الثلاثاء، 3 أبريل 2012

تفسير سورة البقرة من آية (219 ) إلى آية (229 ) من دورة الأترجة

د. محمد بن عبدالله الخضيري



{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219) فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (220) وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221 ) } (1)بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد و على آله و صحبه ومن دعا لدعوته واقتفى أثره و سار على نهجه إلى يوم الدين .
لازال الحديث موصولا ً في سورة البقرة و مع الآية التاسعة عشر بعد المائتين يقول الله سبحانه و تعالى ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ) فقد سبق الحديث عن السؤال ، و كثرة السؤال في المسائل الفقهية ، لاسيما في هذه السورة سورة البقرة ، ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) ، و هذه الآية من أوائل ما نزل ، من أوائل ما نزل في تحريم الخمر ، و إن كان بعض أهل العلم ذكر أن أية النحل قول الله سبحانه و تعالى {تَّتخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}(2) أنها من أوائل الآيات التي جاءت في الحط من شأن الخمر ، لأنها قالت سكرًا و ورزقًا حسناً ، و كأن السكر ليس من الرزق الحسن ، على كلٍ سواء هذه الآية أو الآية السابقة ، فهذه من البدايات أو من أوائل الآيات التي جاءت مشعرة بانحطاط الخمر و أن فيه منافع لكن إثمه أكثر من نفعه .
( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) و لقائل أن يقول هذا التدرج الذي جاء بالخمر يعني جاء في هذه الآية في سورة البقرة ، ثم جاءت الآية الثانية أيضاً المُحرمة لأوقات وتضيق الأوقات في شرب الخمر أية النساء (يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ) (3) ، ثم جاءت آية المائدة المحرمة ، التدرج بدأ بالبقرة ثم النساء ، ثم المائدة ( أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) تدرجت هذه تحريم الخمر يقول أنس : ( لقد حرمت الخمر، يوم حرمت و لم يكن شيء من العيش أعجب لهم منها ) !! فكان هناك تعلق من أهل الجاهلية ، و كذلك من أسلم بالخمر فما حرم عليهم شيء أشق من تحريم الخمر ، و لذلك جاء التدرج بخلاف الكثير من التشريعات الزنا حُرم مباشرة ، و غيرها من التشريعات لم تأتي بتدرج ، إنما جاء في الخمر و قد جاء في سبب نزولها ، أن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال : ( اللهم بيّن لنا في الخمر ) ، فنزلت هذه الآية (يسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ) .

و الخمر مشتق من المخامرة إما أن يكون مشتق من التغطية و لذلك يسمى غطاء وجه بالنسبة للمرأة ( خمار ) ، و إما من التخمير و هو أن يترك هذا المشروب حتى يختمر و يقذف بالزبد ، و إما من الإغلاق ، يغلق الصادم الشارب بإغلاق في شربه هذا ، وكل هذه الاشتقاقات موجودة في الخمر ، فالخمر يترك حتى يختمر و كذلك يغطي العقل فكلها موجودة في خمر .

( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) ، و الميسر أيضا ً جاء ذمه قال الله سبحانه و تعالى (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ ) والميسر مشتق أيضا ً إما من اليُسر لأن صاحب الميسر ـ وهو نوع من القمار ـ صاحب الميسر والقمارهو الميسر القمار هي : المغالبات سواء القولية أو الفعلية والتي يحصل فيها المغالب على مال بدون تعب ، ولذلك قيل أنها مشتقة من اليُسر لأن هذا الشيء يأتي على سهولة بدون تعب هذا المال ، و إما أنه مشتق من اليسار ، و إما من التيسير و لعل يوضح هذا هيئة الميسر في الجاهلية ، كانوا يتقامرون و كان هناك أنواع من الميسر لكن من أشهرها ـ و أقول من أشهرها ـ لأنه سيوضح معنى في الآية ، أشهر أنواع الميسر أنهم كانوا في الجاهلية يأتون بخريطة أو بكيس و يضعون فيه عشرة أسهم ، عشرة أسهم سبعة رابحة و ثلاثة خاسرة ، ثم يأتي الذي يُخرج هذه الأسهم من الخريطة و بعد أن يضع الأسهم في الخريطة ، قبله يأتون بجزور و هذا الجزور ينحرونه ، و يقسموا لحمه أجزاء على حسب هذه الأسهم ، وهذه الأسهم بعض الأسهم إذا أخرجتها يخرج لك قطعة من هذا اللحم ، و بعضها يصل قطعتين ، و بعضها ثلاث ، و بعضها أربع إلى أن نصل إلى سبع، ويسمى القدح (المعلى) أو يسمى المعلى ، يكون له القدح المعلى ، المعلى الفرد ، التوأم ، الفرد واحد ، و التوأم اثنين وهكذا ، وإما أن يخرج له الثلاثة الخاسرة فيدفع القيمة ، وانتبهوا للقضية كان في الجاهلية بالنسبة للميسر هذا النوع ، أنواع هي لكن هذا النوع المشهور كانوا يتغالبون فيه ، واللحم الذي يحصلون عليه يعطونه للفقراء ، و هذا يفسر لكم معنى (مَاذَا يُنفِقُونَ) لماذا جاءت (وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ) لأنهم كأنهم يقولوا يعني هذا النوع مادام" يسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ " مادام "وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ " ماذا ننفق ؟ وكذلك بالنسبة للخمر كانوا يبيعون فيها ويشترون ويتجرون وأيضا ً من منافعها ما يحصل فيها من التغطية و النشوة التي تحصل بشربها ، و لذلك يقول حسان :
و نشربها و تجعلنا ملوكا ** و أسدا ما ينهنهنـا اللقاء
يشربها و يتصور أنه ملك و لكن بعد ما يصحى بدل ما يكون ملوك يصير صعلوك ، يعد إلى كما كان ، و يقول آخر:
إذا شربت فكأنني رب الخورنق و السدير ـ يعني رب الأسرة و العروش ـ
و إذا صحوت فأني رب الشويهة و البعير - أرجع كما كنت -
لكن كانوا يفعلون هذه ، فقال الله سبحانه و تعالى (يسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ ) و في قراءة ( كثير) ، إثم كبير أو كثير (وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا) والشيء إذا كان فيه منفعة ومضرة الأصل الدرء لذلك استنبط أهل العلم من هذه الآية قاعدة مهمة "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح" . إذا ( يسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ) والعجيب يا إخواني بالنسبة للخمر والميسر حتى عند الكفار بدؤوا يحاربونه ويشعرون أن ، ولذلك عد بعض المفسرين أكثر من خمسين مرض بسبب معاقرة الخمور ، وكان بعض أو أشهر الأطباء في ألمانيا يقولون "أغلقوا نصف الحانات نغلق نصف المستشفيات" كأن هناك ارتباط بين أمراض وبالذات أمراض الباطنية وبين الخمور ، وفي أمريكيا في سنة 1919 - 1932 في تاريخهم الميلادي ، الحكومة الأمريكية نزلت في ولاياتها جيش لتمنع الخمور نهائيا ، وتصادرها وتمنع تعاطيها لكن ما استطاعت ، والعجيب أن الكفار يدركون أيضا ضرر هذا ولذلك بدؤوا يقيدون شربه وأنواعه ، حتى الميسر هذا القمار هل تتصورون أنه في كل الدول مباح، بل في أمريكيا يمكن ليس مباح إلا في مدينة واحدة من عشرات المدن فقط سُمح في مدينة واحدة يسمح بفتح نوادي للقمار البقية ممنوع لأنهم يعرفون هذا ضياع وقت ، هلاك للوقت وهلاك للمال بلا داعي لعب ، ومع هذا اللعب أموال تذهب وهذه كانت موجودة في الجاهلية فجاء الإسلام بالتدرج في تحريمها و خاصة في الخمر إذا (يسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) وعرفنا أيضا ًشيء من هذه المنافع من البيع والتجارة وما يكون من شأنها ،لكن إثمهما أكبر من نفعهما ( ويسألونك ماذا ينفقون ) إذا ماذا ينفقون ؟ نعرف لماذا جاءت هنا مع إنها قبل آيات جاءت و ليس لها مكان هنا إلا ما عُرف من سبب نزولها (وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) العفو: يعني الفاضل الشيء الزايد ، ما زاد عن الحاجة ينفقه الإنسان.
(قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ) ،في أي شيء؟ (فِي الدُّنْيَا) في أضرار هذه المحرمات أيضا سواء في الخمر أو في الميسر أو في النفقة ، وأن المنفق من الفاضل أو الزائد خير بل هو الباقي ، (لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ) ثم استمرت الأسئلة تتتالا يقول الله سبحانه و تعالى بعد ذلك (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ) هنا سألوا و يظهر أن هذا السؤال أيضًا كان سببه أنه شُدد في شأن اليتامى فقال الله في سورة الأنعام (ولاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) فشق ذلك على الصحابة ، و عزلوا طعامهم عن طعامهم و شرابهم عن شرابهم ، فجاءوا يسألون كيف نصنع باليتامى ؟ والعجيب أن اليتامى أول ما نزلت الآيات بالتشديد التام في شأنهم ثم خففت فقويت النفوس ورهبوا من شأن اليتامى فخفف الأمر ، فقال الله ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى ) قال الله ( قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ) ولذلك قال (وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ ) كانت الخلطة ممنوعة .
(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ ) لماذا لم يقل إصلاح أموالهم ؟ 
نعم يشمل فقال إصلاح لهم يعني يشمل الذات و المال إصلاح لهم ، ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى ) والعجيب أن اليتامى وردوا في القرآن في أكثرمن ثلاث وعشرين موضع و أكثر ما عُني بشأن مالهم ، و التحذير من قربانه ، ثلاث وعشرين آية وموضع يذكر فيها شأن اليتيم ، ويحذر في جوانبه المالية ألاّ تُقرب فكيف بالتعاون معه !! إذا كان هذا في شأن المال فكيف به ؟ بحاله ؟ ولذلك ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ) ،( إِصْلاَحٌ لَّهُمْ ) إصلاح في شأن المال ، إصلاح في جهة الذات ، إصلاح كل ما يكون من الإصلاح خير ( إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ ) هذا الإشكال هل نخالط أموال اليتامى وندخل بأموالنا مع أموالهم ؟ إذا كان القصد الإصلاح فلا بأس .
و لما قال الله ـ عز وجل ـ الرخصة شدد ماذا قال ؟ يعني كان الأمر مشدد قبل ثم جاء التسهيل ، ثم في الآية نفسها عاد التشديد مرة أخرى ، كيف ؟ هنا قال ( والله ) أولا وما قال و يعلم الله (وَاللّهُ يَعْلَمُ ) وقدم "المفسد" والألف و اللام للاستغراق ، ما قال يعلم من كل مفسد ولا مفسد ، "المفسد" لأن الفساد أنواع كثيرة في أموال اليتامى (وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ) .
كان طاووس بن كيسان الوباني إذا جاءه أحد يسأله ، ولي يتيم يسأله عن اليتيم ، ماذا أصنع كذا ؟ وإلا أصنع كذا ؟.. يسأل ، تلا عليه هذه الآية (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) و لاحظوا التهديد :
أولا ً : تقديم لفظ الجلالة ، ثم الألف و اللام في الإفساد فيه استغراق حتى يستغرق كل أنواع الفساد وترى أنواع الفساد في إصلاح اليتامى تتناهى و لذلك الحيل كثيرة ، القائمون على الأيتام قد يحتالون و يحتالون ، متى جاء أحد يسألك قل كما قال طاووس (وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) لا تسألني ، استفتي قلبك ،لا تلعب و تعبث بشأن هذا اليتيم (وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ) قدم المفسد على المصلح ، و جاء بالألف و اللام ، ثم قال ( وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ ) أثقل عليكم لكن رخص فلا تكن هذه الرخصة سبب ، رخص بالمخالطة فلا تكون الرخصة سبب ، ما أراد أن يعنتكم استغليتم رخصته في عدم إعناتكم بالعبث بأموال اليتامى فشدد الله ـ عز وجل ـ في ذلك ( وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ ) وأثقل عليكم .
ثم بعد ذلك فيه غفور رحيم ؟ (عَزِيزٌ حَكِيمٌ) الحكيم: واضحة في التشريعات ، عزيز: إن كنت أعز وأقوى وأقدر في شأن مال هذا الضعيف الذي أنت ولي عليه قد تعبث بالأوراق وتعبث بالداخل و تعبث بالطالع أنت يدك يد أمانة و أنت مستأمن على مال هذا اليتم ،
فقال الله سبحانه و تعالى (وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ ) ثم أكد (إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) فانتبهوا (عَزِيزٌ حَكِيمٌ) انتهت .
ثم قال ـ سبحانه و تعالى ـ بعد ذلك (وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ) هنا أيضًاً يأتي مسألة طبعا الآيات نزلت في المدينة فجاء التشديد أيضا ً في عدم نكاح المشركات (وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ ) فهل الكتابية تكون مشركة واليهودية ؟ ولكن الله استثنى هؤلاء في آية المائدة وفرّق بين الكفار (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ) فسماهم كفار من أهل الكتاب والمشركين ، فالمشركين في الحقيقة غير وإن كان ابن عمر يحرم ـ رضي الله عنه ـ نكاح حتى الكتابيات ، وعمرـ رضي الله عنه ـ له رأي في هذه المسألة أنه لا يرى ، عمر كان يكره بل يصل إلى التحريم حتى أنه كان منع حذيفة و نهاه لما تزوج فقال يا أمير المؤمنين أتراه محرم فأتركه ؟ قال :لا ، انظروا لفقه عمر ، عمر كأنه يرى أن الله - عز وجل - أباح الزواج بالكتابيات في أول الإسلام لقلة النساء ، و لوجود الفتوحات أما اليوم بعد الفتوحات فوجد مسلمات فلا يحتاج أن تأخذ من أهل الكتاب ثم قال كلمة مشهورة قال : "أخشى أن تتعاطوا المومسات" ، لو تساهلتم في الزواج من كتابيات ، وعمومًا هذا رأي عمر ـ رضي الله عنه ـ ، ولكن الجمهور على جواز الزواج بالكتابيات أما المشركات فقول واحد أنه لا يجوز الزواج بهن ، والحقيقة في هذه المسألة أيضا ً ، رأيت رأي للمعاصرين يعني للشيخ عبد العزيز بن باز الله يغفر له ويرحمه والشيخ بن عثيمين وغيرهم كراهة الزواج من الكتابيات (4) ، يعني خشية أن يحدث شيء من الولاء بينهما والأولاد ، والحقيقة وجدت كلام جميل للشيخ الألباني في هذا المقام قد يكون فيه ملامسة للواقع ولمعرفته فكان يقول : يجوز - الشيخ يحرم بعض الأنواع - يقول يجوز الزواج من كتابية بشرط أن تكون الكتابية من رعايا دولة إسلامية يعني كأن تكون كتابية مصرية أو باكستانية من بلاد الإسلام أو سورية إذا كانت يجوز، لأن الغلبة للمسلمين ، أو- إذا تُرخص - أن تكون أيضاً كتابية و لكن من بلاد كتابية ضعيفة ليس القوة للأهل البلد لأن الآن لو تزوج بكتابية مثلا ً من بلاد الغرب من أوربا أو من أمريكا الدولة قوية و لو تكون من رعايا تلك الدول النظام قوي في قضية جلب الأولاد قد يحدث مفاسد قد تطلق الزوجة هذه فتأخذ مالك وتأخذ أولادك ثم يتنصر الأولاد ، ولذلك رأى بعض العلماء - وهو رأي قوي - وبعض المعاصرين الفقهاء أن بعد قوة هذه الدول أصبح الدول الزواج من الكتابيات من تلك الدول النصرانية القوية لا يجوز خوفاً من هذا أو إغلاقا لهذا الباب ، إذا يقول الله سبحانه و تعالى ( وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ) انظروا للمفارقة ، لم الإنسان قد يتجه إلى تلك الكتابية إلى هذه المشركة ؟ لأنه قد ينظر في بعض المحاسن عندها فقال الله - وقوله حق وصدق و ينبغي أن يكون هذا القول على العين و الرأس - قال الله سبحانه و تعالى (وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ ) ما هي حرة أمة (عبدة) تباع و تشترى ،( وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ )طيب خير من مشركة عادية ؟ لا خير من مشركة ولو أعجبتكم ، الله يقول خير وأنت تقول خير هناك خيرين ، الله يقول خير وأنت تقول خير، أيهما تقدم في الخيرية ؟ قدم خيرية الله و ستجد أنه خير، إذا كأنه يقول لك -مو لازم طبعا تأخذ أمة - لكن خذ حرة مؤمنة ، إذا كانت هذه الأمة التي تباع و تشترى و ناقصة الحرية عند الله خير ، فينبغي أن تكون عندك لأنها ستكون أيضا أم أولادك .
( وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ) استنبط الشيخ محمد فائدة جميلة - وما رأيت أحد في الحقيقة استنبط مثل هذه القاعدة - قال الشيخ محمد بن عثيمين (5) -الله يغفر له و يرحمه - عند هذه الآية (وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ) قال :" دين الإسلام دين عدل لا مساواة " استنباط جميل ، الخيرية يعني أن ديننا دين عدل لكن مساواة لا ، ما يستوي الكافر مع المؤمن أمة مؤمنة خير ، لكنه دين عدل فاختر دقيق ممكن نستبدل كلمة مساواة بأنه دين عادل نعم عادل لهذا حقوق و لهذا حقوق و لكن ليس مساواة ، استنباطا من هذه الخيرية ، هذه التي تباع و تشترى خير من تلك المعجبة والعادة أن المعجبة تكون أيضا ذات مال ، ذات جمال ، ذات جاه فقال الله خير و نقول نحن خير .
( وَلاَ تَنكِحُواْ ) أيضا هذا المشرك لا ينكح (وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ) وأما بالنسبة للكتابي فلا يجوز أن يتزوج مسلمة فالإسلام يعلو ولا يعلى عليه . لوقال قائل - وهذه قد تعرض - هل المراد هنا النكاح بمعنى العقد وإلا الوطء ؟ في اللغة النكاح بمعنى الوطء و في الشرع العقد ، مالدليل على أن النكاح في الشرع بمعنى العقد ، مجرد العقد ؟ يعني لو قال قائل الآن في هذه الناحية دعوية قال أنا سأعقد على هذه المشركة لكن لن أدخل بها حتى تسلم ونظر لظاهر الآية وقال أن الله ـ عز وجل ـ يقول ( وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ ) فأنا لم أنكح ، فماذا نقول له ؟
في قوله سبحانه ( يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ ) (6) ،فسماه نكاح من غير مسيس أم لا ؟ ، نكحتم و لم تمسوهن فالنكاح في الشرع يطلق على العقد ، مجرد العقد ، ولذلك مجرد العقد على البنت يحرم الأم ، و كذلك بالنسبة لهذه ما يجوز، ولذلك بعض الإخوان في الغرب يسأل يقول : أنا من باب أني سأدعوها وكوني أدعوها لابد أن أقابلها وأجلس معها وأتبسط معها فحتى أخرج من الحرج الشرعي يا أخي أعقد عليها ولكن لن أدخل بها ، نقول له لا هذا ما يجوز أيضا ولو كانت هذه غايتك .
/ نأتي بعد ذلك إلى قوله سبحانه و تعالى في بيان العلة يعني الله سبحانه و تعالى لما جاء في أمر النكاح علل وهذا من لطفه بنا وإلا لو حكم وقضى بدون تعليل سمعنا وأطعنا ولكن من لطف الله بنا قال لماذا هؤلاء لا يصلحون للزواج ؟ ( أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ ) لاحظوا(وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) .
ولعلنا نسمع من أخونا القارئ يقرأ ثلاث أو أربع آيات .{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223) وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (224)}إذا يقول الله سبحانه و تعالى (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ) طبعًا الأسئلة هذه ، بعض الأسئلة كان بحكم أن أهل الإيمان والإسلام في المدينة اختلطوا باليهود وعرفوا بعض الأحكام الشرعية عند اليهود ومنها أن اليهود إذا حاضت المرأة اعتزلوها ولم يقتربوا منها بل ُشدد بالتوارة عندهم المحرفة شدد في ذلك حتى أنه يقولون : أيما رجل مسها وهي حائض أصبح نجسًا إلى المساء !! ولا تقبل له صلاة عندهم وعبادة سبعة أيام ، وإذا مست الفراش يصبح هذا الفراش نجسا فكانوا يعتزلونها ويجعلونها بعيد وكانوا أهل كتاب ، فكان أهل الإسلام ينظرون ويسألون فجاءوا يسألون النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ عن هذا المحيض ، ما شأن المحيض ؟
فبين النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ أو جاءت الآيات توضح حكم الحائض (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى) يسألونك عن المحيض والمراد الحيض ، والمحيض مشتق من حاض ، في اللغة حاض الوادي أي سال من سيلان جار (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى) والآية لما قالت أذى ونكرت هذا الأذى يدل على أنه أذى ً يسير ، (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى) لكن الله سبحانه و تعالى قال( فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ ) والمراد في المحيض : في وقت الحيض وفي مكان الحيض (فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ).
قال (وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ ) ماذا تفيد ؟ يعني الله هنا قال كما جاء في الآية ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى)( قُلْ هُوَ أَذًى ) (فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ .... حَتَّىَ يَطْهُرْنَ ) لكن لماذا جاءت ولا تقربوهن ؟ليبين أن الاعتزال ليس مثل اليهود بإبعادها إنما الاعتزال بعدم القربان فقط واضح لأنه قال (وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ) إذا ليست القضية لا تؤآكل فاليهود لا يُأكلونها ولا يشاربونها ويجعلونها في ناحية من البيت ، حتى بعض الديانات المحرفة الآن ، كذلك الهندوسية يجعلون لها مبنى خاص بالبيت يبعدونها نجسة فقال الله ـ عز وجل ـ (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى ) جعله نكرة مسهل (فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ) في هذا المكان (وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ ) إذا المراد ليس الاعتزال في الأبدان ، لا ، المراد الاعتزال بعدم القربان ، يعني لا تواطؤهن وكان النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ كما تقول عائشة كانت أحيانا تتزر فيباشرها - عليه الصلاة والسلام لكن لا يقترب من هذا المكان (7)، (قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ) ، إذا فائدة (وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ) حتى لايُفهم من اعتزالهم إبعادهم ، لا .
(فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ) وفي قراءة (يطّهرن) وفي مصحف أُبي وأبن مسعود (يتطهرن ) إذا الحل، حتى الآية تكملة الآية (فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ) إذا الحل مشترط فيه الطهارة والاطّهار انقطاع الدم والتطهر والاغتسال (حَتَّىَ يَطْهُرْنَ) ، (فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ ) ونسيرمع ظاهر الآية تأملوا في ظاهرالآية (فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ) يعني من المكان الذي مُنعتم منه ، ثم لا حظوا الختام الجميل في الآية ، في ختام واضح و في ختام (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ )هنا "التوابين" لما جاءت يعني كأن هناك إن الله ـ سبحانه و تعالى ـ يُحب من يتوب من الذنوب و يتطهر من الذنوب و كذلك من يتطهر بالماء ، يعني نحن قد نلتفت ونعتني عناية دقيقة وحريصة على التطهر بالماء وقد نبالغ وقد نوسوس ، لكن ننسى التطهر فجاءت مناسبتها يعني إن هذه أحكام جاء من ضمنها أن الله يحب التوابين الذين يتوبون و يحب المتطهرين و إن كان أيضا بعضهم قال أنه يعني قد يحدث شيء من التقصير فجاءت هذه الآية ، لكن الصحيح أن الآية خُتمت بهذا الختام الجميل لتبين التوبة من الذنوب عمومًا والتطهر من الذنوب عمومًا والتطهرمن الأنجاس الحسية خصوصا .
ثم قال الله سبحانه و تعالى (نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ ) لما جاء أحكام الحيض جاء أيضا أحكام النساء (نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ ) والحرث : محل الزرع (نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ ) و طبعًا سبب نزولها أيضا بسبب اليهود كان اليهود يقولون : (إذا جاء الرجل زوجته من دبرها في قبلها جاء الولد أحول ) (8) ، ولذلك كان أهل المدينة لا يأتون النساء بسبب اليهود إلا على حرف واحد ، وأهل مكة ما كانوا مختلطين في اليهود فكانوا يشرحون النساء شرح مقبلات و مدبرات لكن في صمام واحد ، فلما جاء رجل من المهاجرين لإحدى المدنيات شق عليها ذلك قالت كيف تصنع هذا الصنيع ، ما تعودوا بسبب اليهود إلا على حرف واحد ، ولأن إن جاء ولد كما يقولون و يزعمون أنه يأتي أحول فنزلت هذه الآية (نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) فأتوا الحرث (أَنَّى) بأي طريقة شئتم إذا كان في مكان واحد (نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) ، ثم قال سبحانه و تعالى (وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ ) والتقديم هنا : قيل يعني بالتسمية أوبالنية الصالحة ، يعني أن الإنسان يقدم لنفسه النية الطيبة في إعفاف نفسه وإعفاف من تحت يده بهذه المعاشرة ، وأيضاً من التقديم أن يقدم النية بالولد الصالح و أن ينفع ، يعني حتى الإنسان - وهذا من نعمة الله سبحانه و تعالى - أن الإنسان يأتي هذه الشهوة التي قد يأتيها فطرةً ولكن له أجر ولذلك لما قال النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ (وفي بضع أحدكم صدقة) قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته فيكون له أجر؟ قال : (أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر فكذلك إذا وضعها في حلال) (9) ، وهذا من نعمة الله سبحانه و تعالى و لكن تُصحح أيضا ، ويعظُم الأجر ويكثر بالنية ، أن الإنسان ينوي بالفعل إعفاف نفسه ، يعني بعض الناس يبغى إعفاف نفسه و ينسى غيره ،غيرك أيضا محتاج للإعفاف فانو إعفاف نفسك وإعفاف غيرك وانوي النية الطيبة وقدم لنفسك أيضا بالتسمية ومجيء هذه الذرية الصالحة ، ثم قال سبحانه و تعالى (وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) ./ بعد ذلك تأتي آية الأيمان وإن كانت بداية لآيات الطلاق ، اليمين وصلة الطلاق باليمين واضحة لأن الإيلاء نوع من الطلاق وبعدها قال الله سبحانه و تعالى (وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) ، (وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ ) المراد بالعرضة هنا: الشيء الذي يعترض به حاجز (وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً ) يعني هذا اليمين الذي حلفتموه معترض بينكم وبين فعل الخير من البر والإصلاح والتقوى ، (وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ ) لا تجعل هذا اليمين حاجزاً ومانعاً لك من أن تبر وتتقي و تصلح ، هذا قول وهو الأشهر، وقيل (وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ ) لا تكثروا من الحلف كاذبين ولو في الإصلاح ، قيل هذا ، وفيها أيضا منع الحلف ، بل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعني وجد ويسر لنا في هذا ، قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ (من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينه وليأتِ الذي هو خير) ، يعني لا تقول أنا حلفت ألاّ أبر، ألّا أصلح ، والله لقد أقسمت أن لا أصلح بين فلان وفلان ، والله لقد أقسمت ألاّ أتدخل في الموضوع الفلاني بين أسرتي وعائلتي ، لا تجعل هذا اليمين حاجز ، والله لا أذهب لفلان ولا أزوره ولا أعطيه ولا أتصدق عليه ، لا ، (وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ )، لا تجعل هذا اليمين الذي هو في الأصل لتثبيت حق لمنع حق ، هو الأصل من هذا اليمين إظهار حق وإثبات حق ، أما أن يكون لمنع حق أو منع من بر أو من إصلاح لا يليق هذا ، (وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ )، أيضًا لا تكثر حلف ، يعني لا تجعل هذا أيضًا تكثر وتستهين باسم الله، (وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ ) ، وسمي اليمين يمينا لأنه أخذ معاهدة ، الإنسان إن أراد أن يعاقد أحدا أو يعاهده مد يده اليمين، وترى اليمين عقد بل أعظم عقد لأنك تحلف تعاقد الله ـ عز وجل ـ وتعاهد الله ،( وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ) ، هو ختام واضح " سَمِيعٌ " لأن اليمين فيه نطق ، "عَلِيمٌ" بنياتكم في هذا اليمين من الصادق ومن المخادع .
/ ثم قال الله بعد ذلك ، بعد أن شدد في اليمين ، هناك شيء يشتبه مع الناس لكنه ليس بيمين ،( لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ ) اللغو : بلى والله ، ولا والله ، وغيرها وهذه تجي على ألسنتنا وهي من لغو اليمين وهذا أقرب المعاني فيها ، وقيل : - وهو قول له وجاهة - أنه جاء لغو اليمين أنك إذا حلفت يمين على شيء موقن أنه كان لكنه لم يكن ، أقسمت أنك رأيت فلان وأنت تتوهم أنك رأيته اليوم ولكنك رأيته بالأمس ما رأيته اليوم، فقال لك قائل : يا أخي لكن ليس موجود اليوم ، أقسمت لكنك توهمت وكنت متيقن تلك الساعة ، أو قلت والله أن هذا الرمي أصاب هذا الهدف ، وهو ما أصابه وتصورت أنه أصابه ، فأيضا هذا قول قوي أنه هو من لغوا اليمين لأنك أقسمت بشيء تعتقده حق ، وقيل : أيضا أن منه الدعاء على النفس ، إذا دعى الإنسان على نفسه أو اقسم أو في الغضب إذا حلف وهو غاضب حلف وهو ما يقصد ، ولكن من أقربها الأقرب في اللغو في اليمين ، ( لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ ) ما المراد بعدم المؤاخذة ؟مافيه لا إثم ولا كفارة ، ( لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ ) ، لكن يؤاخذنا بماذا ؟ (وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ) (10)وهنا هذه الآية توضح هذه ، هناك قال (وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ) {المائدة89} ومراد عقد اليمين عقد القلب عليها ، ولذلك هنا قال (وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) إذا عقد اليمين هو كسب القلب ، إذا المنطوق ، يعني أنت تقول لا والله وأنت تقصد اليمين خلاص وقعت يمين ولو إنها لغو انقلبت يمين، فإذا كنت تقصد تلك الساعة ، ولذلك يمكن لبعضكم لو أنه يتكلم ، فقال لفلان يا أخي أنت لماذا تحلف كثير ، يقول لا أبد ما حلفت !!تقول : لا قلت خمس ، ست مرات لا والله كنت بالمكان الفلاني والله كنا كذا وكنا كذا ، قال يا أخي هذا لغو اليمين ، أصلا هو ما يشعر تلك الساعة وهو ينطق هذه الكلمات أنه كان يحلف، ما يشعر ، ما عقد القلب عليه ، ولذلك قال ( وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ) والشيخ محمد بن عثيمين ـ رحمه الله ـ استنبط فائدة جميلة قال "هذا يدل على أنه مدار الأقوال الملفوظة ما في القلب لا ما في النطق " يعني الأصل الإنسان يحاسب على مانطق به لسانه وانعقد عليه قلبه ، وهذه مهمة ولها تفريعات كثيرة ليس المقام مقام ذكرها ، بعد أن جاءت آيتين في اليمين ، آية تمنع أن تجعل اليمين عرضة ، وآية تبيح وتبين لغو اليمين ، جاء يمين خاص ، يمين من الأيمان الخاصة وهو يمين الإيلاء ، قال - سبحانه وتعالى - (لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) إذا الآية الأولى في اليمين والثانية ، وهذه نوع يمين وفيها طلاق ، ولذلك ستأتي أحكام الطلاق بعدها مباشرة ( لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(226) وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) .( لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ ) والمراد بالإيلاء هنا ، الإيلاء شرعًا : يحلف أن يمتنع عن زوجته ، يعني يحلف أن أربعة اشهر أو يزيد أن لا يطأ زوجته، الامتناع باليمين عن وطئ الزوجة ، هذا الإيلاء ، الامتناع باليمين ولا بد فيه - حتى يسمى كذلك - أربعة أشهر ولا بد أن يقصد الإصلاح ، يعني يمكن أن يكون إذا مثلا كانت ترضع فيحلف حتى تتم هذه الرضاعة بالذات الفترة الأولى ، أو قصد إصلاحها ، لكن لا يزيد ، إذا كان يقصد الإضرار بها فلا يجوز، يحرُم ، قال - سبحانه وتعالى - ( لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ) قال عن نسائهم وإلا من نسائهم ؟ من ، لأن " من " تدل على التباعد ، للذين يؤلون من ، ابتعد عن النساء، وطبعا النساء هنا الزوجات ،( تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) الانتظار يعني يجوز لك أن تستخدم هذا السلاح فقط أربعة أشهر ، أكثر لا ما يجوز ، حتى لو قصدت الاصلاح لا يجوز ، ولاحظوا أن الله حده بحد ، ووقع خلاف بين أهل العلم ، قبل أن أذكر الخلاف فيه ، أريدكم أيضًا أن تساعدوني وتنظروا في الأيات في المصحف وانظروا الخلاف في ظاهر الآية مع من ؟ قال الله - سبحانه وتعالى - (لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) يعني يا تفيء، يوقف الذي يوالي يقول له الحاكم تعال يا تفيء يا تطلّق ، وقع خلاف بين الفقهاء :
بعض الفقهاء قال : أصلا إذا تجاوز الأربعة أشهر ودخل يوم واحد من الشهر الخامس طلّقت الزوجة منه . وبعضهم قال لا .
فأيهم الذي يساعده ظاهر الآية ؟ القول الثاني هو ظاهر الآية ولذلك قول الجمهور هو القول الثاني ، قول الأحناف لا ، عندهم مهلة أربعة أشهر إن رجع فيها ، فإن ما رجع خلاص قد اسقطها من نفسه .
أ يهما أحب لله من ظاهر الآية ؟ الثاني ، مالدليل من الآية ؟ ،( فَإِنْ فَآؤُوا) ، (وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ) ولذلك هذا اقوى الأدلة التي تدل على كراهية الطلاق عمومًا. أما (أبغض الحلال إلى الله الطلاق) فهذا حديث ضعيف ، لكن هذا استنباط قوي ، إذن هذا من الأدلة الدالة على كراهية الطلاق ، (فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) لماذا الختم غفور رحيم ؟هو لما آلى منها وهو غضبان عليها في الغالب ، إما لمصلحة الولد أو لمصلحته هو ،يريد أن يؤدبها ، لأنها تؤدب بهذا الأمر وليس له الحق أن يستخدم أكثر ، وقد لا يهجرها فقط ، قد يترك المعاشرة ، فلما فاء وغفر غفر الله له ، لأن ترى عندنا غفور رحيم ، ماالفرق بين (غفورّ) و(رحيم) ؟الآن لو أخطأت خطأ على أحد يغفر لك لكن قد لا يرحمك ، يقول لك خلاص روح ، ولذلك تجدنا - ولله المثل الأعلى - في أطفالنا نغفر لهم ونرحمهم ، نحبهم ، والله - عز وجل - يغفر ويرحم ، فما دامك غفرت لهذه المسكينة وفئت ورحمتها فإن الله يغفر لك ، وإن عزمت الطلاق فالطلاق فيه نطق ، فطلق خلاص خله يطلع الطلاق لا تعلقها ، (فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) .
استنبط أهل العلم فائدة من هذه الآية وهي : أن الرجل لا يجوز أن يترك الجماع أكثر من أربعة أشهر ، لا بد يجامع كل أربعة أشهر على الأقل ، طبعا إلا من لا يستطيع ، وتكون هي مثله ما ترغب في هذا الشيء ، لكن مستطيع ويترك أكثر من أربعة أشهر قاصدا بلا سبب ، ولذلك عمر ـ رضي الله عنه ـ وقّت من خلال هذه الآية ، ولما جاء عنه أنه مرّ مرة يعز فسمع امرأة تقول : (11)تطاول هذا الليل وازوّر جانبه *** ولا حبيب يلاعبه
فوالله لولا الله *** لحرك من هذا السرير جوانبه
فقال لحفصة : كم تصبر المرأة ؟ فقالت : ستة ، أربعة ، فوقت للجيش أربعة أشهر ليرجعون ، مع أنهم جيش ولكن وقت لهم أربعة أشهر ثم يعودوا ، لذلك ما تظلم النساء بتكرهن الأشهر والسنوات ، ولذلك هنا ( لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآؤُوا)ولذلك مفترض أنه بعد أن عرفنا سر الختمة أن لا نخطئ ، بعض الناس يخطئ فإن فاءوا فإن الله سميع عليم ، لا فإن الله غفور رحيم ، غفر فغفر رحم فرُحِم (فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) .
/ثم قال الله (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ) (12) هل كل المطلقات يتربصن ثلاث قروء ؟ لا ، المطلقات أنواع ، الحامل حتى تضع حملها (وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) (13) يمكن تطلق وما باقي لها إلا ساعة وما يدري زوجها وتروح تولد ، مثل امرأة الزبير بن عوام ، فقالت له : طيّب نفسي بطليقة ـ والحريم يكيدون ـ وكانت حامل والظاهر حست بالطلق ، فقال طلقها ثم راح يصلي ، فلما رجع وجدها والدة ، فقالت خلاص بنت منك ، يعني الآن الأمر بيدي ، ولذلك من كانت امرأته حامل ينتبه عدتها تنتهي أن تضع حملها ، (وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) ، وكذلك أيضًا (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ) هذه عدتها ، وغير المدخول بها ما لهاعدة (فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا)الأحزاب49 ،إذا هذه أكثر الأنواع لكن هناك أنواع مستثناه ، إذا (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ) والعجيب هنا ( يتربصن ) والتي من قبل ( لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) لماذا زاد هنا (بأنفسهن) ؟لأنه كأنه يقول لأن نفسها تواقة للرجال ، مطلقة هي زعلانة على الرجال ، يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ، تركها الرجل وقد ذاقت ، فتتوق نفسها ، فقال الله ـ عزو جل ـ احجزن هذه النفس واكبتنها حتى تنتهي هذه العدة (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ) ، وبقي خلاف قوي في هذه المسألة ، والخلاف فيه تكافئ وتقارب بالأدلة في مسألة هل القرء بمعنى الطُهر ؟ أو بمعنى الحيض ؟
يقول الله تعالى : (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ) وعرفنا معنى التربص الانتظار ، والانتظار يركز على النفس ويجب أن تتقي الله في نفسها ، ولا تطمع حتى تنتهي عدتها ، (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ) ، سواء كان القرء ، وإن كان الأرجح - والله أعلم - أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال (دعي الصلاة أيام أقرائك) ، هذا نص من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لعل الأقرب أنه الحيض ، تنتظر ثلاث حيض (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ) .
/ ثم قال الله تعالى (وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ ) ما المراد بالمكتوم ؟
لأن المرأة ربما تكتم ماخُلق ، تدعي أنها حاضت ولم تحض ، لماذا ؟ لتعجل المدة ، وربما تدعي أنها لم تحض وهي قد حاضت ، لتطوّل المدة لأجل النفقة ، لأن نفقتها في هذه الحالة على الزوج المطلق ، لأن هذه المطلقة ولو أنها كانت مطلقة فهي محبوسة لك ، فأنت تنفق عليها ، إذا (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ) جاء بالوعظ يعني يحرُم عليهن ديانة وأنها تراقب نفسها ، (وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) وكذلك لا يحل لها أن تكتم ما خلق الله في رحمها من الولد ،(إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) وهذا يدلكم أيضا كما استنبط بعض أهل العلم من هذه الآية "أن المرأة مستأمنة ومصدق خبرها ، وأن جزاءها عظيم وعقابها عظيم " ، الإنسان إذا استؤمن في شيء وأصبح لا يعرفه أحد إلا هو يصبح الثواب له كثير والعقاب عليه شديد (وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) انظروا الوعظ .
ثم قال والعجيب ( وَبُعُولَتُهُنَّ) لماذا البعل ؟ لماذا ما جاء لفظ الزوجية؟ ( وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ) تأملوا أيها أقوى في لفظ الزوجية وفي بقاء الزوجية ، لفظ الزوج أم البعل ؟البعل أقوى ، ( وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ) أي في العدة التي في الثلاثة قروء ولم تنتهي بعد، والبعولة هنا جيئ بها لأنه قد يخطر في بال المطلق أو في بال المطلقة ، في بال المطلقة بالذات ، أن عقد الزوجية ضعُف ولها الحرية ترجع ولا ما ترجع ، فجاءت ( وَبُعُولَتُهُنَّ) ، وأضاف البعولة لهن ، ما قال والبعل بعد ، قال (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ) ثم قال بعد أن جعل الأمر بيد الرجل وجعل الأمر بيده والقوة له ، قال - وتأملوا فيما قال سبحانه - ، بعد أن أعطاك حق الارجاع ، قال (وَلَهُنَّ ) بدأت الحقوق لكن المشكلة بدأ حقها قبل حقي ، ما الذي لك أيها الرجل عليها ؟ مثل الذي لها ، قال الله وبدأ بحقهن (وَلَهُنَّ ) يعني موازنة في الآية ستلحظونها ، الآية طلاق، فأعطى الزوج الإرجاع وبقوة ، ثم بدأ بهن بحقهن قبل حقك قال (وَلَهُنَّ ) ، ما قال لكم ، قال (وَلَهُنَّ ) يجعلها هي الميزان ، يعني بتعطيها مئة بتعطيك مئة ، أخلاقك تعطيها 70% تعطيك 70% ، ولم يقل عليهن بل قال ولهن ، بدأ بحقهن (ولهن مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ ) فزاد المرأة ، أول شي زود الرجل ثم زود المرأة ، ثم رجع رفع الرجل مرة ثانية ( وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) ثم عاد ونزل الرجل (وَاللّهُ عَزِيزٌ) يعني ترى سلاح ، ها ، انتبه ، مثلما قال الله لما أعطى الرجل قال (وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً ) انتبهوا !! بدأ يشدد وهذه الآية الوحيدة في القرآن التي ختمت بهذه التأكيدات (إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) يكفي عليًا ، إن كنت عاليًا فالله أعلى منك وإن كنت كبير فالله أكبر منك ، فأعطاك سلاح ويخوفك بالأخير ، لا تستخدمه أكثر مما يباح لك. فهنا أيضًا رفع المرأة ثم رفعك ثم جاء وخوفك ، مع أن الآية ممكن عليم حكيم ، لكن الله هنا جاء بلفظ العزة يخوفك ، لا تستخدم العزة إلا فيما أبيح لك فحسب ، واضح في الآيات ؟ وسبحان الله هذا التشريع عجيب يا إخوان ، يعني أنا أقول للكثير من الطلاب وخاصة الذين يدرسون الدراسات الشرعية الفقهية ، أقول هذا النظام الرباني والتشريعات الإلهية فيها بنود وفيها تخويف، النظام الوضعي فيه بنود فقط لايوجد فيه تخويف ، لذلك تضعه عند محامي يلعب بـ ، لكن في الجانب الرباني أنا مع زوجتي أخاف تجي الآيات ، أنا أذكر واحد يقول لي مرة طلق زوجته في ساعة غضب ، كان ناوي يطلقها بل طلقها وأطلق اللفظ ، فيقول فركبت سيارتي من شدة الغضب وأخذتها غصب وركبتها السيارة ، وذهبت بها لبيت أهلها ، يقول قبل أن أصل لبيت أهلها بأمتار تذكرت قوله (لاتُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ) (14) قلت يا سبحان الله !! حافظ متقن لكتاب الله ، أين ذهبت هذه الآية من رأسي ؟!! وأنا ما أطيق إرجاعها ، ما كان يطيق ارجاعها ، فاضطريت أرجع ، قال خلاص الآية ، خلاص سمعنا وأطعنا ، وسبحان الله أحدث الله بعد ذلك الله أمرا ، رجعت وراجعها والحمد لله، لأنها تبقى في بيتك لا تخرجوهن ولا يخرجن ، نظام ، آيات ، أنا ودي يا إخوان إن طلبة العلم ما يخشعون فقط في آيات الجنة والنار ، يخشعون حتى في آيات الاحكام ، يعرفون أن هذا تنزيل من حكيم حميد سبحانه ، ليس بنظام بشر أو قول بشر ، يأتي بهالتوازن العجيب الدقيق لا ظلم للرجل ولا ظلم للمرأة ، ثم قال الله (وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ) لا تنسون الختام وأنا بودي الحقيقة أن يُفقه المعنى حتى الي حافظ ما عاد ينساه ، يخلط في الآيات الثانية ولكن الي واضح فيها الدلالة لا يخطئ فيها .
/ ثم قال الله (الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ) الطلاق مرتان يعني تطليقتان ، وطبعًا كانوا في الجاهلية أيضا لهم عادات ، يطلق المرة والمرتين والثلاث والعشر ، فوضى ، مثل الإيلاء ـ نسيت أن أقول لكم ـ كانوا يوالون السنة والسنتين والثلاث فنزلت الآيات تحدد ما في فوضى ، والطلاق كان فوضى ، يطلقها عشرات المرات ويرجع ، فقال الله ( الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ ) الطلاق هذا البائن وإلا الرجعي ؟ الرجعي .
مالدليل؟ من ظاهر الآية (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ َ) البائن ما فيه هذا، إذن هذا الطلاق الرجعي ، والطلاق الرجعي السني طلقتان وما قال مرتان أي يعني مرتان ما يقع مرة واحدة، ما يطلق مرتين في وقت واحد ، ( الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ ) يعني الطلاق الرجعي طلقة ثم طلقة ،( الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ) ولاحظوا في هذه الآية بعد آيتين ، الآن أمامكم المصحف ، آية (229) ( الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ) في آية (231) ( وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ) طيب ما فيه خلاف ؟ هنا اتفق في الطلاق الإمساك أنه بالمعروف مافي اشكال ، لكن التسريح اختلف ، مرة يقول التسريح بإحسان ومرة يقول التسريح بمعروف ، أي أحسن المعروف أم الإحسان؟ الإحسان درجة أعلى .لكن هذا مطلوب .
(الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229) فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (230) وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُواً وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍعَلِيمٌ) .
نعود للآيات ، إذا يقول الله ( الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ) وقال في الآية التي بعد التي بعدها (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لَّتَعْتَدُواْ) .
(أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ) هنا زاد الإحسان ، هناك (أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) لم يأتِ بالإحسان ، جاء بالمعروف ، الآية الأولى قاعدة هذه القاعدة التي يجب أن يسير عليها كل أهل الإسلام ، القاعدة أن الإمساك بمعروف والتسريح بإحسان ، وهذا من رحمة الله تعالى ما كلفنا الإمساك بالإحسان ، يعني إمساك بمعروف وتسريح بمعروف ، أو امساك بإحسان أو تسريح بإحسان ، لا ، قال الإمساك بالمعروف الذي يُتعارف بين الناس ، والتسريح لأن الطلاق كسر لها وظلم لها وجرح لها ، اجبر هذا الجرح بأن تحسن إليها ، مع الأسف الكثير من الناس إذا جاء الطلاق التسريح ليس بالمعروف بل بالسيء ، هذه القاعدة ، الإمساك بمعروف والتسريح بإحسان ، ينبغي لكل أهل الإيمان أن يسيروا عليها ، لكن في الصورة التي بعدها هذا الشخص يخشى منه في المُضارة ،( وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لَّتَعْتَدُواْ) هذا النوع من الناس إذا كنت قاضي أو كنت مصلح ، لا يُنتظر من هذا أن يُحسن ، يقال له بس سرح بمعروف كثر الله خيرك ، هو الآن مضار نقول له أحسِن؟ تقول له بس اترك بالمعروف ، واضح ، إذا عندنا حالة خاصة التي هي معروف بالمعروف ، القاعدة العامة التي ينصح أن نوجه الناس بها أن التسريح بإحسان ، قال الله تعالى ( الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ ) إذا عرفنا أن التطليق مرتان وهذا الطلاق الرجعي ( فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ ) وهو ما تعارف عليه ،( أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ) وكلما أحسنت أحسن الله إليك في هذا التسريح ، ولاحظوا قال (فإمساك) ، ما قال فإبقاء ، فيه فرق بين الإبقاء والإمساك ، الإمساك كأنها جوهرة غالية عليك تمسك بها ، الإبقاء عادي ، فحتى اختيارك كأن الآية تشير أن الشيء غالي ثمين لا تفرط فيه ، والتسريح أيضًا لأن فيه مشاقّة وتعب ، تخلية ليس بترك ، تسريح ، إن يتفرقا يغني الله كل من سعته .
ثم قال الله تعالى ( وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ ) لاحظوا الآن تبدأ الإشكالات بسبب الطلاق ، خذوا قاعدة يا إخواني إذا اختلفت الفواصل زادت الكلمات زادت كذا تغير الأسلوب ، دائما مما يحل هذا الإشكال الذي يقع في رأسك ، انظر إلى سباق الآية ولحاقها يحل لك هذا الإشكال ، انظر في سرد الآية ما سبقها وما لحقها وتأمل فيها ، ومن الأشياء المعينة أنك تتأمل في الأيات ولذلك طلبت أن يكون بين يديكم المصحف ، ولو أنك حاضر، تنظر وتقارن وتتأمل فيبقى في رأسك ، والأجود من ذلك الأخوان الذين وزعوا عليكم هذه السنة الحسنة والأوراق الجميلة الذي فيها المصحف على اليمين والباقي فراغ للكتابة ، جيد لو يُدوّن فيه حتى لا يُنسى ، إذا يقول الله - سبحانه وتعالى - (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً) هنا جاءت مسألة الحِل ، لأنه كما قلت لكم في الجانب الشرعي عندنا جانب وعظي وجانب حُكمي فتداخل الوعظ مع الحكم، لا يحل لك أن تأخذ مما أتيتموهن ، لأنك في بعض الأحيان ما تطلق لماذا ماتطلق وليش تعلعل في الطلاق ، ولماذا يتردد الرجل في الطلاق في بعض الأحيان ؟ينوي أن يأخذ شيء مما آتاها، يقول باطلق كذا وخسرت كل الخسائر وما يرجع شي ، قال الله تعالى : (وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً ) "مِمَّا" للتبعيض ، أول شيء تبعيض و"شيئا" منكر يعني حتى لو قليل ، يعني من المئة ألف ، ألف ، لا ، حتى لو قليل وخمس مئة لا ، (وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَن يَخَافَا) وفي قراءة (إِلاَّ أَن يُخَافَا ) طبعًا هذه الآية للحاكم أو للقاضي أو أنها للزوج ، قيل وقيل ، (إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ) يعني لو أنها شعرت أنها لن تقيم حدود الله أو شعر القاضي أنها لن تقيم حدود الله فيه ، تطيعيه ؟ لن أطيعه لن أفعل ، فإذا خافت من الله تعالى فيه ، وخافت أنها تظلمه جاز لها الافتداء ، أما إن كان المشكلة منه وكان إنما فعل ذلك مضارّة فالله ـ عز وجل ـ قال في آية أشد من ذلك (وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً) والقنطار قيل ملؤ جلد الثور ذهب ، وجلد الثور الآن يسع 150 كيلو ذهب ، وكيلو الذهب بكم ؟ يعني ما يبلغ ال20 مليون ريال ،(وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً) وطبعا قيل بهتان وإثم مبين لماذا ؟ لأن ربما يبهتها شيء يقول تراني إذا قلتم أنتم غير معطيني فإني سأقول أنها وجدتها غير بكر ، فيقولوا لا خذ مهرك ، مع أنه بهتان غير صحيح {أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً} (15) وأيضا (إِثْماً) وليس إثما عاديا (إِثْماً مُّبِيناً) ، {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً} (16) حماية للمرأة وحماية لما ملكته ، إذا قال (إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ) وثبت أن النقص منها ( فلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) يجوز أنها تفتدي من نفسها ، هل تفتدي بالمهر كله ؟ أو بأكثر منه ؟ وقع خلاف بين أهل العلم :

بعضهم قالوا : لا بس المهر ، وبعضهم قالوا يجوز الافتداء وعلى كلٍ فلا جناح عليهما فيما افتدت به ، من قال استدل بالآية ، ومن قال أيضًا استدل أيضا بالآية ، ودي تستخرجون الدليل للمانعين والمجيزين ، وإن كانوا الذين منعوا جاءوا بقصة جميلة بن عبد الله بن سلول عندما كان زوجها قيس بن ثابت بن شماس شاعر شجاع وكريم ولكنه كان دميم الخلقة ، رفعت طرف الخباء تقول : فرأيته أقصر القوم وأكثرهم دمامة وكانت هي جميلة ، لكنها رفعت طرف الخباء كانت ما تشوفه لوحده ولكنها شافته مع الرجال ، مع الرجال وجدت أنه أقصرهم وأقلهم فكرهته ، فذهبت للنبي وفي بعض الروايات في غلس في آخر الليل ، قالت يا رسول الله أني أكره الكفر بعد الإيمان ، - تخشى على نفسها أن تقع في الزنى - قال عليه الصلاة والسلام : (أتردين عليه الحديقة (المهر) ؟ كان مهرها حديقة ، قالت أردها وأزيده ، فقال رسول الله : أما الزيادة فلا ، فقال له : اقبل الحديقة وطلقها تطليقة ) (17) خلاص ما دام رجعت الحديقة ، فبعضهم قال أن الحديث هذا يدل أن الزيادة لا ، والحقيقة التأمل في الآية حتى المانعين استنبطوا من الآية ، قال : (وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ) لأن المسألة في المؤتى وليس في الزائد ، والآخرين قالوا لا (فلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) عمومًا ، ولكن الصحيح أن كل الكلام على المؤتى ، أما الذي ما أوتي ، على كلٍ المسألة خلافية بين أهل العلم ولكني أحببت أن تعرفوا الخلاف من ظاهر الآية .

إذا يقول الله - سبحانه وتعالى (وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا ) في الشهوات لا تقربوها ، وفي الخصومات والنزاعات حدود لا تعتدوها ، ولاحظوا كم مرة جاءت الحدود هنا ؟ كم مرة كررت ؟

لأن فيه منافسة وزعل ، حدود ،حدود تؤكد قف لابأس لو قربت ولكن لا تتجاوز الحد ، أما الشهوات لما قال الله - سبحانه وتعالى - {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ} (18) ،ثم قال (فَلاَ تَقْرَبُوهَا) لأن الشهوة لها مغناطيس ، جاذبية لو اقتربت منها يُخشى أن تقع فيها ، إذا(تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا) ثم قال - سبحانه وتعالى - (وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) الظالم: الذي توقّع أنه بتعديه لحد الله أنه ظلم غيره هو في الحقيقة ظلم نفسه وهو الظالم حقيقة .

نكتفي بهذا القدر ولعلنا نواصل بعد صلاة المغرب ، ولله الحمد وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
لحفظ المادة الصوتية :
-------------------------------
(1) البقرة221
(2) النحل67
(3) النساء43
(4) يقول الشيخ بن باز في فتاواه :
(بذلك يتضح أن المحصنات من أهل الكتاب حل للمسلمين غير داخلات في المشركات المنهي عن نكاحهن عند جمهور أهل العلم بل هو كالإجماع منهم لما تقدم في كلام صاحب المغني ، ولكن ترك نكاحهن والاستغناء عنهن بالمحصنات من المؤمنات أولى وأفضل لما جاء في ذلك عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وجماعة من السلف الصالح . ولأن نكاح نساء أهل الكتاب فيه خطر ولا سيما في هذا العصر الذي استحكمت فيه غربة الإسلام وقل فيه الرجال الصالحون الفقهاء في الدين وكثر فيه الميل إلى النساء والسمع والطاعة لهن في كل شيء إلا ما شاء الله فيخشى على الزوج أن تجره زوجته الكتابية إلى دينها وأخلاقها كما يخشى على أولادهما من ذلك والله المستعان فإن قيل : فما وجه الحكمة في إباحة المحصنات من أهل الكتاب للمسلمين وعدم إباحة المسلمات للرجال من أهل الكتاب ، فالجواب عن ذلك والله أعلم أن يقال : إن المسلمين لما آمنوا بالله وبرسله وما أنزل عليهم ومن جملتهم موسى بن عمران وعيسى ابن مريم عليهما الصلاة والسلام ومن جملة ما أنزل على الرسل التوراة المنزلة على موسى والإنجيل المنزل على عيسى لما آمن المسلمون بهذا كله أباح الله لهم ساء أهل الكتاب المحصنات فضلا منه عليهم وإكمالا لإحسانه إليهم ، ولما كفر أهل الكتاب بمحمد وما أنزل عليه من الكتاب العظيم وهو القرآن حرم الله عليهم نساء المسلمين حتى يؤمنوا بنبيه ورسوله محمد خاتم الأنبياء والمرسلين ، فإذا آمنوا به حل لهم نساؤنا وصار لهم ما لنا وعليهم ما علينا ، والله سبحانه هو الحكم العادل البصير بأحوال عباده العليم بما يصلحهم الحكيم في كل شيء تعالى وتقدس وتنزه عن قول الضالين والكافرين وسائر المشركين . وهناك حكمة أخرى وهي أن المرأة ضعيفة سريعة الانقياد للزوج فلو أبيحت المسلمة لرجال أهل الكتاب لأفضى بها ذلك غالبا إلى دين زوجها فاقتضت حكمة الله سبحانه تحريم ذلك ).
(5) يقول الشيخ ابن عثيمين في فوائد تفسيره للآية :(ومنها: الرد على الذين قالوا: «إن دين الإسلام دين مساواة»؛ لأن التفضيل ينافي المساواة؛ والعجيب أنه لم يأت في الكتاب، ولا في السنة لفظة «المساواة» مثبتاً؛ ولا أن الله أمر بها؛ ولا رغب فيها؛ لأنك إذا قلت بالمساواة استوى الفاسق، والعدل؛ والكافر، والمؤمن؛ والذكر، والأنثى؛ وهذا هو الذي يريده أعداء الإسلام من المسلمين؛ لكن جاء دين الإسلام بكلمة هي خير من كلمة «المساواة»؛ وليس فيها احتمال أبداً، وهي «العدل» ، كما قال الله تعالى: إن الله يأمر بالعدل[النحل: 90] ؛ وكلمة «العدل» تعني أن يسوى بين المتماثلين، ويفرق بين المفترقين؛ لأن «العدل» إعطاء كل شيء ما يستحقه؛ والحاصل: أن كلمة «المساواة» أدخلها أعداء الإسلام على المسلمين؛ وأكثر المسلمين - ولا سيما ذوو الثقافة العامة - ليس عندهم تحقيق، ولا تدقيق في الأمور، ولا تمييز بين العبارات؛ ولهذا تجد الواحد يظن هذه الكلمة كلمة نور تحمل على الرؤوس: «الإسلام دين مساواة»! ونقول: لو قلتم: «الإسلام دين العدل» لكان أولى، وأشد مطابقة لواقع الإسلام.
(6) الأحزاب49
(7) في البخاري باب مباشرة الحائض عن عائشة قالت : كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه و سلم من إناء واحد كلانا جنب وكان يأمرني فأتزر فيباشرني وأنا حائض وكان يخرج رأسه إلي وهو معتكف فأغسله وأنا حائض [ ش ( فأتزر ) أشد إزاري على وسطي . ( فيباشرني ) تمس بشرته بشرتي . ( يخرج رأسه إلي ) أي من المسجد إلى حجرتها ]
(8) في البخاري باب نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ سَمِعْتُ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَتْ الْيَهُودُ تَقُولُ إِذَا جَامَعَهَا مِنْ وَرَائِهَا جَاءَ الْوَلَدُ أَحْوَلَ فَنَزَلَتْ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ
(9) في صحيح مسلم باب بَيَانِ أَنَّ اسْمَ الصَّدَقَةِ يَقَعُ عَلَى كُلِّ نَوْعٍ مِنَ الْمَعْرُوفِ. عَنْ يَحْيَى بْنِ عُقَيْلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ عَنْ أَبِى الأَسْوَدِ الدِّيلِىِّ عَنْ أَبِى ذَرٍّ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ -- قَالُوا لِلنَّبِىِّ -- يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالأُجُورِ يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّى وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ. قَالَ « أَوَلَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ مَا تَصَّدَّقُونَ إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ وَنَهْىٌ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ وَفِى بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأْتِى أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ قَالَ « أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِى حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِى الْحَلاَلِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ ».
(10) المائدة89
(11) جاء في تفسير بن كثير :وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاء وَغَيْرهمْ فِي مُنَاسَبَة تَأْجِيل الْمُولِي بِأَرْبَعَةِ أَشْهُر الْأَثَر الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَام مَالِك بْن أَنَس رَحِمَهُ اللَّه فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ عَبْد اللَّه بْن دِينَار قَالَ : خَرَجَ عُمَر بْن الْخَطَّاب مِنْ اللَّيْل فَسَمِعَ اِمْرَأَة تَقُول :
تَطَاوَلَ هَذَا اللَّيْلُ وَاسْوَدَّ جَانِبُهُ ****وَأَرَّقَنِي أَنْ لَا ضَجِيعَ أُلَاعِبُهُ
فَوَاَللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ أَنِّي أُرَاقِبُــــهُ **** لَحُرِّكَ مِنْ هَذَا السَّرِيرِ جَوَانِبُهُ
فَسَأَلَ عُمَر اِبْنَته حَفْصَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا كَمْ أَكْثَر مَا تَصْبِر الْمَرْأَة عَنْ زَوْجهَا ؟ فَقَالَتْ : سِتَّة أَشْهُر أَوْ أَرْبَعَة أَشْهُر فَقَالَ عُمَر : لَا أَحْبِس أَحَدًا مِنْ الْجُيُوش أَكْثَر مِنْ ذَلِكَ)
(12) الطلاق4
(13) النساء34
(14) الطلاق1
(15) النساء20
(16) النساء21
(17) في السنن الكبرى للبيقهي باب الْوَجْهِ الَّذِى تَحِلُّ بِهِ الْفِدْيَةُ وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِىُّ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى أَبُو الزُّبَيْرِ : أَنَّ ثَابِتَ بْنَ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ كَانَتْ عِنْدَهُ زَيْنَبُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىِّ بْنِ سَلُولَ وَكَانَ أَصْدَقَهَا حَدِيقَةً فَكَرِهَتْهُ فَقَالَ النَّبِىُّ -- :« أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ الَّتِى أَعْطَاكِ ». قَالَتْ : نَعَمْ وَزِيَادَةً فَقَالَ النَّبِىُّ -- :« أَمَّا الزِّيَادَةُ فَلاَ وَلَكِنْ حَدِيقَتُهُ ». فَقَالَتْ : نَعَمْ فَأَخَذَهَا لَهُ وَخَلَّى سَبِيلَهَا فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَدْ قَبِلْتُ قَضَاءَ رَسُولِ اللَّهِ --. سَمِعَهُ أَبُو الزُّبَيْرِ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ وَهَذَا أَيْضًا مُرْسَلٌ.
(18) البقرة187
/ مصدر التفريغ : موقع أهل التفسير (بتصرف)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق