السبت، 20 يوليو 2013

المجلس التدبري حول الجزأين الحادي عشر والثاني عشر

أ.ضحى السبيعي 
- الجزء الحادي عشر :
/ { لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }
إن قيل : كيف أعاد ذكر التوبة في قوله (ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ) قد قال في أول الآية (لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ) ؟ 
قيل: ذكر التوبة في أول الآية قبل ذكر الذنب وهو محض الفضل من الله تعالى، فلما ذكر الذنب أعاد ذكر التوبة ، والمراد منه قبولها. [تفسير البغوي] .  سبحانه ربي ما أحلمه على من عصاه وأجوده على من أقبل إليه ورجاه فنحمده على فضله فليس لنا رب سواه .
سئل البوشنجي عَنِ التوبة فَقَالَ: "إِذَا ذكرت الذنب ثُمَّ لا تجد حلاوته عِنْدَ ذكره فَهُوَ التوبة".. وَقَالَ ذو النون حقيقة التوبة أَن تضيق عليك الأَرْض بِمَا رحبت حَتَّى لا يَكُون لَك قرار ثُمَّ تضيق عليك نفسك كَمَا أخبر اللَّه تَعَالَى فِي كتابه بقوله: {وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا} .
 
/ قاعدة قرآنية في طريق الدعاة {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [د.عمر المقبل]

- الجزء الثاني عشر :
 
/ { فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُواْ..}
حذر الله الدعاة : لا يحملكم ضيق الصدر مما (تسمعون) على ترك ما (تحملون) [عقيل الشمري] .
/ { وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظلموا..} هذا التعبير القرآني عن الركون إلى الأعداء والارتماء في أحضانهم، والاستسلام للحضارات الأخرى، والتقليد الأعمى، وأن يشعر المرء بفقدان الهوية وعدم الانتماء لحضارته ودينه وإسلامه.
وللحسن البصري كلام رائع في هذه الآية، حيث يقول: "سبحان الذي جعل اعتدال هذا الدين بين لاءين" وهي [ لاَ تَطْغَوْاْ] و[ لاَ تَرْكَنُواْ]، وهي من اعتدال الإسلام وتوازنه في التعاطي مع مشاكل الحياة.
 
/ إن هذه السورة تعالج الوضع الذي نعيشه نحن اليوم تماماً، وهذا دليل على صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان. فكأنها تخاطبنا نحن .. لتقول: [ لاَ تَطْغَوْاْ]... [لاَ تَرْكَنُواْ]... [فَٱسْتَقِمْ]... فرسالة السورة إلى المسلمين في كل زمان ومكان هي: اصبروا، واستمروا في الإصلاح، بتوازن واعتدال، دون أي تهور أو ركون.
/ {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} فاستقم كما أمرت  أحس - عليه الصلاة والسلام - برهبتها وقوتها حتى روي عنه أنه قال مشيرا إليها: (شيبتني هود وأخواتها) .
 فالاستقامة: هي الاعتدال والمضي على نهج الله دون انحراف ، مع اليقظة الدائمة ، والتدبر الدائم ، والتحري الدائم لحدود الطريق المستقيم .. ورحم الله شيخ الإسلام بن تيمية يوم قال : "أعظم الكرامة لزوم الاستقامة" [تهذيب المدارج].
 
/ قال سهل التستري: أعمال البِّر يعملها البَّر والفاجر، ولا يقدر على ترك المعاصي إلا صدِّيق. واقرأ{ يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ } الآية.
------------------
 @afag-Tadabor
 #مجالس_المتدبرين 
فيس بوك : حلقة آفاق التدبر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق