السورة التي معنا اليوم سورة التكوير وهكذا سُمّيت هذه السورة في المصاحف أو في بعض المصاحف القديمة وهي كذلك عندنا في المصحف الآن تسمّى سورة التكوير وهذا الاسم الدارج كثيرًا، وكذلك تُسمّى بأول السورة لسورة (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ)، في بعض الكتب سمّيت سورة كوِّرت لكنها قليله جداً، بعض الأحاديث التي وردت وردت بصيغة (إذا الشمس كوِّرت) مثل الحديث المشهور (من سرّه أن ينظر الى يوم القيامة كأنها رأي العين فليقرأ إذا الشمس كوِّرت وإذا السماء انفطرت وإذا السماء انشقّت) ذكرت ثلاث أسماء من السور التي سيأتي ذكرُها إن شاء الله فكما قلنا سابقًا أنه إما أن يُنحت من لفظ من ألفاظ السورة اسم، وإما أن تُذكر الصيغة الواردة في السورة، وإما أن يُذكر أول السورة، وعندنا هنا ذُكر أول السورة أو لفظه موجوده في السوره التي هي سورة كوِّرت أو التّكوير الذي نُحت من لفظ كُوِّرت، وهذا عن مسمّى السورة.
موضوعات السورة: كما ورد في الحديث الآن إشارة الى الموضوع الكُلّي للسورة وهو أحداث يوم القيامة (من سرّه أن ينظر إلى يوم القيامة) وهنا هذه السورة مرتبطة بالقرآن المكّي والقرآن المكّي -كما هو معلوم- يناقش قضايا كَثُر تكرارها في القرآن المكّي ومنه قضية البعث واليوم الآخر وكل السور السابقة لها ناقشت هذا، سورة عمّ ثم بعدها النازعات ثم بعدها عبس ثم سورة التكوير وكثرة الطّرق على هذا الموضوع تدل على أهميته وحاجة العباد إليه، فالسورة فيها اثنى عشر "إذا" مُتعاطفه تبدأ بقوله (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) وتنتهي بقوله (وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ) ووقع -طبعًا- خلاف بين المفسّرين هل هي كُلها في آخر الزمان أو بعضها في آخر الزمان وبعضها بعد البعث على خلاف طبعًا بين المفسرين، أُبيّ بن كعب رضي الله عنه يرى الست الأولى في آخر الزمان والست الثانية بعد البعث، وآخرون يقولون أن كلها بعد البعث، فإذا الخلاف في الست الأولى هل هي قبل البعث أو بعد البعث.
عندنا أيضًا بعد ذلك تأتي قوله (عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ) وهو الذي يكاد أن يكون معقِد السورة وهو التنبيه أن كل انسان بعدما تحصل هذه المشاهد أنه سيعلم ما قدّمه من خيرٍ وشر.
ثم انتقلت إلى قَسَمٍ جديد -مقطع جديد- يتعلق بالوحي بطرُقه الثلاث أو بروابطه الثلاث:
النازل بالوحي وهو جبريل عليه الصلاة والسلام، والمُوحى اليه وهوالرسول ﷺ، والوحي الذي هو القرآن وذكرت أوصاف هذين الرسولين وأيضًا نبّهت على أن هذا الوحي من عند الله سبحانه وتعالى وختمت هذا بقوله (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ (27) لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) فخُتمت السورة بهذا فإذًا كأنها صارت مُنقسمة بين البعث وبين من جاء بهذا البعث سواء المُوحي أو الذي أوصل الوحي وهو جبريل أو الذي وصله الوحي وهو الرسول ﷺ أو القرآن الذي يتضمّن هذا البعث الذي ذكرته السورة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق