د . محمد بن عبدالله الخضيري
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن دعى بدعوته واقتفى أثره وسار على نهجه إلى يوم الدين ، اللهم انفعنا بما علمتنا وزدنا علمًاوعملَا يا أرحم الراحمين، اللهم اجعل ما تعلمناه وما نقوله وما نسمعه حجة لنا لاعلينا.
لا زال الحديث موصولًا في آيات الطلاق في سورة البقرة وتوقفنا قبل الصلاة عند قوله - سبحانه وتعالى - {فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ} (1) وانتهينا من الآية السابقة وهي قول الله - سبحانه وتعالى (الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْتَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) وهذا في الطلاق الرجعي، ونأتي بعد ذلك للطلاق البائن.
يقول الله -عز و جل- فيه : (فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) بعد أن ذكرت الآية السابقة أحكام الطلاق والفراق أوالإمساك، جاء بعد ذلك الطلاق البائن وسياق الآية يدل على هذا:
(فَإِن طَلَّقَهَا) بعدذلك (فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) والنكاح هنا يكون نكاح رغبة أن تنكح زوجًا غيره، يعني أن يكون النكاح والزوج ولذلك لما جاءت امرأة رِفاعة القرضي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد طلقها رفاعة وأخذها عبد الرحمن ابن الزبير واشتكت وقالت: "يا رسول الله إن عبد الرحمن ليس معه إلا كهذبة الثوب" فتبسم النبي - صلى الله عليه وسلم - وعرف أنها تريد أن ترجع إلى رفاعة القرضي، فقال - عليه الصلاة والسلام- : « أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِى إِلَى رِفَاعَةَ لاَ حَتَّى تَذُوقِى عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ» (2) إذا حتى تنكح زوجا غيره لا يكون هذا فيه تحايل، ولذلك لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - التيس المستعار "، لا يجوز، لا يجوز هذا النكاح إلا أن يكون نكاح رغبة، ولذا: (فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا) أي هذا الغير قال - سبحانه وتعالى - (فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا) لاجناح أن يرجع بعد ذلك ويتزوجها (إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ) أي: إن غلب على ظنهما أنهما يقيما حدود الله فيما بينهما، وتقوم هي بحقوقه ويقوم هوبحقوقها فلا بأس.
ثم قال - ولعلي أقف مع ختم الآية هنا وأحب أن تشاركوني في بيان سر الختم - فقال - سبحانه وتعالى - هناك (تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَاوَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) هذا في الطلاق الرجعي، وهنا في الطلاق البائن قال: (وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ).
فما المراد بهذا؟ أو هل من سِر يُلتمس في هذا الخِتام ؟
هنا لما حدّ الحدود الغالب أن الذي يلتزم بحدود هذه الآية وهي أنه لا ينكحها حتى تتزوج زواج رغبة من آخر وينكحها ثم يتركها من نفسه، فمن التزم بهذه الحدود - في الغالب - أن أكثر من يفعل هذا ويلتزم بها هم أهل العلم، وهم المتعلِمون، لأن قضية (التيس المُستعار) والزواج من غير رغبة، هذا يكثُر في العامة، في الجُهّال، بل بعضهم يحسب أن هذا الأمر يمكن للإنسان أن يفعل فيه خيرا، فيدخل في بعض الأحيان وسيطًا، وينسى اللعن الوارد منه - صلى الله عليه وسلم -، وأن هذا الزواج وهذا التحليل لا يجوز لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال حتى تنكح زوجًا نكاح رغبة لا نكاح - عياذا بالله - غير ذلك ، إذا ختامها (يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) فأكثر الملتزمين بها والمُمتثلين هم من العالِمين، أما غيرهم وكثير ما يقع في الجهّال، ولذلك نجد أن هذا النوع من الزواج الذي يقع فيه التحليل، في الغالب يقع في الأماكن التي يقل فيها العِلم، في البوادي، في الهِجر، يكثر هذا، أو حتى عند من يقلّ علمه أو دينه ، ثم بعد ذلك قال الله - عز وجل - أيضا (وَإِذَاطَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْسَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) هنا في قوله : (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) قلنا - ولعل في الإعادة تأكيد - أن الآية السابقة عندما قال الله - عز وجل - (الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) هنا قال: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ) أي : قاربن ( فَأَمْسِكُوهُنَّ) ، هل البلوغ هنا في هذه الآية الحادية والثلاثون والبلوغ في الآية التي تليها متساوي المعنى؟
هنا قال: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ) وقال في الآية التي تليها (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ) فهل البلوغ في هذه الآية مثل الآية التي بعدها؟ لا ، البلوغ في الآية التي معنا الآن (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ) هذا بمعنى المقاربة، قاربت، اقتربت من الانتهاء من العدة ، يقع من بعض الناس أنه إذا قاربت المرأة يُمسكها لا لقصد الإمساك، إنما يمسكها لقصد الإضرار وإطالة المدة ، لأنها الآن قرّبت قرُب الفرج، فهو يُرجِعها لكن لا يريد الإرجاع فجاءت الآية في هذا النوع من الناس والنعي عليهم، أو يمزح أو يعبث، ولذلك قال (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) وقلنا لماذا المعروف لأنه لا ينتظر من هذا المُضارّ إلا أن يتركها بالمعروف، ما يُنتظر منه الإحسان، وإلا الأصل في أهل الإسلام والإيمان أن يكون تسريحهم بأعلى الدرجات لأن فيه كسر وجرح لهذه المسكينة، فالأولى أن يكون مع هذا تطييب لخاطرها بالإحسان وأن يكون الختام مسك .
(وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارً) هنا التسريح بالمعروف لأنه ينوي أن يمسكها إضرار فيراجع مرة ثانية يعني بقي عليها في أن تدخل في الحيضة الثالثة يوم أو يومين، قال أشهدك يا فلان أني راجعت، هل تريد بهذه المراجعة إعادة الماء إلى مجاريها وتقصد الخير؟ لا ، إنما يريد أن يضار ولذلك القاضي والحاكم إذا عرف أنه يقصد الإضرار لا يقبل بهذه المراجعة، لكن هذه أمورمرجعها للنيات، وهذه أمور خفية في نفوس الأزواج، وأمور خفية عند الزوجات ولذلك جاء مع الأحكام الشرعية مواعظ (ولا يحل لكم) وجاءت آيات التقوى، والتقوى العجيب أنها تكررت في سورة البقرة كثيرا وجاءت أيضا مع مسائل الطلاق (حقا على المتقين) (حقا على المحسنين) كما سيأتي.
إذا قال تعالى (وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارً) إذا كان قصدك الإضرار هذا من الاعتداء، طيب الذي يفعل ذلك قال: (وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) هو يتصور أنه بهذا الفعل وهذا التضييق عليها بدل أنه ثلاثة أشهر وتنتهي، لا ، يجعلها إلى قبيل أن تنتهي عدتها بيوم أو يومين ثم يراجعها، و لا يقصد بذلك المراجعة ثم يبقيها أيام بعد المراجعة ثم يطلقها ثم تبقى فترة طويلة ثم يراجعها ثم بعد ذلك يطلق وهي الطلقة الأخيرة، لكن كل هذا عبث، إذا ليس لك رغبة لماذا تُراجعها؟! ولذلك نهى الله هذا الصنف عنه واعتبره ظالم، وهو يتوقع أنه ظلمها لكنه ظالم لنفسه (وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) بل قال الله - عز وجل - (وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُوًا) وهنايا إخوان قضية الاحتيال على الأحكام الشرعية، تراه استهزاء بالأحكام الشرعية، سواء كان في موضوع العلاقات الأسرية أو غيرها، بعض المحامين يعرفون المداخل والمخارج فيبدأ يحتال ويقول افعل كذا،افعل كذا ، أو حتى بعض المجربين أو بعض شياطين الإنس ممن يوقع الناس في بعض الحيل فيبوء بإثمها فيقول افعل كذا ، تريد أن تبهذلها ؟ تريد أن تضار بهذه المسكينة ؟ افعل كذا وافعل كذا ولا تفعل كذا ولا تجعلها تفرح بكذا، ما يجوز لك إذا علمت أن الخلاف بينهم وأن هذا الرجوع بغير رغبة، لا يجوز أن يرجع لهذه المسكينة، ولذلك قال (وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُوًا) ومن الاستهزاء أن يقول لإنسان: طلقت هازلًا، وراجعت هازلًا، ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث وإسناده حسن (ثَلاَثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلاَقُ وَالرَّجْعَةُ) (3) وفي رواية (العتاق) ، إذن الطلاق ليس فيه مزح، والنكاح ليس فيه مزح، والرجعة ليس فيها مزح، فينبغي للإنسان أن يتقي الله ولا يتخذ آيات الله هزوا ولذلك قال سبحانه وتعالى (وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ) فاذكروا نعمة الله وما أنزل عليكم أي نعمة، كيف كنتم تعيشون في فوضى في الجاهلية وكانت النساء تبقى السنتين والثلاث يؤالا منها وكيف كان الطلاق مرة ومرتين وعشر وعشرين، وكيف وكيف، فهذه من نعم الله - عز وجل - فاذكروا نعمة الله عليكم، يعني عندك زوجة وعندك بنت وعندك أخت وعندك قريبة، كيف أنعم الله بتنظيم هذه الأمور ما أصبحت فوضى فقال الله (وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ) وخصّ الكتاب والحكمة مع أنها من النعمة لزيادة وإظهار فضلهما، فالله - عز وجل - هو الذي أنزل الكتاب والحكمة وهي السنة ، (وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ) ثم جاءت التقوى كما قلت لكم بعد أن ذكر الحكم الشرعي ذكرت التقوى، والتقوى جاءت في الطلاق كثير وفي البقرة كثير، وإن كانت وردت في القران فيما يقارب 245موضع لكن جاءت في البقرة أيضا كثير، ولذلك لو بحثت مسألة التقوى بالذات في مسائل الأحكام، أو بحثت في سورة البقرة كانت بحثا يستحق حقيقة البحث والتنقيب والإفادة من هذه الموضوع ، ثم قال الله تعالى (وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) لأنك أنت كنت تراجعها وأنت مخفي نيتك لكن الله - عز وجل - (بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) لا تعبث .
نأتي بعد ذلك إلى صورة أخرى جميلة وتأملوا فيها، وارجوا أن تلتفتوا لها، لأن قد يكون بعضنا له نصيب في واقعه من هذه الآية، يقول الله (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ) البلوغ ما المراد به هنا؟
الانتهاء، طلقت وانتهت، غيرالبلوغ السابق، البلوغ السابق مقارب للنهاية، وهنا منتهية خلاص أصبحت أجنبية عنه،وهو أجنبي عنها، (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ) قال الله - عز وجل - وصدق الله وكذب كل من قال خلاف ذلك قال (وَإِذَاطَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) لعله يتضح بسبب نزولها، سبب نزولها في البخاري قصة معقل بن يسار، معقل يقول : (كانت أختاً لي ، فزوجتها بابن عمي ، ثم بقي ما شاء الله أن يبقى معها ثم طلقها، ولم يراجعها - انتهت عدتها ولم يراجعها - ثم بقي ما شاء الله أيضا، فهويها وهويته، ثم جاءها يخطبها خاطب ، الخاطب هو نفسه، طلقها طلقة واحدة، ثم بقي مدة طويلة لم يراجعها، لكن رجع بعد أن انتهت عدتها رجع يريد أن يتزوجها مرة أخرى، ماذا قال له معقل؟ قال يا لكع زوجتكها ثم طلقتها والله لا زوجتكها بعدها) كيف تجرؤ وأنت مطلقها ثم ترجع مرة ثانية وتتزوجها ؟ هذا سبب النزول يوضح لكم ما في الآية ؟ تأملوا في الآية قال (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ) ليست زوجته ولكن سماها زوجة باعتبار حالته السابقة، كأنه يقول هو أزين و أحسن من غيره، امرأة انكشفت عليه أفضل ، ثم قال (فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ) هذا المطلق والمطلقة (إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ) طبعا يتراضون لو كان أحبته لفسقه أوأحبها لفسقها ، لا، لكن إذا تراضوا بالمعروف يعني بقوا سنة سنتين لكن فعلا جرب امرأة أخرى ووجد أنه استعجل في طلاقها، وتمنى لما ما جرب غيرها يرجع لها ، فرجع لها ثم هي بقيت تنتظره لأنها تذكر أن هذا الطلاق ما كان له ذاك الداعي، حتى أنها كانت تهواه ويهواها، قال الله - سبحانه وتعالى - (إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ) أريد أسألكم لو أن هذه الآية ليست في أذهانكم وأن هذا الأمر الرباني ليس في أذهانكم، هل يسهل عليك أنت أيها الأب والولي أن تزوج بنتك ثم تطلق ثم بعد سنة أو سنتين ثم يرجع يخطبها ؟ سهل عليك ؟ صعب ، مثل معقل بن يسار قال له يا لكع زوجتك ثم والله لا زوجتكها ، فنزلت هذه الآيات، هي صعبة على النفوس، يطلق ثم يعود مرة أخرى، فجاءت هذه الآية تهدم ما في النفوس وتقول النفس تريد والله يريد، والله يختار، لكن لماذا نحن نجد غضاضة، في مثل هذا الزواج ؟ لماذا؟
تشعر أنه فيه شيء من الهضم لك، شيء من الإهانة، شيء من الخفض لك، يعني بنتي أو أختي تزوج ثم تطلق ثم ترجع مرة ثانية، ماذا سيقول الناس؟ هذا ما عنده مروءة ، ما يفهم، فقال الله في ختامه وصدق الله وكذب من قال خلاف ذلك، فقال الله (ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى) ماقال أحسن، ما معنى أزكى؟ أرفع ، الأزكى فيه الزكاء في الرجعة ، أنت تتوقع أنها أخفض والله يقول إنها أزكى ، أرفع ، إذا أزكى انتهت ، الشيء الذي تجد أنه يحط من قيمتك لا ، مادام الله يقول سترتفع قيمتك لأن الله قال أزكى، والأزكى في اللغة الأرفع ، فإذا أنت وإن قال الناس أخفض، قال الله أرفع وصدق الله وكذب الناس، وكذبت نفسك حتى، (ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ) "أطهر" ليس لكم إنما لهم لماذا؟ لأن المرأة تتعلق حتى الرجل كلهم مساكين يتعلقون بأول لقاء، والمرأة أشد والذي يمنع هو ولي المرأة ، فالمرأة في هذا المقام قد - لا سمح الله - تنحرف لأن الذي هويته، ولذلك لطهارة قلبها وافِق على هذا الزواج، فإذا كان في مسألة الخفض، فأنت أرفع برفعة الله ، وأرفع لأنك ألتزمت بأمر الله ، لأنك أزكى وكذلك أطهر لقلب هذه المسكينة ولقلبه ، ثم قال ختام جميل (وَاللّهُ يَعْلَمُ) سبحان الله!! يعلم ماذا؟ يعلم ما في قلبها من الحب ويعلم ما في قلبه من الحب، ما دخلكم أنتم ؟ بل سماهم أزواج ، لو الناس التزموا بهذه القواعد الشرعية والأوامر، هناك بحث جميل أنصح بقراءته حتى في مسائل الطلاق، في بحث لأحد القضاة اسمه : "الطلاق السني وأثره في تقليل من نسب الطلاق" لو أن الناس طلقوا على السنة وأبقوها في البيت والتزموا بكل الأوامر، 80% من حالات الطلاق ترجع المطلقة لو أنها لا تدخل ولا تخرج تصلح ولذلك هذا العضل لا يجوز، لا يجوزلهذا الولي أن يعضلها، بعض العلماء قال أن هذه الآية تنطبق على بعض الأزواج الذين يعضلون زوجاتهم .
(سؤال من طالب )
ج: أظن الشيخ عبد المجيد الدهيش القاضي .
ج: أظن الشيخ عبد المجيد الدهيش القاضي .
بحث جميل، لكن فعلا هو حل لو أنه أُشيع في الناس في الخطب ، في المحاضرات، في اللقاءات، زعلت عليها خلها تبقى، حتى تبقى ثلاث حيض، لماذا ثلاث حيض،ما تكلمنا عن ثلاثة قروء، إن كان لاستبراء الرحم، الرحم بريء من أول حيضة، مافي حمل وإلا لا؟ تقدر تحلل وتقول ما في حمل، طيب لماذا ثلاث حيض؟
(وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ ِبأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ) لأن ثلاث حيض لما يطلق أول أسبوعين الوضع صعب - متكهرب كما يقال - الوضع شديد، كل واحد ما يطالع في الثاني أول أسبوع الوضع شديد، ثاني أسبوع كل واحد يسرق النظر للثاني، ثالث أسبوع تهدأ النفوس، رابع أسبوع هي تقدم له أنواع من الأكل والشرب - بخشيش - وهي عنده في البيت، وهي لازالت زوجته تتجمل له وتتزين له ، لكن لو خرجت كل واحد تعنت، أو أُخرجت، أهلها أيضًا عندهم قلة عقل وقلة دين، فأخرجوها أوهي خرجت أو هو أخرجها، لا ، أبقها في البيت، فتنتهي أول حيضة ثم الحيضة الثانية يبدؤن يشتاقون لبعض، يبدأ يعاتبها ويخف العتاب ويراجعها، هذا هو الذي نريد هذا هو الطلاق السُني ، وأيضًا في طُهر لم يجامعها فيه، يطلق في طهر لم يجامعها فيه، ثم مرت حيضة وحيضتين والثالثة ، واضح أنه كرهها وأيضًا كرهته فلا بأس من هذا الفراق، لأن الفراق أحسن من هذا البقاء .
إذا العضل الذي يقع من الأولياء لا يجوز في مثل هذه الأمور، وقال بعض المفسرين إن هذه الآية - وإن كان هذا القول أضعف من القول الأول لورود سببه - قالوا : إن بعض الأزواج يعضل زوجته إذا طلقها يعضلها حتى لا تتزوج غيره .
قراءةالآيات:
(وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَأَ جَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ * وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّآآتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير)
هنا انتهينا من قوله تعالى قال في ختام هذه الآية (وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) قلنا علم ما في نفوسهم من الشوق لبعضهم، وتلك لأن (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ216 ) الله يعلم المستقبل، ويعلم ما وقعتم فيه من مكروه قد يكون فيه الخير كله، والعجيب مسألة الكراهية جاءت في القتال وجاءت في المسائل الزوجية، قال (فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْشَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) أي لا يستعجل الإنسان لأول وهلة، وخاصة أن أكثر الطلاق يقع في السنة الأولى ، قد تكره منها بعض الصفات الخَلْقية لكن فيها من الأخلاق ، فيها من النجابة ، فينبغي للإنسان ألآّ يتعجل .
بعد ذلك سمعتم الآن الآية ونحن نتحدث عن أحكام الطلاق، وفي مسألة العضل في المطلقين قال الله -عزوجل - (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ) ما الذي جاء بمسائل الرضاع في مسائل الطلاق؟ مع أن هذه الآية (وَالْوَالِدَاتُ) والآية التي بعدها: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) ، ثم (لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء) لازال الحديث في موضوعنا السابق سواء بوفاة أو بطلاق، فلا زال الحديث، لكن ما الذي جعل آية الرضاعة تأتي في هذا الوسط؟
وهذا - كما قال بعض المفسرين - يدل على رحمة الله ، وأن الله أرحم بهذا الرضيع والولد من الأب والأم ، لأنه قد يضيع هذا الولد، وهذا الوليد يضيع بين صلف الأب وحمق الأم ، بين هذه المشاكل يضيع ، فمن رحمة أرحم الراحمين أن جاءت الآيات لتُقرر في مسألة الرضاع ، وإلا هنا الآية (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ) الحقيقة أن المراد بالوالدات هنا المُطلقات، لكن لماذا قال: (وَالْوَالِدَاتُ) ؟ استعطافًا، لأنه لما يصير خصام تجد أن الأب يسحب الطفل فقال الله - عز وجل - وينبغي أن نقول سمعًا وطاعة ، قال: (وَالْوَالِدَاتُ) هي والدة ولدت ، هي التي تُرضع، لماذا تأخذ وحده غيرها ، فمن باب الاستعطاف حتى أنت تخف شوي، والعجيب يا إخوان استقرؤا في القرآن أكثر ما جاء لفظ الوالدين في القرآن بلفظ الوالد أم بلفظ الأب ؟ الوالد ، الوالد هل يلد ؟ لماذا غُيب اسمه ؟ في القرآن كله حتى أصبح ديدننا الوالد فلان الوالد .... مع أن الرجل لا يلِد، لعظم شأن الولادة ، كأن الولادة والوالدين هم الأصل، بسبب الولادة أطلق حتى على الوالد، والعجيب استقرؤا آيات القرآن إذا مرّ بالإحسان يأتي لفظ الوالدين، وإذا مر في الحقوق المالية يأتي بالأب، في الغالب ، فغلب جانب الولادة .
نعود لقوله (وَالْوَالِدَاتُ) كأن الآية تقول: "والمطلقات" لكن جيء بالوالدات ولاحظوا أنه أُظهر في الآية المفعول، أين المفعول؟ (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ) مع أنه لو لم يظهر المفعول واضح، والوالدات يرضعن حولين كاملين معروف أن الوالدات يرضعن أولادهن لن يرضعن أزواجهن ، فأولا قال "الوالدات" ولم يقل المطلقات ، ثم قال "يرضعن" وجاء به على أنه خبر، وبمعنى الأمر وهذا أقوى في دلالة الأمر يعني أمر مقطوع به ، ولذلك يرضعن أولادهن، لماذا قال أولادهن؟
زيادة الاستعطاف ، يعني لا تتعنت أيها الرجل، هذه والدة تعبت في الولادة ترضع ولدها سماه ولدها، وانظروا بعد قليل ماذا يقول:
(وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ) قال (حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ) المسألة فيها صراع فقال (حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ) لأنه سيصرف عليهما حولين ، يصرف على الولد وعلى الأم ، جعلها حولين وقال "كاملين" مع أنه يكفي "حولين" تأكيد (لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ) وفي قراءة "أن تُتم" (الرَّضَاعَةَ) هنا قال أولادهن، وقال: (وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ) رجع وأعطاه إياه، لماذا أعطاه؟
لأنه قد يقول أنا لن أدفع المولود لك نقول له المولود لك ، انظروا للرحمة ، يعني الضمائر والكلمات ، بوزن بدقة، يعني كما قلت لكم الأحكام الشرعية ليست مواد تكتب ، تجد أن القانون ليس فيه مراعاة ، هذه كتبت فيها استعطاف وإثارة تقوى ، إثارة عاطفة ، ودقة في كل كلمة ، إذا قال (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) فقد يقول خلاص مادام هي ترضع هي بكيفها، لا، المولود لك باسمك (وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ) تشديد عليك (رِزْقُهُنَّ) المولود والوالدة ، (وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) بالمعروف في الجانبين، يعني هي لا تطلب فتقول أنا لا أرضع إلا بكذا من المال ، ولا يبخسها يقول لها ترضعين بقليل من المال، لا ،تقول أنا لا أرضع إلا بستة آلاف في الشهر، ولا يبخسها يقول لها ما أستطيع أن ادفع النفقة إلا أن أدفع لك مائة ريال أو مائتين، هذاالحليب منك وليس من الخارج، الضابط في ذلك المعروف من مثله لمثلها ،الضابط في المعروف يختلف في:
ـ الزمان
ـ والمكان
ـ والأحوال، أحوال الناس من غنى وفقر
ولذلك المعروف في القرآن - وهذه من الموضوعات التي لعل بعض الباحثين المتخصصين يتخصصون بدراستها - لو يبحث موضوع المعروف في القرآن وضبطه وإراداته ورد كثير في القرآن : القول بالمعروف ، ضوابط المعروف ، بالمعروف (إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ) كما جاءنا قبل قليل أيضا . إذا يقول الله (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) إذا صرح بالمفعول هنا : (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ) من باب الاستعطاف ، وإلا لو لم يصرح به "والوالدات يرضعن حولين كاملين" تمشي ، وأكد حولين كاملين، (وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)
ثم قال الله في ضبط هذه الأمور، لأن فيها مشاحّة ومنازعة: (لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا، لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا) لايجوز لك أن تضار، وتقول أنا وجدت وحدة بمائتين، يا أخي حتى لو ترضع بمئتين ، المعروف المعتاد أنه في هذا الزمان مثلا ترضع والكسوة والرضاع مثلا ألف وخمسمائة، وإذا كان راتبك عالي يأخذ منك ألفين أو أكثر حسب ما يراه القاضي ، فبالمعروف لن يضرك أنت ولاتشاق على هذه المسكينة،(لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا) وفي قراءة "لاَ تُضَآرروَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا" (وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ) أيضا عطف عليك ، أيضًا لا تصير الأم عنيدة وتقول لن أرضع إلا بالمبلغ الفلاني، نقول : لا، الأصل في الرضاع اتق الله وأن يكون ما تعارف بين الناس، لا يُبخس ولا يزاد الوسط المعروف (لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ) أي وارث؟
ـ قيل : الصبي نفسه إن كان له مال
ـ وقيل : وعلى الوارث: وارث الصبي
ـ وقيل : وارث الأب
كلها قيلت لكن أقربها الذي يرث الصبي ، لنفترض أن هذا الصبي يحتاج رضاعة ونفترض أنه مات وعنده مال من سيرثه؟
الذين يرثونه هم الذين يدفعون قيمة رضاعة ونفقة هذه المسكينة بقدرأنصابهم ، إذا (وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ) .
ثم قا ل - سبحانه - (فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً) فطام ، وليس الفطام على كيفهم ، انظروا رحمة الله بهذا الوليد حتى لا يضيع ، كل هذه الأشياء في مسألة الطلاق لأجل هذا الوليد ، كل هذه الأحكام والتدقيقات والضمائر ويرجع يدقق ويحقق ، هذا الرحيم سبحانه ، ولذلك ابن كثير عند قوله (يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ) قال " استنبط بعض الأذكياء أن الله أرحم بنا من والدينا" (3 ) (يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ) أحديوصيني في أولادي؟ نعم الله يوصيك، فهذه الرحمة من الله في هذه المسألة وهذا التدقيق،(فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً) والفصال : الفطام سمي الفصيل فصيلًا لأنه يفصل عن أمه، فإن أراد أن يفصله فصال فلا بد أن يكون عن تراض وتشاور، مايكون كل واحد يأخذ الأمر من نفسه ستة أشهر أو سنة، طبعا فيه خلاف في مسألة الرضاعة هل الرضاع من خلال الآية واجب ؟ أو مندوب؟
ـ بعض الفقهاء قالوا: إذا ما وجد غيرها يجب
ـ وبعض المالكية قالوا: يجب إلا بالنسبة للشريفة، الشريفة لا تلزم بذلك، يعني من علية القوم قد لا توافق على الرضاع لأن الرضاع قد يؤثر على جسمها .
على كلٍ إن وُجد غيرها فلا إشكال، فإن لم يوجد فالقول أن الرضاع واجب .
(فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّآ آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ) يعني إذا حصل الفصال: (فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّآ آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ) ثم أعاد التقوى جاء بها قبل قليل (وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) إذا هنا مع القواعد والتنظيم الدقيق قد يحتال إما طرف المرأة أو طرف الرجل فذكرهم بالتقوى وذكرهم بعلم الله وبصره ،(أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) لاتعبثوا ، برغم مع كل هذه القيود، التي فيها تلك الشفقة والرحمة والتدقيق والتحقيق قال وختم (أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فجاءت الآيات في وسط الطلاق تطمئن على هذا الوليد لا يضيع ولذلك ينبغي مع عنتنا سواء كنا أولياء أو أزواج ألاّ نُدخل هذا الصغيرفي المعركة وأن يكون له حظه من العناية والرعاية، وحظ من الالتزام بأوامر الله - عز وجل - هذه .
ثم قال - سبحانه وتعالى (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)
(وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا) هذه عدة المتوفى عنها، لأنه قد تحدثنا عن عدة المطلقة، قد يحسب البعض أن عدة المتوفى عنها زوجها مثل عدة المطلقة، وليس كذلك، فعدة المتوفى عنها أن تبقى (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ) وجاءت الأنفس مثل ما قلنا هناك التربص بالأنفس (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) أربعة أشهر إذا حملت وعشرًا للاحتياط لأن الجنين يتحرك فيها،وهذه أمور تعبدية، فلو قال قائل الآن ممكن نطمئن ونحلل،وأيضًا لها أحكام، سيأتينا في التعريض لخطبتها أنه لا يجوز أن تخطب صراحة، ويجب عليها ترك الزينة وتبقى في البيت ولا تتزوج، هذه المتوفى عنها زوجها، وكانت في الجاهلية تبقى السنتين والثلاث، بل كانت في الجاهلية المرأة تبقى سنة ما تمس ماء!! سنة كاملة ما تمس ماء في الجاهلية، وإذا انتهت السنة تأخذ بقطعة من الروث وترمي به، يعني كأنها خلاص، ثم بعد ذلك تغتسل .
/ جعل أربعة أشهر اعتداد لهذا الزوج، واحتاط كل هذه الاحتياطات مع أنه لم يحتاط مع المطلقة، لماذا؟ فالمطلقة يجوز لها تخرج وتدخل؟ لكن لماذا جاءت الحيطة في شأن المتوفى عنها؟
لأن المطلق حي فلو قالت أنا حامل وهو يعرف نفسه، يستطيع أن يدافع عن نفسه، أما تلك فنحجرها ونضع عليها الحجرهذا حتى لاتفتري على هذا الميت، وتقول أناحامل منه، واضح؟ فنحصرها فلا تخطب ولا يصرح بخطبتها ولا تقع في هذا المحظور وهولا يستطيع الدفاع عن نفسه ، (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ) هنا أيضا فائدة (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ) لاحظوا كلمة عليكم ولم يقل عليهم لماذا؟ (فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) يعني لا تبالغون، بعض الناس الآن لما الزوج يتوفى سواء هي أو وليها، يقولون لا تفرحين!!الآن لاتحاولين أربعة أشهر وعشر أيام،لا ، زيدي حزنك هذا ، أو الناس سيقولوا فرحتي بهذا الانتهاء قال الله - عز وجل - (فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ) وقال عليكم ولم يقل عليهن؟ هذا يدل – كما يقول بعض المفسرين- على أن عليكم دلالة على أنك أنت الناظر عليها، وأنت المسئول عنها، وأنت المراقب لها، (فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) لاجناح عليها في التزين المعروف لو بالغت لا ، لكن التزين المعروف، خلاص، انتهت الأربعة أشهر وعشرا، تتزين بالمعروف ولا تبالغ، إذا كانت هذه الزينة المعروفة فلا بأس في ذلك ولاتجد غضاضة .
/ ثم قال - سبحانه وتعالى - (وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء أَوْ أَكْنَنتُمْ) المتوفى عنها زوجها تجد أن الخطاب لها أكثر من المطلقة، كانوا قديمًا - حتى في بلادناهذه - المتوفى عنها زوجها تجد أن بعض الناس يحسب أربعة أشهر وعشرًا تجده في اليوم العاشر يصلي مع أبوها!! لأن المتوفى عنها أرملة، وكانوا قديمًا بسبب التعدد لا مطلقة ولا أرملة تبقى، لكن الأرملة أكثر، لأن الزوج متوفى ، ذهب، حتى لو أحبته ، أحبت ميت، حتى لو تاقت نفسها ، وصيانة لعرضه لأنه ميت ، غائب ، فقال (وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء) لأنه كما قلت لكم هناك دافع بالنسبة للمتوفى عنها زوجها ما يصبرون الخطاب، فالله -عز وجل - أباح التعريض ونهى عن التصريح أو ما يقوم مقام التصريح منهي عنه ، التصريح : كأن يقول أريد أن أتزوجها، ممنوع، ما يجوز، أو يتقدم ،أو قال بعض المفسرين: كأن يذكر شأنه في قوة المعاشرة، أيضا ما يجوز هذا الأمر، يكون بالتعريض يقول امرأة صالحة وأنا أبحث عن زوجة لكن لا يقول أنا أريدك ، يعرض تعريضا .
(سؤال من طالب )
ج: لا في العدة ، قلنا بعد انقضاء العدة الناس يتسابقون،أربعة أشهر وعشرا كانوا الناس قديم المسألة بعدها فيها يسر .
(وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء أَوْأَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ) يعني ستذكرونهن في أذهانكم من الشوق لهن، أو ألسنتكم ما تصبر، يعني الله سبحانه وتعالى لطيف ورحيم بعباده، يعلم أن هذه المتوفى عنها زوجها الرغبة فيها كثير، وتُرغب ، فقد لا يصبر هذا الذي علم أن هذه أرملة ومات عنها زوجها فسينطلق لسانه فأبيح في مجالات ومنع في المجالات الصريحة، قال: (عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَـكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا) والمواعدة بالسر ما هي ؟ بالزنا،أو المواعدة بالسر بالزواج، أو كما قلت لكم يصرح بقوته في بعض الأمور .
(وَلَـكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا) ما هوا القول المعروف ؟ التعريض ، ثم أكد ذلك بقوله (وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ) يسمى عقد، لا تعزموا إبرام العقدة، ويسمى النكاح عقد، بل هو أعظم العقود، العجيب يا إخوان كثير من الناس يُعنى بعقد البيع والشراء، تجد أنه يرجع لبنود البيع والشراء ويدقق فيها، ويقول أخاف من الحرام ، ولا يرجع للعقدالذي بينه وبين زوجته (وأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً) (4) ليس بميثاق عادي ميثاقا غليظا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْبِالْعُقُودِ) قالت لك في العقد اشترط عليك أن أدرس، اشترط عليك أن كذا، بيت شرعي، لا تحتال، يجب عليك أن توفي وأن تتقي الله - سبحانه وتعالى -، بل هو عقد بل من أشد أنواع العقود (وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ) ثم قال - مهددًا ومتوعدًا - (وَاعْلَمُواْأَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ) يعني انتبهوا، قد يلف الإنسان ويدور في مثل هذه الأمور (وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ ) يمكن فلت منك شيء (حَلِيمٌ) حليم إذ لم يعاجلك ، هذه في ضمنها التهديد إذ لم يعاجلك بالعقوبة .
ثم بعد ذلك جاءت آيات (لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء) نوعم ن أنواع الطلاق أيضا ،(لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ) يعني لا إثم (لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً) الآن هل يتصور زواج بدون مهر؟ هل يتصور؟!
يجوز، نعم، يعني جاء الخاطب وخطب ولفرحتك بهذا الخاطب لم تشترط عليه شيء وأعطيته الكلمة وزوجته، ثم بدا له التراجع، لم يفرض ولم يمس، شافها فقط شوفة، فما الحكم هنا ؟ قال الله هنا (لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً)لاجناح ، لا إثم، ولا تبعة مالية أيضًا، فما الذي عليك؟
الآن الناس استقبلوك، ورحبوابك وزوجوك ولم يحصل مسيس ولا فرض، وأردت أن تتراجع، الأولى لك والأفضل ولعله الصحيح – في الآية - أن تمتعها (وَمَتِّعُوهُنَّ) قال - سبحانه وتعالى - المتاع أقل يعني شيء يسير لكنه يختلف حسب حال الشخص، (وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ) متعة الغني غير متعة المتوسط غير متعة الفقير، يعني ناس استقبلوك ورحبوا بك، وزوجوك ثم تراجعت، يعني تراجعك بدون هدية، وبدون إكرام لهم ، قد يتصور الناس أنك سمعت عنهم شيء ، فعندما تكرمها بهدية ، بما يتيسر عليك في ذلك، كما قال تعالى (عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِقَدْرُهُ) ويكون عندك في ذلك مروءة وكرم، يقول الناس لو كان فيها شيء ما متع، فجبرًا لكسر خاطرها يكون مثل هذا الشيء جبرًا لها، ولذلك ينبغي أن يلاحظ في مثل هذه المتعة، وأن نشيعها في الناس، وأتمنى على الإخوان الوعاظ والخطباء والمتحدثين أن يتحدثوا في مثل هذه المسائل الاجتماعية التي وردت فيها نصوص صريحة في كتاب الله –عزوجل- ولاحظوا أنه قال: (حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) وبعدها بآيات قال: (حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) ،المتعة هنا حقًا على المحسنين لماذا؟ لأنه ما صار منه شيء، فقال حقا مع أن المتعة لكل مطلقة، حتى لو طلقت زوجتك بعد الدخول، طلقتها متعها أيضًا، لأن بعض الناس – والعياذ بالله- بدل ما يمتعها يؤذيها بهذا الطلاق، فيجمع لها بين الفراق وسوء الطلاق، فيمكن أن يأخذ كل ما في البيت، حتى الأشياء الخاصة لها ما يبقيها لها، أخي أين مروءتك ؟ قل هذا البيت خذي ما شئت وابقي ما شئت وما أخذتي أحب إليّ مما أبقيتي بل أعطها هدية معها، قال تعالى (وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) وفي قراءة "ولا تناسوا الفضل بينكم " ، قال (وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ ) طبعا هذه الآية لو قال حقا على المؤمنين، لقلنا يجب هذا، لكن كونه قال: (حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِين) (حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) دلالة على أنها صنفين من الناس، إن كنت تريد أن تكون من المحسنين، فيحسن الله إليك، ومن المتقين فيقبلك الله، فكن مع هذه المتعة ومع الأسف قلّ عمل الناس بمثل هذه الآية . هذه المطلقة لها عدة أو مالها عدة ؟ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَانَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} (5).
نأتي للطلاق الثاني: (وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ ) مافي مسيس (وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً) وهذا يقع كثير، فرضتم بمعنى نطقتم لا بمعنى سلمتم ، أول ما دخلت عليها ورأيتها وأنت أول مرة ترى امرأة على طول تقول أنا مستعد بمائة ألف، المهر مائة ألف، ثم لما رأيت غيرها بدا لك شيء، فهنا فرضتم يعني وعدتم أوسلمتم ، إذا قال الله - سبحانه وتعالى - (وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ) خلاص راح عليك، يا إخواني انتبهوا الله – سبحانه وتعالى - قال (وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) هذا المهر الذي نتحدث عنه سماه الله – سبحانه وتعالى- صداق ووصفه وهي : عطية بطيبة نفس، بل عطية بلا منّ، قال العلماء : عطية ليس فيها يد عليا ولا يد سفلى، عطية من الله، من الله ليس منك، لأنه قال {وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا} (6) قال نحلة حتى لا يمُنّ الرجال على النساء بها ، نحلة نحلها الله وواجب عليك ليس منك، أيضا لو أنك فرضت ثم لم تدخل، لم تمس، قد يأتيك الشيطان وتقول: ما صار شيء ، لماذا تأخذ النصف؟ يدخل العقل، لكن لما يأتي الشرع، النقل ألغى العقل، خلاص قل سمعنا وأطعنا هذا هو السمع والطاعة، أما أن أشنع وأقول هؤلاء أهل العلم يقدمون عقولهم ها أنت حينما أتت الأمور عليك قدمت عقلك على منطوق نقلك وعلى النص القرآني ، قال - سبحانه وتعالى (وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ) من هم ؟ الصحيح أن يعفون المرأة ،(أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ) وقع خلاف طويل عريض بين المفسرين في هذه الآية لكن الصحيح أو يعفو هو ببقية المهر، الذي بيده عقدة النكاح من هو؟ الزوج أو الولي؟ الزوج، لأن الولي هو الذي ينطق بالتزويج والزوج هو الذي يقبل ، فهو الذي يعقدها أو يتركها ، الذي أول من ينطق الولي، والذي يوافق ويعقدها هو الزوج، والصحيح الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج ، فإما أن تعفواعنه تقول مادام ما في دخول قد عفوت عنك، أو وليها، (أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ) ثم قال (وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) يعني يا هذا أو هذا، هذه أقرب للتقوى .
(وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَنَ مَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) هي أقرب لتقوى الله، هذا من الفروقات الرئيسة بين شرع الله – سبحانه وتعالى - والنظام الوضعي ،النظام الوضعي بنود جافة فقط يستطيع المحامي ....، لكن المحامي المسلم لما تعرض عليه الآية يخاف ، أنت وأنت صاحب الحق، قد تكون مظلوم لما تمر عليك هذه الآية تخاف ، (وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) مادام سأكون أنا أتقى عند الله أو هي تقول أنا أتقى تركتها لله ، ثم قال - سبحانه وتعالى - (وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) وفي قراءة "ولا تناسوا الفضل بينكم" ، ثم قال (إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) وفي الآية قبلها (وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) واعلموا زيادة هنا أيضا في بيان مراقبة الله – عز وجل - لأولئك وفي نياتهم وفي صفحهم وعفوهم .
/ ثم جاءت الآية الأخرى مثل ما قلنا في آية الوالدات، جاءت (حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ) ثم بعد ذلك (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ) (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ) وعاد مرة أخرى، ما دلالة هذه الآية (حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى) لماذا جاءت هنا؟ (حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَاعَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ) يعني جاءت آية الصلاة وآية الرضاع في الطلاق، عرفنا الرضاع لماذا جاء؟ نأتي هنا لماذا جاء؟ بعض المفسرين قالوا : لأن الإنسان قد يكون مشغول بمشاكل الطلاق والمرأة وتشغل ذهنه فجاءت الآيات ، يقول ابن القيم : " لأن هناك حق للعباد وحق لله، فلا يشغلك حق العباد على حق الله، وهي الصلاة فجيء بها للتنبيه "،كأنها تنبهك ، الذي عنده مشاكل مع زوجته، أو عندها مشاكل مع زوجها تجد أنها إذا صلت تصلي أو يصلي وهو يرتب ويفكر ويخطط فجاءت الآيات (حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى) .
جيد هذا استنباط جميل يقول أخوكم أيضا: مثل ما قال النبي – صلى الله عليه وسلم - (كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة)، وقال تعالى: (وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) (7) فالاستعانة بالصبر والصلاة، يعني في الإشكالات، يعني هي زاد، تبدأ تفكر تفكير صحيح ، مضبوط بضوابط الشرع .
في قوله - سبحانه وتعالى - (حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ) قال بعض المفسرين : أن "حافظوا" ، المراد بالمحافظة هنا بالحفاظ الوقت والدليل: (وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ) القنوت والخشوع جاء في الآية، وبقرينة أخرى أن الأساس الوقت، في كلمة "حافظوا" لو لم يأتِ "قانتين" وبقيت الآية لقلنا أن المراد الصلاة كلها، وإن كان بعض المفسرين قالوا: المحافظة على الصلاة بكل ما فيها من أركان، وطمأنينة لكن نقول الأساس ظاهر الآية يدل على أن المحافظة تُعنى بالدرجة الأولى بالوقت، ذكر الصلاة الوسطى في الآية نفسها (حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ) وخصّ وقت من الأوقات، هذا يدل على أن الوقت مهم ،(وَقُومُواْلِلّهِ قَانِتِينَ) القنوت جاء ثم (فَإنْ خِفْتُمْ) حتى وأنتم خائفين ما تعفون من الوقت واضح ، وهذا يدلكم على أهمية الوقت، لو قال شخص سأصلي ولكن سأصلي وأنا غير مطمئن، وإلا أترك الصلاة حتى أطمئن في مكان أهدأ ولو خرج الوقت ؟ نقول: لا (حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى) الأصل الوقت بدلالة (فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْرُكْبَانًا) حتى وأنت خائف سواء من عدو أو من سبع، تركض على رجليك، أو راكب، ما يُرخص لك، وإن كان بعض الناس يترخصون الآن ترك الصلاة وجمعها وإخراجها عن وقتها، بل بعض الناس تعود يجعل صلاة الفجر الساعة السابعة دائما، ما صلاها، هذا ليس بوقتها، الأصل الوقت، وقت الصلاة مهم، والمحافظة عليه مهمة، فالله – عز وجل - أمر بالمحافظة على أوقات الصلوات (والصَّلاَةِ الْوُسْطَى) والصحيح طبعًا وقع خلاف بين أهل العلم في الصلوات، حتى أن ابن جرير - رحمه الله - في تفسيره أورد أكثر من مائة أثر، في هذه المسألة، خلاف مثير أي الصلوات المراد، والأشهر أنه العصر، والذي يليه أنها قيل الصبح ، وأضعف هذه الأقوال أنها المغرب، وأن كانت قيلت ،لكن أقواها لِما ورد في الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صرح بذلك (شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر) فصرح النبي وتفسير النبي يقطع الخلاف في المسألة، وألّف بعضهم كتيب اسمه: "كشف المغطى في بيان الصلاة الوسطى" لما لأهمية (حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَاعَلَّمَكُم) وهذا فيه منّه وفضل العلم (فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ) وعلمك ما لم تكن تعلم، وكان فضل الله عليك عظيما والنبي ما سأل المزيد من شيء إلا العلم، {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً}(8) فمن فضل الله علينا وعليكم أن علمنا ولله المنة من قبل ومن بعد،والله فضل يا إخوان الله يسوقنا ويبقينا في مثل هذه الدورات، ونتعلم ، نتعلم خير الحديث وأحسن القيل وأحسن القصص، وأصدق القيل، مرة سألت واحد من مشايخنا الفضلاء ممن لهم باع في الدراسات القرآنية وكانت مكتبته الصغيرة، قلت له يا شيخ ما شاء الله - فاتح الله عليه في القرآن وتفسيره وإتقانه وحفظه - قلت يا شيخ مكتبتك صغيرة قال: "رأيت الكتب كثيرة فوجدت أصدق الكتب القرآن فعشت مع القرآن" ، وكثير من أهل العلم في آخرحياتهم تمنوا لوعاشوا مع القرآن وبالقرآن، ابن تيمية على جلالة قدره تمنى أنه لو كان كل حياته في القرآن، مع أنه تعرض للقرآن ،لكن تمنى، الرازي تمنى، بعضهم وضع المصحف على صدره في آخر عمره ، فهنيئا لكم في مقبلات أيامكم أن يكون هذا الاهتمام عندكم لتعلم كتاب الله .
ثم عادت مرة أخرى الآية - وهذه الآية فيها إشكال - في تلك الآية التي قبلها، قال الله (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ) قال هنا (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ) سنة (غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِيَ أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِين)
هنا الآية مشكلة ، لأن الآية السابقة كانت سابقة لها ولهذا ذهب بعض أهل العلم أنها منسوخة، هذه الآية باقية وحكمها منسوخة ، وقال بعضهم لا بل هذه آية محكمة ، محكمة بنصها (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً) يعني هو أوصى هذا الزوج، (وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم) يعني هو أوصى لزوجته وصية تبقى وتتمتع في هذا البيت سنة (مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ) لاتخرج بسبب وصية الزوج لكن لو أرادت تخرج بعد مضي الأربعة أشهر وعشرًا يجوز لها أن تخرج، لكن ينبغي أن تنفذ هذه الوصية أن أوصى بها ، وصية (مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَإِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِيَ أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ) طبعاً بمعروف أو بالمعروف بحثتهها وما وجدت فيها شيء ، من أراد أن يفيدنا فيها شيء جيد ، أنا بحثتها بحث يسير وأريد منكم أن تشاركوني إن تيسر ولي لقاء بكم تقريبًا بعد شهرين، لعل يورد لي من ذكره، يعني هنا قال من لمعروف وبالمعروف، فما الفرق بين "من معروف" و"بالمعروف" ، أنا ما كان عندي وقت حتى أبحث هذه المسألة لكن أحيلها عليكم .
(وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) وهذا لكل المطلقات، ختمت آيات المطلقات بهذا الختام الجميل (حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) وقلت لكم أن التقوى تتكرر(حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) ولعلها للندب أن يكون للمطلقة ، حتى المدخول بها ، إذا حصل بينك وبين زوجك شقاق أو طلاق، وصلت المسألة للطلاق، فأيضًا أحسن إليها بإهدائها واعتبر أنك ممن امتثل أمر الله –عز وجل - في هذا الإعطاء .
ثم ختمت الآيات (كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) هذا البيان وهذا التفصيل الذي سمعناه العجيب الدقيق (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) هذه الآيات وتتأملون ما فيها من الرحمة، وكيف الناس كانوا يعيشون وكيف أصبحوا .
أسأل الله أن يجعلني وإياكم ممن أراد الله بهم خيرًا وفقهم في الدين وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبيه محمد.
لحفظ المادة الصوتية :
----------------------------------
لحفظ المادة الصوتية :
(1) سورة البقرة آية230
صحيح البخاري باب لاَ تَحِلُّ الْمُطَلَّقَةُ ثَلاَثًا لِمُطَلِّقِهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَيَطَأَهَا ثُمَّ يُفَارِقَهَا وَتَنْقَضِى عِدَّتُهَا.
(2) سنن أب داودباب الطَّلاَقِ عَلَى الْهَزْلِ.
(3) قال ابن كثير في تفسير الآية (وقد استنبط بعض الأذكياء من قوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ) أنه تعالى أرحم بخلقه من الوالدة بولدها، حيث أوصى الوالدين بأولادهم، فعلم أنه أرحم بهم منهم، كما جاء في الحديث الصحيح وقد رأى امرأة من السبي فرق بينها وبين ولدها، فجعلت تدور على ولدها، فلما وجدته من السبي أخذته فألصقته بصدرها وأرضعته. فقال رسول الله لأصحابه: "أترون هذه طارحة ولدها في النار وهي تقدر على ذلك" ؟ قالوا: لا يا رسول الله. قال "فوالله لله أرحم بعباده من هذه بولدها").
(4) النساء 21
(5) الأحزاب49
(6) النساء 4
(7) البقرة45
(8) النساء113
/ مصدر التفريغ ملتقى أهل التفسير (بتصرف )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق