الثلاثاء، 6 سبتمبر 2022

الإلمام بآيات الأحكام || الحلقة (24) - الآيات (219: 220) من سورة البقرة



/ قوله تعالى: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ * فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }[البقرة:219-220].

{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}، الخمر كل ما أسكر وكل ما غطى العقل فهو خمر من العنب، من التمر، من أي شيءٍ كان، كل ما أسكر قليله فكثيره حرام هذه واحدة.

الأمر الثاني: الميسر ، المقصود بالميسر هو ما يُؤخذ من المال عن طريق المنافسات التي فيها عوض من الطرفين المشتركين في المنافسة هذا يُسمى ميسر، هذه محرمة، هنا في قوله تعالى : {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}، هذه الآية لا تدل على التحريم للخمر، ولذلك المفسرون غالبًا إذا تناولوها يذكرون الآيات الأخرى التي وردت في تحريم الخمر لأن الخمر تدرج الإسلام في تحريمها شيئًا فشيئًا على أربع مراحل:
المرحلة الأولى: كانت في سورة النحل وهي في آية مكية، قال الله تعالى: {وَمِن ثَمَرَٰتِ ٱلنَّخِيلِ وَٱلۡأَعۡنَٰبِ تَتَّخِذُونَ مِنۡهُ سَكَرٗا وَرِزۡقًا حَسَنًاۚ }، فهِم بعضهم من هذه الآية التحريم أو التلميح، لأنه وصف الرزق بأنه حسن ولم يصف السَكر بأنه حسن، فقال: {سكرًا ورزقًا حسنًا} ، الآية التي بعدها هذه الآية في سورة البقرة: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}، بعض الناس تركوا شرب الخمر بسبب هذه الآية.
لما جاءت الآية الأخرى في قصة أن بعض الصحابة رضي الله عنهم شربوا الخمر فلما صلى بهم أحدهم هذى في الصلاة، فنزل قول الله تعالى في سورة النساء: {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون}، فقلّل أوقات الشرب، فأصبح ما يشربون إلا في الأوقات اللي فيها مساحة مثل بعد العشاء مثلًا أو بعد الفجر يعني يمديهم يصحصحون من آثار الخمر. لكنه وقعت حادثة كانوا في المدينة، وكان سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه موجودًا في مناسبة، فشربوا خمرًا وتناشدوا بعض الشعر وكذا، فسعد بن أبي وقاص كأنه  هجا أحد الأنصار، فأخذ أخذ لِحي بعير وشج به سعد رضي الله عنه ، فلما رُفع هذا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "اللهم بين لنا في الخمر بيانًا شافيًا"، لأنه ما فيه آية قاطعة إلى حد الآن، فنزل قول الله تعالى في سورة المائدة: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ}[المائدة:90]^، {فاجتنبوه}، هذه الآية التي حرمت الخمر. ولذلك البيضاوي ذكرها كلها في هذا الموضع.
 وهذه الآية لا تكفي وحدها للدلالة على تحريم الخمر – كما تعلمون – لابد أن تُجمع معها الآيات التي في سورة المائدة حتى تدل على التحريم، ولذلك نقول: أن هذه الآية فيها دلالة على تحريم القمار والميسر هنا، وحتى لو أردنا أن نستدل بهذه الآية على التحريم، لقلنا أن الله سبحانه وتعالى قال: {وإثمهما أكبر من نفعهما}، وهذا يكفي في الحكم بحرمتها، لأن ما دامت خبيثة وفيها إثمها وأكبر من نفعها، لكنها ليست صريحة الدلالة على التحريم في الحقيقة، الآية التي بعدها .

{لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة}، طبعًا هذه الآية من نوادر الآيات في القرآن الكريم التي اختلف العلماء هل يجوز الوقف على آخرها على رأس الآية لأنها مرتبطة بما بعدها، قال: {لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة}، كلمة في الدنيا والآخرة أول الآية التي بعدها.

قال:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ }، إشارة إلى حكم مراعاة اليتامى الذين تحت رعاية الإنسان، وهو دليلٌ على جواز التصرف، يعني الحكم الذي نستنبطه من هذه الآية: جواز التصرف في أموال اليتامى من الأولياء والأوصياء بالبيع والمضاربة والإجارة ونحو ذلك، وأن يكون التصرف بالحسنى.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق