الاثنين، 7 يناير 2013

الحلال والحرام -2-




 الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى وأشهد ألاّ إله إلا الله وحده لا شريك له كلمة وشعار ودثار ولواء أهل التقوى وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع هديه بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
 فهذا الجزء الثاني من حلقة الحلال والحرام وقد تكلمنا عن هذه المفردتين في اللقاء الماضي وذكرنا قواعد عامة وجمعنا أشتاتا ربما مر كثير منها في لقاءات سابقة ودروس ماضية لكن المقصود جمع ما تفرق واليوم قلنا ، وعدنا أننا سنأتي - إن شاء الله تعالى - على آيات نفسرها فيظهر جلاء المعنى إن شاء الله.
/ قال ربنا وهو أصدق القائلين في سورة الأنعام (وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ) قال ربنا (وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ) "على" حرف جر لكنه يفيد الاستعلاء فالله - جل وعلا - له العلو المطلق ، (وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْأي اليهود وهم قوم نبي الله موسى،وموسى عليه السلام من ذرية يعقوب، ويعقوب اسمه يعقوب وله اسم آخر (إسرائيل) وهو ابن إسحاق، وإسحاق ابن خليل الله إبراهيم ، وموسى هو الذي خرج ببني إسرائيل من أرض مصر، ويعقوب هو الذي دخل ببني اسرائيل بنفسه وبأبنائه أرض مصر بسبب وجود يوسف ابنه من قبل .... واضح .
 / قال ربنا: (وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ) اليهود أصلا اتباع موسى ,كما أن النصارى أتباع عيسى وظاهر الأمر: أن اليهود سُمو يهودا من قولهم كما قال الله : (إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ) أو نسبة إلى أحد أبناء نبي الله يعقوب واسمه يهوذا.
وأما النصارى سمُو نصارى لأن الله -جل وعلا- قال كما في القرآن : (قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ) . 
وقيل : أن هذا اسم لبلدة كانت هناك -والعلم عند الله- لكن هذا ماهو شائع ذائع بين الناس معروف .
فقال ربنا : (وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا) هذا تحريم شرع بمعنى أنه يثاب تاركه ويعاقب فاعله.
 (حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ) .. هذا يدل على أن هذا التحريم كان أصليآ أم عارضا ؟
عارضا بدليل أن الله قال : (طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ) أي كانت أصلا حلالا، والقرآن إذا جمعت بعضهم على بعض يظهر لك بجلاء.
الله - جل وعلا - قال في سورة النساء : (فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا) لم يقل في سورة النساء ما الطيبات التي حُرمت ولكن قال هنا : (وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ) .. أنا في الأول أخطأت في قراءة الآية.
الآية الآن (وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍلكن (طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ) وردت في سورة النساء فأصبحت آية الأنعام مبينة لآية النساء ... واضح .. مبينة للآية التي في سورة النساء .
فلو سألك سائل (فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ) ما الطيبات التي أحلت لهم ثم حرمها الله ؟ تتلو عليه آية الأنعام (وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ) ، عندما يغلب أحد عدوه نقول ظَفَرَ ، معنى ظفر: انتصر،فالظفر معروف أشبه بالمخلب يُقال ظفر للإنسان ولكثير من الدواب، وهو آلة قوة ولهذا قال أبو ذُئيب الهذلي وكان له أبناء خمسة أو ستة ثم ماتوا ولم يبق له إلا واحد فقال :
 وإذا المنيّة أنشبت أظفارها ** ألفيت كل تميمة لا تنفع .
ثم قال بيت الشعر :
 والنفس راغبة إذا رغّبتها ** وإذا ترد إلى قليل تقنع .
 قال الأصمعي هذا أبرع بيت قالته العرب 
 والنفس راغبة إذا رغبتها ** وإذا تُرد إلى قليل تقنع .
 أعود للآية قال الله : (وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ) فأصبح كل ذي ظفر مُحرمآ عليهم لحمه ودمه وشحمه.
ثم قال الله: (وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا) في الأول تحريم كلي لكن البقر والغنم ليست كلية قال : (وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا)
فحرم الله عليهم الشحم لكن هل كل الشحم في البقر والغنم حرمه الله عليهم ؟ قال الله لا . أين قال الله لا؟ الاستثناء ، الله يقول (حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ) هذا استثناء . والاستثاء: إخراج ما بعده في الحكم عن ما قبله ، تقول : حضر الضيوف إلا زيدا ، فحكمت على الضيوف بالحضور و استثنيت من الحضور زيدا . تقول : نجح الطلاب إلا عليا ،فحكمت على الطلاب بالنجاح وأخرجت عليا من الحكم .
فالله جل وعلا يقول: (وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ) أي على الذين  هادوا (شُحُومَهُمَاأي شحوم البقر وشحوم الغنم "إلا" .. خرج هذا من الحكم ( إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ) كم أنواع حرمت ؟
ثلاثة :
- ما حمل الظهر من الشحم أصبح غير محرم
- أو الحوايا أي الأمعاء أصبح غير محرم 
(أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ) إذا كان الشحم مختلط بالعظم أصبح غير محرم لمشقة فصل الشحم عنه . 
( إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ) عائد على التحريم (ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم) من؟ اليهود ,( بِبَغْيِهِمْ) والبغي : تجاوز الحد . أين بغيهم ؟
- عبدوا العجل
- اذهب أنت وربك فقاتلا
- لن نصبر على طعام واحد
 كل ما عددوه وذكروه في ردهم على نبيهم كان ذلك حقا أن يعاقبوا به من الله فقال الله عز وجل : (ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ) وهنا تأتي في هذه الآية دليل على كرامة أمة محمد صلى الله عليه وسلم عند الله.
 أين الدليل؟ ... لا تستعجل .
كان في أول ما نزل الصيام - شهر رمضان - كان ممنوعا للرجل أن يأتي زوجته ليلا ثم وقع من بعض الصحابة أنهم أتوا أزواجهم فيه فلما وقع ذلك منهم قال الله -جل وعلا- بعد أن بيّن هذا الأمر قال : (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ) قال بعدها :(فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ)  لما وقعت المعصية من أصحاب رسول الله جاء الأمر بالتخفيف وإزالته بالكلية (فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ)، ولما جاءت المعصية من بني اسرائيل زادهم الله ..واضح ..
(فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ) ما السبب ؟ ... النية  فالصحابة لما وقع ذلك منهم ندموا مثل عمر وغيره أما هؤلاء -عياذا بالله- كانوا يأتون المعصية وهم فرحون .
وهنا يحتاط المؤمن لدينه، إن غُلبت من الشيطان فاندم على ما كان منك .. المؤمن تقع منه معصية خاصة إذا كان شابا ، "يعجب ربك من الشاب ليست له صبوة". لكن شاب يأتي بألبوم صور - أنا لا أعرف التقنية- ثم يأتي بالتقنية ثم يريها زملاءه فعلت وفعلت ويجعل كيدا يكيد به الأعراض والناس ومن حوله من الجيران من القريب والبعيد , هذا لا يأبه الله به في أي واد هلك , لكن قد يأتي أحد الناس ،أحد الشباب تقع منه الزلة، تقع منه الخطيئة ، فأنا أقول له أول الأمر لا تُخبر بذلك أحدا فالناس تفضح ولا تعذر والله يستر ويعفو ،فاكتمها عن كل أحد لا تقل هذا شيخي ولا هذا أستاذي ولا هذا زميلي ولا هذا والدي ، أقل ما يمكن أن ينالك أنه سينظر إليك بعد ذلك نظرة ازدراء , والله لو أصبحت إماما للحرمين فإنه سيتذكر تلك المعصية فأنت حقير في عينيه , فلا تُخبر أحدا لكن إن كنت صادقا في الندم فإن الله جعل أبواب التوبة مفتوحة (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ)
 قل استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه .. في الحديث من قالها سبع مرات (غفر الله له ما تقدم من ذنبه وإن كان قد فر من الزحف)
قل سبحان الله وبحمده مائة مرة ، (من قال سبحان الله وبحمده مائة مرة غفر الله له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر)
قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، وغيرها مما شرع الله لك من أنواع التوبة .
فهذا الفارق العظيم ما بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أولئك الملأ من قوم موسى عليه السلام. هذه الآية الأولى والتي ذكر فيها التحريم .
/ الآية الثانية جاءت في خبر أصحاب الجنة (بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ).
قال أصدق القائلين : (إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ) أي قريشا (كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ) قوم عندهم بساتين (إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ) وأن يوجد إنسان يُقسم أن يُطيع مقبول، لكن -عياذا بالله- إنسان يُقسم أن يعصي ،هذا هلاك .
(إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ) أي وقت الصبح و"لا" نافية (وَلا يَسْتَثْنُونَ)
قال بعض العلماء : (وَلا يَسْتَثْنُونَ) أي ولا يقولون إن شاء الله , وهذا عندي بعيد لا يوجد عاصي يقسم أن يعصي الله ثم ينسى أن يقول ان شاء الله هذا لو تذكرها لن يقولها . لكن قول الله (وَلا يَسْتَثْنُونَ) أي ولا يستثنون المساكين أن يعطوهم .. يعني سيصرمون سيجذون مافي النخل من تمر وفاكهة وغيرها أيا كان نوع ثمرهم لكن لن يعطوا مسكينا وقد كان أبوهم كما ذكر المفسرون قد عوّد المساكين أن يخبرهم بوقت صرمه لثمار نخله حتى يعطيهم.
 (إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ*وَلا يَسْتَثْنُونَ*فَطَافَ عَلَيْهَا) على الجنة (طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ) صاعقة(فَأَصْبَحَتْ) 
تحولت (كَالصَّرِيمِ) كقطعة الليل المظلم .هذا كله وهم في غفلة.
 (فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ) قاموا وينادي بعضهم بعض (أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ) الغدو: أول النهار
(فَانطَلَقُوا) إلى جنتهم (وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ) .
الآن انظر إلى واقع الناس يأتي الصيف يأتي إنسان ينزع ملابسه ان كان من ذوي الهيئات ، إن كان عقاله غترته بشته ثوبه يلبس إزار و رداء , لو أتاك طارق يطرق بيتك وأنت في خلوتك مع أهلك مع أبناءك تلبس رداء وليس عليك شيء تستر به أعلاك إلا رداء وعليك إزار هل يعقل أن تفتح له الباب؟! مستحيل حتى ترتدي ثيابك، لكنك تقبل أن تلبس إزار ورداء وتخرج ويراك الناس وأنت ذاهب إلى الحج أو إلى العمرة ولنقل في هذا الوقت إلى العمرة , لماذا ؟ .. لأنك تعلم يقينا أنك ذاهب إلى طاعة . شيء وأنا أفر من اللغة العامية لكن باللغة الدارجة العامية شيء يُشرّف ،لا تطأطئ رأسك، ترفعه . لكن -أعاذنا الله واياكم من الفواحش- من يريد أن يذهب إلى حانات الغرب وبارات الشرق تجده حتى وهو يصطف عند ختم جوازه مطأطئ رأسه خوفا من أن يراه أحد , يأبى الله الا أن يذل من عصاه .
 هؤلاء لما خرجوا قال الله عنهم : (فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ) لو كان شيئا ذا فخر لما قالوه بتخافت (فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ*أَن لّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ) وهذا يعني بخل وشح , والبخل نوع من أنواع سوء الظن برب العالمين , فالله - جل وعلا - يقول : (فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ*أَن لّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ*وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ) هذا بحسب ظنهم ،بحسب زعمهم , الحرد في اللغة : المنع , تقول العرب عن الحرد : حردت السنة خيرها وحردت الإبل درها ، أي منعت الإبل درها و منعت السنة خيرها .
 (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ) أي يعتقدون أنهم قادرون على أن يمنعوا المساكين . هنا ماذا ضيعوا ؟ ضيعوا قدرة الله ،ظنوا أن قدرتهم تغلب قدرة الله , أنهم مادام قد نووا وعزموا  سيقع الأمر، في هذه اللحظات جاء الأوسط وأخبرهم أن قدرتهم لن تغلب قدرة الله وأنهم ينبغي أن ينزهوا الله عن هذا الظن , لكنهم لم يسمعوا منه , قال الله : (فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ*أَن لّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ*وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ*فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ) ليست هذه جنتنا ثم تبين لهم أنها جنتهم ، (بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) علموا أن الله جل وعلا منعهم إياها وحرمهم خيرها لما في أنفسهم ..(قَالَ أَوْسَطُهُمْ) هذا الدليل على أننا عرفنا أن الأوسط قال لهم ذلك (قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ) ما معنى تسبحون ؟ تنزهون الله أن يقع في ملكه ما لا يريد . يعني أين كانت عقولكم عندما غلب على ظنكم أنه بالإمكان أن يقع في ملك الله ما لا يريد هذا محال . (أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ*قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ) أي ظالمين لأنفسنا , وقال بعض العلماء إن قولهم (سُبْحَانَ رَبِّنَا) .. أي نزهوا الله أن يكون قد ظلمهم بأن أذهب خير جنتهم ولكن سوء سريرتهم هو الذي كان سببا في أن تأتي الصاعقة على جنتهم . (قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ*فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ*قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ*عَسَى رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِّنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ) .
 جلس قتادة ،وهو قتادة بن دعامة السدوسي ، يفسر القرآن وقال هذه الآية وشرحها فجاءه رجل و قال له : يا قتادة هم من أهل الجنة أو من أهل النار ؟  فقال رحمه الله :"لقد كلفتني تعبا , والله لا أدري هم من أهل الجنة أو من أهل النار" مع أن الله قال : (إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ) لكن الله قال بعدها : (كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ) وتقف (لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) جواب لو محذوف " لو كانوا يعلمون أن عذاب الآخرة أكبر من عذاب الدنيا لما صنعوا ما صنعوا". وإن كنت أذهب وأرجح إلى أن الله قبل توبتهم هذا ظاهر الآيات .
هذا ما تيسر إيراده وتهيأ إعداده في تفسير مفردتي الحلال والحرام في كلام رب العالمين , والعلم عند الله وصلى الله على محمد و آله والحمد لله رب العالمين .
---------------------------------------
جزى الله خيرا من أعانت على تفريغ الحلقة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق