الأحد، 28 سبتمبر 2014

من هدايات سورة الفاتحة

*د. محمد بن عبد العزيز الخضيري

هدايات سورة الفاتحة كثيرة جداً وقد كتب العلماء فأسهبوا وأطنبوا وأكثروا وكُل ذلك قليلٌ في حق هذه السورة العظيمة لكِن هذه هداياتٌ عجلا يحتاجها كُل مسلمٍ من هذه السورة لأنه يقرأُها في كُل يومٍ وليلة أكثر من سبعة عشر مرة.
 هذه السورة افتُتحت بالحمد وهكذا ينبغي أن تُفتتح الحياةُ كُلها بالحمد إذا قُمت من نومك وإذا أكلت طعامك، إذا قضيت حاجاتِك وتسيرت أُمورك فاحمد الله عزَّ وجل فإنَّ الحمد لله تملأ الميزان.
 ثُم قوله (الرحمن الرحيم) دلالة على أنَّ مبنى هذا الدين على الرحمة فدينُنا كُله رحمة ما فيه من صلاةٍ وزكاةٍ وصومٍ وحجٍّ وبرٍ وصِلةٍ وصدقةٍ وغير ذلك كُل ذلك مبناه على الرحمة وليس في ديننا شيءٌ يُناقِض الرحمة أبداً حتى هذه العقُوبات التي تنزِل على المُذنبين والمُتعدين لحدود الله هي من رحمة الله عزَّ وجل بعباده كما قال الله سبحانه وتعالى (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) وعلى كُل مُسلمٍ أن يُراجِع نفسهُ في أمر الرحمة فمتى وجد الرحمة قليلةٌ في قلبه فليعلم أنه قد أضرَّ في أمرٍ عظيمٍ من أمور هذا الدين والنبي صلى الله عليه وسلم عندما رأى رجُلاً من الصحابة أو رأهُ رجُل من الصحابة يُقبل بعض أبنائه قال أما إنَّ لي عشرةً من الولد لم أُقبل واحِداً منهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم (أو أملِكُ أن نزع الله الرحمة من قلبك من لا يرحم لا يُرحم).
هذه السورة اشتملت على أمرين عظيمين قيام الدين ومبناه عليهِما:  وهو إفراد الله بالعِبادة وإفرادُه بالإستِعانة ولا بُد لكُل مسلمٍ أن يُراجِع نفسه في هذين الأمرين أن يكون عابداً لله وحده لا يصرف شيئاً من عبادته لأحدٍ سواه، وأن يكون مستعيناً بالله وحده لا يستعين بأحدٍ سوى الله سبحانه وتعالى فيكون طلب العون منه وحده جلَّ وعلا. والناس في هذه الآية كما قال ابنُ القيم رحمه الله على أربعة أصناف:
 منهم من يُكمل العبادة والاستعانة وهذا مقام الأنبياء والكُمَّل من عباد الله
 ومنهم من يُفرط فيهما وهؤلاء هُم شرار الخلق
 ومنهم من يُكمِّل جانب العِبادة ويُخفق في جانب الاستِعانة وهذه تقع من بعض العُبَّاد وبعض الصالحين يسترسلون في العبادة وينسون أن يستعينون بالله على أُمورهم وقضاء حوائجهم وعبادتهم
ومنهم من يُكمل جانب الاستِعانة فهو يستعين بالله لكنه يُفرط في جانب العِبادة
 وعلى المُسلم لكي تكمُل جوانبُ الدين عنده أن يُكمِّل جانب العِبادة وجانب الاستِعانة.
 وأعظم شيءٍ يستعين به العبد ربه سبحانه وتعالى هو أمر الهداية إلى الصراط المستقيم ولذلك إذا قال ( إياك نعبد وإياك نستعين ) يقول بعدها ( اهدنا الصراط المستقيم ) فأعظم شيءٍ يسألُ العبد ربَّه هو الهداية إلى الصراط المستقيم، إلى الإسلام، إلى القُرآن، إلى السُنَّة، إلى الطريقة الصالحة القاصِدة التي نسأل الله سبحانه وتعالى أن يُميتنا جميعاً عليها .
_____________________________
*برنامج هدايات قرآنية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق