الخميس، 11 يوليو 2013

مفردة (الأم) في القرآن


(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا*قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا) , والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وحجة على المعاندين وبعد :
 أيها المباركون نستأنف معكم دروسنا في هذا المسجد المبارك جامع المحيسن بالرياض وكنا قد بيّنا مرارا في دروسنا هذه أننا نجعل لكل لقاء عنوانا , وعنوان لقاء اليوم بإذن الله تعالى : الأم , والمعنى مفردة الأم في القرآن العظيم , ومعلوم أن القرآن جاء فيه ذكر مفردة الأم كثيرا على ضربين :
- ضرب يراد به الأم -الوالدة- وهو الأصل إذا أُطلقت كلمة الأم وهذا كثير في القرآن ومنه قول الله -جل وعلا- (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ) أي أمه التي ولدته , وقال ربنا -جل وعلا- (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ) فـ"أمه" هنا أمه التي ولدته . وقال -جل وعلا- (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً) فـ"مريم" هي التي ولدت عيسى عليه السلام , وهذا كثير كما قلت في القرآن وهو ظاهر لا يحتاج الى بيان ،  لكننا سنعرج -بإذن الله تعالى- على الأم بالمعنى الآخر .
 قال أئمة اللغة كالخليل وغيره : قالو كل شيء ضُمّ إليه سائر ما يليه يُسمّى أُمّا .
وقال بعضهم : كل شيء كان شيئا ما سببا في ظهوره أو صلاحه أو تربيته أو إعلائه أو مرجعه إليه على أي حال كان حسا أو معنى فهو أم له .
 بمقتضى ما قال أئمة اللغة نزل القرآن , أو فلنقل أن أئمة اللغة أخذو هذا من القرآن وهذا أحرى بأن الائمة هنا جاؤا بعد نزول القرآن كالخليل وغيره .
 سنذكر الآيات التي ورد فيها ذكر الأم على هذا المعنى :
/ قال أصدق القائلين جل جلاله : (هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ) .
قول الله -جل وعلا- : (هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ) يخبر عن ذاته العلية ، وأن هذا القرآن أُنزل من عنده فالكتاب هنا المراد به القرآن , هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات وأُخر متشابهات , لكنك لن تفقه هذه الآية حتى تتمسك بأصل وهذا الأصل هو كالتالي -لا بد منه- : 
يجب أن يُعلم أن جميع آيات القرآن محكمة , قال الله -جل وعلا- :(كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) والمعنى :أنها لا يمكن أن يدخلها زلل أو خلل أو أي شيء يشينها قط , كما أن جميع آيات القرآن متشابهة في بلاغتها وفصاحتها ونسقها وعلو كعبها , قال الله -جل وعلا- :(اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) فهذا أصل نعتمد عليه قبل أن نأتي إلى قول الله جل وعلا :(هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ) .
فالمقصود من قول الله -جل وعلا- :(هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ) أي : أصله وكثيره الذي يُرجع اليه عند عدم فهم المتشابه , وكما أن القران فيه آيات مُحكمات هن أم الكتاب , بمعنى : واضحة الدلالة , ثَمّ آيات أُخر أجمل الله -جل وعلا - الدلالة فيها فالمعنى فيها خفي والمعنى في المحكم جلي , فعند تطبيق العلم يُرد الخفي إلى الجلي كما بمعنى يرد المتشابه إلى المحكم , هذه الطريقة في فهم القران هي طريقة العلماء الربانيين والصالحين من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- , يأتي أقوام -عياذ بالله- بصرف النظر عن العصر الذي يظهرون فيه أو المكان الذي يسكنونه , قال الله عنهم :  (هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ) أي : ينأون بأنفسهم عن فهم المُحكم ولا يقبلون الاحتكام إليه ولا الاستشهاد به ويأتون للمتشابه وهو خفي ولا يردونه إلى المحكم وهو جلي ثم به -أي بهذا المتشابه- يفتنون الناس عن دينهم ويلبسوا عليهم دين الإسلام , قال ربنا : (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ) أي ابتغاء فتنة الناس عن دين الله اعتمادا -جهلا وضلالا وكفرا وعنادا وكفرا هذه بمعنى عام وليس خاص- جهلا وعنادا يريدون أن يضلو الناس عن حقيقة ما يدعون إليه , قال ربنا :(فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ) أي : يبحثون عن تأويله , كلمة "تأويل" هنا اذا أريد بها معرفة ما سيقع وكيف سيقع هذا من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله فتقرأ :(وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ) ونقف , وإن أريد بـ"التأويل" هنا التفسير فالله -جل وعلا- يقول :(وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ) يحسُن العطف فنقرأها : (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) ويحسُن أن نجعل من قول ربنا (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) مقابل للـ (الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ) إذا كان الذين في قلوبهم زيغ لا يردون المتشابه إلى المُحكم ولا يردون الخفي إلى الجلي فإن الراسخين في العلم يردون المتشابه إلى المُحكم والخفي إلى الجلي هذا ظاهر جدا في أن هذا هو الطريق الأمثل في فهم كلام الله تبارك وتعالى , (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا) مُحكمه ومتشابهه، فيُصبح المعنى أن أهل الزيغ بتعاملهم مع المُتشابه وتركهم للمحكم كأنهم لا يؤمنون أن المحكم من عند الله ويصبح على تفسيرنا هذا يُصبح معنى (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا) المعنى: أنهم لما علمو أن المحكم من الله والمتشابه من الله ردو المتشابه إلى المحكم باعتبار أنهم ردو كلام الله إلى كلام الله , قال ربنا : (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ) وهذه منزلة عالية وموئل شريف يؤتيه الله -جل وعلا- من يشاء من عباده .
 من الذين ظهروا في الأمة ممن في قلوبهم زيغ : الذين خرجو على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- وسنضرب مثلا كيف ردو ، لم يقبلوا أن يردوا المتشابه إلى المُحكم ذلك أن علي -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- وقعت بينه وبين أهل الشام قتال ثم إن أهل الشام دعوه إلى الاحتكام فقبِل -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- أن يختار حكمان يحكُمان بين الناس ، بين أهل الشام وأهل العراق , ثلة من الذين معه ، طائفة من الذين معه لم يقبلوا أن يقبل عليّ بالتحكيم وقالو له إن قبِلت التحكيم كفرت ، من الذي سيحكُم؟ رجلان ، اُختير رجل من العراق ورجل من الشام عمر بن العاص وأبو موسى الأشعري -رضوان الله عليهما- هؤلاء قالوا : أنت بهذا عارضت القرآن، أين عارضت القرآن ؟ قالوا إن الله تعالى يقول (إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ) وأنت حكّمت الرجال . وهذا من المتشابه الذي لم يفقهوه , الله -جل وعلا- نعم الحُكم إليه لكن الله حَكَم أنه في الصلح بين المسلمين يمكن أن يُؤتى باثنين أو أكثر ، أربعة أو عشرة يصلحون بين الناس , والله -جل وعلا- قال في الزوج والزوجة :(حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا) وهو بيت فكيف بطائفتين عظيمتين من المسلمين تسيل الدماء بينهم !؟ أولى أن يُحكّم بينهما ، لكنهم قالو إنك إذا حكّمت الرجال معنى ذلك أنك تركت حكم الله فأقاموا الكفر على عليّ -رضي الله عنه- كفّروه بمُقتضى هذه الآية فلجؤا للمتشابه وتركوا المُحكم , والله يقول في الصيد :(يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ) هذا في الصيد فكيف في دماء المسلمين ؟ لكنهم بقوا على عنتهم هذا حتى حاربوه ثم كانو سببا في قتله واستشهاده -رضوان الله تعالى عليه- لكن هذه قضية تُبين بجلاء كيف أن البعض عياذا بالله يلجأ للمتشابه ويترك المُحكم . هذه آية ، هذا معنى قول الله -جل وعلا- (هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ) أي : أصله الذي يعود إليه ومن هنا سميت الفاتحة بأم الكتاب لأن القرآن كُله تعود مقاصده لمقاصد سورة الفاتحة فلما جمعت سورة الفاتحة مقاصد القرآن كُله سُميت أم الكتاب .
 الآية الثالثة أو المعنى الثالث : قال الله -تبارك وتعالى- :(وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) وقال -جل وعلا- :(يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) أم الكتاب هنا يعني أصله والمراد به : اللوح المحفوظ ، وما في اللوح المحفوظ لا يتبدل ولا يتغير البتة , أما قول الله (وَإِنَّهُ) أي القرآن (فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ)  (لَعَلِيٌّ) أي : ذو علو وشرف ومنزلة عالية , "حكيم" أي : متضمن للحكمة , وهذان وصفان عظيمان للقرآن من ربنا  -جل وعلا- .
 أما قول الله -جل وعلا- : (يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ)
فالمعنى : المحو: -معروف- الإزالة , "ويثبت" أي : يُبقي , ومعلوم قطعا أن الله -جل وعلا- خلق الأسباب ومسبباتها وأن الله كتب أن بعض الأعمال الصالحة تجعل بركة في الرزق ، وبركة في العمر ، وبعض المعاصي تمحق البركة في الرزق ، وتمحق البركة في العمر , فيأتي العبد فيأتي عملا صالحا فيُنسأ له في أجله ويُبارك له في رزقه فيُبدل -يُمحى- الكتاب الذي بيد الملائكة , ويأتي إنسان -عياذ بالله- يكون منه معاصي وقطيعة رحم فتُمحق بركة رزقه وبركة عمره فيُبدل في الكتاب الذي بيد المَلَك , بعد أن يُبدل الكتاب الذي بيد المَلَك يُصبح هذا الكتاب يُوافق ما كُتب في اللوح المحفوظ ، فاللوح المحفوظ هو الأصل وما يطرأ على الكُتب التي بيد الملائكة سيُوافق لا محالة بعد ذلك ما كتبه الله -جل وعلا- في اللوح المحفوظ فالذي يُمحى أو يُثبت الكتب التي بيد الملائكة أما اللوح المحفوظ فقد قال ربنا عنه : (وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) الذي يصبح كل كتاب بعد الفراغ منه صائرا موافقا إلى ما في اللوح المحفوظ .
 مما يقال -كقضية  تاريخية- في مثل هذا (يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) أن البرامكه لما غضب عليهم هارون الرشيد وأراد أن يقتلهم وبدأ بقتل جعفر بن يحيى بن خالد وكان يحيى بن خالد أبوه -يعني أبو جعفر- قبل أن يأمر الرشيد بقتل ابنه في سفر مع سهل ابن هارون أحد الوزراء أو أحد الكتاب , فغفى يحيى ابن خالد غفوة ثم قام فزعا فقال له سهل: ما ذاك أيها الوزير؟ قال : والله لقد ذهبت دولتنا وزال ملكنا وتغير حالنا فإنني رأيت أن منادٍ ينادي :
 كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا ** أنيس ولم يسمُر بمكة سامر
 فقال يحيى : فأجبته من غير روية ولا إجالة خاطر : بلى نحن كنا أهلها فأبادنا صروف الليالي والجدود العواثر , قال سهل : فرأيتها في وجهه ثلاثة أيام ، بعد ثلاثة أيام قتلهم الرشيد , الذي يعنينا من الخبر: أن الرشيد جاءته أم جعفر بن يحيى قبل أن يقتله تريد أن تستعطفه أن لا يقتل ابنها وجرت بينهما محاورة طويلة فكانت تسترضيه ، تسترحمه وهي أمه رضاعة -ضئره- فقال لها : يا أم الرشيد هذا قضاء قد سبق وقدر قد حمّ , قالت : يا أمير المؤمنين إن الله يقول (يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) تقصد : لا يضيرك وأنت أمير المؤمنين وقد أمرت بقتله أن لا يُقتل فإن الله يقول وهو الله (يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) فقال لها : هذا يا أم الرشيد مما أثبته الله ، حتى يحتج عليها , فقالت له : يا أمير المؤمنين إن الغيب محجوب عن النبيين فكيف عنك يا أمير المؤمنين؟! , فأطلق مليا ثم قال :
وإذا المنية أنشبت أظفارها ** ألفيت كل تميمة لا تنفع
وما زال الحوار بينهما طويل لا يعنينا في مسجد كهذا لكن نأخذ منه ما نحتاج اليه , أنها قالت له : (يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ) تريد أن تبين أن هذا لا يعيبه لكنه جعل هذا الدليل لها حجة عليها وقد غلبته بقولها : إن الغيب محجوب عن النبيين فكيف عنك يا أمير المؤمنين، لكنه قدر الله ثم قتله بعد ذلك . المقصود من قول الله(يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) .
/ بقيت آية أخرى , قال الله -جل وعلا- (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ) أم القرى هي: مكة ، بالاتفاق , لكن معنى الآية واحد من اثنين :
- إما أن يُقال أنها أمّ لجميع القرى ويُصبح المعنى : أنها سُمّيت بـ"أم القرى" لأن الأرض دُحيت من تحتها , هذا قول .
- والقول الآخر : المقصود أم القرى أي: أصل مدائن الحجاز ولا علاقة لها بالقرى الأخرى , لكن هذا القول لا يعني أن النبي -عليه الصلاة والسلام-  بُعث لأهل مكة خاصة بدليل قول الله -جل وعلا- (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا) ، ومن القواعد العامة: أن الفعل إذا كانت له علة باعثة فإن هذه العلة لا تعني التخصيص، ذِكرها لا يعني التخصيص فقد يكون هناك عِلل أخرى لم تُذكر في سياق الحديث بدليل أن الله قال :(وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ) مع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ليس نذيرا فقط ، نذير وبشير فذِكر إحدى العلل لا يعني أنه مُتوقف عليها .
هذا والعلم عند الله , وصلى الله على محمد وآله والحمد لله رب العالمين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق