تفسير سورة البقرة: من الآية (٢٣) (وإن كنتم في ريب مما نزلنا..)
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين والمسلمات، أما بعد:
📖 فيقول الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: "قوله تعالى (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين* فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين) وهذا دليل عقلي على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحة ما جاء به، فقال: وإن كنتم يا معشر المعاندين للرسول الرادين دعوته، الزاعمين كذبه، في شك واشتباه مما نزلنا على عبدنا هل هو حق أو غيره فهاهنا أمر نصَفٌ فيه الفيصلة بينكم وبينه وهو أنه بشر مثلكم ليس من جنس آخر، وأنتم تعرفونه منذ نشأ بينكم لا يكتب ولا يقرأ، فأتاكم بكتاب أخبركم أنه من عند الله وقلتم أنتم إنه تقّوله وافتراه، فإن كان الأمر كما تقولون فأتوا بسورة من مثله واستعينوا بمن تقدرون عليه من أعوانكم وشهدائكم، فإن هذا أمر يسير عليكم، خصوصا وأنتم أهل الفصاحة والخطابة والعداوة العظيمة للرسول صلى الله عليه وسلم. فإن جئتم بسورة من مثله فهو كما زعمتم، وإن لم تأتوا بسورة من مثله وعجزتم غاية العجز فهذا آية كبرى ودليل واضح جلي على صدقه وصدق ما جاء به، فيتعين عليكم اتباعه واتقاء النار التي بلغت في الحرارة العظيمة والشدة أن كان وقودها الناس والحجارة، ليست كنار الدنيا التي إنما تتخذ بالحطب، وهذه النار الموصوفة معدة ومهيأة للكافرين بالله ورسله، فاحذروا الكفر برسوله صلى الله عليه وسلم، بعدما تبين لكم أنه رسول الله"
🎙بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما، وأصلح لنا إلهنا شأننا كله ولا تكن إلى أنفسنا طرفة عين أما بعد: فهذه الآية الكريمة هي في تقرير النبوة وما تقدم قبلها من آيات كان في تقرير التوحيد، فقرر أولا فيما قبلها من آيات توحيد الله عز وجل بذكر براهين ذلك ودلائله، ثم في هذه الآية الكريمة جاء تقرير النبوة نبوة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام بذكر الدلائل والبراهين على ذلك، ولا سيما هذه الآية الظاهرة والحجة العظيمة الباهرة، الوحي المنزّل عليه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، جاء هذا الوحي بغاية ما يكون من الفصاحة والبلاغة والوضوح والبيان، والإحكام والتشابه (كتابا متشابها) وعدم التعارض (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه) وتحداهم - وهم أهل الفصاحة والبلاغة والبيان - تحداهم رب العالمين أن يأتوا بمثل هذا القرآن أو يأتوا ببعض السور، أو بسورة واحدة، ولهذا تكرر هذا التحدي لهؤلاء لأنهم يزعمون أنه جاء به - أي هذا القرآن - من تلقاء نفسه، جاء به من تلقاء نفسه، ولهذا قوله في الآية (إن كنتم صادقين) أي فيما تزعمون وتدعون أنه صلى الله عليه وسلم جاء بهذا القرآن من تلقاء نفسه وأنه أنشأه من نفسه، وهذا التحدي تكرر في آيات عديدة من كتاب الله سبحانه وتعالى.في هذه الآية قال جل وعلا: (وإن كنتم) أي أيها المشركون المكذبون بهذا الرسول عليه الصلاة والسلام (في ريب) أي في شك (مما نزلنا على عبدنا) إن كنتم في شك من الوحي الذي نزلناه على عبدنا أي محمد صلى الله عليه وسلم، إن كنتم في شك من ذلك وتزعمون أنه لم يأتِ به من الله، وأنه ليس وحي منزّل من الله، وإنما هو شيء أنشأه عليه الصلاة والسلام (فأتوا بسورة من مثله)، (بسورة) أي واحدة، والسورة هنا جاءت نكرة في سياق الشرط فتفيد العموم، أي سواء كانت السورة من السور طوال أو حتى من السور القصار في القرآن الكريم (فأتوا بسورة) أي واحدة من مثل هذا القرآن، وليس هذا فقط استعينوا بمن شئتم وادعوا من شئتم ليعينكم على ذلك، (وادعوا شهداءكم) أي أعوانكم، ادعوا من أردتم من الأشخاص لتستعينوا بهم على إثبات صحة دعواكم إذا كان هذا القرآن ليس منزلا كما تدعون، وأن الذي جاء به محمد عليه الصلاة والسلام من عند نفسه فهو رجل تعرفونه أمي لا يقرأ ولا يكتب فافعلوا مثل ذلك، هاتوا رجل، هاتوا أحدا اجتمعوا وتعاونوا واستعينوا بالأعوان لتأتوا بمثل هذا القرآن ولو بسورة واحدة.
(فاتوا بسورة من مثله) (فأتوا) هذا ما هو؟ أمر، لكن معناه التعجيز، يعني فهذا أمر تعجزون عنه ولا يمكن أن تأتوا بذلك، (فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين) إن كنتم صادقين فيما تدعونه أنه قد جاء به صلى الله عليه وسلم من قبل نفسه، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: "وكذلك محمد صلى الله عليه وسلم بعثه الله في زمن الفصحى والبلغاء ونحرير الشعراء، فآتاهم بكتاب من عند الله لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله، أو بعشر سور من مثله، أو بسورة من مثله، لم يستطيعوا أبدا ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا وما ذاك إلا لأن كلام الرب لا يشبه كلام الخلق أبدا" انتهى كلامه رحمه الله تعالى، قال بعض السلف: "الفرق بين كلام الخالق وكلام المخلوقين كالفرق بين الخالق نفسه وبين المخلوقين" (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) ليس كمثلي شيء لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في كلامه، وهذا التعجيز لهؤلاء ليس بالصرفة كما يدعى أو يدعيه من ادعى، وإنما بما هو عليه من رتبة عالية من الفصاحة والبيان، وجمال المعاني، وقوة الدلالات، وانتظام الهدايات في كتاب الله سبحانه وتعالى وعدم التعارض (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد)، ويُنظر في هذا لكلام عظيم جدا لولا خشية الإطالة لقرأناه كاملا، لكن يرجع إليه في تفسير ابن كثير فإنه في غاية النفاسة، بدأه بقوله رحمه الله " ومن تدبر القرآن وجد فيه من وجوه الإعجاز فنونا ظاهرة وخفية من حيث اللفظ، ومن جهة المعنى" ثم أخذ يبسط هذا الإجمال بسطا عظيما نافعا غاية النفع، أوصي بالرجوع إليه وقراءته في تفسيره رحمه الله تعالى، وفي النقل الذي استمعنا إليه عنه قبل قليل قال فيه: "لو اجتمعت الأنس والجن على أن يأتوا بمثله أو بعشر سور من مثله، أو بسورة من مثله لم يستطيعوا" هذا فيه إشارة إلى أن هذا التحدي للمشركين تكرر في القرآن مرات عديدة، فكان من من ذلك:
● أن تحداهم الله عز وجل أن يأتوا بمثل هذا القرآن وذلك في قوله:
* في سورة الإسراء (قل إن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا)
* وفي سورة القصص قال (قل فاتوا بكتاب هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين* فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين).
● وجاء أيضا التحدي بالإتيان بعشر سور، وهذا جاء في سورة هود (أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين* فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون)
●وجاء أيضا التحدي بسورة واحدة وهذا في سورة يونس (أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين). هذه الآيات المتقدمة كلها مكية، التي في القصص، التي في الإسراء، والتي في هود، والتي في يونس، هذه كلها مكية، وهذه الآية التي عندنا (وإن كنتم في ريب مما نزلنا) ماذا؟ مدنية فتكرر، عليهم التحدي في السور المكية.. وأيضا جاء التحدي في المدينة، تكرر في مكة في آيات نزلت في مكة، تتحدى هؤلاء المشركين، ثم أيضا نزلت في المدينة، وهذه الآية التي نزلت المدينة قال (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وأدعو شهداءكم من دون الله، إن كنتم صادقين* فإن لم تفعلوا) أي متى؟ فيما مضى وسبق التحدي قبل هذه، قبل نزول هذه سبق نزول آيات فيها التحدي في آيات مكية، (فإن لم تفعلوا) فيما مضى، (ولن تفعلوا) فيما هو أتي، وقوله (ولن تفعلوا) هذا في زمن النبي عليه الصلاة والسلام وإلى قيام الساعة، ولهذا ذكر بعض أهل العلم أن هذه أيضا معجزة أخرى قوله (ولن تفعلوا) لأن التحدي ليس وقتي، التحدي دائم إلى قيام الساعة. التحدي قائم أن يؤتى بمثل هذا القرآن ولو بسورة واحدة، هل حصلت محاولات عبر التاريخ، محاولات على أن يأتوا بمثل هذا القرآن؟ الذي ينظر في التاريخ يجد أنه فعلا وُجد محاولات، لكن كل هذه المحاولات لم تخرج عن أحد أمرين، كل هذه المحاولات لم تخرج عن أحد أمرين:
● الأمر الأول: أن يعلن ذاك المحاول أن هذا غير مستطاع، يعني يُطلب منه لبلاغته، لفصاحته، لتمكنه أن يأتي بسورة أو بشيء مثل هذا القرآن فيستجيب وينقطع عن الناس، ويبدأ يحاول، ثم يخرج ويعلن أن هذا غير مستطاع، مثل ما ذكر الشوكاني في تفسيره، في تفسير أول آية من سورة المائدة (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم) عند هذه الآية قال الشوكاني: "هذه الآية التي افتتح الله بها هذه السورة - يعني سورة المائدة- إلى قوله (إن الله يحكم ما يريد) يعني إلى تمام الآية فيها من البلاغة ما تتقاصر عنده القوى البشرية مع شمولها -أي الآية- لأحكام عدة، يعني مع قوة البلاغة التي فيها اشتملت على أحكام عديدة منها الوفاة بالعقود، ومنها تحليل بهيمة الأنعام، ومنها استثناء ما سيُتلى مما لا يحل، ومنها تحريم الصيد على المحرم، ومنها إباحة الصيد لمن ليس بمحرم، وقد حكى النقاش - وهذا موضع الشاهد – "أن أصحاب الفيلسوف الكندي قالوا له: أيها الحكيم اعمل لنا مثل هذا القرآن، فقال نعم أعمل مثل بعضه، فاحتجب أياما كثيرة" ماذا يصنع؟ يحاول، "فاحتجب أياما كثيرة ثم خرج فقال: والله ما أقدر ولا يطيق هذا أحد، إني فتحت المصحف -لأن الآن مطلوب منه أن يأتي بمثله – قال: إني فتحت المصحف فخرجت سورة المائدة فنظرت فإذا هو قد نطق بالوفاء ونهى عن النكث، وحلل تحليلا عاما، ثم استثنى بعد استثناء، ثم أخبر عن قدرته وحكمته في سطرين، ولا يقدر أحد أن يأتي بهذا" وقف عند آية واحدة فقط وتأملها، وتمعن فيها، وتدبر وتأمل ونظر ما فيها من البلاغة، ونظر ما فيها من الأحكام العظيمة وخرج بعد أيام وأخبر أنه غير مستطاع هذا الأمر، (ولن تفعلوا) هذا قاله رب العالمين (ولن تفعلوا) ليس أيضا فقط بالمحاولات الفردية بل حتى ماذا؟ (لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا).
قلنا أن من حاول لا يخرج عن إحدى نتيجتين: إما أن يعلن عجزه وعدم قدرته، أو أنه يحاول ويأتي بشيء فيضحك منه حتى المجانين، ويدركون غاية سفهه وبُعده، وانحرافه، وهذا مثاله ما ذكره ابن كثير في تفسيره لهذه الآية، قال: "قد روينا عن عمرو بن العاص أنه وفد على مسيلمة الكذاب قبل أن يسلم - يعني عمرو قبل أن يسلم- فقال له مسيلمة: ماذا أنزل على صاحبكم بمكة في هذا الحين؟ فقال له عمرو: لقد أنزل عليه سورة وجيزة بليغة، فقال وماهي؟ قال: (والعصر* إن الإنسان لفي خسر* إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) قال عمرو: سورة وجيزة بليغة، ففكر -أي مسيلمة- ساعة ثم رفع رأسه فقال: لقد أُنزل علي مثلها، فقال له عمرو وماهو؟ قال يا وبر يا وبر إنما أنت أذنان وصدر وسائرك حقر فقر، ثم بعد قليل نظر إلى عمرو - وعند نفسه أنه جاء بما لا يأتي به أحد - التفت إلى عمر قال: كيف ترىي؟ ـ هذه الآن صاحب الحق يسأل الآخرين ماذا ترون في كلامي وصحته واستقامته – قال: كيف ترى؟ -هذه الكلمة تنطق بماذا؟ تنطق بكذبه، فماذا قال له عمرو - قال كيف ترى؟ فقال له عمرو: والله إنك لتعلم أني أعلم أنك كاذب - أحتاج أقول لك أنك تكذب ، لا والله - إنك تعلم أني أعلم أنك كاذب" فما خرجت المحاولات عن أحد هذين الأمرين: إما أن يعلن العجز أو يأتي بمثل هذا السفه الذي مر معنا، الشيخ رحمه الله يقول: "وهذا دليل عقلي على صدق الرسول" وعرفنا أن هذه الآية نزلت في تقرير النبوة، وإثبات صدق الرسول عليه الصلاة والسلام وأن المنزّل عليه وحي من رب العالمين، قال: :وهذا دليل عقلي على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحة ما جاء به" فقال (وإن كنتم) يا معشر المعاندين، الخطاب للمشركين المعاندين لرسول صلى الله عليه وسلم الرادين دعوته، الزاعمين كذبه في شك واشتباه مما نزلنا على عبدنا، هل هو حق أو غيره "فهاهنا أمر نصف" يعني أمر عدل، هاهنا أمر نصف أي أمر عدل فيه الفيصل بيننا وبينكم، أنتم الآن تقولون ماذا؟ أنه جاء به من عند نفسه، وأنه ليس منزّل، وهو رجل أمي فهاتوا رجل يأتي بمثله، ولهذا بعض المفسرين قالوا: (فأتوا بسورة من مثله) قالوا من مثله أي مثل النبي عليه الصلاة والسلام، قال الضمير عائد على (عبدنا) ماذا يكون معناه؟ يعني هاتوا رجل لا يقرأ ولا يكتب يأتي بشيء من مثل هذا القرآن، وجمهور المفسرين على أن (من مثله) أي القرآن الوحي المنزّل، قال الحافظ ابن كثير: "والأول – الذي هو هذا - هو الصحيح" الذي هو أنه عائد على القرآن، قال: "فهاهنا أمر نصف" أي الفيصل بيننا وبينكم، وهو أنه بشر مثلكم ليس من جنس آخر، وأنتم تعرفونه منذ نشأ بينكم لا يكتب ولا يقرأ، فأتاكم بكتاب زعم أنه من عند الله، وقلتم أنتم إنه تقوله وافتره، فإن كان الأمر كما تقولون فأتوا بسورة من مثله، واستعينوا بمن تقدرون عليه، (وادعوا شهداءكم) واستعينوا بمن تقدرون عليه من أعوانكم وشهدائكم، فإن هذا أمر يسير عليكم خصوصا وأنتم أهل الفصاحة والبلاغة وأيضا شدة العداوة للرسول عليه الصلاة والسلام، فإن جئتم بسورة من مثله فهو كما زعمتم، وإن لم تأتوا بسورة من مثله، وعجزتم غاية العجز، ولن تأتوا بسورة من مثله، ولكن هذا التقييم على وجه الإنصاف والتنزل معكم، قال: "فهذه آية كبيرة ودليل واضح جلي على صدقه صلى الله عليه وسلم، وصدق ما جاء به، فيتعين عليكم إتباعه، واتقاء النار" كما قال في الآية التي بعدها (فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار)● أن تحداهم الله عز وجل أن يأتوا بمثل هذا القرآن وذلك في قوله:
* في سورة الإسراء (قل إن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا)
* وفي سورة القصص قال (قل فاتوا بكتاب هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين* فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين).
● وجاء أيضا التحدي بالإتيان بعشر سور، وهذا جاء في سورة هود (أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين* فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون)
●وجاء أيضا التحدي بسورة واحدة وهذا في سورة يونس (أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين). هذه الآيات المتقدمة كلها مكية، التي في القصص، التي في الإسراء، والتي في هود، والتي في يونس، هذه كلها مكية، وهذه الآية التي عندنا (وإن كنتم في ريب مما نزلنا) ماذا؟ مدنية فتكرر، عليهم التحدي في السور المكية.. وأيضا جاء التحدي في المدينة، تكرر في مكة في آيات نزلت في مكة، تتحدى هؤلاء المشركين، ثم أيضا نزلت في المدينة، وهذه الآية التي نزلت المدينة قال (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وأدعو شهداءكم من دون الله، إن كنتم صادقين* فإن لم تفعلوا) أي متى؟ فيما مضى وسبق التحدي قبل هذه، قبل نزول هذه سبق نزول آيات فيها التحدي في آيات مكية، (فإن لم تفعلوا) فيما مضى، (ولن تفعلوا) فيما هو أتي، وقوله (ولن تفعلوا) هذا في زمن النبي عليه الصلاة والسلام وإلى قيام الساعة، ولهذا ذكر بعض أهل العلم أن هذه أيضا معجزة أخرى قوله (ولن تفعلوا) لأن التحدي ليس وقتي، التحدي دائم إلى قيام الساعة. التحدي قائم أن يؤتى بمثل هذا القرآن ولو بسورة واحدة، هل حصلت محاولات عبر التاريخ، محاولات على أن يأتوا بمثل هذا القرآن؟ الذي ينظر في التاريخ يجد أنه فعلا وُجد محاولات، لكن كل هذه المحاولات لم تخرج عن أحد أمرين، كل هذه المحاولات لم تخرج عن أحد أمرين:
● الأمر الأول: أن يعلن ذاك المحاول أن هذا غير مستطاع، يعني يُطلب منه لبلاغته، لفصاحته، لتمكنه أن يأتي بسورة أو بشيء مثل هذا القرآن فيستجيب وينقطع عن الناس، ويبدأ يحاول، ثم يخرج ويعلن أن هذا غير مستطاع، مثل ما ذكر الشوكاني في تفسيره، في تفسير أول آية من سورة المائدة (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم) عند هذه الآية قال الشوكاني: "هذه الآية التي افتتح الله بها هذه السورة - يعني سورة المائدة- إلى قوله (إن الله يحكم ما يريد) يعني إلى تمام الآية فيها من البلاغة ما تتقاصر عنده القوى البشرية مع شمولها -أي الآية- لأحكام عدة، يعني مع قوة البلاغة التي فيها اشتملت على أحكام عديدة منها الوفاة بالعقود، ومنها تحليل بهيمة الأنعام، ومنها استثناء ما سيُتلى مما لا يحل، ومنها تحريم الصيد على المحرم، ومنها إباحة الصيد لمن ليس بمحرم، وقد حكى النقاش - وهذا موضع الشاهد – "أن أصحاب الفيلسوف الكندي قالوا له: أيها الحكيم اعمل لنا مثل هذا القرآن، فقال نعم أعمل مثل بعضه، فاحتجب أياما كثيرة" ماذا يصنع؟ يحاول، "فاحتجب أياما كثيرة ثم خرج فقال: والله ما أقدر ولا يطيق هذا أحد، إني فتحت المصحف -لأن الآن مطلوب منه أن يأتي بمثله – قال: إني فتحت المصحف فخرجت سورة المائدة فنظرت فإذا هو قد نطق بالوفاء ونهى عن النكث، وحلل تحليلا عاما، ثم استثنى بعد استثناء، ثم أخبر عن قدرته وحكمته في سطرين، ولا يقدر أحد أن يأتي بهذا" وقف عند آية واحدة فقط وتأملها، وتمعن فيها، وتدبر وتأمل ونظر ما فيها من البلاغة، ونظر ما فيها من الأحكام العظيمة وخرج بعد أيام وأخبر أنه غير مستطاع هذا الأمر، (ولن تفعلوا) هذا قاله رب العالمين (ولن تفعلوا) ليس أيضا فقط بالمحاولات الفردية بل حتى ماذا؟ (لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا).
ما المقصود بـ (اتقوا النار)؟ اتركوا هذا التكذيب للرسول عليه الصلاة والسلام، ودعوا هذه المعاندة وآمنوا بالله وبهذا الوحي المنزل وبهذا الرسول المرسل عليه الصلاة والسلام، اتقوا النار التي بلغت في الحرارة العظيمة والشدة أن كان وقودها الناس والحجارة، ليست كنار الدنيا التي إنما تتقِد بالحطب أو تُتقد بالحطب، وهذه النار الموصوفة معدّة ومهيأة للكافرين بالله ورسله، فاحذروا الكفر برسوله صلى الله عليه وسلم بعد ما تبين لكم، أي بالحجة الظاهرة والبرهان البيّن أنه رسول من عند الله. هذا إشارة إلى ما دلت عليه الآية الثانية (فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا) لم تفعلوا فيما مضى، ولن تفعلوا فيما يأتي، فلن تفعلوا هذا إلى قيام الساعة، القرآن لا يمكن لأحد كائنا من كان، ولا يمكن لو اجتمع الخلق على أن يأتوا بمثله لا يمكن أن يكون ذلك أبدا (ولن تفعلوا)، (فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار) أنقذوا أنفسكم من النار بترك هذا التكذيب، وبالإيمان بهذا الرسول عليه الصلاة والسلام، وبما جاء به.
(فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة)
قال بعض المفسرين: "المراد بالحجارة الأصنام التي كانوا يعبدونها" استدلوا على ذلك بالآية الكريمة قوله تعالى (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب) أي حطب، (إنكم وما تعبدون) أي الأصنام، (من دون الله حصب جهنم) أي حطب جهنم، وقيل: الحجار، الحجارة، بل عدد ليس قليل من المفسرين، كثير من المفسرين، وهذا اختاره ابن جرير، واختاره أيضا ابن كثير.
ورد عن عدد من السلف، قالوا: أن المراد بالحجارة حجارة الكبريت. قالوا المراد بالحجارة حجارة الكبريت، هذا نوع خاص من الحجارة، قال ابن عطية رحمه الله في تفسيره: "خصت بذلك لأنها تزيد على جميع الحجارة بخمسة أنواع من العذاب: سرعة الاتقاد، ونتن الرائحة، وكثرة الدخان، وشدة الالتصاق بالبدن، وقوة حرارتها إذا حميتها. (وقودها الناس والحجارة) وقودها أي: ما تتقد به، ما يلقى في النار لإضرامها، فالذي يلقى فيها ليس الحطب الذي يلقى فيها حجارة تشتعل، وكثير من المفسرين يقولون المراد بالحجارة حجارة الكبريت خاصة لما فيها من صفات أشد في التعذيب والنكال لهؤلاء المشركين، نعم
📖 قال رحمه الله: "وهذه الآية ونحوها يسمونها آيات التحدي، وهو تعجيز الخلق عن أن يأتوا بمثل هذا القرآن، أو يعارضوه بوجه، قال تعالى (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) وكيف يقدر المخلوق من تراب أن يكون كلامه ككلام رب الأرباب؟ أم كيف يقدر الفقير الناقص من جميع الوجوه أن يأتي بكلام ككلام الكامل الذي له الكمال المطلق والغنى الواسع من جميع الوجوه؟ هذا ليس في الإمكان، ولا في قدرة الإنسان، وكل من له أدنى ذوق ومعرفة بأنواع الكلام إذا وزن هذا القرآن بغيره من كلام البلغاء ظهر له الفرق العظيم"
🎙نعم لعلو رتبة القرآن في البلاغة والفصاحة والدقة والإحكام، فلعلو رتبته الخارجة عن قدرة البشر، علو رتبة القرآن في البلاغة الخارجة عن قدرة البشر ولو اجتمعوا على ذلك كما تقدم في الآية (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) فلعلو رتبته في الفصاحة والبلاغة الخارجة عن قدرة البشر لا يمكن أن يأتوا مثله، وليس بالصرفة كما يقال، يعني ليس بالصرفة أن صرفوا عن ذلك، فلم يتمكنوا لأنهم صُرفوا عن ذلك، بمعنى أنه في مقدور بعض البشر أن يأتي بشيء من مثله، فهذا ليس بصحيح، ليس بالصرفة وإنما لعلوا رتبة القرآن في البلاغة العالية الخارجة عن قدرة البشر. نعم.
📖 قال رحمه الله: "وفي قوله تعالى (وإن كنتم في ريب) إلى آخره، دليل على أن الذي يرجى له الهداية من الضلال هو الشاك الحائر الذي لم يعرف الحق من الضلالة، فهذا الذي إذا بُيّن له الحق فهو حري باتباعه إن كان صادقا في طلب الحق، وأما المعاند الذي يعرف الحق ويتركه فهذا لا يمكن رجوعه لأنه ترك الحق بعد ما تبين له ولم يتركه عن جهل، فلا حيلة فيه، وكذلك الشاك الذي ليس بصادق في طلب الحق، بل هو مُعرض غير مجتهد بطلبه فهذا في الغالب لا يُوفق، وفي وصف الرسول بالعبودية في هذا المقام العظيم دليل على أن أعظم أوصافه صلى الله عليه وسلم قيامه بالعبودية التي لا يلحقه فيها أحد من الأولين والآخرين، كما وصفه بالعبودية في مقام الإسراء فقال: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا)، وفي مقام الإنزال فقال: (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا). وفي قوله تعالى (أعدت للكافرين) ونحوها من الآيات دليل لمذهب أهل السنة والجماعة أن الجنة والنار مخلوقتان، خلافا للمعتزلة"
📖 قال رحمه الله: "وهذه الآية ونحوها يسمونها آيات التحدي، وهو تعجيز الخلق عن أن يأتوا بمثل هذا القرآن، أو يعارضوه بوجه، قال تعالى (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) وكيف يقدر المخلوق من تراب أن يكون كلامه ككلام رب الأرباب؟ أم كيف يقدر الفقير الناقص من جميع الوجوه أن يأتي بكلام ككلام الكامل الذي له الكمال المطلق والغنى الواسع من جميع الوجوه؟ هذا ليس في الإمكان، ولا في قدرة الإنسان، وكل من له أدنى ذوق ومعرفة بأنواع الكلام إذا وزن هذا القرآن بغيره من كلام البلغاء ظهر له الفرق العظيم"
🎙نعم لعلو رتبة القرآن في البلاغة والفصاحة والدقة والإحكام، فلعلو رتبته الخارجة عن قدرة البشر، علو رتبة القرآن في البلاغة الخارجة عن قدرة البشر ولو اجتمعوا على ذلك كما تقدم في الآية (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) فلعلو رتبته في الفصاحة والبلاغة الخارجة عن قدرة البشر لا يمكن أن يأتوا مثله، وليس بالصرفة كما يقال، يعني ليس بالصرفة أن صرفوا عن ذلك، فلم يتمكنوا لأنهم صُرفوا عن ذلك، بمعنى أنه في مقدور بعض البشر أن يأتي بشيء من مثله، فهذا ليس بصحيح، ليس بالصرفة وإنما لعلوا رتبة القرآن في البلاغة العالية الخارجة عن قدرة البشر. نعم.
📖 قال رحمه الله: "وفي قوله تعالى (وإن كنتم في ريب) إلى آخره، دليل على أن الذي يرجى له الهداية من الضلال هو الشاك الحائر الذي لم يعرف الحق من الضلالة، فهذا الذي إذا بُيّن له الحق فهو حري باتباعه إن كان صادقا في طلب الحق، وأما المعاند الذي يعرف الحق ويتركه فهذا لا يمكن رجوعه لأنه ترك الحق بعد ما تبين له ولم يتركه عن جهل، فلا حيلة فيه، وكذلك الشاك الذي ليس بصادق في طلب الحق، بل هو مُعرض غير مجتهد بطلبه فهذا في الغالب لا يُوفق، وفي وصف الرسول بالعبودية في هذا المقام العظيم دليل على أن أعظم أوصافه صلى الله عليه وسلم قيامه بالعبودية التي لا يلحقه فيها أحد من الأولين والآخرين، كما وصفه بالعبودية في مقام الإسراء فقال: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا)، وفي مقام الإنزال فقال: (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا). وفي قوله تعالى (أعدت للكافرين) ونحوها من الآيات دليل لمذهب أهل السنة والجماعة أن الجنة والنار مخلوقتان، خلافا للمعتزلة"
🎙نعم، (أعدت للكافرين) وأيضا قول الله عز وجل في الجنة (أعدت للمتقين) معنى أعدت: يعني مهيأة، موجودة مهيأة، ولهذا جاءت نصوص كثيرة جدا شاهدة على أنها موجودة، النبي عليه الصلاة والسلام في صلاة الكسوف رأى الجنة والنار حقيقة، والجنة أراد أن يتقدم ويقطف عنقودا، يرى عناقيد العنب في الجنة، فهي موجودة، والتسبيح والتهليل غراس للجنة، فهي موجودة ومُعده ومهيأة، الجنة أُعدت للمتقين، والنار أُعدت للكافرين، خلافا للمعتزلة ومن لف لفهم ممن يقولون لا، ليست موجودة وإنما تخلق وتوجد يوم القيامة.
📖 قال رحمه الله: "وفيها أيضا أن الموحدين وإن ارتكبوا بعض الكبائر لا يُخلدون في النار لأنه قال (أعدت للكافرين)، فلو كان عصاة الموحدين يخلدون فيها لم تكن مُعدة للكافرين وحدهم، خلافا للخوارج والمعتزلة، وفيها دلالة على أن العذاب مستحق بأسبابه وهو الكفر، وأنواع المعاصي على اختلافها".
🎙هذه أيضا فائدة عظيمة أخذها الشيخ من قوله (أعدت للكافرين)، (أعدت) أي النار للكافرين، فهذا يقول فيه دليل على خروج العصاة -عصاة الموحدين- وهذا جاءت فيه نصوص واضحة، وبيّنه النبي عليه الصلاة والسلام أخبر في كما في الصحيح أنهم يخرجون من النار ضبائر ضبائر أي جماعات، جماعات، والتوحيد والإيمان يمنع من الخلود، لأن الدخول للنار على صنفين: دخول خلود وتأبيد، ودخول تطهير، وقوله (أعدت للكافرين) أي يُخلدون فيها أبد الآباد، أما العاصي من الموحدين دخوله فيها ليُطهر فقط، ليُطهر من ذنوبه ولهذا مكثه فيها على قدر الذنوب التي يُطهّر منها، لأن الجنة دار الطيب المحض، فمن كان فيه طيب وخبث وأراد الله عز وجل أن يطهّره بالنار، طُهّر فيها على قدر ذنوبه، وإن كان تطّهر من ذنوبه قبل ذلك فمثل ما قال ابن القيم رحمه الله، قال: " في الدنيا ثلاثة أنهر من تطهر بها طهرته: التوبة النصوح، والحسنات الماحية، والمصائب المكفرة" قال: "وإلا طُهّر في نهر جهنم يوم القيامة" نسأل الله أن يجيرنا من النار وذرياتنا والمسلمين. اللهم أجرنا من النار، اللهم أجرنا من النار.
اللهم انفعنا ربنا بما علمتنا وزدنا علما وتوفيقا، وأصلح لنا شأننا كله، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين...
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك. اللهم صلِ وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. جزاكم الله خيرا.
📖 قال رحمه الله: "وفيها أيضا أن الموحدين وإن ارتكبوا بعض الكبائر لا يُخلدون في النار لأنه قال (أعدت للكافرين)، فلو كان عصاة الموحدين يخلدون فيها لم تكن مُعدة للكافرين وحدهم، خلافا للخوارج والمعتزلة، وفيها دلالة على أن العذاب مستحق بأسبابه وهو الكفر، وأنواع المعاصي على اختلافها".
🎙هذه أيضا فائدة عظيمة أخذها الشيخ من قوله (أعدت للكافرين)، (أعدت) أي النار للكافرين، فهذا يقول فيه دليل على خروج العصاة -عصاة الموحدين- وهذا جاءت فيه نصوص واضحة، وبيّنه النبي عليه الصلاة والسلام أخبر في كما في الصحيح أنهم يخرجون من النار ضبائر ضبائر أي جماعات، جماعات، والتوحيد والإيمان يمنع من الخلود، لأن الدخول للنار على صنفين: دخول خلود وتأبيد، ودخول تطهير، وقوله (أعدت للكافرين) أي يُخلدون فيها أبد الآباد، أما العاصي من الموحدين دخوله فيها ليُطهر فقط، ليُطهر من ذنوبه ولهذا مكثه فيها على قدر الذنوب التي يُطهّر منها، لأن الجنة دار الطيب المحض، فمن كان فيه طيب وخبث وأراد الله عز وجل أن يطهّره بالنار، طُهّر فيها على قدر ذنوبه، وإن كان تطّهر من ذنوبه قبل ذلك فمثل ما قال ابن القيم رحمه الله، قال: " في الدنيا ثلاثة أنهر من تطهر بها طهرته: التوبة النصوح، والحسنات الماحية، والمصائب المكفرة" قال: "وإلا طُهّر في نهر جهنم يوم القيامة" نسأل الله أن يجيرنا من النار وذرياتنا والمسلمين. اللهم أجرنا من النار، اللهم أجرنا من النار.
اللهم انفعنا ربنا بما علمتنا وزدنا علما وتوفيقا، وأصلح لنا شأننا كله، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين...
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك. اللهم صلِ وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. جزاكم الله خيرا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق