الأربعاء، 7 أغسطس 2019

سورة الأنعام الآيات من (74) إلى (75) / بينات 1438هـ [1]


 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
  الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .. حياكم الله مشاهدينا الكرام ..
مازلنا نتحدث في سورة الأنعام وقد وصلنا فيها إلى قول الله عز وجل :{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً ۖ إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } بيّنا فيما مضى أن سورة الأنعام تتحدث عن الاحتجاج في التوحيد ومحاجّة المشركين في عقائدهم الباطلة وتضرب ألواناً أو تعطي رسول الله ﷺ ألواناً من الأدلة في مُحاجّة هؤلاء المشركين ومن ذلك هذا النموذج الذي بين أيدينا وهو احتجاج إبراهيم على قومه في أمر الشرك وكيف أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام استطاع من خلال هذه المناظرة التي حكتها الآيات القادمة استطاع أن يقنعهم بأن ما يعبدونه لا يستحق العبادة .


 يقول الله عز وجل :{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَر} الآن مع مشايخنا الكرام الشيخ مساعد الطيار والشيخ عبد الرحمن الشهري نريد أن نوضح معنى الآية تفضل أبو عبد الله :
الشيخ عبد الرحمن الشهري : بسم الله الرحمن الرحيم في قوله سبحانه وتعالى :{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَة }
أولاً : علاقة هذا المقطع بالذات بسورة الأنعام يعني كما تفضلت الدكتور محمد سورة الأنعام تتحدث عن إبطال عقائد الشرك والاحتجاج للتوحيد وهذه السورة نزلت على النبي ﷺ في مكة في وقت متقدِّم ، وبعض علماء القرآن يرون أنها نزلت دفعة واحدة سورة الأنعام نزلت جملة واحدة من ضمن الأقوال التي قيلت، فأول السورة يقول الله سبحانه وتعالى :{ِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ۖ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ } يعني يشركون به غيره ، انظر إلى علاقتها بهذا الموضع هنا: احتجاج إبراهيم عليه الصلاة والسلام على أبيه وعلى قومه الذين يعبدون هذه الأصنام كيف أن عبادتهم لهذه الأصنام عبادة باطلة وأن مبدأ الشرك مبدأ باطل لا من حيث العقل ولا من حيث الواقع . ثم بدأ إبراهيم عليه الصلاة والسلام في هذه القصة {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً ۖ إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} ثم تتالت الآيات وحتى .. ستأتي معنا .
 لكن أريد أن أشير إلى مسألة قبل أن أنساها في أثناء الحديث وهو: تلاحظون في بعض كتب التفسير وبعض كتب علوم القرآن عندما يأتي الحديث عن آزر أب إبراهيم عليه الصلاة والسلام فيذكرون أن اسمه ليس آزر ويدخلون في جدل ويقولون : أن آزر هو عمّ إبراهيم وأن والد إبراهيم اسمه تارخ لماذا ؟ قالوا لأن كل المؤرخين يجمعون على أن اسم والد إبراهيم تارخ وليس آزر.
 طيب الآية تقول :{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَر } زائد الحديث النبوي في صحيح البخاري يقول النبي ﷺ: ( يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة وعلى وجهه قتَرَة ) فالحديث نص على أن اسمه آزر والقرآن نص على أن اسمه آزر ولذلك من أفضل الكتب التي رأيتها ناقشت هذا الموضوع كتاب الجواليقي المعرّب للجواليقي تكلم عن آزر فجاء محمد شاكر رحمه الله في آخر الكتاب لأنه هو الذي حقق الكتاب تكلم أفرد ببحث كامل اسم آزر وقال : " إن المفسرين والمؤرخين قد غفلوا عن هذه الصراحة الموجودة في تسميته في القرآن وفي السنة في صحيح البخاري والذي يمكن أن يجمع به بين القولين أن آزر هو اسمه وأن تارخ أيضاً اسم آخر أو أن آزر لقب وتارخ اسمه كلاهما يعني ممكن لكنه نفس الشخص فآزر هو الاسم وتارخ هو اسم كما تتعدد الأسماء مثل يعقوب مثلاً اسمه إسرائيل وقد ذُكر في القرآن باسم يعقوب وباسم إسرائيل في مواقع كثيرة أي نعم يعني هذه بعض الفوائد في البداية .
د.مساعد : مثل ما ذكرتم يعني في إشكالية الحقيقة بعض الأحيان نحتاج أن نبحث عن ما السبب الذي يجعل بعض المتأخرين يذهبون إلى أنه عمٌ لإبراهيم وليس أباً لإبراهيم طبعاً هي أحد آثار التصوف يمكن أن تقول أنها أحد آثار التصوف في زعمهم أن نسل الأنبياء لا يمكن أن يكون فيه مشركين أو كذا، أو يستكثرون أن يكون أبو أحد الأنبياء كافراً . وهذه أقدار الله سبحانه وتعالى ولهذا معالجة هذه الأمور لا تأتي بالعاطفة وإنما نقاشها نقاش علمي فمن أثبت بالعلم أنه عمه فنقول على العين والرأس ولكن أن يتمحل ويتكلف في ذلك فهذه مشكلة، وأذكر أن الشيخ الشعراوي -رحمه الله تعالى- تكلّف وتمحل لهذا القول -أنه عم إبراهيم وليس أباً لإبراهيم- وهذه كما ذكرت لك من آثار التصوف، واستدل بآية وهذه الآية حجة عليه وليست حجة له قال :{ِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ } فذكر إسماعيل في الآباء لكنه لما ذكره في الآباء ذكره في سياق الأب الأصلي والجد ليس مفرداً لكن لا يُعرف أن أحداً يقول لعمه يا أبت إطلاقاً وإنما إذا قيل من آباؤك يقول آبائي فلان وفلان وفلان فيذكر الأعمام في هذا فإذاً واضح جداً أن السياق لما ذُكر إسماعيل على أنه من آباء يعقوب وبنيه جاء في سياق ذكر الشجرة كاملة فجعلوا الأكبر بالنسبة لهم في مقام الأب فلهذا في مثل هذه الأمور دائماً ندعوا إلى أن يكون الحديث عنها حديث علمياً .
 وأيضاً قضية أخرى سيكون لها علاقة بهذا الموضوع إلى أن هذا هو المذكور في كتب بني إسرائيل، وأيضاً تُلُقف هذا المذكور -أنه تارخ- تُلقي بالقبول وعدم النقاش لأنه ليس عندنا ما يمكن أن نقول أن هذا الاسم الثاني خطأ محض لأنه يمكن تقول أنه كان له إسمان أو أحدهما اسم والآخر صفة. أياً كان فالموضوع الآن إذاً هذا الرجل مذكور بهذا الاسم هو عين الرجل المذكور بهذا الاسم ليس بينهما فرق ولا خلاف .
د.محمد الخضيري: وعندنا قاعدة أيضاً وهي أن الأصل أن نأخذ بظواهر النصوص إلا أن يدل دليل على صرف هذه الظواهر عن ما دلت عليه ، فالظاهر الآن من الآية والحديث الذي ذكره أبو عبد الله هو أن آزر هو إسم لأبي إبراهيم عليه الصلاة والسلام وكون المؤرخين يذكرون اسماً آخر لا يُعارَض به هذا الظاهر، فضلاً عن أن بعضهم ادعى الإجماع وقال المؤرخين مجمعون على أن تارخ أو تارح -بعضهم يضع النقطة وبعضهم يتركها ما ندري ماهو الصحيح بينهما- يقولون بالإجماع وهذا موقوف ، ذكر ذلك عدد من العلماء وقالوا أن بعض المؤرخين وأهل السير كابن إسحاق وغيرهم ذكروا أن إسم أبي إبراهيم آزر من ما يدل على أن هذا ليس إجماعاً .
د. عبد الرحمن الشهري : وأيضاً القرآن يصحح هذه الأخطاء التاريخية وهو حجة عليها ومهيمن عليها وهو من معاني الهيمنة فيها . لاحظوا قبل هذه الآيات الله سبحانه وتعالى يقول :{ قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا } ثم جاءت هذه الآيات { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَة } وفي سورة مريم أنه قال : { يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا} هذا عن مناسبة هذه الآية مع ما قبلها .
 أيضاً هناك نقطة يا شباب في إبراهيم عليه الصلاة والسلام يعني سورة الأنعام تتحدث عن المشركين -مشركين مكة- وقريش تنتسب إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام فهو جدهم الأعلى وهو أيضاً محل إجماع إبراهيم عليه الصلاة والسلام فاليهود يدعون أنهم يتبعون إبراهيم عليه الصلاة والسلام والنصارى أيضاً كذلك وقريش والمشركون كلهم يدعون ذلك والمسلمون يرون أنه جد النبي ﷺ فهو محل إجماع تقريباً ، ولذلك لما أراد ﷺ هنا أن يحتج على هؤلاء المشركين ببطلان ماهم عليه أرجعهم إلى إبراهيم وقال أنتم تدعون أنكم تتبعون إبراهيم وأنه جدكم هو واقعه أنه كان يحارب الشرك وذكر هذه القصة ومجادلته مع والده ومع قومه في إبطال هذه الأصنام وعبادة هذه الأصنام.
د.محمد الخضيري: وهذه الحقيقة من الأدلة القوية في هذه المسألة خصوصاً محاجّة مشركي مكة لأنهم ينتسبون إلى إبراهيم انتساباً قوياً ودائماً كانوا يحتجون على النبي ﷺ بـ (مثلاً) تغيير بعض الأشياء التي كان عليها إبراهيم ويقارنون بينه وبين ما كان عليه إبراهيم حتى إن النبي ﷺ مراعاة لهذا الأمر لما فتح مكة وأراد أن يعيد بناء الكعبة خشي أن يُتهم بأنه يستهان بالبيت الذي بناه إبراهيم عليه الصلاة والسلام ولذلك قال لأمنا عائشة :( لولا أن قوك حديثوا عهد بجاهلية ) أو كما قال عليه الصلاة والسلام :( لهدمت الكعبة ولبنيتها على قواعد إبراهيم ) وهؤلاء المشركون دائماً يعتزون ويفخرون باتباع الآباء، طيب إذا كنتم صادقين فيما تذكرونه من اتباع الآباء فهذا إبراهيم - تقولون { إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ } هؤلاء آباءكم .. هذا إبراهيم - وهذا الذي حدث لكم من الشرك هذا طارئ عليكم وليس أصلاً فيكم فيجب عليكم أن تعودوا إلى الأصل الذي كنتم عليه ، وهذا أحد أسرار تكرار قصة إبراهيم في مواطن كثيرة من القرآن حتى إنه لا يساويها أو يُدانيها في هذا إلا قصة موسى عليه الصلاة والسلام .
د.مساعد الطيار: أيضاً في ذِكره لقصة إبراهيم في هذا الموطن ذَكر الشركين يعني الشرك السماوي بالنجوم والشرك الأرضي بالأصنام وهل كانوا على فريقين فريق يعبد النجوم وفريق يعبد الأصنام أو كانوا يعبدون النجوم ويجعلون هذه الأصنام صورة لها ؟ يعني كل هذا خلاف لكن في النهاية هم مشركون ولم يُذكر أنهم كانوا أكثر من طائفة مِما يدل أنهم كانوا يعبدون هذا وهذا والآيات واضح جداً منها يعني امتزاج هذا ، وهم خرجوا يوم عيدهم ثم رجعوا إلى أصنامهم معنى هذا أن هذه العبادة كانت عبادة شركية مرتبطة بأشياء سماوية وبأشياء أرضية .
د.محمد الخضيري : في قوله :{إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } الحقيقة وضوح الرؤية عند إبراهيم عليه الصلاة والسلام في دعوته لقومه ضرورية جداً للداعية عندما يريد أن يقدّم دعوة لقوم كأمثال هؤلاء القوم فمثل هذه القضايا لا يجوز فيها أنصاف الحلول ولا تذويب القضايا بمعنى أنه يعني قضية خلافية وينبغي ولا ينبغي هذه لا تحتمل هذا الأمر ، قد نختلف أنا وإياك في مسألة فقهية أو في بعض القضايا السياسية أو الاقتصادية أو الفكرية تكون لك وجهة نظر وأنا احتمل هذا الأمر منك أو أجعل لقولك اعتباراً في هذه المسألة ، لكن قضايا التوحيد والشرك والإيمان والكفر لا يجوز أن يكون فيها شيء من الغبش أو فيها شيء من التماهي وعدم الوضوح في تبيين الحقائق وإظهار الأمور كما هي ، انظر لما قال : { إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ } ولم يقل في ضلال أو في تيه أو شيء من هذا القبيل { ضَلَالٍ مُبِينٍ } واضح لا يرتاب فيه أحد . . لماذا ؟ لأن العقل يدل على هذا الضلال والفطرة تدل على هذا الضلال والوحي يدل على هذا الضلال وأي إنسان في أدنى مجادلة عقلية يعرف أن هذا ضلال، كيف يؤتى بصنم أو بشيء من مخلوقات الله فيُصرف له شيء من العبادة هذا هو الظلم بعينه وهذا هو الضلال الذي لا يمتري فيه إثنان.
د.عبد الرحمن الخضيري : صدقت .. وأنا ألاحظ يا إخواني في زماننا هذا، هذا المفهوم واضح جداً في القرآن الكريم والسنة وهو مفهوم الولاء والبراء ، الولاء لكل الموحدين المؤمنين وهذا ظاهر في قصة إبراهيم وفي قصة موسى وفي قصة كل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ومحادّة واضحة للمشركين والذين لم يستجيبوا لأمر الله، في زماننا هذا ظهرت مفاهيم جديدة، مفهوم الوطنية -مثلاً- مفهوم المواطنة صح وإلا لا ؟ فطبعاً لأن بعض البلدان ما زالت هذه المفاهيم عندها تحتاج إلى تعزيز فمن المبالغة في تعزيز الوطنية والمواطنة زاد الحديث عنها لدرجة أنه قل الحديث عن البراء فأصبحت تأتي أحياناً تعارض بين الأمرين هل تقدم مفهوم الوطنية أو مفهوم الولاء والبراء من أجل الدين والعقيدة ، يعني انظر إبراهيم عليه الصلاة والسلام لو كان سيجامل أحدا لجامل أباه ، ومحمد عليه الصلاة والسلام لو كان سيجامل أحد لجامل عمه أبا طالب لأنه تربى معه ، والبرغم من ذلك كانت الرؤيا في غاية الوضوح من أول الأمر {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} وإبراهيم عليه الصلاة والسلام قال : { إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّي} يعني صراحة هذه المفاهيم فعلاً تحتاج إلى إعادة توضيح وتعزيز وأنها تُعطى حجمها الحقيقي كما هي في القرآن الكريم وفي السنة النبوية .
د.مساعد الطيار: أصلاً عدم الوضوح في مثل هذه الأمور يعني مهلكة للداعي والداعية إذا كان ما فيه وضوح ولذلك الله سبحانه وتعالى يقول :{ قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} فإذا كان ما في وضوح مثل هذا الوضوح الذي جاء به الأنبياء بالفعل مسألة الوضوح وضوح الدعوة والتنبيه على الأخطاء طبعاً دعك من (**) الأسلوب، بعض الناس لا يفرق بين الأسلوب وبين أن تقول هذا خطأ ، لا نتكلم عن الأسلوب وأنه يجب أن يكون بالحكمة ..الخ لكن نتكلم عن أنك توصل الرسالة بوضوح وتكون كما قال الله تعالى بصيراة، أن تكون أنت على بيصرة إلى ما تدعو إليه وأنت تكون واضحاً في التنبيه على هذه المشكلات، وطبعاً لا يسلم أحد، الأنبياء لم يسلموا يعني بعض الناس يظن أن الدعوة إلى التوحيد حتى في بعض الأوساط التي وقعت في إشكالات يتوقع أنها ستكون برداً وسلاماً.. لا، ولهذا لا يحارب أهل هذا الوضوح إلا هم أهل الغبش المنتفعون من شركياته الواقعة عندهم.
د.محمد الخضيري: في ملاحظة يا إخواني يعني جدير بنا أن ننتبه إليها: كل الجماعات الدعوية الحقيقة يعني لها فضل كبير جداً في الأمة لكنها في هذا الباب تحاول قدر المستطاع أنها تساير الواقع ولا تُبيّن الحقيقة كما بيّنها الأنبياء وهذا يعتبر خطأ في منهج الدعوة، صحيح نحن نقدر لهم جهدهم الدعوي ونرى أنهم قد فعلوا شيئاً عظيماً ومحبوباً لله عز وجل، لكن يجب عليهم أن يسلكوا ما سلكه الأنبياء في هذه القضايا العظيمة الحاسمة، في عقيدة المسلم، ما يجوز فيها حلان ، ولا يجوز فيها المجاملة ، يجب أن يكون هناك وضوح وكما ذكر أخي الدكتور مساعد هناك فرق بين الأسلوب وبين الحقيقة ، الأسلوب يُقدَّم بلين ولطف ورفق وحكمة وكل ما يستطيع الإنسان من أجل قبول الطرف الآخر لهذا الحق ، لكن الحق يجب أن يُقدَّم واضحاً لا غبش فيه، ولا يجوز أن يقال أنت أيها الموغل أو الوالغ في الشرك لنجتمع سوياً على كلمة سواء وهو يخوض في الشرك إلى أخمص قدميه ، ما يصير هذا أبداً ، إنسان -مثلاً- يُشكّك في أن القرآن كلام الله أو أن القرآن الذي بين أيدينا هو الذي أُرسل به النبي ﷺ ويرى أنه قد حُرِّف وأنه كما تقول بعض الطوائف كالشيعة وغيرهم، وآخر يقول يجب علينا أن نتحد مع هؤلاء والإحتواء .. ما يصير .
د.عبدالرحمن الشهري : وهذا الذي أنا قصدته أنه يجب أن يكون هناك وضوح ولذلك أنا أقول للزملاء في تخصصات العقيدة والمذاهب المعاصرة عليهم مسئولية كبيرة في إيضاح هذه الحقائق للناس، أنه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كانوا في غاية الوضوح في دعوتهم إلى التوحيد ونبذ الشرك ، يعني تلاحظون في القرآن الكريم التوحيد والدعوة إلى التوحيد ، قصص الأنبياء كلها تدور حول التوحيد يعني هي أولوية من الأولويات بل هي من مقاصد القرآن الكبرى الدعوة إلى التوحيد فينبغي أن تكون حجم الاهتمام بالتوحيد والدعوة إليه ونبذ الشرك وتخليصه من كل ما يمسه، أن يكون أولوية عند الدعاة يعني يبذلون جهدهم في هذا الجانب ولا يميعوا هذه القضية بحجة المواطنة أو وحدة الصف فإن الأنبياء كانوا أحرص الناس على وحدة الصف لكن في نفس الوقت كانوا واضحين جداً في الموضوع مثل إبراهيم هنا يعني اضطر أنه يترك والده يترك قومه من أجل التوحيد .
د.محمد الخضيري : في الوقت ذاته -أبا عبد الله- في الطرف الآخر نجد من الدعاة -مثلا- من يجعل لبعض القضايا الجزئية مقاماً ومكانة في المفاصلة كقضايا التوحيد والشرك وهذا خلل كبير لا يقل عن الأول ، يحدثني مرة الدكتور عبد الرحمن السميط -رحمة الله عليه- يقول : تصور شباب يأتون إلى قرى والغة في الشرك والبدع والضلالات فيحدثونهم عن النهي عن صيام يوم السبت أو إفراد يوم السبت في الصيام وأقاموا قضية ومشكلة -الناس يقولون عساهم يصومون رمضان- وهؤلاء قصتهم مع هؤلاء في تصحيح حديث النهي عن إفراد يوم السبت بالصيام وصارت مشكلة وقضة ، يقول الناس في حاجة إلى من يبين لهم حقائق دينهم وكذا، فلا يجوز أيضاً الخطأ في مثل هذه الأمور هذه يُصبر عليها .
د.مساعد الطيار: لو تأملنا الموازنة بين سورة مريم -قصة إبراهيم في سورة مريم- وقصة إبراهيم هنا في سورة الأنعام، في سورة مريم كانت الدعوة خاصة بالأب فقط ولذلك كانت محاورة بين الأب وابنه ، هنا إشارة إلى هذه المحاورة إشارة سريعة { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا } ثم ماذا قال ؟ { إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ } ثم سينتقل بعد قليل إلى القوم -سيكون مع القوم- فهذه أيضاً من الأشياء التي يُنتبه لها في عرض القرآن لقصص الأنبياء أنه لما قصّ قصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام هنا أشار إلى الأب إشارة سريعة وتفاصيلها موجودة في سورة مريم ثم سيناقش مع القوم مع أنه أيضاً جاءت مناقشة القوم في سورة الأنبياء وكذلك جاءت في سورة الصافات وكذلك هنا .
د.محمد الخضيري : هذا تأكيد على معنى مذكور في سورة الشعراء {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ } في سورة الشعراء وهو أن الإنسان في دعوته ينبغي له أن يبدأ في أقرب الناس إليه لماذا ؟ لعدة أسباب:
 السبب الأول: أن لهم حق زائد على حقوق الناس عليك وأيضاً والدعوة هي خير فهم أولى الناس في هذا الخير.
ثانياً : إن هم صدقوا بك كان نصرهم لك قوياً لأنه ستأتي معهم هنا الحمية العصبية التي في الإنسان وهي جبلة فيه وحمية الدين.
الثالث : وهو معنىً لطيف وخفي أن الشخص إذا دعى أهله فإنهم هم أدرى الناس بعيوبه لوكان صادقاً أو كاذباً أو طالب دنيا فأول من سيتهمه ويهاجمه إذا كان غير صادق في هذه الأمور وإنسان غير سوي أخلاقياً هم سيكشفونه للناس، فإذا ثبت أنهم لم يكشفوا شيئاً من هذه الأوراق وإنما ناقشوه في أصل الدعوة ومحتواها دل ذلك على براءة هذا الشخص في الجانب الأخلاقي وهي مهمة ولذلك النبي ﷺ لما بدأ دعوته مع المشركين ما وجدَ المشركون كلمة يقولونها في رسول الله ﷺ بل إن الناس سألوهم ما كان هذا الرجل فيكم ؟ قالوا: ما كان إلا رجلاً سوياً صادقاً أميناً وما كان يُدعى في مكة إلا بالصادق الأمين .. لاحظ القصة .. بخلاف ذلك الرجل الذي يذهب إلى مكان بعيد حتى لا تكتشف تاريخة ولا مآربه ولا سوءآته التي يخفيها فهي كأنها برهان على صدق الإنسان في حقيقته وفي داخلة نفسه.
د.عبدالرحمن الشهري : ومِصداق ذلك في قصة النبي ﷺ مع أبي لهب  لما يذكرون من قصة النبي ﷺ أنه كان في المواسم يذهب إلى تجمعات الناس فيدعوهم إلى الله سبحانه وتعالى وكان يتبعه أبو لهب ليُكذبه فقال أحدهم : من هذا الشاب ؟ قالوا : هذا محمد بن عبد المطلب يزعم أنه أُوحي إليه، قال : ومن هذا الرجل الذي يتبعه؟ قالوا: هذا عمه يُكذِّبه ويحاربه ، قال : هو أعلم بابن أخيه ، فأيضاً هي مُضرة عندما يحاربك قريبك أو يعارضك فإنه عند الآخرين سيكون هذا مدعاة لتكذيبك لأنهم سيقولون إذا كان هذا عمه وقد كذبه فهي مضرة أيضاً في هذه الجهة. في حين أن أبو طالب حين وقف معه نفعته فكلامك صحيح فعلاً وهذا دليل آخر .
هنا موضوع آخر أردت أن أشير إليه في هذه القصة التي ستأتي معنا الآن {وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ }:
أول شيء : قلنا نحن في سورة الأنعام أنها مبنية على الاحتجاج للتوحيد ونبذ الشرك فهي مليئة بالحُجج العقلية التي استخدمها إبراهيم عليه الصلاة والسلام في رد الشرك وإبطاله عقلياً وأنه يتعارض مع العقل فهنا في مطلع القصة قال :{ وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ } ملكوت: مصدر من المُلك -يعني المُلك مصدر والملكوت مصدر- لكن الملكوت أعظم في الدلالة مثل الرهبة والرهبوت والرغبة والرغبوت -ما جاء على وزن فعلوت- ففيه -وهو كما يقول المفسرون لا يُطلق إلا على الله سبحانه وتعالى- ملكوت الله ولا يُقال ملكوت محمد الخضيري وإلا ملكوت مساعد الطيار لكن يقال ملك محمد الخضيري وملك مساعد الطيار فـ (ملكوت) فيها تعظيم وفيها إشارة قال الله : { وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } لنُطلعه على الحجج العظيمة التي يحتج بها على المشركين الذين يناوئونه،على أن الله سبحانه وتعالى هو المستحق للتوحيد والعبادة وأن كل ما يعبد من غيره فهو دون ذلك .
د.مساعد الطيار: طبعاً التشبيه في قوله { وَكَذَٰلِكَ } أنه مرتبط أي كما أريناه البصيرة في الحق وعلمناه الحق نريهه في الخَلق وهذا يدل على أنه أُريَ ملكوت السماوات والأرض بعد أن تبين له الحق.
 د.عبدالرحمن الشهري : وهذا يؤكد المعنى الذي سيأتي الآن ، سيأتي الآن قضية { فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَىٰ كَوْكَبًا ۖ قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ * فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَٰذَا رَبِّي } هناك من يقول أن إبراهيم كان متشكك هل هذا ربي ليس ربي ؟ هذا ليس صحيح لأن إبراهيم عليه الصلاة والسلام قال ذلك من باب التنزل مع قومه حتى يُثبت لهم أن كل هذه الآلهة التي يعبدونها ليست بشيء . 
د.مساعد الطيار: لكن ما الإشكال في كونها تكون كذلك ؟ أنه ليس مسالة الشك، المسألة أنه كيف كان إبراهيم قبل أن يعرف الإله؟ وهل يُعد منقصة كون إبراهيم عليه الصلاة والسلام يعني ولد بين هؤلاء القوم من أين تأتيه المعرفة! فأنت الآن تدعي له معرفة ذاتية لم يثبتها هو لنفسه وليس عندك برهان، ولهذا أيضاً هذه مسألة من المسائل التي تقع فيها إشكالات كبيرة جداً جداً .
د.عبدالرحمن الشهري : لكن كيف يمكن يا دكتور مساعد - وستأتي معنا إن شاء الله النقاش فيها- طبعاً يعني هل هذا المقام مقام نظر أو مناظرة ؟ فأنا شخصياً أميل إلى أنه مناظرة وأنه تنزُل معهم لماذا ؟ لأن الآيات والأحاديث كلها في القرآن الكريم { وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } (ولم يكن من المشركين) فهذا دليل على أنه عليه الصلاة والسلام ما كان في يوم من الأيام مشركاً قط .  فعلاً سؤالك صحيح سؤالك كيف كان قبل هذا ؟ يعني هذا سؤال افتراضي فعلاً أنه لم يُنقل لنا على ماذا كان لكن المنقول لنا نفي أي كون ماضي كان عليه مشركاً .
 د.محمد الخضيري : بل ليس نفي الشرك بل إثبات ضده { وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ } وأعظم الرشد هو التوحيد، فالذي يظهر -والله أعلم- أن إبراهيم كان موحداً ولم يطرأ عليه فترة تحيّر فيها .
 د.مساعد الطيار: لكن هو يبقى السؤال لنفترض -وهذا قول طبعاً قتادة والطبري أنه كان ناظراً لا مناظراً ولم يرد أصلاً عن السلف غير هذا ابن عباس وغيره  كل ما ورد كان ناظراً لكن قال نبحث ماهي المشكلة من أين جاءت المشكلة التي تجعلنا ننفي هذا -مثل قوله :{ وَوَجَدَكَ ضَالًّاً } للنبي ﷺ - فهي المسألة : أنه قبل النبوة وقبل هذه الأنظار -لا يُعاب بأنه كان على الشرك - لا نقول على الشرك لا.. لا يعاب أنه ما كان وصل إلى حقائق التوحيد هذه لكي نكون أكثر أدباً معه عليه الصلاة والسلام، لكن أن ندعي أنه كان عنده علم بهذه الآيات أو عمومات الآيات هذه تحتاج إلى دليل أصرح ولذلك قوله :{ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } الإشراك يلزم منه معرفة الله ثم الإشراك به والآن في هذه المرحلة لم يعرف الإله أصلاً ، يعني بناء على المعطَى أنه يبحث عن الإله فلما رأى هذه الآلهة لا تستحق الألوهية بالفطرة التي أعطاه الله إياها وهذه تعتبر كمالاً فيه كونه اكتشف بكمال ما أعطي من العقل والإدراك أن هذا لا تصلح أن تكون آلهة إذاً قال هذه كلها ليست آلهة أنا وجهت وجههي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً لكن من هو ؟ حتى جاءته النبوة ، إلى هذا القدر ليس هناك إشكال لكن بعض الناس يستنكف عن هذا ويشعر أن هذا الأمر فيه مُشكل -وفيه إساءة- ولكن ليس كذلك لأن ابن عباس ذهب إلى هذا، وقتادة ذهب إلى ، هذا الطبري ذهب إلى هذا، وجماعة من أهل العلم المتقدمين ذهبوا إلى هذا فليس فيه إشكال. على الأقل ما يمكن أن يقال مع أنه هذا القول - يعتبره الطبري أنه كان مناظراً- أنه قول حادث وليس هو قول الصحابة والتابعين ، فأنا قصدي المصطلحات أحياناً تُشكَل علينا الإشراك يلزم منه أن إبراهيم كان يعلم الإله معرفة تامة .. يعرف بالله معرفة كاملة ثم أشرك به ، هو لم يكن كذلك ولهذا لم يكن من المشركين .
د.عبدالرحمن الشهري : ولكن كيف يُجاب عن هذه الآيات الصريحة مثلاً{ وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ } ؟
د.مساعد الطيار: هذا بعد .
 د.عبدالرحمن الشهري : طيب (ولم يك من المشركين) ؟
د.مساعد الطيار: طبعا لم يكن من المشركين لأنه ما أشرك قط ، أنا قلت لك نفي الشرك معناه أنه يؤمن بالله ويشرك به ، كونه لا يعرف الإله ماهو مشرك، الآن هو يبحث عن الإله البحث عن الإله ليس شركاً ، يعني تتخيل أنت واحد يبحث عن الإله لا يعرف إله ويبحث عنه فرأى الشمس قال كذ ، ثم رأى كذا قال كذا ، ثم قال كل هذه فيها معاني التغير والزوال فتركها ووجه وجهه للذي فطر السماوات والأرض ولذلك قال : { لِلَّذِي فَطَرَ السّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا } ولم يُعيّنه من هو، بدون تفصيل قال: أنا أتوجه للذي خلق هذه الكائنات، هذه الكائنات واضح أنها مخلوقة واستدل على مخلوقيتها بهذا التغير الذي حصل لها .
  د.عبدالرحمن الشهري : وطبعاً هناك عدد كبير قال هذا ومناظرين يعني ابن عطية .. ابن كثير.. الشنقيطي .. السعدي .. ابن عاشور كلهم يحتجون بهذا بقوله تعالى { وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } قال فنفى كل كون ماضي أنه كان في يوم من الأيام على الشرك، لكن فكرة أبو عبد الملك وهي فكرة ذكرها كما تفضل السلف أنه كان مقام نظر أنه فعلاً ما كان عنده معرفة تفصيلية بصفات الله وأسماء الله وما ينبغي له من التوحيد ولكن تبقى القولين موجودة في كتب التفسير ووجهتي نظر مقبولة .
 د.محمد الخضيري : الآن قرب وقت البرنامج الحقيقة على الانتهاء ولعلنا إن شاء الله نصل لهذه المناظرة أو النظر في المجلس القادم.
 قبل ذلك أحب بس أن أختم بشيء في قوله :{وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ } فيها دلالة على أمر مهم جداً وهو: أن من أراد يخوض مناظرة أو دعوة لقوم عندهم شيء من الباطل كهذا الباطل ينبغي أن يكون على يقينٍ مما يدعوا إليه . ولذلك إبراهيم عليه الصلاة والسلام قبل أن يخوض هذه المعارك مع هؤلاء المشركين كان على يقين من كل ما يقوله وأراه الله عز وجل ملكوت السماوات والأرض فهو يُحاجّ بصدق وثقة وثبات والأمر عنده لا يقبل الممارات والجدل لوضوحه وضوحاً صارماً. أقول هذا لأن بعض الشباب قد يدخل ساحة مناظرة مع مشكك أو ملحد أو غيرهما وهو لم يرسخ في الإيمان أو يتثبت فمن حين ما تأتيه شبهه يتزعزع ويتزلزل ويكون هو أول ضحية لهذه المناظرة ، وهذه المعركة غير متكافئة .
 لعلنا نقف عند هذه الحد ونكمل الكلام إن شاء الله في المجلس القادم نستأذنكم مشاهدينا الكرام ونسأل الله أن نلقاكم على خير وإلى اللقاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق