهذا المعنى دلت عليه آيات أخر مثل قوله سبحانه وتعالى (هو الذي جعلكم خلائف في الأرض فمن كفر فعليه كفره)، ومثل أيضا قوله (وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم) الآية الأخيرة من سورة الأنعام. وهذا اختيار الإمام ابن كثير رحمه الله، وأيضا شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: هذا يعم آدم وذريته، وأيضا هو اختيار المصنف رحمه الله في ظاهر السياق كما سمعنا.
(قال إني جاعل في الأرض خليفه قالوا) أي الملائكة لا على وجه الإعتراض (قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك) (قالوا أتجعل فيها) أي يا الله، وهذا سؤال استعلام، استفسار واستفهام وليس سؤال اعتراض، ولا السؤال أيضا حسد، وإنما يسألون عن الحكمة، وهم يعلمون أن الله سبحانه وتعالى له حكمة فيما يخلق وفيما يوجد، وأن أفعاله كلها صادرة عن حكمة فهو الحكيم العليم، فقولهم (أتجعل فيها) هذا استفسار، استفهام، يسألون عن الحكمة، لا أنهم يعترضون على حكم الله سبحانه وتعالى، (أتجعل فيها) أي ما الحكمة من أن تجعل فيها من يفسد في الأرض ويسفك الدماء ونحن الحال أننا نحن نسبح بحمدك ونقدس لك.
(ونحن نسبح بحمدك) هذا أيضا ليس ذكرا لأنفسهم على سبيل الإعجاب بالنفس وإنما هو تحدث بمنّة الله عليهم، بما منّ الله عليهن به، فهو ليس على وجه الإعجاب، ولا على وجه الافتخار، يفتخرون بهذا، وإنما يقولون ذلك تحدثا بنعمة الله ومنته سبحانه وتعالى عليهم
قالوا (ونحن نسبح بحمدك) التسبيح: التنزيه، التنزيه عن ماذا؟ عن كل ما لا يليق بالله (سبحان ربك رب العزة عما يصفون* وسلام على المرسلين*والحمد لله رب العالمين)، (وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه) ننزهه ونجله عن ذلك، ومن أسماء ربنا السُبوح أي المُنزه، التسبيح هوالتنزيه، تنزيه الله جل وعلا عن كل ما لا يليق به، وعن كل نقص يضاف إلى كماله مما يصفه به رسله والمخالفون لشرعه كما نزه الله نفسه عن قولهم في قوله (سبحان ربك رب العزة عما يصفون) أي عما يصفه به أعداؤه وأعداؤ دينه، وأعداؤ رسله عليهم صلوات الله وسلامه، ثم سلّم على المرسلين قال: (وسلام على المرسلين لسلامة ما قالوه في حق الله من النقص، فهم لا يقولون في الله إلا اللائق بجلال الله وكماله وعظمته، ومن يفهم هذه الآية (وسلام على المرسلين) يدرك الخطأ الفادح الكبير الذي وقع فيه علماء الكلام تجاه أسماء الله وصفاته عندما أخذوا يحرفونها عن معانيها بالتأويل والتكلف، وحقيقة تحريفهم وتأويلهم هو تعطيل الصفة التي أثبتها الله لنفسه وأثبتها له رسله الكرامعليهم صلوات الله وسلامه، ولهذا ترونهم يذكرون مثلا الحديث الصحيح الثابت عن الرسول الله صلى الله عليه وسلم في إثبات صفة لله جل وعلا فتجدهم يقولون هذا لا يليق بالله ثم يخوضون في تأويله على معاني يتكلفونها، والله يقول ماذا؟ (وسلام على المرسلين) لما نزّه نفسه عن قول أعداء الرسل سلّم على المرسلين لسلامة الذي يقولونه في حق له من الخطأ والنقص، وهم في ذلك لا يأتون بشيء من عند أنفسهم، وإنما يبلغون عن الله فيما يعرفون به الله سبحانه وتعالى.
(ونحن نسبح بحمدك) نسبح بحمدك أي: نسبح حال كوننا حامدين لك، فجمعوا بين الحمد والتسبيح، ويأتي في نصوص الأذكار ترغيب كثير في الجمع بينهما، ورُتب على ذلك الثواب العظيم أن يقول المرء في ذكره لله «سبحان الله وبحمده» هذا ذكر عظيم جدا لأنه جمع فيه بين التنزيه أي تنزيه الله عن كل ما لا يليق به والحمد، وهذا فيه إثبات كل كمال يليق بالله، وقاعدة أهل السنة في باب الصفات، -صفات الله - «إثبات بلا تمثيل وتنزيه بلا تعطيل» قاعدتهم في باب الصفات كله قائمة على هذين الأصلين إثبات بلا تمثيل، وتنزيه بلا تعطيل، وهذا موجود في قولك سبحان الله بحمده، سبحان الله وبحمده فيها التنزيه وفيها الإثبات، التنزيه في «سبحان الله» والإثبات في «وبحمده» أي أنزهه حامدا له، لكن ماذا يصنع أهل التعطيل؟ ينزهونه بزعمهم بتعطيل صفاته وجحدها وعدم الإيمان بها.
وهذا المعنى دلت عليه آيات أخر مثل قوله سبحانه وتعالى (هو الذي جعلكم خلائف في الأرض فمن كفر فعليه كفره)، ومثل أيضا قوله (وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم) الآية الأخيرة من سورة الأنعام. وهذا اختيار الإمام ابن كثير رحمه الله، وأيضا شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: هذا يعم آدم وذريته، وأيضا هو اختيار المصنف رحمه الله في ظاهر السياق كما سمعنا.
(قال إني جاعل في الأرض خليفه قالوا) أي الملائكة لا على وجه الإعتراض (قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك) (قالوا أتجعل فيها) أي يا الله، وهذا سؤال استعلام، استفسار واستفهام وليس سؤال اعتراض، ولا السؤال أيضا حسد، وإنما يسألون عن الحكمة، وهم يعلمون أن الله سبحانه وتعالى له حكمة فيما يخلق وفيما يوجد، وأن أفعاله كلها صادرة عن حكمة فهو الحكيم العليم، فقولهم (أتجعل فيها) هذا استفسار، استفهام، يسألون عن الحكمة، لا أنهم يعترضون على حكم الله سبحانه وتعالى، (أتجعل فيها) أي ما الحكمة من أن تجعل فيها من يفسد في الأرض ويسفك الدماء ونحن الحال أننا نحن نسبح بحمدك ونقدس لك.
(ونحن نسبح بحمدك) هذا أيضا ليس ذكرا لأنفسهم على سبيل الإعجاب بالنفس وإنما هو تحدث بمنّة الله عليهم، بما منّ الله عليهن به، فهو ليس على وجه الإعجاب، ولا على وجه الافتخار، يفتخرون بهذا، وإنما يقولون ذلك تحدثا بنعمة الله ومنته سبحانه وتعالى عليهم
قالوا (ونحن نسبح بحمدك) التسبيح: التنزيه، التنزيه عن ماذا؟ عن كل ما لا يليق بالله (سبحان ربك رب العزة عما يصفون* وسلام على المرسلين*والحمد لله رب العالمين)، (وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه) ننزهه ونجله عن ذلك، ومن أسماء ربنا السُبوح أي المُنزه، التسبيح هوالتنزيه، تنزيه الله جل وعلا عن كل ما لا يليق به، وعن كل نقص يضاف إلى كماله مما يصفه به رسله والمخالفون لشرعه كما نزه الله نفسه عن قولهم في قوله (سبحان ربك رب العزة عما يصفون) أي عما يصفه به أعداؤه وأعداؤ دينه، وأعداؤ رسله عليهم صلوات الله وسلامه، ثم سلّم على المرسلين قال: (وسلام على المرسلين لسلامة ما قالوه في حق الله من النقص، فهم لا يقولون في الله إلا اللائق بجلال الله وكماله وعظمته، ومن يفهم هذه الآية (وسلام على المرسلين) يدرك الخطأ الفادح الكبير الذي وقع فيه علماء الكلام تجاه أسماء الله وصفاته عندما أخذوا يحرفونها عن معانيها بالتأويل والتكلف، وحقيقة تحريفهم وتأويلهم هو تعطيل الصفة التي أثبتها الله لنفسه وأثبتها له رسله الكرامعليهم صلوات الله وسلامه، ولهذا ترونهم يذكرون مثلا الحديث الصحيح الثابت عن الرسول الله صلى الله عليه وسلم في إثبات صفة لله جل وعلا فتجدهم يقولون هذا لا يليق بالله ثم يخوضون في تأويله على معاني يتكلفونها، والله يقول ماذا؟ (وسلام على المرسلين) لما نزّه نفسه عن قول أعداء الرسل سلّم على المرسلين لسلامة الذي يقولونه في حق له من الخطأ والنقص، وهم في ذلك لا يأتون بشيء من عند أنفسهم، وإنما يبلغون عن الله فيما يعرفون به الله سبحانه وتعالى.
(ونحن نسبح بحمدك) نسبح بحمدك أي: نسبح حال كوننا حامدين لك، فجمعوا بين الحمد والتسبيح، ويأتي في نصوص الأذكار ترغيب كثير في الجمع بينهما، ورُتب على ذلك الثواب العظيم أن يقول المرء في ذكره لله «سبحان الله وبحمده» هذا ذكر عظيم جدا لأنه جمع فيه بين التنزيه أي تنزيه الله عن كل ما لا يليق به والحمد، وهذا فيه إثبات كل كمال يليق بالله، وقاعدة أهل السنة في باب الصفات، -صفات الله - «إثبات بلا تمثيل وتنزيه بلا تعطيل» قاعدتهم في باب الصفات كله قائمة على هذين الأصلين إثبات بلا تمثيل، وتنزيه بلا تعطيل، وهذا موجود في قولك سبحان الله بحمده، سبحان الله وبحمده فيها التنزيه وفيها الإثبات، التنزيه في «سبحان الله» والإثبات في «وبحمده» أي أنزهه حامدا له، لكن ماذا يصنع أهل التعطيل؟ ينزهونه بزعمهم بتعطيل صفاته وجحدها وعدم الإيمان بها.
قال (ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك) التقديس التطهير، واللام فيها الإخلاص، إخلاص هذا التقديس لله عز وجل (ونقدس لك)، لما سألوا هذا السؤال مستفهمين مستعلمين قال الله سبحانه وتعالى (إني أعلم ما لا تعلمون) قال سبحانه (إني أعلم ما لا تعلمون) وسيأتي أيضا في تمام السياق (قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون) أعلم ما لا تعلمون، أنتم ذكرتم شيء الذي هو الإفساد في الأرض وسفك الدماء، كيف عرف الملائكة إن هذا الخلق الآتي سيكون بهذه الصفة؟
●قال بعض أهل العلم: بإعلام الله لهم
●وقال بعض أهل العلم: بالقياس. قاسوا على من كان قبلهم، وهذا في قول طائفة من المفسرين أنه كان قبلهم خلق كانوا بهذه الصفة فقاسوا هؤلاء على أولئك.
●وقيل: - وهذا ذكره الشيخ رحمه الله - «بحسب ظنهم أن الخليفة المجعول في الأرض سيحدث منه ذلك»
الآن الشيخ يقول ماذا؟ أن الخليفة المجعول في الأرض من هو؟ هل يقصد آدم، هذا يوضح لك أن الشيخ اختياره أن المراد بالخليفة قوم يتبعهم قوم على هذه الأرض، قال: «أن الخليفة المجعول في الأرض سيحدث منه ذلك» ماذا؟ الإفساد في الأرض وسفك الدماء، هذا قطعا يفيد أنه يرى أن هذا معنى الخليفة يعني قوم يخلف بعضهم بعضا كما قال جل وعلا (هو الذي جعلكم خلائف) وهذا هو أظهر القولين في معنى الآية، وهو كما تقدم اختيار ابن كثير واختيار ابن تيمية وجماعة من أهل العلم.
(قال إني أعلم ما لا تعلمون) الإمام ابن القيم -رحمه الله تعالى- له كلام جميل في قوله سبحانه وتعالى في إجابة الملائكة عن استفهامهم وسؤالهم (إني أعلم ما لا تعلمون) ● قال -رحمه الله-: «ثم أظهر سبحانه علمه لعباده ولملائكته بما جعله في الأرض» بعد خلق الخلق وإيجادهم أظهر علمه لعباده ولملائكته بما جعله في الأرض «من خواص خلقه ورسله وأنبيائه، وأوليائه، ومن يتقرب إليه، ويبذل نفسه في محبته ومرضاته مع مجاهدة شهواته وهواه فيترك محبوباته تقربا إلي، ويترك شهواته ابتغاء مرضاتي، ويبذل دمه ونفسه في محبتي، وأخصّه بعلم لا تعلمونه، يسبح بحمدي آناء الليل وأطراف النهار، ويعبدني مع معارضة الهوى والشهوة والنفس والعدو، إذ تعبدونني -أي أيها الملائكة – إذ تعبدونني أنتم من غير معارض يعارضكم ولا شهوة تعتريكم، ولا عدو أسلطه عليكم، بل عبادتكم لي بمنزلة بمنزلة النفس لأحدهم» مَن؟ الذرية الخليفة، بمنزلة النفس لأحدهم، «وأيضا فإني أريد أن أُظهر ما خفي عليكم من شأن عدوي ومحاربته لي، الذي هو إبليس، وتكبره عن أمري، وسعيه في خلاف مرضاتي، وهذا وهذا - يعني ما يتعلق بإبليس وما يتعلق بآدم - كامن مستتر في أبي البشر الذي هو آدم وأب الجن الذي هو إبليس» ولهذا سيأتي أمر الله عز وجل لإبليس بالسجود لآدم تحية فأبى وظهر الكامن في نفسه من العداوة وعدم الطاعة، قال: «فأنزلهم دارا أظهر فيها، أنزلهم الله سبحانه وتعالى دارا أظهر فيها ما كان الله سبحانه منفردا بعلمه، لا يعلمه سواه وظهرت حكمته، وتم أمره، وبدا للملائكة من علمه ما لم يكونوا يعلمون» وأيضا فإنه سبحانه لما كان يحب الصابرين، ويحب المحسنين، ويحب الذين يقاتلون في سبيله صفا، ويحب التوابين، ويحب المتطهرين، ويحب الشاكرين، وكانت محبته أعلى أنواع الكرامات اقتضت حكمته أن أسكن آدم وبنيه دارا يأتون فيها بهذه الصفات التي ينالون بها أعلى الكرامات من محبته، فكان إنزالهم إلى الأرض من أعظم النعم عليهم، والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم، هذا كله ينبه على أن قوله (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة) هذا مقام امتنان، امتنان عظيم، وتنويه بهذا الخلق الذي يوجده سبحانه وتعالى على الأرض وأنه سيكون فيهم الأنبياء والأولياء، والصالحين والتوابين، والمحسنين والذاكرين الله كثيرا والذاكرات، ولهذا هذا المعنى ينبغي أن ينتبه له التالي لهذه الآية ليعرف لماذا وُجد على هذه الأرض، لماذا هذا الاستخلاف، لماذا هذه الخلائف أقوام يخلف قبلهم أقوام، فينظر كم من الأمم قبله انتهت خلافتهم في الأرض، واستخلافهم في الأرض وهو سيبقى أيضا في هذه الأرض مدة محدودة وأمدا معدودا ثم يخلفه غيره فيعمل في هذه الأرض بما خلقه الله لأجله، واستخلفه في الأرض لأجله، فيكون مطيعا لله عز وجل، يكون ممن يرفعه الله (هوالذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم) يجسد أن يكون ممن يرفعهم الله عز وجل ويعليهم بتوفيقهم للطاعة والعبادة، وحسن الالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى.
قال الشيخ -رحمه الله تعالى-: «هذا شروع في ابتداء خلق آدم عليه السلام أبي البشر وفضله، وأن الله تعالى حين أراد خلقه أخبر الملائكة بذلك» لما أراد خلقه، وخلق أيضا ذريته، هذا مقصود الشيخ كما يدل عليه تمام السياق «وأن الله مستخلفه في الأرض فقالت الملائكة عليهم السلام (أتجعل فيها من يفسد فيها) بالمعاصي (ويسفك الدماء)» وعرفنا أن هذا السؤال سؤال ماذا؟ استفهام واستعلام وليس سؤال اعتراض وانتقاد، ولا أيضا سؤال حسد وبغضاء، وإنما يستفهمون عن الحكمة، ما الحكمة يا رب من ذلك؟
وقولهم في هذا السؤال (من يفسد فيها ويسفك الدماء) أليس سفك الدماء نوع من الإفساد في الأرض؟ مثل ما قال الله عز وجل (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا) فالقتل نوع من الإفساد في الأرض، فما وجه الذكر؟ هذا تخصيص بعد تعميم اهتمام بهذا الأمر وأنه غاية في الخطورة ولهذا فإن القتل يُعد أعظم الذنوب التي ترتكب على وجه الأرض بعد الكفر بالله، أعظم ذنب عُصي الله به على وجه الأرض بعد الكفر قتل النفس المحرمة، سواء قتل غيره أو قتل نفسه بالانتحار، هذا أعظم ذنب عُصي الله به بعد ماذا؟ بعد الكفر (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس) هذا أعظم ذنب ولهذا خُصّ بالذكر قال (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) قال الشيخ: «وهذا تخصيص بعد تعميم» لماذا هذا التخصيص بعد التعميم؟ قال: «لبيان شدة مفسدة القتل»
كيف عرف الملائكة أن هذا الخلق سيكونون بهذه الصفة؟ أو سيكون فيهم من هو بهذه الصفة؟
● قال الشيخ: «هذا بحسب ظنهم أن الخليفة المجعول في الأرض سيحدث منه ذلك».
● وقيل أيضا -قال ذلك بعضهم المفسرين- بإعلام الله لهم.
●وقيل أيضا: بالقياس، قاسوهم على خلق قبلهم، فنزهوا الباري عن ذلك وعظموه وأخبروا أنهم قائمون بعبادة الله على وجه خال من المفسدة والإفساد قالوا (ونحن نسبح بحمدك) أي ننزهك التنزيه اللائق بجلالك وكمالك، التسبيح هوالتنزيه،
(ونقدس لك) يقول الشيخ «يحتمل معناه ونقدسك» نقدس لك نقدسك، والقدوس اسم من أسماء الله (هوالله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس) القدوس اسم من أسماء الله، (نقدس لك) قال: «معناه ونقدسك، فتكون اللام مفيدة للتخصيص والإخلاص»، ويحتمل أن يكون ونقدس لك أنفسنا، والأول أظهر، المعنى الأول أظهر.
قال: « ويحتمل أن يكون ونقدس لك أنفسنا أي نطهرها بالأخلاق الجميلة»
● قال الشيخ: «هذا بحسب ظنهم أن الخليفة المجعول في الأرض سيحدث منه ذلك».
● وقيل أيضا -قال ذلك بعضهم المفسرين- بإعلام الله لهم.
●وقيل أيضا: بالقياس، قاسوهم على خلق قبلهم، فنزهوا الباري عن ذلك وعظموه وأخبروا أنهم قائمون بعبادة الله على وجه خال من المفسدة والإفساد قالوا (ونحن نسبح بحمدك) أي ننزهك التنزيه اللائق بجلالك وكمالك، التسبيح هوالتنزيه،
(ونقدس لك) يقول الشيخ «يحتمل معناه ونقدسك» نقدس لك نقدسك، والقدوس اسم من أسماء الله (هوالله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس) القدوس اسم من أسماء الله، (نقدس لك) قال: «معناه ونقدسك، فتكون اللام مفيدة للتخصيص والإخلاص»، ويحتمل أن يكون ونقدس لك أنفسنا، والأول أظهر، المعنى الأول أظهر.
قال: « ويحتمل أن يكون ونقدس لك أنفسنا أي نطهرها بالأخلاق الجميلة»
والأول أظهر لأن الملائكة أصلا جبلوا على طاعة لله عز وجل، هكذا مطيعين لله (لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) (ويسبحون الليل والنهار لا يفترون) خُلقوا هكذا مثل ما تقدم معنا في كلام ابن القيم مثل النفس في بني آدم، قال: «أي نطهرها بالأخلاق الجميلة كمحبة الله وخشيته وتعظيمه، ونطهرها من الأخلاق الرذيلة» يعني المعنى الأول هو الأظهر، وأن اللام مفيدة للتخصيص والإخلاص، أي نفعل ذلك مخلصين لك نبتغي بذلك وجهك ورضاك.
«قال الله للملائكة إني أعلم من هذا الخليفة -الخلق الذي سأوجدهم على الأرض- ما لا تعلمون، لأن كلامكم بحسب ما ظننتم وأنا عالم بالظواهر والسرائر، واعلم أن الخير الحاصل بخلق هذا الخليفة أضعاف أضعاف ما في ضمن ذلك من الشر -الشر المشار إليه (يفسد فيها ويسفك الدماء)- فلو لم يكن في ذلك -هذا بعض الخير- إلا أن الله أراد أن يجتبي منهم الأنبياء والصديقين، والشهداء، والصالحين، وأيضا لتظهر آياته للخلق ويحصل من العبوديات التي لم تكن تحصل بدون خلق هذا الخليفة كالجهاد وغيره -الخليفة يقصد ماذا؟ أقوام يخلف بعضهم بعضا أيضا- وليظهر ما كمن في غرائز المكلفين من الخير والشر بالامتحان (ويبلوكم بالشر والخير فتنة) وليتبين عدوه من وليه، وحزبه من حربه -وأيضا- وليظهر ما كمن في نفس إبليس من الشر الذي انطوى عليه واتصف به» فهذه حكم عظيمة يكفي بعضها في ذلك.
ونسأل الله الكريم أن ينفعنا أجمعين بما علمنا، وأن يزيدنا علما وتوفيقا، وأن يصلح لنا شأننا كله، وأن يهدينا إليه صراطا مستقيما… سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، اللهم صلِ وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. جزاكم الله خيرا
«قال الله للملائكة إني أعلم من هذا الخليفة -الخلق الذي سأوجدهم على الأرض- ما لا تعلمون، لأن كلامكم بحسب ما ظننتم وأنا عالم بالظواهر والسرائر، واعلم أن الخير الحاصل بخلق هذا الخليفة أضعاف أضعاف ما في ضمن ذلك من الشر -الشر المشار إليه (يفسد فيها ويسفك الدماء)- فلو لم يكن في ذلك -هذا بعض الخير- إلا أن الله أراد أن يجتبي منهم الأنبياء والصديقين، والشهداء، والصالحين، وأيضا لتظهر آياته للخلق ويحصل من العبوديات التي لم تكن تحصل بدون خلق هذا الخليفة كالجهاد وغيره -الخليفة يقصد ماذا؟ أقوام يخلف بعضهم بعضا أيضا- وليظهر ما كمن في غرائز المكلفين من الخير والشر بالامتحان (ويبلوكم بالشر والخير فتنة) وليتبين عدوه من وليه، وحزبه من حربه -وأيضا- وليظهر ما كمن في نفس إبليس من الشر الذي انطوى عليه واتصف به» فهذه حكم عظيمة يكفي بعضها في ذلك.
ونسأل الله الكريم أن ينفعنا أجمعين بما علمنا، وأن يزيدنا علما وتوفيقا، وأن يصلح لنا شأننا كله، وأن يهدينا إليه صراطا مستقيما… سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، اللهم صلِ وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. جزاكم الله خيرا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق