الثلاثاء، 5 سبتمبر 2023

وقفة مع أحاديث واردة في فضل سورة البقرة

 أول حديث ورد في فضل هذه السورة هو حديث عجيب يتنقل لي بين مستويات من الفضائل ثلاثة:

 المستوى الأول: يحكي لي فضل القرآن بأكمله

 المستوى الثاني: يحكي لي فضل هذه السورة مقارنة بسورة آل عمران

 والمستوى الثالث: في هذا الحديث هو الحديث عن خصوص سورة البقرة من حيث فضلها

 الحديث ما رواه أبو أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه) هذا المستوى الأول اللي هو فضل قراءة القرآن بشكل عام. وهذه طبعا دعوة لجميع الناس أن يقبلوا على قراءة القرآن فكربات يوم القيامة ما أحوج الإنسان أن يجد شافعا له في هذه المواقف العصيبة.


الشطر الثاني من الحديث مقارنة بين البقرة وآل عمران في الفضل (اقرءوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيايتان، أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما يوم القيامة) إذا هذا الفضل أعطاني فضل سورة البقرة مع سورة آل عمران، ولا شك أن هذا فضل عظيم لأنه أيضا يأتي للحديث عن انتفاع قارئ سورة البقرة وآل عمران في كربات يوم القيامة عندما تدنو الشمس من الخلائق، فكيف تأتي هاتين السورتين وتظلل صاحبها، لا شك أنها كرب من كرب يوم القيامة. فإذا ما أحرانا أن نلتزم بمعاودتنا على قراءة هاتين السورتين.


 المستوى الثالث من الفضل: ما زلنا في حديث أبي أمامة الباهلي قال: (اقرؤوا سورة البقرة فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة) يقول معاوية أحد رجال الإسناد في الحديث: "بلغني أن البطلة السحرة".

 فإذا انظر  إلى حجم الفضل في هذه السورة يبتدئ أولا بالشيء العام (أخذها بركة) هل حُدد متعلق البركة في هذا الحديث؟

 لم يحدد. وأنا عندي القاعدة التفسيرية التي هي قاعدة لغوية أن حذف المتعلق يفيد العمود. إذا البركة ستمتد لكل ما يطلبه الإنسان في البركة، إن أرادها بركة في العلم فهي بركة في العلم، إن أرادها بركة الصحة فهي بركة في الصحة، إن أخذها بركة في الدين قبل ذلك فهي بركة في الدين، إن أخذها بركة في الرزق فهي سبب لذلك. إذا كل ما يطلبه الإنسان من البركة، لو قرأ هذه السورة وهو يستحضر هذا الفضل، فهو مظنة أن يتمتع بهذا الفضل الذي بشرنا به الرسول صلى الله عليه وسلم. 


(تركها حسرة) هذه تصف لي من يهجر القرآن وهي من ضمن ما يهجر، لكن لها خصوصية في هذا القرآن يعني، وإن كان كل هجر القرآن يرتد سلبا على الإنسان ويُحرم كثير من التوفيق، ويُحرم كثير من البركة إلا أنه بسورة البقرة حرمان أخصّ عندما يهجرها الإنسان فما أحرانا أن نعتني بهذه السورة.

 وعنايتنا بهذه السورة تمتد على آفاق متعددة، يعني إذا أنا وفقت وكانت مثلا الختمة في القرآن ما تبعد بحيث أنها تكون مثلا في الأسبوع أو في الأسبوعين أو في الشهر، فبها ونعمت، لكن لو كان الإنسان مقصر تقصيرا كبيرا في تلاوة القرآن فينبغي أن يُفرد وِردا لسورة البقرة بحيث يتردد عليها كثيرا، لأنه إذا تركها فما أخبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم أن تاركها يناله الحسرة، هذا بالإضافة الى فقدانه البركة، وقبل ذلك وهذا مواقف يوم القيامة. 


ثم (لا تستطيعها البطلة) معروف ارتباط السحرة بالشياطين، وهذا أمر يعني ما أحرانا أن نتحصن من الشياطين، وهذه السورة، سورة البقرة ستكون حصنا لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر أنه لا تستطيعها البطلة، يؤيد هذا الجزئية من الحديث (ولا تستطيعها البطلة).


الحديث الآخر: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (لا تجعلوا بيوتكم مقابر فإن الشيطان ينفر من البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة)

هذا الحديث في مسلم، فإذا هذه صورة من صور التحصين من الشيطان بهذه السورة. 

متى ينال الإنسان هذا الفضل سواء كان في سورة البقرة أو أي سورة أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم إن لها فضلا؟

كلما كان الإنسان متدبرا، وكلما كان الإنسان مستحضرا هذه المعاني ومستحضرا الفضل بحيث يتلمسه داخل السورة، كلما كان علاقته بهذا الفضل أكثر و انتفاعه بهذا الفضل أكثر، لكن إجمالا الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بهذا الفضل للجميع لكل من قرأ هذه السورة، لكن من أسعد الناس حظا بهذه الفضائل المذكورة يكون بقدر التدبر، وبقدر استحضار المعاني الواردة في السورة إذا ما ربطناها بالأمور المذكورة في الفضل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مستفاد من دروس التفسير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق