الخميس، 2 أكتوبر 2014

من هدايات سورة التكوير

*د. محمد بن عبد العزيز الخضيري



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
 هذه السورة العظيمة حديثها عن القيامة وقد جرت العادة إذا جاء الحديث عن المُغيّبات أن يتلوها الحديث عن هذا القرآن وعن سنده إلى الله سبحانه وتعالى ولذلك جاءت هذه السورة مقسومة إلى قسمين:
 القِسم الأول: عن أحداث يوم القيامة وما فيها من الأهوال سواءً ما كان قبل وقوع يوم القيامة من مُقدِماتٍ لوقوعها وما كان بعدَ بعث الناس وحشرِهم كما قال الله سبحانه وتعالى ( وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ *وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ * وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ * وَإِذَا السَّمَاء كُشِطَتْ * وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ * وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ ) فهذه الأحداث تكون بعدَ بعث الناس وقيامهم من قبورهم بخلاف الأحداث التي في أول السورة فهي ستكونُ قبل خرابِ هذا العالم وقبل زوالِ الدُنيا ( إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ * وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ * وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ) أمَّا بالنسبة للهدايات التي ينبغي لنا أن نتوقف عندها فهي في هذه السورة كثيرة منها:
/ قوله ( وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) ربُنا سبحانه وتعالى يُبين لنا أنَّ النفوس يوم القيامة بعد البعثِ تُزوج أي تُقرن بمن كانت تُصاحِبه وتُقارنُه وتُجالِسه في الدُنيا فاليهودي يُحشر مع اليهود والنصراني يُحشر مع النصارى وهكذا كُل أصحاب رأيٍ ومقالةٍ ودينٍ يُحشرون مع أهلِ مِلتهم المؤمن مع المؤمنين والمنافق مع المُنافقين وإلى آخر ما هُنالك.
 هذا يجعلُني وإياك وكُل مُسلمٍ ومُسلمة يتفكر مع من سيُقرن يوم القيامة إنَّك ستُقرن مع من كُنت تُحِبهم وتُجالِسُهم وتقتدي بهم وتنتصر لهُم وترحمُهم وترعاهُم ويرعونك هؤلاء ستكون معهم ستُحشر معهم فأعِدَّ لذلك اليوم أن تكون مع الصالحين وأن تكون مع الطيِّبين الأخيار وألا تكون مع أُولئك الفاسدين الضالين المنحرفين عن طاعة الله عن طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم هذه واحِدة.
 الثانية: (وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ) تصوروا يا إخوان في يوم القيامةِ كُل أحدٍ يُسأل حتى الموؤدة الصغيرة تلك البنت التي قُتلت ظُلماً وعُدواناً ستتعرض للسؤال وهي مظلومة تبكيتًا لظالِمها يُقال لها من وأدَك؟ من قتلك؟ فتُجيب.
 وهكذا نحنُ سنُسأل وسيُسألُ كل أحد حتى الأنبياء والرُسل سيُسألون (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) إذاً يوم القيامة يوم مسائل لا يخلوا فيه أحدٌ من المُساءلة قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إنَّ أوَّل ما يُسألُ عنهُ العبدُ يوم القيامة من للنعيِم أن يُقال له ألم نُصِحَّ لك جِسمك ورويناك من الماء البارد ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( لا تزل قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع عن عِلمه ماذا عمِل به، وعن عُمره فيما أفناه، وعن شبابِه فيما أبلاه، وعن مالِه من أين اكتسبه وفيما أنفقه ) فليُعِدَّ كُل واحدٍ منا للسُؤال جواباً وليكُن الجواب صواباً .
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقني وإياكم لطاعته وأن ينفعني وإياكُم بما نسمع من الذكر الحكيم والسلام عليكم ورحمة الله.
______________________
*برنامج هدايات قرآنية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق