قال تعالى:
(وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) [آل عمران:١٤٦]
/ قال الفخر الرازي: وﻻبد من الفرق بين هذه اﻷمور الثلاثة.
الوجه اﻷول نقله عن صاحب الكشاف: وما وهنوا عند قتل النبي، وما ضعفوا عن الجهاد بعده، وما استكانوا للعدو.
الوجه الثاني قال: ويحتمل أيضا أن يفسر الوهن باستيلاء الخوف عليهم ، ويفسر بالضعف بأن يضعف إيمانهم وتقع الشكوك والشبهات في قلوبهم ، واﻻستكانة هي اﻻنتقال من دينهم إلى دين عدوهم.
وفيه وجه ثالث وهو: أن الوهن ضعف يلحق القلب ، والضعف المطلق هو اختلال القوة والقدرة في الجسم، واﻻستكانة هي إظهار ذلك العجز وذلك الضعف. وكل هذه الوجوه حسنة محتملة .
قال الشيخ خالد السبت: الوجه الثالث هو أحسنها -والله أعلم -
الوهن: (فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ) أي ما فتّ ذلك في أعضادهم فانكسرت قلوبهم ، بمعنى أنهم لم يحصل لهم ضعف في الناحية العملية بأبدانهم.
(وَمَا اسْتَكَانُواْ ) اﻻستكانة هي : إظهار الضعف للعدو. ما استكانوا لعدوهم .. ما سلموا له .. ما أظهروا شيئا يشمت به عدوهم أو يفرح به أو يجارئ معه عليهم.
/ ويقول ابن عاشور: وجمع بين الوهن والضعف وهما متقاربان تقاربا قريبا من الترادف ، الوهن: قلة القدرة على العمل وعلى النهوض باﻷمر . والضعف -بضم الضاد وفتحها- ضد القوة في البدن.
هاهنا مجازان :
فاﻷول أقرب إلى خور العزيمة ودبيب اليأس في النفوس والفكر. والثاني أقرب للاستسلام والفشل في المقاومة.
وأما اﻻستكانة فهي: الخضوع والمذلة للعدو.
ومن اللطائف ترتيبها في الذكر على حسب ترتيبها في الحصول فإنه إذا خارت العزيمة فشلت اﻷعضاء وجاء اﻻستسلام فتبعته المذلة والخضوع للعدو.
علق الشيخ خالد السبت على كلام ابن عاشور بقوله:
"هذا كلام متين على عادته في هذا الكتاب، من أراد أن يُعلِّق على هذه اﻵية (فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) يكتب كلام ابن عاشور".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق